عمان- يقول الشاعر رامي ياسين إن ديوانه "اشتباك على حدود الذاكرة"، الصادر مؤخرا عن دار الشروق للنشر والتوزيع عمان/ الأردن- رام الله/ فلسطين، استمرار لما بدأه في ديوانه الأول "زوايا الخط المستقيم"، حيث يحرص على ما هو موجود ومتأصّل في المجتمع على أساس أنّه ما يجب.
ويضيف ياسين في حوار مع الغد: "أحرّض على هذا وصولا الى ما نرغب به كفقراء وعاشقين ومقاومين وحالمين في العودة"، مشيرا إلى أن ديوانه الجديد يشتبك فيه كل ما انعكس في الذاكرة من هزيمة وفقر وخذلان وخطوطٍ للطريق فقدتها الذات المترددة. ويتابع "في الديوان انتصار ومقاومة وفرحٍ ونشوى للروح، كلها تشتبك مع بعضها لتنتج شكلا جديدا للذات، شكلا آخر للحياة بمعنى وبلذة جديدة"، مضيفا أنه "أشبه بحكاية تطور الوعي".
ويرى الشاعر أنه يكتب من منطلق دور المثقف الحقيقي، والدور الرئيس للمثقف هو التحريض. ويزيد "الكتابة عندي لها فعل تحريضي، فأنا لا أكتب للنخب بقدر ما أكتب للناس العاديين وللفقراء تحديدا، لهم أنتمي ولهم أكتب ومنهم آخذ الفكرة والشكل".
ويضيف ياسين: "كتابتي لم تتجاوز تلك المحاور التي عبرت عنها في قصائدي وهي الفقر والمقاومة والعودة"، مؤكدا أن لغته "ليست بريئة ولن أكون ضحية اقترفت ثلاث كبائر، وأعرف أني سأدخل الجنة، إن الجنة تحت أقدام الفقراء".
ويقول إنه يركز في قصائده على تلك المحاور الثلاثة، مشيرا إلى أنها عبارة عن "رسائل وتركيز على قضايا، المقاومة بكافة أشكالها. ويتابع: "هذه قضية أدعمها بكل ما أوتيت من عشق، وهذا ما جعل العديد من النقاد يقولون إني أرجع الى عقد السبعينيات والثمانينيات لما كان أدب المقاومة في أوجه".
ويوضح الشاعر أن المقاومة ما تزال مستمرة، وعلى المثقفين أن يأخذوا دورهم لحمايتها عبر الأدب، لافتا إلى ما أصطلح على تسميته بـ"أدب المقاومة"، ومحوره العودة فـ"أنا متمسك بحق العودة للشعب الفلسطيني وأعبّر عن ذلك من خلال قصائدي، وإن تخلّى الكثير من السياسيين عن هذا الحق، وترجّل بعض المثقفين عن صهوة خيولهم ليغرقوا في الذات وتضخّمها وانفصاماتها تارة، أو في وجه من يحبون إن زاد جمالا أو نقص تارة أخرى".
ويضيف ياسين "قصائدي تعبر عن قضايا مركزية، وأعتقد أن هذا واجبي ودوري الذي علي أن أؤديه، فأنا أكتب لهذه الفئات، أكتب لهم وعنهم لأنهم أساس أي ثورة، فالعودة والمقاومة لا تكون إلا بهم ومعهم، لذا أكتب لهم بفعل تحريضي".
ويرى الشاعر أن الإنسان العادي لا يهمه إن كان الشاعر قد انفصل عن حبيبته أم لا، ولا يهمه الكم الهائل من المشاعر الذاتية المتدفقة ما لم تتحد مع الهم الجمعي، مشيرا إلى أن المعادلة أن تكتب همّك الشخصي متحدا مع الهم الجمعي. ويقول: "أنا كشاعر غير منفصل عن المجتمع ولا عن همومه، ولست أعيش في جزيرة معزولة حتى لا يكون عندي رأي سياسي أو موقف مبدئي حتى".
ويشدد ياسين على أهمية أن يتناول المثقف القضايا المركزية لأمته حتى يبني وعيا حقيقيا جمعيا، مؤكدا أن مهمة الشاعر "بناء وعي حقيقي"، هذا واجبه إن كان ذلك عبر اندماج الذاتي بالجمعي أو عبر التحريض المباشر.
وحول ما إذا كان يرى نفسه ينتمي الى شعراء المقاومة، يؤكد أنه فكريا ينتمي ويدعم المقاومة سواء كان ذلك في قصائده أو مقالاته، أو عبر الحراك الثقافي الذي يعمل به ضمن مسؤوليته لمجموعة نقش الثقافية.
ياسين كان قد شارك في مهرجان الدول الاسكندنافية التي أثمرت عن ترجمة ديوانه الأول إلى اللغة الدنماركية، معتبرا أنها من أجمل المشاركات التي حصل عليها، خصوصا أن الدورة كانت تتعلق حول أدب الربيع العربي عند الأدباء الشباب.
ويقول ياسين: "عندما يكون في مكان ما من يتابع عملك ويقرؤك من خارج حدود بلدك ويتم تكريمك فهذا بالتأكيد يعني لي الكثير، لأني عندها أعرف أن قصائدي التي أكتبها هناك من يسمعها وهي مؤثرة الى حد ما"، معتبرا أن المثقف أو الفنان في الأردن يتم تهميشه بقصد أو عن غير قصد، فالدولة لم تأخذ دورها الحقيقي في رعاية مثقفيها، ولا حتى المؤسسات الراعية للثقافة في البلد تمارس دورها.
ويعتقد أن "الفساد قد وصل إلى الهيئات الإدارية المستقلة"، متسائلا: "ماذا يعني أن يتم تكريمي من قبل مهرجان عالمي وتم قبول عضويتي في منظمة كتاب بلا حدود، فيما رابطة الكتاب الأردنيين ترفض طلب عضويتي بحجة توجهاتي السياسية؟".
ويقول الشاعر إنه لا يوجد نقاد مثقفون حقيقيون يشكّلون استنادا حقيقيا لأي كاتب مبتدئ، فهم معدودون على أصابع اليد رغم وجود جمعية كاملة للنقاد الأردنيين. ويتساءل: "متى ترى هذه الجمعية الوقت المناسب لها لكي تأخذ دورها الريادي بإطلاق المواهب الشابة التي تستحق أن تستمر، بعيدا عن الأمراض الثقافية المنتشرة مثل النرجسية وتضخّم الذات التي سببها ضيق الأفق ونقص الخبرة وانعدام التجربة".