رواية "فتاة الكرمل" في اليوم السابع
القدس: 20-8-2015
ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية " فتاة الكرمل" للكاتب الرّاحل محمد جوهر عام الصادرة عام 1994 عن دار الكرمل في عمّان، صدرت طبعتها الثّانية عام 2015 عن مركز محمد جوهر الثّقافي في جبل المكبر – القدس.
بدأ النّقاش جميل السلحوت:
يعتبر محمّد جوهر واحدا من الرّواد الأوائل في جبل المكبّر- القدس، وشكّل هو والمرحوم داود علي احمد عبده والدّكتور داود عطيّة عبده ثالوثا رياديّا بتشجيع التعليم في بلدتهم، ويعود لهم الفضل في تأسيس مدرسة بنات السّواحرة الغربيّة للبنات عام 1954، عدا عن فضائل أخرى لسنا في مجال ذكرها.
عاصر محمّد جوهر النّكبة الفلسطينيّة في العام 1948 وشارك في الدّفاع عن بلدته لحمايتها من الغزاة الذين هاجموها أكثر من مرّة، وتحطمت هجماتهم أمام بسالة المدافعين عن البلدة.
ومحمّد جوهر واحد من روّاد العمل النّقابيّ في فلسطين والأردن، وشغل منصب الأمين العام لاتّحاد النّقابات لأكثر من عشرين عاما.
وواضح أنّ النّكبة ومآسي ضياع الوطن، وتشتّت الشعب الفلسطينيّ، وحقوق اللاجئين لم تغب له عن بال، وتأتي روايته" فتاة الكرمل" ضمن هذا السّياق، فغادة ابنة مدينة حيفا لم تتنازل عن وليدها الرّضيع نضال الذي تركته في البيت تحت وطأة الحرب غير المتكافئة عام 1948، فعادت إلى فلسطين صحبة طفلتها متخفيّة كمهاجرة يهوديّة تحت اسم "سارة مزراحي" لتبحث عن رضيعها. وبقيت تتجوّل في محيط البيت إلى أن جمعتها الصّدفة بابنها نضال الذي تبنّته وربّته امرأة يهوديّة في نفس بيت والديه، وأطلقت عليه اسم عزرا، وعرفته من خلال علامات فارقة على جسده، وبالتّدريج كسبت ودّ ابنها وأبلغته بحقيقته، وعاشت معه هي وطفلتها في نفس البيت الذي أنجبته فيه، والذي استشهد زوجها والد نضال فيه أيضا وهو يدافع عنه.
وقد روى فلسطينيّون أكثر من مرّة أنّهم تركوا أطفالا لهم في بيوتهم أثناء نجاتهم بأنفسهم تحت ويلات الحرب التي خسر الفلسطينيّون فيها وطنهم. لكنّ حلم العودة إلى الفردوس المفقود لم يفارق عقول ووجدان من تشتّتوا وشرّدوا من ديارهم، وهذه "غادة" تعود إلى بيتها ووليدها بطريقتها الخاصّة.
وتتقاطع رواية "فتاة الكرمل" مع رواية "عائد إلى حيفا" للأديب الشّهيد غسّان كنفاني، فكلا الرّوايتين تدور أحداثهما في حيفا، وتتمحوران حول طفل تركه والداه في البيت أثناء الحرب الكارثيّة، وإن اختلفتا في تطوّر الأحداث والنّتائج.
اللغة والأسلوب: استعمل الأديب جوهر اللغة الفصحى في روايته، واعتمد السّرد الروائي الذي ارتكز على أسلوب الحكاية ذي اللغة الانسيابيّة، الذي يطغى عليه عنصر التّشويق.
وكتب عبدالله دعيس:
رفض الكاتب محمد جوهر العودة إلى الوطن في ظلّ الاحتلال، كما يقول الأستاذ إبراهيم جوهر في مقدمة الكتاب، ويؤثر أن يموت بعيدا عن فلسطين منتظرا العودة إليها، على أن يمرّ تحت الخيمة البيضاء والزرقاء، فهو لا يطيق أن يرى المحتلّ يتربّع في أرجاء وطنه. وفي الوقت ذاته، يجعل الكاتب بطلة روايته غادة تعود إلى حيفا متنكرة في زيّ يهوديّة تدعى سارة مزراحي وتحيا في ظلّ وطنها تحت الاحتلال، بل وتتظاهر أنها جزء من هذا الاحتلال، وتتحوّل إلى معلّمة تحدّث طلبتها اليهود والعرب عن أرض الميعاد! فهل القضيّة عند الكاتب هي العودة إلى الوطن أم عودة الوطن؟ هذا ما يريد القارئ أن يستشفّه عندما يبدأ بقراءة هذه الرواية، ولا يستطيع أن يضعها جانبا حتّى ينهي أخر سطر فيها، وهو يتطلّع ليجد جوابا على تساؤله.
خلال قراءتنا للرواية نلحظ الحسّ الوطنيّ العالي والتعلّق بتراب الوطن لدى الكاتب؛ نرى حبّه لكل ذرة من هذا التراب مع كلّ كلمة يكتبها، ونراه يستغلّ كل حدث من أحداث هذه الرواية ليبرز فيها هذا الوطن الغالي الذي مهما ابتعدنا عنه أو ابتعد عنّا يبقى قريبا جدا من أرواحنا.
والكاتب يستغلّ أحداث الرواية ليرسم صورة متحرّكة في غاية البشاعة لعمليّة تهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، ويعتبر الخروج من فلسطين موتا أقسى من الموت بالسلاح، يتجرّع اللاجئ غصصه مع كل لحظة من لحظات انتظاره وترقبّه. ويجعلنا الكاتب نتساءل: هل الخوف سببا كافيا لترك الوطن؟ ولا يتركنا الكاتب في حيرة من أمرنا، حين يصوّر الحياة خارج الوطن بالعذاب المقيم. فبينما يمجّد شخصية زوج غادة، الذي آثر الموت دفاعا عن بيته، على حساب غادة التي دفعها الخوف لترك بيتها والهرب دون التحقّق من أن الذي تحمله بين ذراعيها ما هو إلا دمية وليس ابنها الذي تركته وحيدا. لذلك يحكم الكاتب على غادة بالشقاء، ويجعلها تدفع ثمنا غاليا جدا لهذا الخوف، وهو أن تعيش سنوات طويلة وهي تتقمص شخصيّة سارة اليهودية وتعيش في ثوب أعدائها، محرومة من اللقاء بابنها الذي عادت من أجله، فكانت هذه اللعنة التي رافقتها بسبب خوفها وهروبها.
لكنّ غادة بطلة من جانب آخر، فهي تعود إلى مدينتها، بطريقة غير التي عهدناها وتوقّعناها، وتضحّي بشخصيّتها وبكينونتها ومشاعرها الوطنيّة وتتحمّل العيش بين الأعداء من أجل أن تكون قريبة من بيتها الذي تركته، ومن أجل أن تعثر على ابنها الذي شغلها خوفها عنه. ما فعلته غادة كانت شجاعة وكفّارة عن لحظات الجبن التي جعلتها تترك بيتها.
وهذا يجعلنا نتساءل أيضا عن العلاقة بين الوطن والإنسان: هل نقدس المكان لعين المكان، أم من أجل الناس الذين يعيشون عليه، أم من أجل التاريخ والقداسة والثقافة التي يحملها هذا المكان؟ شخصية غادة تجعل كل هذه الأمور تتداخل معا، فهي تتخلى عن شخصيتها وإنسانيتها وثقافتها وعروبتها ودينها من أجل أن تعود إلى وطنها، وهي في الوقت ذاته تبحث عن ابنها، ولا يهمها كونه تربّى يهوديا، لكنها تنظر إلى شعلة الإنسانيّة التي تتقد في صدره، فتضمّه إلى صدرها بحنان مؤثرة مشاعر الأمومة الإنسانيّة على كل شعور وطنيّ. فهي تقدّس المكان كونه مكانا، ونلحظ ارتباطها الوثيق بالأمكنة، وتقدّس الإنسان كونه إنسانا، دونما النظر إلى ما يحمله هذا الإنسان من أفكار ومعتقدات.
ويستغلّ الكاتب أحداث هذه الرواية ليصف لنا معالم مدينة حيفا، حيث تتجول غادة في الحنطور وتتفقد المدينة التي ما زالت كما هي بعد احتلالها، وتزور المطاعم والفنادق التي ما زالت تحتفظ بروحها العربيّ وطابعها الشرقيّ، ويصوّر اليهود الذين يؤمّون هذه الأماكن كطارئين لا ينالون من أصالة الأمكنة وروحها العربيّة. ويتعمّد الكاتب وصف الأماكن العربيّة في حيفا، مؤكدا عروبة المدينة وعدم انفصالها عن جذورها حتى بعد أن طرأ عليها المحتلون، فالمحتلون أنفسهم لا يجدون بدا من زيارة هذه الأماكن. وما التعايش الذي قد يبدو بين العرب واليهود في هذه المدينة إلا قشرة واهية يفضحها كلام وتصرفات أبطال الرواية، فهذا طارق الشاب اليافع الذي نشأ في ظل الاحتلال يقف منافحا عن حق الفلسطينيين بأرضهم في مدرسته، ثمّ يتحوّل إلى مقاوم للاحتلال، فهو يعكس صمود الإنسان الفلسطينيّ، وتكيّفه للحياة في ظل الاحتلال دون التخلي عن تمسّكه بوطنه ومقاومته للمحتلّ.
يستخدم الكاتب أساليب متعددة لإظهار الحق الفلسطيني في أرض فلسطين دون أن يتحوّل إلى السرد المباشر: فمثلا يشرح وجهة نظر الفلسطينيّ عن طريق الحوار الذي يقيمه بين طارق وليزا. ويحسم موضوع التعايش بين العرب واليهود، والذي يبدو للوهلة الأولى أن الكاتب يستسيغه عندما يقيم العلاقة بين المعلمة اليهودية سارة وابنتها ليزا وطارق، لكنه ما يلبث أن يعبّر عن رأيه بصراحة على لسان أحد شخصيّاته ليقول أن هذا التعايش "مثلما يتعايش أي إنسان مع مرض عضال... لا بدّ لأحدهما أن يقضي على الآخر."
يحسن الكاتب وصف اللحظات العاطفيّة والمشاعر التي تضطرم داخل نفوس شخصياته، فنراه يصوّر لنا لحظات التقاء الأم بولدها بعد عشرين عاما بطريقة تهزّ الوجدان، ويصف مشاعرها في تلك اللحظة بدقة بالغة ومؤثرة. وعندما يستغرق الكاتب في وصف المشاعر الإنسانيّة لا يغفل المكان والأرض، فحتّى في خضمّ وصفه للمشاعر المرهفة يصف الأرض والمكان كما يصف الإنسان، بطريقة ذكيّة معبّرة.
نقف في هذه الرواية أمام نوع آخر وجديد من تضحية الفلسطينيّ من أجل وطنه، فكثير منّا ضحّى بنفسه وبذل روحه من أجل هذا الوطن، لكنّا هنا أمام تضحية غير مسبوقة، أن يضحّي الإنسان بشخصيّته وعروبته وثقافته من أجل أن يعود إلى وطنه. هذا ما شهدناه في هذه الرواية، وهو يبرز أن الفلسطينيّ لا يتخلى عن أرضه وسيعمل المستحيل من أجل العودة إليها وما زال يبدع الطرق التي تقرّبه منها، ولكنّه في نهاية المطاف لا يمكن له أن يتخلّى عن ارتباطه بأصله ووطنه، ففي نهاية الرواية تعود غادة إلى أصلها وتجعل ابنها نضال يتخلى عن عزرا الذي كان يعيش في داخله، ويعود إلى جذوره.
وكتبت نسب أديب حسين:
بداية أبارك للكاتب العم ابراهيم جوهر افتتاح مركز محمد جوهر الثقافي في جبل المكبر، محيية فيه هذا الوفاء لذكرى شقيقه النقابي والمربي والكاتب محمد جوهر الذي توفي في أيار 2015. محمد جوهر الذي حث على تعليم الفتيات وسعى لإنشاء مدارس وهو ورفاقه لتدريس الذكور والاناث، ونشط في العمل النقابي ليكون أمينًا عامًا لاتحاد النقابات في الأردن من مطلع الستينيات وحتى 1971، استقر في عمّان ورفض العودة الى أرض الوطن وهو تحت نير الاحتلال ولو زائرًا سوى مرّة واحدة.
وفي التوجه بقراءة نقدية للرواية نرى أنّها تحملنا في مقدمتها السردية صوب التفاصيل الرئيسية لبطلة الرواية غادة، التي تعود الى أرض الوطن بعد انقضاء خمس سنوات على النكبة حاملة ابنتها ليزا، وتعود متنكرة بزي يهودية مهاجرة لتبحث عن طفلها الذي فقدته أثناء احتلال حيفا.
طريقة عودة غادة وهوية والد الطفلة الغير مفهومة هما العاملان اللذان يشدان القارئ ويشوقانه لمتابعة أحداث الرواية، رغم اللغة السردية والفقرات الانشائية الكثيرة فيها.
الحدث الرئيسي والذي تعتمد عليه عقدة الرواية وهو خطأ غادة بحملها دمية بدل ابنها عند هربها من البيت، ثم عودتها الى حيفا للبحث عن الطفل، ليس بحدثٍ جديد في طرحه أدبيًا أو شعبيًا، وتحملنا العقدة مباشرة لاستذكار رواية "عائد الى حيفا" لغسان كنفاني.
لجوء الكاتب لعودة مختلفة للفلسطيني اللاجئ هو الأمر المختلف هنا، ولكن تبقى هذه العودة موقع جدل، وسط الأحداث والمواقع التي تحاول أن تقارب الواقع، فهل من الممكن أن يتمكن عربي من الحصول على الجنسية الاسرائيلية على أساس أنّه يهودي في فترة قريبة جدًا من تأسيس دولة الكيان الصهيوني بهذه السهولة؟
وعند عودة الأم والتي من المفروض أنّ التنكر يخدمها للدخول الى أرض الوطن، لماذا حافظت بهذه القوة على التنكر وسط معارفها ومعارف زوجها، وهل من الممكن أن تلتقي بصديق زوجها ولا تحاول أن تسأله عن معرفته بمصير طفلها.. وتفكر بعد اخفاقها عبر طريقة بحثها تلك، بالرحيل مرّة أخرى دون أن تتجه الى أشخاص مباشرين لتسأل وتتحقق من مصير الطفل؟
وبعد أن تعثر الأم على طفلها، نجد تقبله السلس لفكرة أنّ لديه أمًا أخرى ومن طرف "عدوه"، ولا نلحظ تشبثًا قويًا لديه بالفكر الصهيوني رغم أنّه نشأ في مدرسة داخلية، والتي لا بدّ لها تأثير فكري أكبر على الطلاب من المدارس العادية، وهو في عمر من المفروض أنّه قدم الخدمة العسكرية و على مشارف الانخراط بها، فكيف يتقبل هويته المناقضة بهذه السهولة؟
تشير غادة الى أنّ ابنتها ليزا عربية أيضًا.. وتبقى هوية الوالد مجهولة، دون توضيح أكبر كيف تمكن من تحصيل جنسية لزوجته.
بذا عندما نحاول التعامل مع الرواية كرواية واقعية نجدُ عوامل كثيرة منها تفتقر للواقعية.. ويدفع الكاتب بجميع الأحداث لتصب في مصلحة حل وحدث واحد، ألا وهو نجاح غادة المتنكرة بزي يهودية مهاجرة في العثور على طفلها المفقود، في الوقت الذي تضحي بشكل كبير بهوية طفلتها ليزا التي تنشأ منشأ اليهود، وهنا يبقى السؤال ما هي رسالة الكاتب؟
هل يشير الى أهمية العودة الى الوطن واسترداد ما فُقد حتى لو كلّف ذلك استغناء جزئي عن الهوية؟
لكن بالعودة الى سيرة الكاتب نرى أنّه بعد احتلال القدس لم يزر المدينة سوى مرة أو مرتين، لأنه لا يحتمل مشهد الاحتلال فيها.
بذا نبقى أمام هذا العمل الأدبي في حيرة ما بين توجه الكاتب في حياته وتوجهه في روايته.
وكتب رفعت زيتون:
لقد كتب عن القضية الفلسطينية والنكبة والنكسة الكثير، وسوف يكتب كذلك الكثير في المستقبل، عن كل التفاصيل والأحداث والآلام، ومهما تقاربت القصص وتشابهت الأحداث سيظل لكل قصة خصوصيتها، ومذاق وجعها، ومكانها وشخوصها، ذلك أن كل مدينة وقرية وحارة وبيت قد نالها نصيب من ذلك كله.
وقد اختار كاتبنا لهذه الرواية بأوجاعها قرية من قرى حيفا والكرمل، كي تدور فيها أحداثها، في قصة سمعنا عن حدوث ما يشبهها كثيرا، ولكن ما كان مختلفا فيها هو اختيار الكاتب فكرة ربما كانت جديدة، وهي أن تعود تلك المهجّرة الفلسطينية متسترة باسم عبري كي تبحث عن طفلها الذي تركته عند هروبها بإلحاح من زوجها الذي آثر البقاء للدفاع عن بيته الذي أشرف على بنائه وتصميمه، وللدفاع عن حديقة زرع هو بها كل شجرة وزهرة ورواها بعرق آماله هو وزوجته غادة. فهل كانت الفكرة حقيقية أو من بنات أفكار الكاتب؟ سؤال قد يطرحه القارئ. ومهما كانت الإجابة فيبقى أن كل الأحداث كانت ممكنة آنذاك، تماما كما أنه كان ممكنا أن تحمل الأم دمية كانت بجانب طفلها بدل طفلها ساعة هروبها مذعورة تحت وابل من الرصاص.
الأم غادة عاشت التهجير القصريّ وألمه، وعاشت الفقد ووجعه، وعاشت
الغربة وذلها، وعاشت الاغتراب بغيظه عندما عادت تلبس ثوبا غير ثوبها وتتحدث لغة غير لغتها وتعيش في بيئة ليست لها، كل ذلك من أجل أن تصل إلى خيط مهما كان رفيعا قد يقودها إلى ذلك الطفل الذي تركت تحت إبطه وشما يدلها عليه يوما إن حصل ما لا يحمد عقباه. تعود غادة وتختار العمل كمدرسة في بلدتها التي تركتها في ذلك اليوم الكئيب كي ترى كل الأطفال وتتحسس منهم لعلها تجد في ذلك هدى.
لكنها في كل يوم يمر تفقد شيئا من ذلك البصيص وتغلق عليها حفرة محاولتها شيئا فشيئا حتى استيأست فقررت العودة. ولكن يحدث أن تقابل طارق ذلك الغلام العربي الجريء الذي كان احد تلاميذها، والذي اضطرت يوما لتوبيخه وطلب ولي أمره متظاهرة أنها ترفض ادعاءاته في حصة الصف. هذا الغلام الذي طلب نجدتها وهو هارب من العسكر جعلها تعود عن فكرتها بالرحيل، لأن هذا الغلام جعلها تشعر أن وطنا فيه من هم مثل طارق يستحق التضحيات. وهو الذي وجدت فيه شريكا مناسبا لابنتها في المستقبل على أساس أن فكرة زواج اليهودية من العربي لم تكن جديدة أو مرفوضة في تلك الحقبة وتلك المنطقة من فلسطين.