المانيا تمنع المنح العلمية والمتعلقة بالتكنولوجيا المتقدمة عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية
القدس – تقول صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ان حكومة اسرائيل تخشى أن يؤدي فرض قيود في المانيا على استمرار المعونات الى شركات التكنولوجيا المتفوقة في اسرائيل، الى ان تحذو دول اوروبية اخرى حذوها، والى ما يمكن ان يؤدي الى تعقيد تجديد اتفاق التعاون العلمي بين البلدين. جاء ذلك في تقرير للمحلل الصحافي باراك رافيد، هذا نصه:
"تشترط الحكومة الالمانية لاستمرار المنح الى شركات التكنولوجيا المتفوقة ولتجديد اتفاق التعاون العلمي، ادراج بند جغرافي ينص على استثناء الكيانات الاسرائيلية الموجودة في مستوطنات الضفة الغربية او القدس الشرقية من التمويل. وتخشى اسرائيل ان تؤدي الخطوة الالمانية الى ان تحذو دول اخرى في الاتحاد الاوروبي حذوها.
ويمثل القرار الالماني تصاعدا ملحوظا في الاجراءات الاوروبية ضد المستوطنات. وفي الوقت الذي تحظر فيه اتفاق التعاون العلمي المسمى "افق 2020" الذي وقعته اسرائيل مع الاتحاد الاوروبي قبل بضعة اسابيع، توجيه تمويل الاتحاد الاوروبي نحو الابحاث الاكاديمية التي تجرى في المستوطنات، فان برلين مددت حظر التمويل ليشمل شركات خاصة تمارس اعمالها خلف الخط الاخضر. وعلى اي حال فان المقاطعة ضد المستوطنات امتدت الان من مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل الى الافراد في دول الاتحاد الاوروبي.
وقال احد كبار المسؤولين في الخارجية الاسرائيلية انه على ضوء "العلاقة الخاصة" بين اسرائيل والمانيا، وعلى اساس ان المانيا تعتبر افضل اصدقاء اسرائيل في اوروبا، فان اي موافقة من جانب اسرائيل على المطالب الالمانية تحمل في طياتها امكان اعتبارها سابقة لجميع الدول الاوروبية. واضاف ان "المانيا ستضع اساسا لبقية دول العالم".
وقال: "نحن نريد ايضا منع المواقف التي تجعل جميع الدول الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ملزمة بصورة تلقائية بقبول كل قرار تتخذه المفوضية الاوروبية في بروكسل"، مشيرا بذلك الى اصرار المفوضية على البند الجغرافي في اتفاق "افق 2020". ومنذ ان جرى التوقيع على ذلك الاتفاق قبل شهرين، كانت المانيا اول دولة تطالب ببند مماثل في اتفاقاتها الثنائية مع اسرائيل.
وقال مسؤولون كبار في الحكومة الاسرائيلية، اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، ان اسرائيل تتفاوض حاليا مع برلين بشأن اتفاقيتين لتحويل التمويل من الوزارة الاتحادية للثقافة والابحاث في المانيا الى المؤسسات الاكاديمية الاسرائيلية وشركات التكنولوجيا المتقدمة.
وكان الاتفاقية الاولى التي تدعو الى التعاون بين العلماء الالمان والاسرائيليين، قد وُقعت في سبعينات القرن الماضي، وخضعت للتجديد دوريا منذ ذلك الوقت. وبموجب هذه الاتفاقية، فان المانيا تمنح 12 مليون شيكل (3.4 مليون دولار) على شكل هبات الى مشاريع مشتركة تخضع للابحاث في الجامعات الالمانية والاسرائيلية.
غير ان شيئا اساسيا قد تغير منذ المرة الاخيرة التي جُددت فيها الاتفاقية: اذ قامت اسرائيل برفع مستوى احدى المؤسسات القائمة في مستوطنة"أرييل" في الضفة الغربية من كلية الى جامعة. وقال مسؤلون المان كبار لزملائهم الاسرائليين قبل عدة اشهر ان الجامعات الالمانية تضغط على الوزارة الاتحادية لوقف التعاون مع مؤسسات الابحاث الاسرائيلية في الضفة الغربية.
ونظرا لهذه الضغوط، فان الوزارة قررت ان تطالب، عندما يحين موعد تجديد الاتفاقية، بادراج بند جديد يحظر اي تمويل الى المؤسسات الاكاديمية في المستوطنات. وبكلمة اخرى، فان الباحثين في جامعة أرييل لن يتمكنوا من المطالبة بهذه الهبات، ويجب ان يكون الوضع واضحا لهم، حسب قول المسؤولين الالمان الى نظرائهم الاسرائيليين.
اما البند الذي ترغب برلين في اضافته الى الاتفاقية فانه ورد بالفعل في اتفاقية ثنائية اخرى – وهي اتفاق 1986 الذي قامت على اساسه مؤسسة البحث العلمي والتنمية الالمانية الاسرائيلية. وينص البند على ان "المشاريع التي تحظى برعاية المؤسسة في اسرائيل يجب ان تمارس اعمالها داخل المناطق الجغرافية التي كانت تخضع لسلطة دولة اسرائيل قبل الخامس من حزيران (يونيو) 1967".
كما يريد الالمان ادراج هذا البند في اتفاقية ثنائية خرى تتعلق بمبالغ طائلة من التمويل. وهي اتفاقية بين الوزارة الالمانية الفيدرالية ووزارة الاقتصاد الاسرائيلية، ويخصص التمويل للابحاث الصناعية والتطبيقية والتنمية – وبكلمة اخرى، تمويل لشركات التكنولوجيا المتفوقة خاصة في اسرائيل ولانشاء تلك الشركات.
ولن يحين موعد تجديد هذا الاتفاق في اي وقت قريب، لكن الالمان يطالبون مع ذلك بادراج البند الجغرافي في الدعوات الى طلبات والذي سيمنع تقديم منح الى الشركات التي لها اي صلة بمستوطنات الضفة الغربية او القدس الشرقية. وفي الاسبوع الماضياجتمع ممثلونمن الوزارة الالمانية مع مسؤولين من وزارة الاقتصاد لمناقشة القضية.
ورفضت اسرائيل حتى الآن ان تضيف البند العائد للعام 1986 الى اي من الاتفاقين. وكبديل، اقترح الالمان استخدام صيغة موجودة في "هورايزون 2020" لمنع تمويل النشاطات في الاراضي (المحتلة). كما وافقوا على امكانية ان يتضمن الاتفاق المعدل نفس التحفظ الاسرائيلي الذي الحق بـ"هورايزون 2020"- القائل بان الاتفاق لا يقرر سلفاً حدود الوضع النهائي، بالنظر الى ان هذه خاضعة للمفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية. لكن اسرائيل رفضت حتى الآن هذا الاقتراح ايضاً، متخوفةً من ان يشكل سابقة للاتفاقات الثنائية يمكن ان تتبناها بسرعة الدول الاعضاء الـ27 الآخرى في الاتحاد الاوروبي وبلدان اخرى ايضاً.
وقد امر نائب وزير الخارجية زئيف ايلكن موظفي وزارته بالبدء في مفاوضات مكثفة مع الحكومة الالمانية، اولاً بشأن اتفاق التعاون العلمي ثم بشأن اتفاق التقنية المتقدمة. والهدف هو اكمال المفاوضات في غضون اسابيع قليلة، قبل الاجتماع المشترك لمجلسي الوزراء الاسرائيلي والالماني المقرر عقده في القدس بعد نحو شهر.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الوزارة: "هدفنا هو العثور على حل مختلف عن هوايزون 2020 والحصول على صيغة مخففة".
ووجهت رئيسة حزب ميرتز زهافا غال – اون ضمن تعقيب على الانباء تحذيراً الى نتنياهو داعية اياه الى تجميد البناء الاستيطاني.
وقالت غال-اون: "ان حكومة نتنياهو تحتفل كما لو كانت على متن السفينة تايتنيك وتتجاهل الجبل الجليدي الاوروبي العائم المتوجه نحوهم – وهو جبل جليدي مغتاظ. بين حين وآخر يحذر الاوروبيون نتنياهو من ان بناء المستوطنات المستمر وتوسيعها مخالف للقانون الدولي، ونتيجة لذلك فان من المرجح ان يفاقم سياسة المقاطعة الاوروبية، وهو ما سيلحق ضرراً شديدا باقتصاد اسرائيل وصادراتها".