الكشف عن نية "اسرائيل" بناء "القدس 2" بدلاً من القدس الأصلية
قال الخبير في القانون الدولي بمجال التوسع الاستيطاني والأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى أن "اسرائيل" شرعت في بناء مدينة (القدس 2)، واكمال المتحف تحت الأقصى، وذلك كله بالتزامن مع الانتهاكات والاعتقالات والتحكم في دخول المواطنين الفلسطينيين وتحركاتهم.
وأكد د. عيسى أن ما يجري بالقدس المحتلة لا يحتمل السكوت أبدا، لأن سلطات الاحتلال شرعت فعليا ببناء مشروع مدينة (القدس2) وسيكون افتتاحها بالعام 2020 ، والتي ستمتد من جنوب بيت لحم مرورا بالقدس حتى تصل رام الله، و تقدر مساحتها بـ 1000 كم، وان تحقق ذلك يصبح نسبة الفلسطينيين في هذه المدينة الأصلية فقط 12%، ويكون مركز المدينة المسجد الأقصى الذي يسعى الاحتلال لهدمه تمهيداً لبناء الهيكل المزعوم، الأمر الذي يعرض الفلسطينيين لأقسى الانتهاكات والسلوكيات العنصرية.
وأشار عيسى انه باستمرار مشروع البناء سيتم هدم المساجد والكنائس والكثير من المعالم الإسلامية والتي لا علاقة لليهود بها لا من قريب ولا من بعيد، وهذا يجسد في بدء الاحتلال بناء عمارة "شتراس" التي تعلو قبة الصخرة و هي ذات طابع يهودي لتطغى على الطابع الإسلامي.
وأضاف أن الحفريات مستمرة بشكل لا يوصف، والهزازات والتشققات دوما واضحة في حي القرنة وحي شهابي وحي عسيلة، بالإضافة إلى التصدعات والتشققات في المصلى المرواني، مذكرا بأن ما تقوم به السلطات المحتلة هو انتهاك واضح للقوانين والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والهيئة العمومية للأمم المتحدة.
وأفاد عيسى أن الحفريات مستمرة أسفل المسجد وهناك قاعات تم انشاؤها تتسع لـ 5000 شخص، حيث وصل عمق الحفريات إلى ما يقارب 18 م.
واعتبر عيسى تقرير التلفزيون العبري الذي أظهر افتتاح قوات الاحتلال لمتحف تحت المسجد الاقصى المبارك هو اعلان رسمي لتدشين المسجد ككنيس يهودي، وقبلة لليهود لتأدية صلواتهم وطقوسهم التلمودية على حساب اسلامية المسجد وحضارته.
أما جمال عمرو المختص في شؤون القدس فقد أعرب عن تنكره الواضح والصريح للمخططات التهويدية من أجل المتحف والتي جاءت بقرارات لجنة الداخلية والخارجية الصهيونية وجمعية بناء الهيكل المتطرفة وبتمويل من الحكومة المتطرفة.
واكد عمرو وجود التقسيم المكاني والزماني في المسجد الأقصى ومرافقه المحيطة، والدليل على ذلك تعطيل مجموعة من الموظفين واعتقال المعلمات والموطنين ومنعهم من الدخول إلى باحات الأقصى حتى يتسنى لليهود إقامة صلواتهم وشعائرهم.
وأوضح عمرو المسار الذي يتحرك به اليهود لتوثيق التقسيم المكاني، حيث يدخل اليهود من باب المغاربة بحراسات مشددة من الشرطة والمخابرات، ثم يتوجهون قبالة المسجد القبلي، ثم للمصلى المرواني، حيث يوجد 6 دونمات وفيرة التراب يستلقون هناك ويتمسحون بالتراب، منطلقين لباب الرحمة، ويكملون مسيرهم غربا باتجاه الأقصى، ويصلون صلاة قدس الأقداس، ثم يعودون ذات الطريق ويخرجون من باب السلسة.
وقال: كما هو معلوم فإن المسجد الأقصى تنطبق عليه أحكام اتفاق لاهاي لعام 1899، و1907، كما تنطبق عليه أحكام اتفاق جنيف الرابع 1949، والبروتوكولات التابعة له، بصفته جزءاً من القدس الشرقية التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967، إضافةً إلى انطباق معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة لعام 1954 عليه.
فقد نصت المادة 27 (4) من الملحق الرابع من اتفاق لاهاي 1907، على وجوب أن تتخذ القوات العسكرية في حال حصارها "كل الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية". كما حظرت المادة 22 من الاتفاق ذاته "ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب".
ونصت المادة 56 من اتفاق لاهاي 1954 على تحريم "حجز أو تخريب المنشآت المخصصة للعبادة، والمباني التاريخية". كما نصت المادة 53 من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني، لاتفاقية جنيف الرابعة 1949، على "حظر ارتكاب أي أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب.
ليس ذلك فحسب، بل إن مجلس الأمن ذاته أصدر قرارات عدة، تؤكد إدانة وإبطال جميع ما قامت به إسرائيل من أعمال التهويد في القدس، بما في ذلك إبطال جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والديموغرافية التي اتخذتها حكومة "إسرائيل"، وتؤكد عدم شرعية الاحتلال، فضلاً عن مطالبتها إسرائيل بالجلاء عن القدس، كونها جزءاً من الأراضي التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967.
فإضافة إلى قراري مجلس الأمن الشهيرين 242 (1967) و338 (1973) اللذين يضعان الأساس القانوني في تحديد أن "إسرائيل" قوة محتلة لقطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس ويطالبانها بالانسحاب، أصدر مجلس الأمن عدداً من القرارات التي تؤكد وجوب احترام القدس من جانب قوات الاحتلال. وكلها تؤكد أن مدينة القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967، وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي الفلسطينية من عدم جواز القيام بأي إجراء يكون من شأنه تغيير الوضع الجغرافي أو الديموغرافي أو القانوني لمدينة القدس المحتلة.
إضافة إلى ذلك، بموجب معاهدة السلام الأردنية - المعروفة بـ "معاهدة وادي عربة" - ظل المسجد الأقصى تحت رعاية الحكومة الأردنية بصفتها الوصية على شرق القدس وخدمة المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية فيها. وتبعاً لذلك، فإنه ليس من حق السلطات "الإسرائيلية" تغيير أو تبديل أو ترميم أي جزء من المسجد الأقصى، الذي قامت السلطات "الإسرائيلية" بتحويل جزء منه إلى كنيس، وما زالت تواصل الحفريات بهدف إسقاط بنائه بالكامل، الأمر الذي يعد "جريمة حرب"، بموجب قواعد القانون الدولي.
وطرح د . حنا عيسى سؤالأ يفرض نفسه اليوم: إذا كانت كل هذه النصوص القانونية الدولية تعضد الموقف العربي والإسلامي ضد الانتهاكات السافرة والصارخة للاحتلال "الإسرائيلي"، فلماذا لا يرى للأمة العربية أو الإسلامية أي حراك قانوني دولي، سواء عبر المنظمات الدولية أو القضائية أو حتى السياسية؟!
وقال: بإمكان هذه الدول العربية والإسلامية أن تطالب مجلس الأمن استناداً إلى قراراته السابقة بمنع "إسرائيل" من مواصلة اعتداءاتها المتواصلة على المقدسات الإسلامية، كما لهذه الدول أن تحرك الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ هي تملك الغالبية فيها، ولها عبر الدول التي نقضت "إسرائيل" معاهداتها الدولية معها أن ترفع قضية في محكمة العدل الدولية، كون الاعتداءات "الإسرائيلية" على المقدسات تمثل خرقاً لـ "معاهدة وادي عربة"، وكون الاعتداءات "الإسرائيلية" تمثل انتهاكات صارخة للقانون الدولي من شأنه تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.
وأضاف ، إذ الواضح اليوم أنه ما لم تقم الدول العربية والإسلامية بواجبها في الدفاع عن مقدساتها، فقد يأتي الوقت الذي تكون فيه المطالبة متأخرة جداً!، وللحق، فإن على منظمة التعاون الإسلامي عبء ثقيل يجب ألا تتخلى عنه، فمنظمة التعاون الإسلامي التي قامت في الأصل لحماية المسجد الأقصى من العبث اليهودي بعد محاولة حرقه في عام 1969، والتي تضم أكثر من 50 دولة في عضويتها، تستطيع بما أوتيت من قوة، أن تجيش المنظمات الدولية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة، وتحرك العالم الغربي لحماية أعز ما تبقى من مقدساتها الإسلامية في القدس، قبل فقده.