[اللواء في الاحتياط يائير نافيه: في الجرف الصامد لم نقدّر بصورة صحيحة نيات العدو وحزب الله أهمّ خطر علينا] [أجرت صحيفة"معاريف" مقابلة مع اللواء في الاحتياط يائير نافيهبمناسبةاعتزاله الحياةالعسكريةبعد أن شغل في الماضي منصب قائد المنطقةالوسطى ليستقيل للمرة الأولى من السلك العسكري، لكنهاستدعي إلى الخدمة خلال حرب لبنان الثانية تموز/يوليو 2006 وشغل منصب نائب رئيس الأركان آنذاك غابي أشكينازي ونائب خلفهداني حالوتس. وفي العامين الأخيرين عمل نافيه في مشاريع مختلفةتابعة للجيش الإسرائيلي بانتظارتعيينه رئيساً للأركان، لكن ذلك لم يحدث. وفي هذه المقابلةتناول نافيهأداء الجيش الإسرائيلي خلال عمليةالجرف الصامدواخملاطر المستقبليةالتي تتهددإسرائيل، نقتطف منها بعض المقاطع] يقول نافيه: "في الجرف الصامد برز ضعفنا في تقدير نوايا الخصم كثيراً. لقد كنا نعرف مكان كل مخرب بدقة، لكننا لم نقدر بصورة صحيحة ماذا تريد "حماس"،وما هو خطها الأحمر،وما هي مسعدة لتحملهوما ليست مستعدة لتحمله،وهل سترتدع خلال العملية. وما جرى فعلاً هو أن العملية استمرت 50 يوماً. وفي اعتقادي،فإن الجهة التي تقوم بالتقدير لدينا تعاني مشكلة وبحاجة إلى تغيير كبير،وهي بحاجة اليوم إلى الاستعداد لمواجهةداعش والقاعدةوالسلفيين في سيناءوجبهة النصرة. لا تستطيع شعبة الأبحاث البقاء تقليدية،فهي بحاجة إلى أن تصبح مرنة جداً في بنيتها كي توائمنفسها مع التطورات على الأرض. وفي الإجمال،فإن التطورالذي حصل في الأبحاثالاستخباراتية في السنوات الأخيرة كان أقل بكثير منه في سائر الميادين، إذا لم يكن تراجع إلى الوراء." وسئل نافيه: "هل الافتقار إلى الصورة الشاملة له علاقة بموضوع الأنفاق الهجومية لدى 'حماس'؟"فأجاب: "هذا الموضوع بالذات لا أنظر إليه مثل الآخرين. فمشكلة الأنفاق هي قبل كل شيء مشكلة القادةوليس الاستخبارات. فالاستخبارات تقدم لك الأرقام والمؤشرات التي تحملها الأرقام، لكن وضع هذه الأرقام ضمن صيغةوفهم منطقها هو مسؤولية القادة، لأن فهم الصورة هو في عيني الناظروليس فقط في عيني الذي يرسمها. والقائد العسكري هو الذي يتعين عليه ً مثلا أن يقول إن خطروجودأربعة أنفاق في منطقةواحدة ليس مثل خطر نفق واحد منفصل،وإن هذا نمط عمل جديد للعدو. إذا كانت الاستخبارات نفسها تقول بوجود عقيدة عمل جديدة،فالقائد العسكري يستفيد. لكنني أنتظر من القادةأن يفهموا بأنفسهمالنظرية، مثلما عليهم أن يقدروا طريقة التحرك المحتمل للعدو." وسئل: "لقد تحولت الأنفاق في النقاش العام خلال الحرب إلى خطر وجودي، أليس في ذلك بعض المبالغة؟"فأجاب: "أعتقد أن ذلك كان مبالغاًفيه، لكنه خدم من بين أمور أخرى القدرة على القيام بعملية برية كانت موضع إجماع، وذلك من خلال عرض القدرات وحل مشكلات معينة. لقد برزت خلافات داخل الجيش بما في ذلك خلافات بيني وبين رئيس الأركان بشأن ما هو الأصح أن نفعله، لكن هذه خلافات مشروعة." وسئل نافيه: "هل أراد رئيس الأركان أن يطبق في قطاع غزة الخطط البرية التي أعدها الجيش الإسرائيلي؟" فأجاب: "ليس بالضرورة. لا أعرف ماذا جرى بين رئيس الأركان والقيادة السياسية، لكنني أعتقد أن معالجة الأنفاق كان ممكناً القيام بها بعد أن نقطّع أوصال القطاع ونصل إلى شاطئ البحرونهدد مراكز السلطة، حينها كان يمكن العودة إلى الأنفاق. لم أعتقد أنه من الصحيح العمل في مواجهة الخطر بصورة جبهوية عريضةونضرب رأسنا بالحائط من دون أن نعمد إلى مفاجآت أوإلى خداع. وإذاقارنت عمليات تدمير الأنفاق مع مبادئ الحرب تجد أنها لا تتطابق مع أي معيار. لم يكن هناك مفاجأةولا تجميع للقوات،ولا استمراريةولا متابعة. لا شيء على الاطلاق. ربما كانت9 النتائج أسوأ لوقاموا بتدمير الأنفاق على طريقتي، لكنني على الرغم من ذلك أقول إن التوجه كان ينبغي أن يكون مختلفاً. في رأيي برزت في الجرف الصامد مشكلتان أساسيتان، الأولى هي التسريبات من مجلس الوزراء بأنه ليس لدى إسرائيل نية لإخضاع حماس بل ردعها،وهذا منحها هامش حصانة منذ تلك اللحظة... أما المشكلة الثانية المهمة في الجرف الصامدفكانت السؤال أي نوع من الحرب نريد،وهذا يتعارض ظاهرياً مع المشكلة الأولى. فمنذ اللحظة التي قررنافيها عملية رادعةواعتقدنا أننا كلما رفعنادرجة القتال سندفع "حماس" إلى التوقف عن القتال، كان من الواضح أنه لم يبق لديك أمل. وفي رأيي أن [من بيدهم القرار] لم يفهموا بصورة صحيحة الصورة الاستخباراتية. ففي كل نقاش مسائي كان هناك من يقول ربما غداً سيكون هناك وقف إطلاق للنار. ونشأوضع لم يتوفرفيه لرئيس الأركان اجملال كي يقول إن "حماس" ستسير حتى النهايةوأنها مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل الذهاب إلى القاهرة،وأن المطلوب حينئذ عملية حسم لا عمليةردع، أوبدلاً من ذلك المضي بعملية تعتمد على استخدام النارالبعيدة المدى فقط." "إن المزج بين عدم فهم حماس من جهة،ومنحها حصانة ضد الحسم من جهة أخرى، أديا إلى نشوءوضع أن مجمل عملياتنا كانت أشبه بإدخال بُرغي غير ملائم في ثقب والثقب صغير جداً." وسئل: "من هو المحق في الجدل الدائر بين رئيس الأركان ورئيس الشاباك بشأن أن الشاباك نقل تحذيرات تفيد بأن الحرب ستقع في الصيف؟" أجاب: "لقد حولوا النقاش إلى نقاش تقني. يقوم الردع على الأسئلة التالية: "مَن ومتى وأين؟". وحين لا تكون لديك اجابات دقيقة على هذه الأسئلة، يمكن القول بأنه لم يكن هناك تحذير. لكن نظراً الى أن حماس كانت في رأيي تدرك أن لا خيار أمامها سوى الحرب بعدما أغلقت السلطة الفلسطينية حسابها المصرفي،وأغلق المصريون الأنفاق،فإن التوقيت الدقيق لحصول ذلك يصبح أقل أهمية. لقد كان الجيش مستعداً لاحتمال نشوب قتال مع القطاع في الصيف،ولا يغير شيئاً ما إذا كانت ستنشب قبل ذلك أوبعده ببضعة أسابيع." وسئل: "حتى لو كان الجيش مستعداً، فإن الجو لم يكن يشبه الاستعدادت الحثيثة التي جرت قبل عملية "الرصاص المصهور" سنة 2009 أو عملية 10 "عمود سحاب" في 2012 عندما كنت نائباً لرئيس الأركان. وفعلياً لم تتدرب الوحدات بصورة مكثفة على القتال، ولم تقاتل أي وحدة تقريباً وفقاً للخطة المعدة لها سلفا ً". فأجاب: "هذا صحيح، بوصفي نائباً لرئيس الأركان أعددت عملية "عمود سحاب" على صعيد هيئة الأركان العامة،وأيضاً الوسائل التي يجب أن تستخدم في مواجهةقطاع غزةوالمنظومة الجنوبية في "القبة الحديدية". وطبّقنا نظرية معينة أدت إلى تحقيق انجازات. لكن منذ عملية "عمود سحاب" وحتى "الجرف الصامد" لم يكن هناك أي اعداد على صعيدقيادة الأركان العامة من أجل بلورة نظرية مبتكرة على الصعيد التكنولوجي وتستند إلى عقيدةقتالية". وسئل: "ما رأيك بالتحقيق الذي تقوم به النيابة العسكرية بشأن الأداء في أثناء الجرف الصامد؟ " أجاب: "في رأيي أن قرار هيئة الأركان العامة تعيين طاقم يتابع القتال ويحدد الأحداث الخارجة عن المألوف خلال القتال ودرسها كان صحيحاً. المشكلة هي في الانتقال من 100 حادثة حقق فيها اللواء نوعام تيـڤون، إلى 30 أو 40 حادثة تحقق فيها النيابة العامة العسكرية. ويبدوأن النيابة العسكرية مستقلة، لكنها لا تعمل في فراغ بل انطلاقاً من قيم أساسية،وفي رأيي أنها تصرفت بحرية كبيرة هنا استباقاً لأي تحقيق خارجي تقوم به أجهزةدولية أخرى. وأرى أنه جرى نقل الكثير من الحوادث التي كان من المفترض أن تحلها القيادة إلى النيابة العامة..." وسئل: "هل سينجح الجيش الإسرائيلي برأيك في إعداد نفسه بالسرعة المطلوبة للتغيرات التي طرأت فيما يتعلق بالحرب ولواقع أن الجيوش النظامية من حولنا تفككت؟ " أجاب نافيه: "أعتقد أن هذا هو السؤال الأول المطروح على رئيس الأركان الجديدوعلى رئيس الأركان المنتهيةولايته. عندما تبني قوةفعليك أن ترى ما هي العناصر التي يتألف منها القدر الكبير الذي يضم سائر الأشياء،وما هو الإعدادالفعال الذي يسمح بكل الاحتمالات الفرعية. لقد عارضت بشدةتقليص التدريبات منذ سنة 2013. وهذا التقليص لم يطبق ليس فقط لأسباب اقتصادية."11 وسئل: "هل تقلّصت مع الزمن التهديدات اخملتلفة ضد إسرائيل أم زادت؟" فأجاب: "تقلصت. اليوم أنت بحاجة إلى قدرات أقل مرتبطة بتحريك جيوش كبيرة أودفاع جوي ضد طائرات العدو، كماقلّ كثيراً الانشغال بالدفاع الجوي ضد العدو. لم يعد هناك منذوقت طويل معارك جو - جو،ولا وجوداليوم لأسطول مهم لدى العدو. لذاوبسبب الضغوط الاقتصادية حاولت وضع عقيدة عملانية لمواجهة السيناريو الكبير في الشمال على افتراض أنه يشتمل على سيناريوات ثانوية في غزةوأماكن أخرى." وفي رأي نافيه أن "القتال ضد حزب الله هو الخطر الأهم الذي يجب على الجيش الاستعدادله، كما أن على الجيش أن يكون اليوم أكثر انضباطاً. وعلى نائب رئيس الأركان ورئيس شعبة التخطيط أن يدرسا عناصر الحسم لدينا وتطويرها بدلاً من أن يقوم كل سلاح بالعمل على تطويرقدراته." وسئل: "ماذا بشأن احتمال تحول إيران إلى دولة نووية؟"فأجاب: "سوف تصبح إيران دولة على حدودالنووي. وفي رأيي لا فرق بين دولة نووية ودولة على حافة النووي. في الحالين عليك أن توظف كل المواردالمطلوبة من أجل مواجهة هذا الخطر في حال قررت هذه الدولة أن تصبح نووية خلال سنة مثلاً." وسئل: "هل تتوقع تصاعد الإرهاب في الساحة الفلسطينية وفي الخطوات التي يقوم بها أبو مازن؟" أجاب: "في رأيي لا علاقة بين معالجة الارهاب وتحركات أبو مازن،والعكس هو الصحيح. تاريخياً عندما كانت تجري المفاوضات كان الإرهاب يزداد لأن مصلحة المتطرفين عرقلته. والحرب ضد الإرهاب يجب أن تكون فعالةوحازمة. وأرى أن يهوداوالسامرة منطقة جيّاشة بالجمر،ولا تستطيع أن تتعامل مع جمر يعلوهالرماد مثل حقل من الرمال،فكل جمرة يمكن أن تتحول بسرعة إلى نيران،وأنت مضطر الى نشرقوة كبيرة للتخفيف من العنف والتصعيد. ولا يجب أن تستدعي كتيبةوراء كتيبة بعد كل حادث، ففائض القوة يخفف العنف ولا يزيده. لن تكون المرحلة المقبلة سهلة،فنحن في وضع يوجدفيه جمر،والأفضل في هذه المرحلة الحؤول دون وقوع اصابات أثناء حوادث الشغب، مع التشديد على عدم وقوع إصابات بين الشباب لأن هذا هو السبب الأساسي لإشعال النار. وفي تقديري، إذا جرت الانتخابات12 في وقت قريب في الضفة الغربية،فإن حماس هي التي ستفوز. لذا،فمن مصلحتنا سلطةفلسطينيةقوية تكبح حماس. إن البديل عن السلطة هو حماس وليس الفوضى،ويجب منع حدوث ذلك." وسئل: "هل أنت خائف اليوم على استقرار المملكة الهاشمية في الأردن، مثلما كان حالك عندما كنت قائداً للمنطقة الوسطى وأثرت عاصفة؟" أجاب نافيه: "للأسف الشديد الأردنيون اليوم في مركز التهديد الداعشي الذي يتربص بهم على حدودهم الشمالية والجنوبية. لا أعرف كيف سيتطور هذا الخطر، ".لكنني آمل أن يكون الأردنيون أقوياء بمافيه الكفاية للقضاء عليه. إن وجود داعش إلى جانب مليون ونصف مليون لاجئ سوري والحاجة إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً فقط من أجل دعم المملكة، عبء ليس بالقليل