سفير "تل أبيب" الأسبق بعمّان يقول كيان كرديّ مستقر بالعراق كنز استراتيجيّ لـ"إسرائيل"
أعرب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن دعمه لقيام دولة كرديّة، متبنيًا بذلك موقفا بدا مخالفًا لما تحبذه الإدارة الأمريكيّة بإبقاء العراق موحدًا.
جدير بالذكر أنّ الدولة العبريّة أبقت على علاقات سريّة عسكريّة ومخابراتيّة وتجاريّة مع الأكراد منذ الستينيات، معتبرةً أنّ الأكراد جماعة عرقيّة تُشكّل حائط صد ضد الأعداء العرب.
واغتنم الأكراد فرصة وجود فوضى طائفية في الآونة الأخيرة في العراق لتوسيع نطاق سيطرتهم في شمال البلاد كي تشمل كركوك التي تقبع فوق احتياطي هائل من النفط يمكن أنْ يجعل حلم الاستقلال الكرديّ ممكنًا من الناحية الاقتصاديّة.
وقال نتنياهو في مركز أبحاث الأمن القوميّ التابع لجامعة "تل أبيب"، كما أفادت (هآرتس) العبريّة، إنّ هناك انهيارا في العراق وغيره من مناطق الشرق الأوسط التي ترزح تحت صراعات بين السنة والشيعة.
وأضاف: علينا أنْ ندعم التطلعات الكردية من أجل الاستقلال. وتابع نتنياهو أنّ الأكراد شعب مناضل أثبت التزامه السياسيّ واعتداله السياسيّ ويستحق الاستقلال السياسيّ، على حدّ تعبيره.
ولفتت الصحيفة العبريّة إلى تصريح وزير الخارجية الصهيوني، أفيغدور ليبرمان، الخميس، خلال لقائه في باريس بوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حيث قال إنّ قيام دولة كرديّة شمالي العراق بات حقيقة. وطالب الرئيس الصهيوني المنتهية ولايته، شمعون بيريس، الأربعاء، خلال لقائه الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما، بالاعتراف بدولةٍ كرديّةٍ مستقلّةٍ، لأنّ الأكراد اليوم يبيعون النفط بشكل مستقل، وهو ما قد يعرضهم لعقوبات قانونية دوليّة.
وتعيد التصريحات الصهيونية الأنظار إلى بحث نشره الدبلوماسيّ الصهيوني السابق وسفير "تل أبيب" في عمان الأسبق، عوديد عيران، والذي يُفسّر عمليًا المخططات الصهيونية، في كيفية الاستفادة من الـ"ربيع العربيّ" واستغلال الـ"ثورات العربيّة".
وتهدف هذه المخططات لتعزيز الخط الاستراتيجيّ الصهيوني الداعي لإقامة تحالفات مع الأقليات في المنطقة، وإقامة دول طائفية إذا أمكن، أو اللعب بالورقة الطائفية، إذا تعذر تأسيس بيئة سياسية من الكيانات الطائفية. وبحسب البحث المذكور فإنّ عيران يدعو الحكومة الصهيونية إلى دراسة الإيجابيات الكامنة في الخروج من صندوق العلاقات مع تركيا، ومحاولة الاستفادة من التأسيس لعلاقات مع القوة الأكراد الصاعدة.
وبحسب عيران، الذي يعمل اليوم باحثًا كبيرًا في مركز أبحاث الأمن القوميّ، فإنّه من شأن كيان كرديّ مستقر وقويّ في العراق أن يكون كنزًا استراتيجيًا لـ"إسرائيل"، وخصوصا في حال ارتبط هذا الكيان، بحبل سرة مع الأكراد في سوريّة والعراق وإيران وتركيا وخلق حضوراً إثنيا مهما يتمتع بتواصل جغرافيّ.
وكشف الباحث عن أنّ قادة الإقليم الكرديّ في العراق صرّحوا في أكثر من مناسبة بأنّه لا مانع من إقامة علاقات كاملة مع "إسرائيل"، لكن هناك تخوفًا كبيرًا من ردود فعل الدول العربيّة وإيران من إقامة علاقات كهذه مع "إسرائيل"، لافتًا إلى آن الأوان لتغيير المفهوم الصهيوني السائد الذي يرى أنّ العلاقات مع الأكراد من شأنها أنْ تضر بالعلاقات مع أنقرة، وهو مفهوم يتجاهل، بحسب عيران، التغييرات الجارية في العلاقات الكرديّة ــ التركيّة والعلاقات التركيّة الصهيونية، فقد تحولّت تركيا اليوم إلى شريان أساسيّ ورئيسيّ لحياة الإقليم الكردي في العراق، كما أنّ أنقرة تعمل جاهدةً لحل المشكلة الكرديّة الداخليّة.
واعتبر الباحث أنّ الدولة العبريّة تُفضّل العلاقة مع الأكراد اليوم، على العلاقات مع تركيّا التي أخذت في السنوات الأخيرة تميل إلى الجانب العربي وتساند حماس وتهاجم "إسرائيل" عند كل فرصة في المحافل الدوليّة. وعلى الرغم من ذلك، نصح عيران بتحسين العلاقات مع تركيّا، لكن هذا لا يُوجب على "إسرائيل" قطع علاقاتها مع الأكراد، بل على العكس من ذلك المحافظة على هذه العلاقات تماماً كما حافظت تركيا على علاقات مستقلة مع الجانب الفلسطينيّ. وخلُص الباحث إلى القول إنّه من الأجدر بالدولة العبريّة أنْ تتبنّى سياسة أكثر فاعليّة، تعتبر وجود كيان كرديّ شمالي العراق، وأذرعه في سوريّة وإيران حلفاء لها، على حدّ تعبيره.