الجمعة 31-01-2025

السياسة العربية .. بالدم

×

رسالة الخطأ

صحيفة السفير

السياسة العربية .. بالدم

كنا نتمنى أن تكون الصفحة الأولى مكرّسة، اليوم، للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح والأطفال الذين ينتظرون هداياهم.
لكن الدم الذي يغطي وجه منطقتنا بمشرقها عموماً وبعض مغربها يفرض نفسه، فهو «الخبر»، في كل من دولها: لبنان وإن بدرجة أقل، ثم بحر الدماء الذي يغطي وجه سوريا ومعظم خريطتها، والعراق الذي تكتب أخباره بأعداد ضحايا التفجيرات اليومية، وصولاً إلى اليمن حيث تتكفل الطائرات الأميركية من دون طيار بقتل من لا تطاله التفجيرات التي تحصد يومياً عشرات الضحايا...
... وها هي التفجيرات تتزايد في مصر، متنقلة من شبه جزيرة سيناء إلى منطقة القناة بمدنها جميعاً العريش والإسماعيلية وبور سعيد وصولاً إلى الدلتا، حيث ضرب الإرهاب فجر أمس مديرية الأمن في مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية ليحصد 15 قتيلاً وحوالي مئة وعشرين جريحاً.
أما في فلسطين فمن البديهي أن يستخدم العدو الإسرائيلي إرهاب الدولة ضد هذا الشعب الذي يواصل نضاله، مرتاحاً إلى أنه يقاتل عدوه لا أهله.
لا سياسة في المنطقة العربية، الأنظمة سلطات حكم تحكم بالجيش والقوى الأمنية، والمعارضة المدنية لم تغادر مواقعها وأساليب عملها السلمي، لكن الطارئ الجديد ـ أي الجبهات التكفيرية ـ وسائر التنظيمات الأصولية تتجاوز تكفير خصومها إلى تنظيم المذابح والمجازر، ولا يهمها أن يكون الضحايا من أبناء الشعب، أي من الرجال والنساء والشباب الساعين إلى رزقهم أو طلبة الجامعات أو التلامذة، وإن كانوا يزعمون أنهم يستهدفون القوات النظامية من جيش وشرطة ومخابرات ومباحث إلخ...
لا سياسة في المنطقة العربية مشرقاً ومغرباً، بل ساحات تغطيها دماء الضحايا من أهل الأرض الذين كانوا يبذلون عرقهم من أجل النهوض بأوطانهم... فلقد استهدفهم الإرهاب تارة باتهامهم بالكفر وطوراً بإدانتهم بجرم موالاة النظام، مستخدماً في مختلف الحالات ذريعة حماية الدين الحنيف وشريعته السمحاء.
لا سياسة في المنطقة: فكيف يصنع الخارجون من الظلام «نهضة» أو مستقبلاً أفضل لأبناء أمتهم، والتعصب يعميهم ويخرجهم من الدين وعليه.
لا سياسة في منطقتنا: صار الدم هو «الطليعة المناضلة»، صار الدم بديلاً من النضال السلمي عبر الحزب أو النقابة أو التجمع المهني.
كيف يمكن لهذه العصابات المسلحة الادعاء أنها تسعى بالشعب إلى غده الأفضل.. وهل القتل بالنسف والسيارات المفخخة يصلح شعاراً للنضال والتبشير بالمستقبل؟
لكن الإرهاب والتكفير والقتل الجماعي نسفاً وإعدام المجموعات، وفيهم النساء والأطفال، لا يمكن أن يقهر إرادة الشعوب في سعيها إلى غدها الأفضل، ولا يمكن أن يطفئ نور الشمس.
ولسوف تنتصر الشعوب على الإرهاب، كائناً من كان مصدره وشعاره الذي يزوّر الدين وتعصّبه الذي يقتل المؤمنين.
هنا خريطة للدم المسفوح في معظم الأرض العربية، وقد نال لبنان حصته منه، ونتمنى أن تحفظه قياداته السياسية خارج هذا الآتون.

انشر المقال على: