الجمعة 31-01-2025

الأزمة الداخلية الاسرائيلية وطبول الحرب

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

الأزمة الداخلية الاسرائيلية وطبول الحرب
محمد محفوظ جابر
إن غياب الدور العربي الفاعل في القضية الفلسطينية والانقسام الفلسطيني الذي يجزىء القضية الفلسطينية هما عناصر البقاء والاستمرار لوجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، فالعدو هو المستفيد الأول والأخير من حالة التراجع العربي بشكل عام والتراجع الفلسطيني بشكل خاص في عملية الصراع على الوجود مع الصهيونية . وإن أي قراءة للمشهد الاسرائيلي تؤكد على أنه يعيش في أزمة تكاد تعصف به لولا حالة الضعف والتشرذم العربي التي تعطيه قوة الاستمرار و"إن البغاث في أرضنا تستنسر"وتصبح نسورآ لأننا ضعاف .فإذا نظرنا إلى المشهد الاسرائيلي ماذا نرى : أولآ : إن الكيان الصهيوني ما زال يعاني أزمة وجوده فالمعاهدات العربية الاسرائيلية (كامب ديفيد ، أوسلو ، وادي عربة ) لم تنه الصراع العربي الصهيوني بل جمدت الحروب على بعض الجبهات بينما اشتدت على جبهات أخرى : لبنان وغزة ، كما لم تنته الحرب السياسية والاعلامية بل تطورت نتيجة استخدام الشبكة الدولية للتواصل بين الأمم . ثانيآ : لا يزال الكيان الصهيوني يعاني من الأزمة المالية والاقتصادية ولا يزال يعتمد على المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة سنويآ بقيمة لا تقل عن 3 مليارات دولار ، وضمان القروض دوليآ تصل إلى عشرة مليارات دولار سنويآ مع أنها تعلم أنها لن تسددها . ويعتبر الإتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأكبر وتقدم أوروبا مساعدات مالية واقتصادية وبينما تبتز اسرائيل ألمانيا وتدفع لها المال تعويضآ عن اليهود من أيام هتلر وحتى الآن فإن أوروبا تدفع فاتورة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بدلآ من أن تتحمل اسرائيل تكاليف ونفقات الاحتلال. ورغم كل المحاولات والتخطيط الاقتصادي من قبل ناتنياهو لتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة وبناء اقتصاد اسرائيلي يعتمد على نفسه إلا أن ذلك فشل ولم يحرز أي تقدم في الموضوع ، لأن جنرالات الحرب يستنزفون ميزانية الكيان في برامج العدوان العسكري على الأمة العربية ، كما استحدثوا عدوآ جديدآ هو إيران والتي تحتاج الحرب عليها إلى نفقات عالية وأكثر من ميزانية الكيان الصهيوني ، كما أن بناء المسوطنات و"تجميع" يهود العالم عبر الهجرة إلى فلسطين يحتاج أيضآ إلى موارد مالية كبيرة لاستيعاب المهاجرين والحفاظ على أمن المستوطنات التي بلغت 120مستوطنة في الضفة الفلسطينية عدا 13 مستوطنة في القدس المحتلة عام 1967 بالاضافة إلى عشرات المستوطنات العشوائية غير المعترف بها رسميآ . ثالثآ : الصراع الديمغرافي الصهيوني العربي والذي يشكل خطرآ كبيرآ على الكيان الصهيوني في فلسطين فبينما تغير الميزان الديمغرافي لصالح الصهيونية إثر الحرب عام 1948 وإعلان الدولة الاسرائيلية وتهجير الشعب الفلسطيني منها بحيث لم يبق فيها سوى 160 ألف نسمة أصبح عددهم اليوم مليون و200 ألف نسمة بينما المتوقع أن تكون نسبة العرب ما بين النهر والبحر 58%من السكان ويصبح اليهود 42% في سنة 2020 وهذا يشكل هزيمة للكيان الصهيوني في الحرب السكانية ، ويصبح العرب يطالبون بدولة واحدة كما يرى ايهود أولمرت وليس دولتين مما يعني انهيار الحلم الصهيوني . ففي غرب نهر الأردن يوجد 4,7مليون يهودي بينما يوجد 4,1 مليون عربي ولم تنجح الصهيونية حتى الآن في تهجير أكثر من 50% من عدد يهود العالم إلى فلسطين والبالغ عددهم 13,3 مليون يهودي في أنحاء العالم . كما أن هناك خطر الهجرة المعاكسة حيث أن اليهود بعد الهجرة إلى فلسطين وحمل الجنسية الاسرائيلية غادر منهم إلى خارج فلسطين حوالي 800 ألف مهاجر ولم يعودوا . إن هذا المشهد الاسرائيلي الداخلي يؤكد أن الكيان الصهيوني يعيش في أزمة داخلية شديدة جعلت الشارع الاسرائيلي يتململ وبدأ الحراك الشعبي فيه لكن ناتنياهو بدأ يقرع طبول الحرب التي لا يستطيع خوضها من أجل ادخال الرعب في قلوب الاسرائيليين حتى يفكروا في خطر الحرب القادمة بدل التفكير في الأزمة الداخلية والانقضاض على سلطة ناتنياهو . فتارة يلوح بحرب على غزة وهي الحلقة الأضعف لأن هناك صواريخ تنطلق أحيانآ منها وقد تسبب أضرارآ ، وتارة يعلن الحرب على حزب الله في لبنان لأنه أصبح يمتلك ترسانة أسلحة تشكل تهديدآ للكيان الصهيوني ، وتارة يعلن الحرب على إيران لأن النووي الإيراني سوف يزيل اسرائيل من الوجود . إن عجز ناتنياهو عن معالجة الأزمة الداخلية هو الذي يدفعه إلى الهروب لافتعال أزمة خطر خارجية والتلويح بالحرب حتى يحافظ على بقائه في السلطة أطول فترة ممكنة .

انشر المقال على: