الجمعة 22-11-2024

"يديعوت": اتفاق سري على دولة فلسطينية منزوعة السلاح

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

"يديعوت": اتفاق سري على دولة فلسطينية منزوعة السلاح

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أمس عن وثيقة سرية صاغها مندوبان يمثلان رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس حول دولة فلسطينية سيادية منزوعة السلاح وتتوافق على قضايا جوهرية تعتبرها الصحيفة "تنازلات".
ويقول كاتب التقرير إن الوثيقة أعدت في آب/أغسطس 2013 وهي تلخص سنوات من الاتصالات السرية التي شهدتها لندن بين المحامي يتسحاق مولخو الممثل المخول لنتنياهو وبين البروفسور حسين آغا مندوب الرئيس الفلسطيني.
وتحمل الوثيقة التي ينشر نصها للمرة الأولى عنوان "مقترح لوثيقة مبدئية خاصة بالوضع الدائم" وأعدت لتكون أساسا للمفاوضات التي استؤنفت بوساطة جون كيري في يوليو/ تموز 2013. وبحسب كاتب التقرير وصحيفته «يديعوت أحرونوت» المناوئين لنتنياهو، فإن الوثيقة تشمل تنازلات مفاجئة وتتناقض مع ما ينطق به نتنياهو علانية، متسائلا بسخرية هل رغب بالتغرير بالفلسطينيين أو العكس، التغرير بناخبيه أو الرقص في عرسين في آن واحد، مرجحا أن كافة الإجابات صحيحة. ويرجح كاتب التقرير أن الرئيس عباس الذي سبق ونفى صلته بالاتفاق يرجح أنه طرح "طعما" لاستدراج نتنياهو لتقديم تنازلات دون أن يقدم هو تنازلا من طرفه، ويتابع "في لعبة البوكر هذه ظهر أبو مازن فنانا بارعا جدا".
وتنص الوثيقة على انسحاب "إسرائيل" لحدود 1967 مع تبادل أراض وعلى اعترافها بالتطلعات الفلسطينية في القدس الشرقية ويمنحهم موطئ قدم في الأغوار.
كما تفتح الوثيقة الإمكانية لعودة لاجئين إلى أراضي 48 على أساس فردي، وتقتضي بإخلاء مستوطنين من الضفة وإبقاء بعض المستوطنات تحت السيادة الفلسطينية.
وجاء في مقدمة الوثيقة المكتوبة بالإنكليزية أن هدف مساعي التفاوض إنهاء الصراع وكل المطالب وأن الأطراف متفقة على ضرورة ارتكاز القضايا الخاصة بالحل الدائم للاحتياجات الشرعية للجانبين بطريقة عملية ونزيهة تتيح دعما جماهيريا لها.
ويقول الطرفان إنهما شريكان في رؤية "دولتين لشعبين" وسط حفاظ على حقوق دينية متساوية دون تمييز ضد أقلية إثنية أيا كانت.
وربما كانت هذه إشارة لفلسطينيي الداخل الذين باتوا يتحفظون على تسمية التسوية "دولتان لشعبين" لأنها تعني عمليا الاعتراف الضمني بـ"إسرائيل" كدولة اليهود فقط. ويتطرق البند الثاني في الوثيقة إلى "جغرافيا، حدود ومستوطنات" ويشير إلى أن الطرفين يتفقان على وجود حدود لفلسطين مع مصر والأردن و"إسرائيل" ما يعني قبولا "إسرائيليا" بسيادة فلسطينية في منطقة الغور بخلاف تصريحات ساستها.
وتتابع الوثيقة التي تنصل منها نتنياهو "يتفق الطرفان على دولة مستقلة وسيادية على مساحة لا تقل عن المساحة التي كانت تحت الحكم المصري والأردني قبل 1967 مقابل ضمان أمن "إسرائيل" والسعي لنقل أقل ما أمكن من السكان"، في إشارة للمستوطنين الذين سيبقى من يرغب منهم تحت السيادة الفلسطينية مع حقوق كاملة دون تمييز فردي أو جماعي.
كما تنص الوثيقة على تواصل آمن بين الضفة الغربية وبين غزة، والحفاظ على أمن "إسرائيل" من خلال دولة فلسطينية منزوعة السلاح مع قدرات أمنية عالية ومع تعاون أمني واستخباراتي وميداني.
وتقول الوثيقة إن فلسطين لن تقبل إدخال قوات عسكرية أجنبية لأراضيها ولا توقع اتفاقات دفاع مع دول أخرى. أما الانسحاب "الإسرائيلي" فيتم على مراحل ومع الاعتراف بالمشاكل الأمنية الشرعية في فلسطين.
ويتحدث الاتفاق عن إمكانية لاستئجار "إسرائيلي" لمنطقة الأغوار لفترة غير محدودة على أن يقام نظام خاص طويل الأمد في طرفي نهر الأردن حتى يقتنع كل الأطراف بتغييره، مع تواجد قوات مساعدة دولية. أما قضية القدس فقد تم التطرق لها بنص عمومي وحذر باعتبارها القضية الأكثر حساسية حسب مولخو وآغا، طبقا لمزاعم "يديعوت أحرونوت". ويقول الاتفاق إن كل تسوية تتطلب التعامل مع الروابط التاريخية والدينية والثقافية والحساسة للشعبين في المدينة وصيانة الأماكن المقدسة ومع تطلعات الطرفين في المدينة دون تقسيمها مجددا.
وتطرح الوثيقة بدائل لعودة اللاجئين ضمن تسوية "عادلة ونزيهة وواقعية وتنسجم مع فكرة "دولتين لشعبين" ومع إبداء حساسية للقلق العميق للشعبين.
ويقترح الاتفاق على اللاجئين حياة جديدة وطبيعية دون استغلال ذلك لمواصلة الصراع أو تغيير الطابع اليهودي لـ"إسرائيل". ويقترح إنجاز ذلك بعدة خيارات: الاعتراف بمعاناة اللاجئين وإسكانهم في فلسطين ودول أخرى وبمساعدة دولية على أن يؤسس صندوق عالمي للنظر بدعاوى أملاك وتعويض، وتقدم "إسرائيل" حصتها ودولا عربية. وهناك خيار آخر مشابه يختلف ببند توافق فيه "إسرائيل" على عودة لاجئين لديارهم داخل أراضي 48 على أساس فردي، وكتب آغا ملاحظة بجانب ذلك تدعو لصيغة "ملزمة" أكثر. بالمقابل ينص الاتفاق على تعويض اليهود الذين هربوا من دول عربية أو طردوا منها.
من جانبها، اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت المناوئة لنتنياهو -قبل عشرة أيام من الانتخابات- أن ما وصفته بـ"التنازلات" في قضايا جوهرية تعكس رغبته في التوصل لتسوية جريئة تنهي الصراع. موضحة أن نتنياهو في الوقت نفسه فعل عكس ذلك على الأرض. وتتابع ساخرة "كان يهمه أن يبدو كمن لاحق السلام شريطة ألا يتحقق السلام".
وأثار الكشف عن الوثيقة ضجة كبيرة في "إسرائيل" استغلتها بعض الأحزاب المتنافسة للمزاودة على نتنياهو في الدعاية الانتخابية. من جهته قال وزير الخارجية رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" إن الوثيقة تعني عودة لأخطاء فك الارتباط عن غزة.
وحمل وزير الاقتصاد رئيس حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت على نتنياهو وقال إن فك الارتباط المقبل بات هنا. وتابعت زميلته عضو "الكنيست" أييلت شكيد «فاوض نتنياهو على كل الضفة الغربية"، فيما قال زميله الآخر وزير الإسكان أوري أرئيل إن الليكود سبق وطرد يهودا من منازلهم. وأوضح ديوان رئيس الحكومة أن نتنياهو لم يوافق بأي مرحلة على انسحاب لحدود 1967 أو تقسيم القدس واعتراف بحق العودة. وتابع "أحاديث مولخو مع آغا تمت برعاية أمريكية ولم تثمر عن تفاهمات وكانت تبحث في إطار محاولة بلورة مقترح أمريكي لتحريك المفاوضات ويستطيع كل واحد من الطرفين أن يتحفظ على بنود فيه. طيلة سنوات طرحت مقترحات كثيرة دون أن يحرز اتفاق على أي منها".

انشر المقال على: