الاثنين 25-11-2024

نص خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة - 30 سبتمبر 2015

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

نص خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة - 30 سبتمبر 2015

امد/ نيويورك
النص الكامل لخطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة بتاريخ 30 سبتمبر 2015

بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد موغينس ليكيتوفت، رئيس الجمعية العامة،
معالي السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة،
السادة رؤساء الوفود،
السيدات والسادة،

جئتكم اليوم من فلسطين، لأدق ناقوس الخطر، لما يحدث في القدس، حيث تقوم الجماعات الإسرائيلية المتطرفة باقتحاماتها المتكررة والممنهجة للمسجد الأقصى المبارك، بهدف خلق وضع قائم جديد، وتقسيم زماني، يسمح للمتطرفين المحميين من قوات الأمن الإسرائيلية، وبمرافقة وزراء ونواب كنيست، بالدخول للمسجد في أوقات معينة، بينما يتم منع المصلين المسلمين من دخوله في تلك الأوقات، ومنعهم من أداء شعائرهم الدينية بحرية
هذا هو المخطط الذي تعمل الحكومة الإسرائيلية على تحقيقه، مخالفة بذلك الوضع القائم منذ ما قبل العام 1967 وما بعده، بل ومرتكبة بذلك خطأ جسيماً، لأننا لن نقبل بذلك، وشعبنا الفلسطيني لن يسمح بتمرير هذا المخطط، الذي يؤجج مشاعر الفلسطينيين والمسلمين في كل مكان.
إنني أدعو الحكومة الإسرائيلية، وقبل فوات الأوان، التوقف عن استخدام قواتها الغاشمة، لفرض مخططاتها للمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وخاصة المسجد الأقصى، لأن ذلك سيحول الصراع من سياسي إلى ديني، ويفجر الأوضاع في القدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة.
السيدات والسادة،
يشرفني أن ألقي كلمة دولة فلسطين أمام جمعيتكم الموقرة في هذه الدورة التي تصادف الذكرى السبعين لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، والتي جعلت حماية السلم والأمن الدوليين، وصون حقوق الإنسان من أهم أهدافها، وقد كانت قضية فلسطين من أولى القضايا العادلة، التي طرحت على الأمم المتحدة منذ إنشائها، ولكنها بقيت وحتى اللحظة دون حل، إذ لم تنجح المنظمة وأعضاؤها في رفع الظلم عن شعبنا وتمكينه من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة الحرة ذات السيادة.
السيدات والسادة،
إنني أدعوكم لمراجعة تاريخ قضية فلسطين، وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بها، لإدراك الحقيقة الساطعة، بأن ظلماً تاريخياً لحق بشعبٍ ووطنٍ له إسهاماته الفكرية والثقافية والإنسانية، عاصمته القدس الشرقية، بوابة الأرض نحو السماء، فهو شعب لا يستحق أن يحرم من وطنه، وأن يموت في المنافي أو تبتلعه البحار، ويتنقل من لجوء إلى آخر، وأن تظل قضيته العادلة تراوح مكانها كل هذه السنين.
إن شعبي يعلق الآمال على دول هذه المنظمة، لتمكينه من نيل حريته واستقلاله وسيادته، ليتحقق هدفه وحقه في دولة خاصة به كباقي شعوب الأرض، وكذلك حل قضية لاجئيه وفق قرار الأمم المتحدة 194، ومبادرة السلام العربية، فهل هذا كثير؟
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
نحن طلاب حق وعدل وسلام، وإن قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، الذي بموجبه أقيمت إسرائيل منذ 67 عاما، لازال الشق الثاني منه ينتظر التنفيذ، فدولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة تستحق اعترافاً كاملاً وعضوية كاملة، فلا يعقل وبعد أن قدمنا التضحيات الجسام، وصبرنا كل هذه السنين على ألم اللجوء والمعاناة، وارتضينا أن نصنع السلام وفق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، والقانون الدولي، وخطة خارطة الطريق، أن تظل قضية فلسطين تنتظر كل هذه العقود دون حل.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إن استمرار الوضع الراهن أمر لا يمكن القبول به، لأنه يعني الاستسلام لمنطق القوة الغاشمة، التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، حيث تواصل وبشكل غير قانوني توسعها الاستيطاني في الضفة الغربية، وبخاصة في القدس الشرقية المحتلة، ولازالت مستمرة في حصارها لقطاع غزة، الأمر الذي يفاقم حجم المعاناة التي يعيشها أهلنا هناك، غير عابئة بقرارات الأمم المتحدة، أو الاتفاقات الموقعة بين الجانبين برعاية دولية. ونذكر بما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، في العام 1976، بأن إسرائيل ستصبح دولة أبرتهايد إذا استمرت في احتلالها للأرض الفلسطينية، ووصف المستوطنات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية بالسرطان.
إن استمرار هذا الأمر يدعونا للتساؤل، هل تصويت دول ديمقراطية عريقة ضد القرارات الخاصة بفلسطين وبحقوقها المشروعة يخدم السلام ودعاته ممن يؤمنون بحل الدولتين؟ أم أنه يخدم ويشجع المتطرفين ويزيدهم حقداً وعنصرية ويجعلهم يشعرون أنهم فوق القانون، لدرجة إقدامهم على حرق عائلة فلسطينية كاملة في بلدة دوما بالضفة الغربية، والتي أودت بحياة الطفل الرضيع علي دوابشة، ووالده ووالدته، ولم يبق من العائلة إلا الطفل اليتيم أحمد ابن الأربعة أعوام، يرقد بين الحياة والموت في المستشفى نتيجة حرقه، ولازال القتلة طلقاء ولم يتم اعتقالهم إلى الآن. أين العدالة؟ أين دولة الديمقراطية؟ التي تقول إنها دولة ديمقراطية ودولة عدالة.
وهذه ليست الجريمة الأولى، فقبلها قاموا بحرق ثم قتل الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في القدس، والطفل محمد الدرة في غزة، وآلاف من قبلهم قد قتلوا في غزة والضفة، ولازلنا نذكر مذبحة دير ياسين، وجميعها جرائم مرت دون عقاب، فإلى متى ستبقى إسرائيل، فوق القانون الدولي ودون محاسبة؟ إلى متى؟.
لا أريد بسبب ضيق الوقت أن أسرد عليكم هنا كم هي الانتهاكات الإسرائيلية التي ترتكب بحق شعبنا، وكم من القوانين القمعية التي تصدر عن حكومات إسرائيل وهي تعليمات حكومية رسمية، وآخرها تعليمات إطلاق النار الحي والاعتقال والتنكيل بالمتظاهرين السلميين من الفلسطينيين، أين يحصل هذا ولماذا؟
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إننا لا نرد على الكراهية والوحشية الإسرائيلية الاحتلالية بمثلهما، بل نعمل على نشر ثقافة السلام والتعايش بين شعبنا وفي منطقتنا، ونتوق لأن نراها وشعوبها كافة تنعم بالسلام والأمن والاستقرار والرخاء والازدهار، وهذا لا يتحقق مع استمرار الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل العنصري، وحرق البشر وأماكن العبادة والبيوت، وقتل الشباب، والأطفال والرضع، وحرق المزروعات والاعتقال دون تهم أو محاكمة.
كيف تستطيع دولة تزعم أنها واحة للديمقراطية وتدعي أن لديها محاكم وأجهزة أمن تعمل وفق القانون، أن تقبل بوجود عصابات ما يسمى بتدفيع الثمن وغيرها وهي معلنة ومعروفة، من التنظيمات الإرهابية التي تمارس الإرهاب ضد شعبنا وممتلكاته ومقدساته، وهي جميعاً تعمل تحت سمعِ وبصرِ الجيش والشرطة الإسرائيلية، دون رادع أو عقاب، بل إنهم يوفرون لها الحماية والرعاية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
أما آن لهذا الظلم أن ينتهي؟ أما آن لهذه العذابات أن تتوقف؟ أما آن لهذا الجدار العنصري العازل أن يفكك ويزال؟ أما آن لنقاط التفتيش والحواجز المذلة والمهينة التي يقيمها جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا أن تزول، وأن يرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وأن يتنقل أبناء شعبنا بحرية وكرامة في وطنهم وخارجه؟ أما آن لهذا الاستيطان الاحتلالي والعنصري والإرهابي لأرضنا، والذي يعيق حل الدولتين أن يزول؟ أما آن لستة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية أن يروا نور الحرية والعيش بين أهلهم وذويهم؟ أما آن لأطول احتلال في التاريخ جاثم على أنفاس شعبنا أن ينتهي؟ نحن نسألكم هذا السؤال؟
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
رغم كل ما يضعه الاحتلال من عقبات، فإننا ومنذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وإلى هذه اللحظة نعمل بوتيرة متسارعة من أجل بناء دولتنا وبناها التحتية ومؤسساتها الوطنية والسيادية، وقد أحرزنا تقدماً حقيقياً على الأرض، وبشهادة العديد من الجهات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وسنستمر في جهودنا وعملنا، وبدعم الأشقاء والأصدقاء، لجعل تلك الدولة حقيقة واقعة، وصرحاً شامخاً ملتزماً بالمعايير الدولية، في ظل سيادة القانون والشفافية كدولة قانون ديمقراطية وعصرية. وفي هذا الإطار، نثمن الجهود التي تبذلها مجموعة الدول المانحة AHLC، برئاسة مملكة النرويج، ونحثها على الاستمرار في دعم حياة أفضل لشعبنا وبناء مؤسسات دولتنا.
إن انضمامنا لعضوية المنظمات والمعاهدات والمواثيق الدولية، ليس موجهاً ضد أحد، إنما هو إجراء يهدف لصون حقوقنا، وحماية شعبنا، ومواءمة قوانين ونظم دولتنا مع المعايير الدولية، ولصقل شخصيتها الاعتبارية والقانونية، هل هذا خطأ؟
أما على صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني، فنحن مصممون على وحدة أرضنا وشعبنا، ولن نسمح بحلول مؤقتة أو دويلات مجزأة، لن نسمح بهذا ولن نسمح لمن يحاول عمل هذا أن يفعله، ونسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
إن فلسطين بلد القداسة والسلام، مهد المسيح رسول المحبة ، ومسرى ومعراج محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعث رحمة للعالمين، فلسطين هذه لازالت تبحث عن السلام، وشعبي يريد أن يعيش في وطنه بأمن وأمان ووئام واستقرار وحسن جوار مع شعوب ودول المنطقة كافة، ويشهد على ذلك إسهامه الحضاري والإنساني والثقافي والروحي في المسيرة الإنسانية منذ بداياتها.
فبالأمس القريب وتحديداً في 17/05/2015 تم اعتماد قديستين من فلسطين، هما ماري ألفونسين غطاس، ومريم بواردي، وذلك من قبل قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، في حاضرة الفاتيكان، وبحضور عشرات الآلاف من المؤمنين ومن أرجاء المعمورة، وتم في ذلك الوقت رفع علم فلسطين على مقر الكرسي الرسولي، والاعتراف بدولة فلسطين، وهو ما تم توثيقه في الاتفاقية التي تم توقيعها بين دولة الفاتيكان ودولة فلسطين.
إننا نطمح أن نرى دولة فلسطين المستقلة تأخذ مكانها بين الأمم، وكلنا ثقة واطمئنان بأنها ستسهم إسهاماً فعالا في صنع الرخاء والتقدم الاقتصادي والثقافي والحضاري والإنساني، الذي ستكون له آثاره الإيجابية على شعبنا والمنطقة والعالم، فمن فلسطين، وبفلسطين يكون السلام. من أراد أن يبحث عن السلام ويحارب الإرهاب أن يبدأ بحل المشكلة الفلسطينية وعندها ينتهي كل شيء.
وإنني أنتهز هذه الفرصة، لأعبر باسم شعبي عن شكرنا لكل من صوت من دول العالم في العاشر من هذا الشهر لصالح القرار الذي بدوره سيمكننا اليوم من رفع علم فلسطين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، واليوم ليس ببعيد إن شاء الله، عندما سيرفع علم فلسطين على أسوار القدس، عاصمة دولة فلسطين.
كما لا يفوتنا أن نشيد أيضاً بقرارات البرلمان الأوروبي الأخيرة التي دانت الإستيطان ومنتجاته، وأكدت على حق شعبنا الفلسطيني في أن تكون له دولتة المستقلة ذات السيادة إلى جانب دولة إسرائيل، ووافقت كذلك على إنشاء لجنة للعلاقة مع فلسطين.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
لقد واصل عدد من الدول والبرلمانات الأوربية اعترافاتهم بدولة فلسطين، إقراراً بحقنا الطبيعي في دولة مستقلة، وفي هذا الصدد، نشكر مملكة السويد على شجاعتها واعترافها بالدولة، وإن على كل من يقول أنه مع خيار حل الدولتين أن يعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة فقط. بما أنكم مع حل الدولتين لماذا لا تعترفون بالدولة الأخرى؟
وإنني اليوم لأدعو دول العالم التي لم تعترف بدولة فلسطين بعد، أن تقوم بذلك، ونحن على ثقة تامة بأنها ستفعل، إيماناً بعدالة هذا الاستحقاق لشعبنا وقضيتنا.
إنني من هنا، من منبر الأمم المتحدة، وفي ظل الأعياد الدينية، لأتوجه بدعوة صادقة إلى الشعب الإسرائيلي من أجل سلام قائم على العدل والأمن والاستقرار للجميع، كما أدعو مجلس الأمن والجمعية العامة إلى تحمل مسؤولياتهم قبل فوات الأوان.
السيدات والسادة،
تعلمون جميعاً أن الحكومة الإسرائيلية أفشلت الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس أوباما في السنوات الماضية والتي كان آخرها الجهود التي قام بها الوزير كيري من أجل التوصل إلى اتفاق سلام عبر المفاوضات.
إن سياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية، ومواقف رئيسها وأعضائها تؤدي إلى استنتاجات واضحة، بأنها تعمل جاهدة على تقويض حل الدولتين القائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ولا يوجد أي تفسير آخر.
السيدات والسادة،
إننا نرحب بالجهود الدولية والأوروبية، بما فيها المبادرة الفرنسية الداعية لتشكيل مجموعة دعم دولية لتحقيق السلام، وقد أكدت الدول العربية في قمتها الأخيرة، تأييدها لإصدار قرار من مجلس الأمن يتضمن المعايير الواضحة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين على حدود 1967، وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، إذ لم يعد من المفيد تضييع الوقت في مفاوضات من أجل المفاوضات، بل المطلوب إيجاد مظلة دولية تشرف على إنهاء هذا الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية، وإلى حين ذلك، فإنني أطالب الأمم المتحدة السيد الأمين العام والسيد رئيس الجمعية العامة، بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا الفلسطيني وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
نحن نطلب حمايتكم، نريد حماية، وبحاجة لحماية دولية، لا نستطيع الاستمرار بهذا الوضع، لأن الاعتداءات تأتينا من كل جانب، نرجوكم نحن بحاجة لحماية دولية.
السيدات والسادة
لقد حاولنا إلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الموقعة والتفاوض وفق حل الدولتين، من خلال الاتصالات المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية، وعبر الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة (أعضاء اللجنة الرباعية الدولية)، وغيرها من الأطراف، إلا أن الحكومة الإسرائيلية أصرت على استمرار نهج تدمير حل الدولتين، وتكريس نظامين على الأرض، نظام الأبرتايد المعمول به حالياً على أراضي دولة فلسطين المحتلة تجاه الفلسطينيين من جهة، ونظام آخر ذي امتيازات واسعة للمستوطنين الإسرائيليين من جهة أخرى.
السيدات والسادة
لقد نصت اتفاقية أوسلو الانتقالية ومرفقاتها، والاتفاقيات اللاحقة والموقعة مع إسرائيل، على أن يتم تنفيذها خلال خمس سنوات، تنتهي في العام 1999 بالاستقلال التام لدولة فلسطين، وزوال الاحتلال الإسرائيلي عنها، إلا أن إسرائيل، قد توقفت عن استكمال عملية انسحاب قواتها المقررة من المناطق المصنفة ب وج، التي تمثل أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية وبما فيها القدس، وبدلاً من ذلك زادت من نشاطاتها الاستيطانية في كل مكان وخرقت كل الاتفاقيات الموقعة وبعضها موقعة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.
إذ أنه منذ خطاب الرئيس أوباما في القاهرة عام 2009، والذي دعا فيه إلى وقف الاستيطان، زادت الحكومة الإسرائيلية الاستيطان في الضفة والقدس بنسبة 20%، ضاربةً بعرضِ الحائط التزامها بعدم القيام بأي إجراء غير قانوني، وأحادي الجانب من شأنه أن يجحف بالحل النهائي، كما واستباحت المناطق المصنفة (أ) وهي الأراضي الواقعة تحت الولاية الأمنية الفلسطينية الكاملة والتي أقمنا فيها مؤسسات دولتنا الفلسطينية.
كما وأن إسرائيل، ترفض مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية التي تتحكم بقدرة الاقتصاد الفلسطيني على التطور والاستقلال، مصرة على فرض الهيمنة على اقتصادنا، أسوة بالهيمنة العسكرية والأمنية، ورافضةً الحق الفلسطيني في التطور والاستفادة من ثرواته الطبيعية، وبذلك تكون إسرائيل قد قامت بتدمير الأسس التي بنيت عليها الاتفاقيات السياسية والأمنية، علاوة على ما قامت به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من إجراءات أدت إلى تعطيل المرحلة الانتقالية الهادفة على تحقيق استقلال دولتنا، وغيرها من الانتهاكات جعل الوضع غير قابل للاستمرار.
لهذا فإننا وبناء على كل تلك المعطيات، نعلن أنه ما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة معنا، والتي تحولنا إلى سلطة شكلية بدون سلطات حقيقية، وطالما أن إسرائيل ترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى وفق الاتفاقات معها، فإنها لا تترك لنا خياراً، سوى التأكيد على أننا لن نبقى الوحيدين ملتزمين في تنفيذ تلك الاتفاقيات، بينما تستمر إسرائيل في خرقها، وعليه فإننا نعلن أنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بهذه الاتفاقيات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في شهر آذار الماضي محددة وملزمة.
السيدات والسادة،
إن دولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، هي دولة تحت الاحتلال، تماماً كما كان هذا الحال لدول عديدة خلال الحرب العالمية الثانية، علماً بأن 137 دولة اعترفت بدولتنا وهذا العدد هو أربعة أضعاف الدول التي اعترفت بإسرائيل، هناك إجماع عالمي على حق شعبنا في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله.
وأذكركم بقرار الجمعية العامة 19/67 لعام 2012 الذي أكد بأن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ستكون الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين، وأن المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان دولة فلسطين.
مرة أخرى، إن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، وسوف نبدأ بتنفيذ هذا الإعلان بالطرق والوسائل السلمية والقانونية، فإما أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل سلطة الاحتلال، مسؤولياتها كافة.
وفي نفس الوقت، والتزاماً منا بمبادئ القانون الدولي، فإن دولة فلسطين سوف تستمر في مساعيها للانضمام للمواثيق والمنظمات الدولية كافة، وسوف تمضي قدماً في الدفاع عن شعبها الواقع تحت الاحتلال عبر جميع الوسائل القانونية والسلمية المتاحة، إذ إن دولة فلسطين الآن طرفٌ متعاقدٌ سامٍ لاتفاقيات جنيف لعام 1949، وطرف في نظام روما الأساسي وعضو في المحكمة الجنائية الدولية، ومن يخشى القانون الدولي والمحاكم الدولية عليه أن يكف عن ارتكاب الجرائم. نحن لا نغوى الذهاب للمحاكم الدولية لكن الاحتلال يجبرنا على الذهب وسنذهب.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
إنني لازلت أمد يدي للسلام العادل، الذي يضمن حقوق شعبي وحريته وكرامته الإنسانية، وأقول لجيراننا أبناء الشعب الإسرائيلي، إن السلام مصلحة لكم ولنا ولأجيالنا وأجيالكم القادمة جميعاً، وإياكم والذاكرة القصيرة، فالانغلاق على الذات مدمر، وكلي أمل بأن تعيدوا قراءة الواقع، واستشراف المستقبل، وأن تقبلوا للشعب الفلسطيني ما تقبلوه لأنفسكم، عندئذ ستجدون بأن تحقيق السلام سيغدو في المتناول، وستنعمون بالأمن والأمان والسلام والاستقرار، فهذه القيم هي ما نسعى لتحقيقه نحن أيضاً لشعبنا الفلسطيني.
مرة أخرى أشكركم على حسن الاستماع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انشر المقال على: