![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/nwf_2.jpg?itok=PDCFV8EE)
76عاما على توصيات بيل بتقسيم فلسطين...!
*نواف الزرو
لم يكن قرار التقسيم الاممي رقم 181 الاول من نوعه الذي يمنح دولة لليهود في فلسطين، اذ سبقه توصيات بيل البريطاني بمنح اليهود دولة، وكان ذلك قبل ستة وسبعين عاما بالتمام والكمال، ففي اعقاب اندلاع ثورة 1936 وتعاظمها على نحو لم يكن متوقعا من جهة الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، بادرت الحكومة البريطانية آنذاك بتاريخ 1936/11/11 إلى تشكيل اللجنة الملكية لتقصي الأوضاع في فلسطين، واطلق عليها "لجنة بيل" باسم رئيسها اللورد بيل، وذلك في محاولة مفضوحة لاحتواء الثورة الفلسطينية واخمادها، وقد شاعت في ذلك الوقت بين العرب اهل فلسطين نكتة تقول:"دبرها يا مستر بيل ...بلكي على ايدك بتحل"، وقد حلتها اللجنة البريطانية ولكن على طريقتها المتصهينة، اذ أوصت اللجنة في تقريرها الذي قدمته إلى الحكومة البريطانية، والذي صادقت عليه الأخيرة في تموز1937، بتقسيم فلسطين إلى دولتين، يهودية وتضم حوالي 20 بالمئة من مساحة فلسطين، وعربية تقام على المساحة المتبقية من فلسطين ومنطقة شرق الأردن، وذكرت اللجنة أن هناك داخل المساحة التي خصصتها للدولة اليهودية أكثر من 225 ألف عربي، بينما يوجد داخل الدولة العربية المقترحة 1250 يهودياً. واعتبرت اللجنة أن وجود هذا العدد من العرب داخل المساحة المخصصة للدولة اليهودية من شأنه أن يعرقل إنشاء الدولة اليهودية، وبالتالي يفشل التقسيم. واقترحت اللجنة حلاً لإنجاح التقسيم تمثّل في أن تُطرد غالبية العرب بالقوة تحت غطاء "تبادل السكان".
وعلى الرغم من أن توصيات لجنة بيل كان مصيرها الفشل كلاحقاتها من اللجان، إلا أنها في الوقت عينه، احتلّت أهميّة خاصة، لأنها أضفت شرعية على ثلاث قضايا أساسية /كما يوثق الباحث الفلسطيني محمود محارب/:
أولاً: مطالبتها بانشاء دولة يهودية في فلسطين، الأمر الذي لم تتجرأ الحركة الصهيونية على المطالبة به رسمياً، وإن كانت تدعو إلى انشاء "وطن قومي يهودي" في فلسطين.
ثانياً: ربطها مصير المناطق الفلسطينية الواقعة خارج حدود الدولة اليهودية المقترحة بشرق الأردن.
ثالثاً: مطالبتها بـ "تبادل سكان" بين الدولة اليهودية والدولة العربية.
وقد أثارت توصيات لجنة بيل نقاشاً حادّاً بين القادة الصهيونيين، واتسمت ردود الفعل الصهيونية الأولية بمعارضة شديدة، لأن توصيات اللجنة قسمت من وجهة نظرهم"أرض إسرائيل" ومنحت اليهود "جزءاً صغيراً"منها فقط، غير أن هذه المعارضة أخذت تتضاءل وتخفت، رويداً رويداً، وتتحول إلى تأييد متحفظ أمام حقيقة توصية اللجنة بطرد العرب الفلسطينيين من الدولة اليهودية المقترحة.
وقد أولى بن – غوريون أهمّية قصوى لتوصية اللجنة بطرد الفلسطينيين، وأكد أن على الحركة الصهيونية "التمسك بالتوصية كما كنا تمسّكنا بوعد بلفور، بل كما هو تمسّكنا بالصهيونية ذاتها، يتوجب علينا التمسك بهذه التوصية بأقصى قوتنا وارادتنا وامانينا، لأن في هذه التوصية، من مجمل التوصيات، تعويضاً ما عن سلخ بقية أجزاء البلاد... إن بند الترحيل، حسب اعتقادي، أهم من جميع مطالبنا لزيادة المساحة... وإذا لم يكن بامكاننا اخراج العرب من بين ظهرانينا الآن ونقلهم إلى مناطق عربية، الأمر الذي تقترحه لجنة ملكية بريطانية، فإنه لن يكون بمقدورنا القيام بذلك بسهولة (هذا إذا أمكننا القيام بذلك أصلاً) بعد إنشاء الدولة، عندما يكون كل العالم المعادي لنا ينظر إلينا بسبع عيون، لمراقبة تصرّفنا نحن تجاه أقليتنا".
فيا لسخرية القدر الذي يعيدنا اليوم بعد ستة وسبعين عاما على توصيات"بيل والحل لتتضخم وتتحول الى اغتصاب وتهويد شامل لفلسطين.
لم تحل القضية آنذاك على يد لجنة بيل، ولم تحل كذلك على يد مستر بلير بعد هذا الزمن الطويل جدا..
تصوروا...!
ستة وتسعون عاما على وعد بلفور...!
ستة وسبعون عاما على توصيات بيل...!
ستة وستون عاما على قرار التقسيم ومنح اليهود الوطن القومي...!
سبعة و وخمسون عاما على العدوان الثلاثي...!
ستة واربعون عاما على عدوان حزيران/67 وهزيمة العرب واحتلال ثلاثة اضعاف فلسطين المحتلة 48...!
واثنان وعشرون عاما على الحرب الامريكية الثلاثينية على العراق...!
واكثر من عشرة اعوام على الحرب العالمية الامريكية –البريطانية على العراق /2003/ وتدميره واقتراف ابشع مجازر القرن فيه...!
وفي كل هذه المحطات الرئيسية الكبرى كان لبريطانيا دائما الدور المركزي في بناء وصناعة الاحداث والمشاريع والدول، ولعل اقامة "اسرائيل" على خراب فلسطين وتشريد اهلها في الشتات تبقى الكارثة الاكبر التي حلت بنا في ظل المؤامرة البريطانية –الصهيونية ...!
لم تتوقف الحكومات البريطانية المتعاقبة على مدى الزمن الماضي عن دعم وتعزيز وجود الدولة الصهيونية، في الوقت الذي لم تتوقف فيه ابدا عن حبك المؤامرات وصناعة الاحداث في المنطقة لصالح تلك الدولة وعلى حساب الامة والعروبة ...!