الأربعاء 27-11-2024

بوح أنثى على طاولة ندوة اليوم السابع

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

بوح أنثى على طاولة ندوة اليوم السابع
ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني كتاب"بوح أنثى" لرائدة أبو صوي، وقد صدر الكتاب المذكور عام 2014 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، ويقع في 91 صفحة من الحجم الصغير.
ومما قاله جميل السلحوت:
ملخص النص: عبارة عن حكاية فتاة تمّ تزويجها بطريقة تقليدية لصداقة والدها مع والد الشاب الذي تقدم لخطبتها، وانتقلت من عمّان الى القدس لتتزوج فيها ولتعيش وسط أسرة زوجها المكونة من ابنين وست بنات، اضافة الى حماتها وحميها، وما ترتب على ذلك من مشاكل ومعاناة كانت ضحيتها "الكنّة" أحلام التي هي بطلة هذا النص. ويتخلل ذلك عمل الزوج في الامارات العربية واصطحابه لزوجته معه ليعيشا هناك حياة فقر وحرمان في بيت شقيقته وزوجها.
الأسلوب: اعتمدت الكاتبة أسلوب الروي الحكائي، وما يتبعه من لغة انسيابية لايصال معاناة "أحلام" التي هي بطلة النصّ. ولو تروّت الكاتبة قليلا لكان بامكانها أن تقدم لنا عملا روائيا بجهد بسيط عن خلل اجتماعي نعيشه وابتعد عنه الكثيرون من كتابنا، لكنها استعجلت النشر وكأنها غير معنية بتصنيف كتابها كرواية، لأنها أرادته نصّا مفتوحا، ولا اعتراض على خيارها.
الهدف: هذا النص احتوى حكايات اجتماعية لا تزال موجودة في مجتمعنا حتى أيامنا هذه، فهناك من يزوجون بناتهم في سنّ مبكرة، ولا يستشيروهن بذلك، وهناك من يزوجون بناتهم لعلاقتهم وصداقتهم مع والد العريس، دون البحث عن قدرات ومواصفات هذا العريس، وهناك من يتزوجون ويسكنون وزوجاتهم في نفس البيت الذي يسكنه أهل العريس بمن فيهم الوالدان والبنات والأبناء، ولا تبقى أيّ خصوصة للعروسين. وفي مثل هذه الحالات تصبح "الكنة" وكأنها زوجة للأسرة بكاملها، وعليها خدمة الجميع، دون تذمر أو احتجاج. وكأني بالكاتبة هنا تريد أن تنصح الجيل الحالي بأن يبتعد عن هكذا زواج كي يعيش الزوجان حياة هادئة، وكي يربوا أولادهم كما يريدون ودون تدخل من أحد مهما كان قريبا.
مقارنة مقصودة: عادت الكاتبة بنا الى المقارنة بين طفولة "أحلام" وعيشها في بيت أهلها، وبين ما آلت اليه حالتها بعد الزواج، والمفاضلة طبعا لمرحلة الطفولة، وهذا ما تشعر به كثير من النساء المتزوجات لأنهن لا يجدن في بيت الزوجية ما وجدنه في أحضان والديهن قبل الزواج. حتى أن الكاتبة ابتعدت في نهاية النص ابتعادا مقصودا لتروي قصص بعض صديقات أحلام، وكيف تغيرت حياة بعضهن نتيجة معاناتهن من الزوج، حتى وصل البعض منهن الى احتراف الدعارة، كما تطرقت الى سفاح القربى أيضا، وكأني بها تريد نشر بعض الغسيل الوسخ الذي يتكتم عليه المجتمع كنتاج لعادات وتقاليد بالية.
ويلاحظ أن الكاتبة عادت بأحلام بطلة نصّها الى مرحلة المراهقة، لتستعيد بذاكرتها بعض الشباب الذين كانوا يبدون اعجابهم بها، حتى أنها تذكر أن شابا مسيحيا اسمه الياس كان مغرما بها رغم اختلاف الديانة.
ملاحظة: وردت بعض الكلمات في النص المطبوع مكتوبة بخط اليد، فلماذا لم تصحح على الحاسوب؟ كما أن هناك القليل من الأخطاء اللغوية التي كان يمكن تفاديها.
وقال عبدالله دعيس:

تعددت الأمثال الشعبية، وتعددت النوادر التي تحكي قصة الخلاف الأبدي بين الحماة والكنة، لكن هذه المشكلة الاجتماعية المهمة لم تنل ما تستحق من الأدباء الذين يتعرضون لكثير من المشاكل الاجتماعية في كتاباتهم، لكنهم يتجنبون الخوض في هذا الموضوع؛ ربما لأن الحماة والكنة تمثلان الأمّ والزوجة ... ومن يستطيع أن يناقش نوايا الأمّ فمكانة الأم فوق كل نقاش وأكبر من أي اعتبار؟
تحاول رائدة أبو صوي أن تعالج هذا الموضوع الشائك عن طريق سرد حكاية فتاة غادرت عائلتها لتعيش في بيت زوج ضعيف الشخصية سيء الطباع، بعيدا عن حضن عائلتها الدافئ الذي لقيت في كنفه العناية والرعاية، قبل أن يكون قدرها أن تتزوج وتعيش تحت رحمة حماة وعائلة زوج لا تتقي الله فيها، وتسيء معاملتها.
تشير الكاتبة هنا أيضا إلى موضوع الغربة، حيث تعيش الفتاة بعيدا عن عائلتها، فلا تجد الحضن الدافئ الذي يحنو عليها والعائلة التي تؤازرها عندما يقسو الزمان عليها. فتعاني من ألم الغربة بالإضافة إلى سوء معاملة عائلة الزوج.
إن فكرة هذا العمل لهي فكرة رائدة، تحتاج إلى الجرأة في الطرح والمزيد من الكتابة التي تتناول جوانب هذه الظاهرة الاجتماعية الإنسانية. فكثير من الزوجات تقع ضحية غض الطرف عن هذه المشكلة، وعدم تقبل المجتمع ترك الزوجة لبيت عائلة زوجها واستقلالها عنهم. وكذلك الأزواج، فإنهم يضيعون بين معضلة رضا الأم وإنصاف الزوجة.
طرحت الكاتبة الموضوع على شكل سرد عاطفي لذكريات، أحلام، تلك المرأة التي قاست الأمرين من ظلم حماتها. ذكرني سردها، بمداولات محاكم العائلة والتي تحكي الزوجة ما مر بها من أحداث بشكل مؤثر. لكن هذه الحكايات تحتاج إلى قاض حاذق يسمع الطرف الآخر والذي عادة ما يكون له قصة مؤثرة أخرى. فحكايات "قالت هي" و "قال هو" لا تحظى بالكثير من المصداقية ولا تلاقي التعاطف المطلوب من المتلقي.
حبذا لو نوعت الكاتبة في أسلوبها، وصورت لنا مقطتفات من حياة العائلة بتفاعلاتها الاجتماعية اليومية، وبينت جميع الجوانب والملابسات التي دفعت العائلة إلى سوء معاملة الزوجة، وطورت شخصيات أخرى إلى جانب شخصيتها الرئيسية وهي الفتاة المظلومة، وتركت للقارئ حرية الخيال وحرية توجيه عواطفه والوصول إلى قناعة في هذا الخصوص, دون تلقين مباشر له.
في نهاية الكتاب تتعرض الكاتبة بشكل سريع جدا لقضايا أخرى قد تواجه النساء المتزوجات والمغتربات بعيدا عن عائلاتهن عن طريق حكاية سريعة لقصص صديقات، أحلام. لكنها تتعجل أيضا في السرد، وتترك القارئ أمام حكايات يسمع مثلها كل يوم، لكنها لا تدخل إلى جوهر هذه القصص وتحاول أن تحلل هذه الظواهر بأسلوب أدبي جذاب.
أدعو الكاتبة رائدة أبو صوي أن تعيد الكرة، وتتناول هذا الموضوع الاجتماعي الهام بالمزيد من الكتابة والتمحيص، فواضح من كتابها أنها تملك التجربة الكافية لتغطية هذه القضية من جوانبها المختلفة. فربما كان ممكنا أن يتطور هذا "النص المفتوح" ليصبح رواية تتناول موضوعا اجتماعيا في غاية الأهمية.
وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: ابراهيم جوهر، ديمة السمان، طارق السيد، رشا السرميطي، سوسن عابدين الحشيم، ماجد الماني، سامي الجندي، راتب حمد، عيسى القواسمي، ديانا أبو عياش، رانية حاتم وآخرون.

انشر المقال على: