![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/cms-image-000000144.jpg?itok=h0T0whS-)
ثلوج الخريف!
عزام توفيق ابوالسعود
يبدو أن العاصفة الثلجية الشديدة التي عصفت بالبلاد في الأيام السابقة، والقادمة من روسيا قد أخلت بموازين القوى العالمية، مما دعى وزير الخارجية الأمريكية الى الهرولة سريعا الى المنطقة حاملا بعض الحرارة ليلطف الجو الثلجي العاصف الذي يسود الاراضي المقدسة، خاصة أن ثلوج الخريف تعصف بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، خاصة حول منطقة الأغوار الدافئة. أما النتيجة الدافئة التي تسربت الينا من هذه الزيارة فهي أن الدفعة الثالثة من الاسرى القدامى سيتم الافراج عنهم قبل نهاية هذا الشهر! أو أن مهلة التسعة أشهر لإحراز اتفاق في المواضيع العالقة قد يتم تمديدها لشهر واحد!
يبدو أن الساسة يلعبون الكرة بنا كعادتهم، ويخفون عنا ما يجري التباحث فيه، ولا أعتقد أن موضوع الأغوار، والأمن في الأغوار في ظل التقدم التكنولوجي العالي في مجال الاتصالات، وخاصة خرائط " العم جوجل " التي تعطينا المعلومات المتواصلة عن اية بقعة في الأرض، هي نقطة الخلاف الحقيقية، رغم انها هي نقطة الخلاف، التي يسربوها لنا عبر وسائل الاعلام، لإلهاء الصحفيين والمحللين السياسيين والاستراتيجيين عن التقصي والبحث لمعرفة اسرار هذه المفاوضات، خاصة في الموضوع الأكثر صعوبة، وهو موضوع القدس! التي أعتقد انها اساس وجوهر ومحور ومستقبل القضية الفلسطينية وأن مشاكل وتعقيدات المفاوضات هي حول مصير القدس!
ويبدو ان سياسة تدفيع الثمن، التي يمارسها المستوطنون في قرى الضفة الغربية، هي سياسة رسمية مبنية على تعاليم تلمودية، لذلك فهي السياسة التي يمارسها نتنياهو على الفلسطينيين والامريكيين على حد سواء، وذلك بالربط بين الملفين الاسرائيلي والايراني في آن واحد، فالمحللون السياسيون لا يعرفون حقيقة ما اذا كانت زيارة كيري هي اساسا لزيادة التطمينات للإسرائيليين عن السيطرة على البرنامج النووي الايراني، وتاتي المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية كملف ثانوي للبحث، اما ان الزيارة هي للمفاوضات اساسا، وان موضوع ايران هو الملف الثانوي للزيارة! لكن المعلن بأن ربع الاسرى القدامي سيتم الافراج عنهم آخر الشهر يؤكد ان الاحتمال الأول هو الأصح، وأن علينا أن لا نعول على هذه الزيارة اي آمل... فكما يبدو فإن الاسرائيليين ارادو بافراجهم عن اسرى ما قبل اوسلو على اربعة دفعات، ان يجعلوا الامريكيين، او يجعلونا نحن والامريكيين معا ندفع اربعة اثمان، لكل دفعة أسرى ثمن!
ومن الظواهر الأخرى للقناعة بأن السياسيين يلعبون بنا الكرة، فإن موضوع استقالة الوفد الفلسطيني المفاوض يأتي تكتيكا اعلاميا ليبعدنا عن التكهن بحقيقة ما يجري في الغرف المغلقة..
ومن الواضح ان ثلوج الخريف قد أظهرت ولأول مرة تفوقنا على الاسرائيليين ففي حين بلغت نسبة انقطاع الكهرباء عن المنازل في القدس الغربية كانت 20% فقد وصلت في رام الله الى 100% وهو تفوق ملحوظ!
ثلوج الخريف التي وصلت قبل موعدها، أثبتت عدم جاهزيتنا للطوارئ، ففي حين لا تنقطع الحياة في بلاد الغرب والشرق اذا تساقطت الثلوج، فقد وجدنا ان حياتنا هنا قد شلت لأربعة ايام متتالية ، مما يذكرنا بما كان يحدثنا به أباؤنا وأجدادنا عن "الثلجة الكبيرة"، التي تم التأريخ بها، وهي ثلوج نهاية عام 1920 وبداية عام 1921، التي يذكر التاريخ الشفوي للقدس ان الثلوج تساقطت سبع مرات، وأن القدس في اعياد الميلاد قد اكتست حلة بيضاء، وان الثلوج تساقطت في كانون الثاني وشباط، وان أكبر تساقط للثلوج كان في شهر آذار، التي زاد ارتفاع الثلج فيها عن متر .. وكان ان استهلك أهل البلد الفحم الذي خزنوه في الثلجات السابقة، وباتوا بلا فحم او حطب حين تساقطت ثلوج آذار، ومن هنا جاء المثل الشعبي : "خبي فحماتك الكبار لعمك آذار" !
ترى هل سيبقى الجو باردا وتتساقط الثلوج هذا العام كما كان قبل 93 عاما؟ وهل سيبقى جو المفاوضات قاسي البرودة، متجمد مثل صباح اليوم التالي لتساقط الثلوج ؟!! وهل مآسي الطقس التي سمعنا عنها في غزة ستكون حافزا لساستنا، كي يهديهم الله، ويفكروا في بعض الدفء لشعبنا ولقضيتنا ولقوتنا في التفاوض، ان تصالحو واعادوا اللحمة للوطن !!.. هل سنبقى في برودة الانفصال ام سنشعل نار اللحمة بين شطري الوطن أملا في بعض الدفء والحنية والعقلانية والوطنية والايمان!!!..