![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/mhfwz20jbr1_10.jpg?itok=MHNbeS4T)
خطة كيري وخطورتها
محمد محفوظ جابر
لا شك أن الإدارة الأمريكية لديها إصرار على إعلان اتفاق فلسطيني _ اسرائيلي في مطلع أيار المقبل حيث تكون المهلة التي حددتها عندما انطلقت جولات جون كيري وزير خارجيتها في تموز الماضي قد انتهت .
ويستدل على ذلك من التسريبات التي ترشح من الجانب الصهيوني رغم الاتفاق على أن تبقى المفاوضات سرية ، حتى لا يعكر صفوها أي تحرك شعبي ضدها ، وذلك لتسهيل تمرير عملية تصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني واستقراره وأمنه .
ولو أدرك المفاوض الفلسطيني خطورة سرية المفاوضات لقام بإطلاع الفصائل على التفاصيل لتسانده في مواجهة الطرفين الأمريكي _ الصهيوني ولكنه ترك نفسه وحيداً مقيداً بسلاسل المفاوضات السرية والتي أصبح من المؤكد أنها تسير بعكس اتجاه الثوابت الفلسطينية التي لا تنازل عنها ،اذن فهذه المفاوضات بحد ذاتها خطراً كبيراً على القضية . من ناحية أخرى فإن التسريبات ذات النقاط التسعة تتحدث عن تبادل أراضي 8‚6 ٪ من الضفة "مستوطنات " تضمها "اسرائيل " لها مقابل تنازل عن أراضي محتلة عام 1948 وتبلغ 5‚5٪ وهي بلدات في " المثلث العربي" ومنطقة وادي عارة .
وهذا بالطبع يحول القضية الفلسطينية من قضية صراع وجود إلى قضية صراع حدود وأراض متنازع عليها من السهل حلها بالتنازل عن جزء من الأراضي مقابل جزء بديل لها . وهذا من أكبر المخاطر على القضية الفلسطينية .
من ناحية أخرى فإن الهدف الأخر من التبادل هو التخلص من الكثافة السكانية العربية في فلسطين المحتلة عام 1948 والتي أصبحت تشكل خطراً على الكيان الصهيوني الذي يطالبون باعتباره دولة يهودية بينما العرب يشكلون 20٪ من السكان وهناك تخوف من زيادة العرب ونسبتهم ، وللتخلص من الحرب السكانية القادمة وإقامة دولة يهودية نقية فإن ضمهم للسلطة الفلسطينية هو الحل الأمثل للتخلص من الخطر السكاني العربي القادم والذي يعكر نقاء الدولة اليهودية العنصرية ، علماً بأن المستوطنات غير شرعية حسب القانون الدولي كما أن ضمها إلى الكيان الصهيوني هو مخالف للقانون الدولي الذي رفض الاحتلال نفسه ، كما أن أهالي المثلث من ناحية أخرى ليس من حق أحد أن يفرض عليهم الرحيل من أرضهم إلى أراض أخرى .
وتتحدث التسريبات عن تقسيم القدس المحتلة عام 1967 ولا يدخل الجزء المحتل من القدس عام 1948 في المفاوضات وتقسم إلى ثلاثة أجزاء :
جزء يهودي وجزء عربي وجزء دولي بإشراف الأردن والسعودية ولأن الجزء الدولي سيكون حول المواقع الدينية " الحوض المقدس" فإن الجزء العربي كما يبدو مقترحاً هو القرى الشرقية للمدينة " أبو ديس والعيزرية " .
وهذا يعني التنازل عن أراض تم احتلالها عام 1967 ولا شك أن الاتفاق الفلسطيني الأردني للدفاع عن المقدسات الذي وقع في 31آذار 2013 والذي يعطي ملك الأردن الوصاية على الأماكن الدينية في القدس هو تمهيد للقيام بهذا الدور في هذه المرحلة ، وهنا يبرز دور معاهدة وادي عربة التي تنص على أن يشرف الأردن على المقدسات الإسلامية والمسيحية حسب المادة التاسعة " البند الثاني" .... وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي اسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن .
وأصبح مؤكداً أن المستوطنين تشتد هجماتهم لتقسيم الحرم القدسي الشريف لاستكمال مرحلة تقسيم القدس وكجزء من المفاوضات .
أما حق العودة وهو حق شرعي وطبيعي إلا أن ما تسرب يتحدث عن التوطين للاجئين الفلسطينيين وإنشاء صندوق دولي لتوطين من يريد في استراليا والسماح لجزء قليل بلم الشمل في "اسرائيل" .
وهذه تمثل قمة تصفية القضية الفلسطينية إذ بدون الشعب الفلسطيني المهجر لا يوجد قضية ، علماً بأن معاهدة وادي عربة تنص أيضاً على قيام الأردن بدور هام في عملية التوطين .
إن خطة كيري اذن تهدد القضية الفلسطينية وتسعى لتصفيتها وإن الاستمرار في المفاوضات هو تعبيرعن استعداد السلطة لتصفية القضية الفلسطينية ، فمن هنا توجب علينا أن نصرخ لا للمفاوضات ؛ ونعم لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر .