التنسيق الامني الفلسطيني – الاسرائيلي الى متى ؟ محمد محفوظ جابر نصت اتفاقية أوسلو 1993 على إقامة تنسيق أمني بين الفلسطينيين والاسرائيليين وأعطى الحق للكيان الصهيوني بالعمل الأمني في منطقة 1967 في أي وقت يشاء ... ونصت اتفاقية طابا 1995 على أن السلطة مسؤولة عن منع الارهاب والارهابيين والمقصود هو المقاومة ، هذا ما استندت اليه السلطة الفلسطينية في عملية التنسيق الامني مع العدو الصهيوني . والجدير بالذكر ان التنسيق الأمني الفلسطيني الاسرائيلي يجري باتجاه واحد هو خدمة أمن الكيان الصهيوني ، ومن أخطر مظاهر هذا التنسيق ما يلي : (1) الحقيقة أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لم تقصر أبدآ في واجبها تجاه الكيان الصهيوني والحفاظ على أمنه حيث أنشأت السلطة الفلسطينية عدة أجهزة أمنية قامت من خلالها باعتقال رجال المقاومة وسحب أسلحتهم بل والزج بهم في سجون السلطة وتسليم بعضهم إلى الأمن الصهيوني وزجهم في السجون الصهيونية . (2) وفي مقابل سحب سلاح المقاومة تركت رجال العصابات والمخدرات والزعران يمتلكون السلاح لتخريب المجتمع الفلسطيني والانشغال عن مقاومة الاحتلال . إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية بدلآ من حماية الشعب الفلسطيني أصبحت أداة قمع له وأداة تمزيق للمجتمع في خدمة العدو الرئيسي للشعب . (3) جمع المعلومات عن المقاومة واحباط العمليات التي تستهدف العدو الصهيوني واستطاعت السلطة الفلسطينية افشال مئات من العمليات الفدائية . (4) عدم تدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في حال قيام الأجهزة الأمنية الصهيونية وجيش الاحتلال بأي عملية اجتياح للمدن أو القرى أو المخيمات بل تتنحى جانبآ لتسهل لهم حركتهم . والسؤال هو : لماذا يقوم رجال الأمن الفلسطيني بهذه الأعمال رغم أنهم " تحت الاحتلال " . اعتمدت قوات الأمن الفلسطيني على الدعم المالي والتدريب الأمني والعسكري على الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي شكلت لجنة بقيادة الجنرال دايتون للاشراف على هذه القوات . إن عدم الاستقلال المالي لهذه القوات الأمنية وربطها بالمال الغربي جعلها مرتبطة بالقرار الذي يتخذه صاحب المال وبالتالي هي لا تملك قرارها ، بل إن عملية غسيل دماغ تجري لهذه القوات تخرجها عن إطارها الوطني وتجعلها تسير في عجلة خدمة الامبريالية في الحفاظ على أمن ا لكيان الصهيوني ومن هنا جاءت تسميتها شعبيا "قوات دايتون" وليست قوات الأمن الفلسطيني كما يجب . وكان من أكبر خدمات قوات دايتون للعدو الصهيوني اعتقالها القائد "أحمد سعدات" وقتل قائد القسام في الخليل والذي اعترف به الجنرال دايتون قائلآ أمام الكونغرس : " إن مجموعة من الجنود الفلسطينيين قتلوا قائد كتائب القسام في الخليل بقيادة ضابط اسرائيلي . وفي عملية ترقوميا هذا العام التي قتل فيها ضابط صهيوني من جهاز الشرطة قدم الأمن الفلسطيني المعلومات الكاملة حول منفذ العملية بعد اكتشاف الدراجة النارية التي استخدمها . وليس خافيآ على أحد دور التنسيق الأمني في الوصول إلى معرفة منفذي عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة وقتلهم ، حيث توصل العدو الصهيوني من خلال هذه المعلومات الى مكان تواجدهم واشتبك معهم الى ان استشهد ابطال العملية .وقد عبرت الأجهزة الأمنية الاسرائيلية عن رضاها " إزاء ما تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية من خلال التنسيق المتواصل معها في محاولات العثور على المستوطنين الثلاثة المخطوفين " . وقد عبر أحد المسؤولين الأمنيين الاسرائيليين بقوله : بأن الرئيس عباس "أصدر أوامره للأجهزة الأمنية بتوفير كافة التسهيلات الأمنية للجيش الاسرائيلي . والجدير بالذكر أن الرئيس محمود عباس قال خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب : " إن التنسيق الأمني مع الجانب الاسرائيلي وصل 100% وأنه مقدس " هذا الاعتراف يؤكد أن القيادة السياسية الفلسطينية هي التي تتحمل مسؤولية التنسيق الأمني وهي التي تستطيع وقف التنسيق الأمني أو استمراره ، لذلك طالبت ثماني فصائل فلسطينية يسارية في بيان مشترك بوقف التنسيق الأمني كما وضعت حماس أحد شروط المصالحة هو وقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني ، ورغم وقف المفاوضات وقيام العدو بتخفيض مستوى العلاقات مع السلطة إلا أن التنسيق الأمني لم يتوقف أبدآ واسند العدو مهمة التنسيق إلى قائد جيش الاحتلال في الضفة الجنرال نيتسان ألون ومنسق العمليات في المناطق المحتلة يوآف مردخاي . ان اتفاقية أوسلو ماتت ولكن لم يمت التنسيق الأمني بعد فإلى متى يستمر ؟