الفصائل الفلسطينية: اتفاق ربط البحر الأحمر بالبحر الميت شرعنة للاحتلال
رفضت الفصائل الفلسطينية بشكل قاطع اتفاق ربط البحر الميت بالبحر الأحمر، مؤكدة أن أيّ تنازل أو تفريط في أيِّ جزء من أرض فلسطين أو مياهها، ومعتبرة ذلك تطبيعًا مرفوضًا وتكريسًا لشرعية الاحتلال.
حذّرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من عواقب الاتفاق على تنفيذ مشروع قناة البحرين، معتبرةً تلك الخطوة تطبيعًا مباشرًا مع الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت سلطات الاحتلال قد وقعت مع الجانبين الفلسطيني والأردني بالأمس اتفاقًا في واشنطن، يقضي بحفر قناة تربط بين البحرين الأحمر والميت.
وقال المتحدث باسم حركة الجهاد داوود شهاب في تصريح وصل "فلسطين اليوم" نسخة :" إن هذا الاتفاق يعطي تفويضًا للاحتلال الإسرائيلي بنهب ثرواتنا، ويعزز من سيطرته على الأرض".
وأشار شهاب إلى أن هذا المشروع كان حلم مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل، لافتًا إلى أنه ذُكر في كتابه "الأرض الموعودة" الذي نشره عام 1902م؛ حيث تحدث عن قناة لوصل البحر المتوسط بالبحر الميت.
ونبّه إلى أن هذا الاتفاق يصادر الحقوق المائية والسياسية الفلسطينية والأردنية على السواء، مفندًا بذلك تصريحات وزير الثروة المائية الأردني حازم الناصر التي أكد فيها أن "الاتفاق لا يحمل دلالات سياسية، بل مقتضيات إنسانية صرفة".
تجدر الإشارة إلى خبراء ومتابعين نوهوا إلى أن هذا المشروع يتيح لكيان الاحتلال الحصول مجانًا على مياه لتبريد مفاعلاتها النووية الجديدة التي تنوي إقامتها في النقب، لاسيما بعد أن بلغ مفاعل ديمونة سن الشيخوخة وتعدّى عمره الافتراضي (20 سنة) ليصل إلى 34 سنة.
كما حذرت حركة حماس في تصريح صحفي مما أسمته "العواقب الوخيمة التي يحملها هذا الاتفاق على مستقبل القضية الفلسطينية في ظل الحرب المفتوحة المعلنة التي يقودها الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا".
ووقعت كل من الأردن والاحتلال الصهيوني وسلطة رام الله، اتفاقًا لربط البحرين الأحمر والميت، في خطوة اعتبرها مراقبون "لعبة سياسية"، فيما وصفها الاحتلال بـ"الحدث التاريخي الذي يحقق حلم هرتسل"، وهاجمها مناصرو البيئة.
وقالت "حماس: "إنَّنا في الوقت الذي نؤكّد فيه على أنَّ السلطة الفلسطينية لا تملك الحق في التنازل أو التفريط أو التفاوض على أيّ شبر من أرض فلسطين أو مياهها، لنهيب بالفصائل والقوى الفلسطينية كافة رفض ومواجهة هذا الاتفاق وكل الاتفاقات التي تمهّد لسرقة تراب فلسطين ومياهها وتعزّز الوجود الصهيوني عليهما".
ودعت الحركة، السلطة الفلسطينية إلى عدم الانسياق وراء سراب ما يسمّى "السلام" أو "التسوية السياسية"، وعدم المضي في اتخاذ قرارات انفرادية خارج الإجماع الوطني.
فيما حذرت حركة الأحرار الفلسطينية فريق التفاوض من القبول بأي اتفاق يمس بحقوق شعبنا الفلسطيني وخاصة حق العودة, على غرار اتفاق أوسلو المشئوم وما خلف من اتفاق أمني جعل السلطة تعمل وكيلاً أمنياً للكيان, في ظل حالة التفرد التي يقوم عليها هذا المفاوض الذي ضرب بعرض الحائط كافة النداءات الشعبية والفصائلية لوقف المفاوضات العبثية.
واكدت الاحرار في بيان لها أن كل الاتفاقات التي قامت عليها الإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال والتي تمَّ توقيعها لا تهدف إلا لحفظ الأمن الصهيوني.
واعتبر البيان أن أي اتفاق أمني سيعمل على تكريس التنسيق والتعاون الأمني الفاضح الذي تقوم به السلطة في الضفة المحتلة رغم ما أنتج من ويلات على شعبنا ومقاومته الباسلة.
ودعت الاحرار السلطة لوقف المفاوضات التي تشكل غطاء لجرائم الاحتلال وتجميل لصورته أمام العالم رغم ما يرتكب من جرائم بحق شعبنا ومقدساته.
فيما اعتبر حزب التحرير في فلسطين أن اتفاقية "قناة البحرين" التي وقعتها السلطة و"إسرائيل" والأردن لربط البحر الأحمر بالبحر الميت، وتقاسم المياه المحلاة، في مقر البنك الدولي أمس هي اتفاقية تفريط وتطبيع بامتياز.
جاء ذلك في تصريح صحفي لعلاء أبو صالح، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين، والذي اعتبر فيه إبرام هذه الاتفاقية قمة في الانبطاح والتخاذل والتعامل مع كيان يهود المحتل ككيان طبيعي مشروع!.
ورأى أبو صالح أن حكام السلطة والأردن بدل أن يعاقبوا هذا الكيان الغاصب جراء جرائمه وعدوانه المستمر على الأقصى والقدس وأهل فلسطين يكافئوه بهذه الاتفاقية!؛
و اعتبر أبو صالح أن هذه الاتفاقية تكرّس هيمنة كيان يهود على المنطقة ومصادرها المائية، وتكرس حالة التبعية والدونية التي تعتري حكام السلطة والأردن، فهي تجعل كيان يهود شريكا ذا نفوذ في محطة تحلية المياه في العقبة وتجعله متحكماً برقاب أهل فلسطين عبر بيعه المياه المحلاة للسلطة.
وقال أبو صالح "إن هذه الاتفاقية المشؤومة تجاوزت المفاوضات المزعومة وما يسمى بملف المياه لتفضح كذبها وخيانتها، فالسلطة التي تزعم الدفاع عن حقوق أهل فلسطين تقدمهم لقمة سائغة ليهود يتكففونهم مياه البحر المحلاة ويهود ينعمون بمياهنا العذبة النقية".
ووجه أبو صالح رسالة للمبررين لهذه الاتفاقية بأن أهل فلسطين يأبون شرب ماء الحياة بذلة وخنوع ويرضون شرب الحنظل بعزة وكرامة، وهي اللغة التي لا يتقنها حكام السلطة والأردن المنبطحون.
وأكد أبو صالح أن حقوق أهل فلسطين لن تعود باتفاقيات باطلة ولا بمفاوضات تفريطية وإنما بتحرير فلسطين عبر الجيوش، وتخليصها من المرض الخبيث "كيان يهود" المستشري في أوصالها واجتثاثه من جذوره، وبغير ذلك سيبقى أهل فلسطين تحت نير الاحتلال وسيبقون يعانون الويلات في كل مناحي الحياة.
فيما استنكر طلال أبو ظريفة القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، مشاركة السلطة الفلسطينية بالتوقيع على اتفاق مشروع "البحرين" الذي يربط البحر الميت بالبحر الأحمر، رغم تحذير عدة منظمات معنية بحماية البيئة من الآثار السلبية المحتملة للمشروع على المنظومة البيئية الهشة للبحر الميت.
واعتبر أبو ظريفة مشروع "البحرين" هو يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى في التغطية على سرقتها ونهبها للمياه وخيرات البحر الميت لعشرات السنوات ومصادرة الحقوق المائية والسياسية الفلسطينية والأردنية على السواء. رافضاً كافة الادعاءات التي تتحدث أن الهدف من المشروع هو إنساني وليس سياسي.
وشدد القيادي في الجبهة الديمقراطية أن مشروع "البحرين" يهدف إلى تكريس سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية ولا سيما منطقة الأغوار في ظل طرح الإدارة الأمريكية لاتفاق إطار أو ترتيبات انتقالية تؤمن سيطرة إسرائيل على الحدود الفلسطينية مع الأردن وإبقاء قوات إسرائيلية في منطقة الأغوار تحت حجج أمنية. لافتاً إلى أن المشروع يخدم سياسة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في مواصلة الاستيطان والتهويد والمصادرة والنهب في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية كشفت أن إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية عن اتفاقية لمد خط أنابيب، لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت.
ومن المتوقع، أن تستغرق إقامة هذا المشروع 5 سنوات بتكلفة تتراوح بين 250 و400 مليون دولار، حيث وصف شالوم الاتفاقية بالتاريخية، قائلا: "الاتفاقية تحقق حلما طالما انتظرناه هذا إلى جانب ترسيخ التعاون الإستراتيجى ذى الأبعاد السياسية مع الأردن والسلطة الفلسطينية"، على حد قوله.
وأضافت يديعوت أن الأنابيب التى يبلغ طولها نحو 180 كيلومترا، ستنقل نحو 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا من البحر الأحمر إلى البحر الميت.
ومن المتوقع أن يتم إنشاء محطات لتحلية المياه، وتقسيم المياه المحلاة على الأطراف الثلاثة الموقعة على الاتفاق، حيث سيتم تحلية نحو 800 مليون متر مكعب، ستحصل إسرائيل على نحو 30-50 مليون متر مكعب لمنطقة إيلات، وستحصل الأردن على 30 مليون متر مكعب، وستحصل السلطة الفلسطينية على نفس الكمية.
وبحسب "يديعوت أحرونوت" فإن السلطة الفلسطينية طلبت فى إطار المخطط الحصول على موقع شمال البحر الميت، فى منطقة "عين فشخة"، إلا أن إسرائيل رفضت، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية ستحصل بحسب الاتفاق على 30 مليون كوب من مياه بحيرة طبرية ومياه التحلية، أو المياه العذبة بثمن الإنتاج.
وقالت يديعوت، إن أنبوب المياه سيمر بالأراضى الأردنية، مشيرة إلى أنه بذلك يتجنب الأطراف معارضة المنظمات الخضراء فى إسرائيل، متوقعة أن ينجز المشروع خلال 4 لـ5 سنوات.
وبحسب أقوال وزير البنية التحتية، سيلفان شالوم، فإن المشروع الذي تمت الموافقة عليه مؤسس على الرؤية الاقتصادية لتحلية المياه، والرؤية البيئية لإنقاذ البحر الميت، والرؤية السياسية الاستراتيجية. وقال: "صحيح أننا لا نوافق على قضايا أخرى مثل تعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية أو قضية اللاجئين، ولكن هنا يوجد اتفاق".
وأضاف أنه فور التوقيع سوف يتم فتح مزاد دولي لتنفيذ المشروع. نصف كمية المياه الذي سيمر من خلال الأنبوب الممتدّ سوف يذهب للتحلية، بينما سيتم ضخ النصف الثاني للبحر الميت. أضاف قائلا: "إنه مشروع لم يكن في دائرة الضوء، وكان هناك الكثير من الصعود والهبوط فيه، وفي النهاية تمكنا من التوصل إلى اتفاقية تاريخية".