الأحد 24-11-2024

تقرير المركز الأمني الأميركي يعيد طرح خطة اسرائيل لتقسيم سوريا

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

أطلق عدد من كبار الباحثين الأميركيين في "المركز الأمني الأميركي الجديد" مقاربة جديدة لمحاكاة الواقع المستجد، بعنوان: "التكيف الأميركي: نحو استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط".
ويدعو التقرير "الولايات المتحدة الى جعل الإصلاح السياسي في المنطقة أولوية"، مشيرا الى ان "الأزمة الحادة القائمة في الشرق الأوسط تهدد المصالح الأميركية. لكن في المقابل إذا استطاعت أميركا معالجة توجهاتها على المدى الطويل بمرونة استراتيجية ودهاء ديبلوماسي، فإنها قد تصبح مع مرور الوقت أقل عرضة للتهديدات في المنطقة".
ويشدد التقرير على أن الخطر الحقيقي بالنسبة للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط هو عدم الاستعداد للاعتراف بمدى عمق التحولات والتغيرات التي حصلت ومدى الحاجة لاستراتيجيات ملائمة لها. فلقد استثمرت أميركا بشكل مفرط في أكثر الأنظمة اللاديموقراطية في المنطقة، حيث كانت هذه الاستراتيجية، لسنوات آمنة، لكنها وضعت المصالح الأميركية في خطر على المدى الطويل.
ويلفت التقرير النظر الى خمسة تطورات إقليمية حصلت وهي: تحول التهديدات الإقليمية، السياسات غير المستقرة للربيع العربي، التغييرات في نطاق وحجم خطر الإرهاب، التوترات في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية والتوجهات المؤثرة في أمن الطاقة.
ويتطرق التقرير الى عدد من الفرضيات الخاطئة التي اعتمدت عليها السياسة الأميركية لسنوات عدة وأبرزها: الاعتماد على الأنظمة العربية من اجل التعاون الأمني واستقرار أسواق النفط والغاز الطبيعي من دون التشديد على الإصلاحات السياسية والاقتصادية. الاطمئنان الى أن عملية السلام العربية - الإسرائيلية، حتى لو تعثرت ووقفت فإنها ستتقدم لاحقا باتجاه حل الدولتين. الإيمان المطلق بأن العلاقات مع إسرائيل، برغم جدليتها مستمرة بناءً على استشراف استراتيجي موحد. التسليم بأن الولايات المتحدة فاعل رئيس في المنطقة ويمكنها محاربة الخصوم والأعداء بشكل فعال.
ويركز التقرير على مجموعة من الأولويات التي يجب على صناع القرار السياسي الأميركيين أخذها في الاعتبار عند معالجتهم الأزمات التالية: البرنامج النووي الإيراني، الحروب الأهلية في اليمن وسوريا، التوترات الحديثة بين مصر وإسرائيل، والتي تهدد السلام بينهما.
ويشدد التقرير على ضرورة قيام صناع القرار بمعالجة ثلاثة توجهات بهدف التوصل الى تسوية حول المصالح الأميركية أو التقليل من تعرض أميركا للمخاطر في المنطقة:
1- الحاجة لعودة الحياة السياسية الى العالم العربي لإشراك الشعوب العربية، وليس الأنظمة فقط، ومواصلة العمل على إستراتيجية مختلفة تماما ومتمايزة تجاه الإسلام السياسي وإعطاء الأولوية للإصلاح السياسي، ودعم الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.
2 - التقليل من الاعتماد الأميركي على دول الخليج بسبب العوامل التالية: أولا: الانسحاب الوشيك للجيوش الأميركية من المنطقة. ثانيا: الطلب المخفض على موارد الطاقة الإقليمية. ثالثا ـ الانتقال من توفير متطلبات الأمن الإقليمي إلى تمكين الحكومات المحلية من تولي زمام القيادة للأمن الإقليمي.
3 - العمل المستمر لإنعاش عملية السلام بين العرب وإسرائيل وتخفيف التوترات الأساسية الموجودة في العلاقة الأميركية مع إسرائيل.
بالنسبة الى التهديد الإيراني، يعتبر التقرير أن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تشكل تهديدا حقيقيا للمصالح الأميركية في المنطقة، بسبب برنامجها النووي ودعمها ما يسميه التقرير بالمنظمات الإرهابية المتطرفة في العراق ولبنان وغزة، إضافة الى أن قدراتها البحرية تسمح بتعطيل حركة مرور النفط والغاز عبر الشريان الحيوي للطاقة في العالم، أي مضيق هرمز.
يدعو التقرير صناع القرار في الولايات المتحدة إلى إدراك قدرة إيران على تهديد الأمن المادي والاقتصادي للولايات المتحدة إضافة إلى أمن الشركاء والحلفاء الإقليميين. «ولذا فان هجوماً إسرائيلياً على إيران سيكون مضراً ومؤذياً للمصالح الأميركية والإسرائيلية على حد سواء. كما أن تبني سياسة الردع والاحتواء النوويين ليست مستحسنة وينبغي درسها فقط كموقف احتياطي إذا ما فشلت كل الجهود المانعة الأخرى».
في ما يتعلق بسوريا، يعتبر التقرير أنها وسط حرب أهلية، ومن الغامض جداً معرفة ما هو الاتجاه النهائي الذي سيكون عليه الوضع هناك. ويوضح انه بإمكان نظام جديد قلب توازن القوى الإقليمي بطرق هي لمصلحة المصالح الأميركية، أي إزالة حليف إيران الأساسي وقطع المزود الأساسي لـ«حزب الله» بالسلاح. وبوسع نظام جديد أيضا أكثر انفتاحاً مناقشة الخيارات السياسية مع إسرائيل وإعادة إحياء عملية السلام الإسرائيلية - العربية، وهذه المرة بتشجيع من تركيا.
ويؤكد التقرير ان تغييراً مرتقبا في قيادة سوريا يمكن أن يساعد أيضاً في التقليل من التوترات الأمنية المتنقلة في لبنان غير أنه يتوقع أن يستمر الصراع في سوريا أشهرا عدة إن لم يكن سنوات.
ويعتبر لبنان بحسب التقرير من بين كل دول الجوار لسوريا، أهم قاعدة خلفية لدعم المعارضة السورية المسلحة، بالسلاح والمؤن، وذلك بسبب قرب مناطقه الحدودية من قواعد المسلحين، سواءً في حمص أو في ريف دمشق، حيث إن أبعد نقطة داخل لبنان عن مواقع المسلحين السوريين في حمص لا تتجاوز 30 كيلومتراً. ثم يعرض التقرير لمسالك تهريب السلاح من لبنان إلى سوريا، ويشير إلى وجود حلقة ضيقة تدير عملية تهريب السلاح "من ضمنها مسؤول لبناني كبير".
يوقول التقرير انه ليس من مصلحة أي بلد مجاور لسوريا عبور أسلحة كيميائية وبيولوجية إلى أراضيه من سوريا، ويشير الى أنه "للتخفيف من حدة اندلاع عنف مذهبي محدود في لبنان والبلدان المحيطة، يجب على أميركا توفير المساعدة الأمنية والدعم الاستخباري للأجهزة الأمنية في البلدان المجاورة لسوريا خصوصا لبنان كما فعلت في العام 2007 بالسلاح والتجهيزات إضافة للدعم الاستخباري. فلدى أميركا علاقات ممتازة مع الأجهزة الأمنية في كل بلد من البلدان المجاورة لسوريا، الأمر الذي يعتبر شيئاً ثميناً في حال حدوث أمور طارئة".
ودعو التقرير صناع القرار الأميركيين الى أن يكونوا قلقين بسبب احتمال حصول توتر أكبر في العلاقات بين إسرائيل والحكومة المصرية الجديدة التي تحاول أن تجاري الموقف العدائي للشعب المصري تجاه إسرائيل. ويرسم المراقبون لمصر الآن سيناريو يمكن فيه لإسرائيل القيام بعمليات عسكرية ضد المسلحين في سيناء. أما التداعيات الاستراتيجية السيئة لدخول عسكري إسرائيلي إلى سيناء فستفوق، بالتأكيد، أي نجاحات تكتيكية قد تحققها إسرائيل.
ويحذر الباحثون من ان تسود حالة عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط ككل وتشتد حدتها في المستقبل المنظور. فالأردن، الحليف الأساسي للولايات المتحدة وإسرائيل، يواجه حالة من عدم الاستقرار السياسي وذلك مع تغييره ثلاثة رؤساء حكومة في أقل من عام ونصف العام. ويعتبر ان تناوب رؤساء الحكومات هو من أعراض عجز الملك عن تحقيق توازن بين الحفاظ على سلطته وتعزيز الإصلاح.
وفي اليمن فان التحديات التي تواجهه تتخطى بكثير التحول السياسي وتمتد لتطال تحديات ديموغرافية على الأمد الطويل، نظراً لأن 45 في المئة من سكانها هم تحت سن الـ 15 عاماً، إضافة إلى نذير الكوارث البيئية كمصادر المياه المستنفدة. إذ من المرجح أن يصبح اليمن بلداً غير قابل للحكم أكثر فأكثر. وهذا الامر سيطرح شكوكاً أكبر حول قدرة اليمن على أن يكون شريكاً في جهود مكافحة الإرهاب الأميركية.
وفي السعودية، فإن من الصعب على واشنطن أن تتجاهل انها اشترت، بشكل فاعل ومؤثر، الذمم لإحباط محاولة الشعب السعودي ركوب موجة يوم الغضب في آذار 2011 عن طريق تقديم حوافز اقتصادية هامة كي لا ينخرط هؤلاء في تظاهرة شعبية. إن القمع السعودي للأقلية الشيعية في المحافظة الشرقية الغنية بالنفط غير مبني بالتأكيد على هواجس النيات الخبيثة الإيرانية وحدها. وينبغي للولايات المتحدة، عبر الضغط الديبلوماسي المستدام، أن تحمل المسؤولية لأقرب حلفائها حتى عن أعمالهم والتشجيع على إجراءات إصلاحية ذات معنى تتجاوب مع حاجات وتطلعات وطموحات الشعوب العربية.
وفي ما يتعلق بالبحرين لم يكن هناك سوى روابط إيرانية محدودة بالقضية وكان لدى شيعة البحرين هوية بحرينية ـ عربية وأجندة بحرينية إلى حد كبير، ومع وجود نسبة 75 في المئة من سكانها الشيعة، الأكثرية الشيعية الأكبر في أي بلد عربي، لن تستطيع البحرين استعادة الاستقرار، من دون القيام بإجراءات سياسية، اقتصادية واجتماعية تكاملية أساسية. لذا على أميركا إقناع النظام بوجوب إنهاء حملة العنف، وإطلاق سراح قادة المعارضة، وفتح حوار سياسي جدي مع المعارضة، ورفع القيود عن الإعلام والانترنت وتنفيذ توصيات «لجنة التحقيق المستقلة» (تقرير بسيوني). هذا الأمر يتطلب ضغطاً أميركياً متزايداً ضمن القنوات العسكرية والديبلوماسية الخاصة إلى الحد الذي تسفر فيه هذه الضغوط عن نتائج، وعليها أن تكون أكثر استعدادا وصراحة وعلنية أكثر إذا لم تسفر الضغوط عن شيء.
وبالنسبة الى العراق، فان التوجه الاستراتيجي لهذا البلد، سيشكل مستقبل الشرق الأوسط، سواء اختار الوقوف مع إيران أو مع دول الخليج والولايات المتحدة، أو عدم الانحياز الى أي من هذه الدول.
الاستراتيجية التي يقترحها التقرير هي «التكيف الاستراتيجي». وتقوم هذه السياسة الجديدة على عدد من القواعد والمرتكزات، وذلك عبر إطلاق العنان للتناقضات الاثنية والعرقية والطائفية في المنطقة، وخلق توازنات جديدة وضبط الحروب ضمن إطار يتناسب والمصالح الأميركية. وقد تم إطلاق مصطلح «الفوضى الخلاقة» على هذه السياسة، وهي مبنية على مبادئ ثلاثة:
الحفاظ والإشراف على صراعات منخفضة الشدة.
تعزيز الانقسام السياسي والحدودي.
تشجيع الحالة المذهبية والطائفية، وفي حال فشل ذلك تشجيع التطهير العرقي والديني.
هذه السياسة، تتأثر إلى حد كبير، بمسودة البيان الموجز لـ«عوديد إينون»، وهو مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية، والتي يعود تاريخها إلى شباط من العام 1982، والتي تفصّل المشروع الجيو استراتيجي لتقسيم كل منطقة الشرق الأوسط إلى أصغر وحدات ممكنة، والتي توصي، بمعنى آخر، بالتفكيك الكلي للدول العربية الواقعة على حدود إسرائيل.
وقد كتب عوديد إينون يقول: "إن التفكيك الكامل للبنان إلى خمس مقاطعات سيكون بمثابة سابقة لكل العالم العربي بما فيه مصر، سوريا، العراق، وشبه الجزيرة العربية وهي تتبع أساساً ذلك المسار. إن تفكيك سوريا والعراق لاحقاً إلى مناطق فريدة إثنياً أو دينياً كلبنان، هو هدف إسرائيل الأولي والرئيس على الجبهة الشرقية في المدى البعيد، في حين أن تفكيك القوة العسكرية لتلك الدول يشكل هدفاً رئيساً على المدى القصير".
ويؤكد أن سوريا سوف تتفكك وتنهار، وفقاً لبنيتها الإثنية والدينية، لتصبح دويلات عدة كما هو حال لبنان اليوم، لذا سيكون هناك دولة علوية شيعية على طول ساحلها، دولة سنية في منطقة حلب، دولة أخرى سنية في دمشق تكون معادية لجارتها الشمالية، والدروز الذين سيشكلون دولة، ربما في جولاننا حتى، وبالتأكيد سيشكلونها في حوران وشمال الأردن. هذه الحالة ستكون ضماناً للسلام والأمن في المنطقة على المدى الطويل، وهذا الهدف هو في متناول أيدينا اليوم أساساً

انشر المقال على: