دولة الرئيس.. هيثم المالح!
محمد خروب
.خلط «مجلس امناء الثورة السورية» اوراق المعارضات التي اطمأنت الى «انجازاتها» الاخيرة في دمشق وحلب, ومضى قادتها الى ابتلاع «طعم» الحكومة الانتقالية, التي اقترحها لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي وراحوا يوزعون الحقائب ويصممون وجه سوريا ما بعد الأسد, على غرار الاقتراح بتشكيل مجلس رئاسي «سداسي» يتقاسمه سياسيون وعسكريون, ثم تم تسريب خبر يقترح ملهم الدواليبي رئيساً للحكومة (الانتقالية), فيما تُسند الخارجية الى عبدالباسط سيدا, اما المفكر والثائر الاممي وجيفارا سوريا برهان غليون, الذي كان خرج على السوريين قبل عام من الان (عيد الفطر) بخطاب «رئاسي» واضعاً علم الثورة «التي يقودها» خلفه, مخاطباً اياهم في لغة خشبية وصورة بائسة وكلام عمومي, غليون هذا رشحته التسريبات كي يصبح وزيراً للمغتربين..
بلا مقدمات وفي سرعة لافتة، بعد أن بدا وكأنه خرج من المولد بلا حمص, اخترع (الثمانيني) هيثم المالح (مواليد 1931) والمحامي والناشط السياسي المعارض, ما سُمّي بـ (مجلس امناء الثورة) ثم ما لبث الذين تم تجميعهم على عجل في القاهرة, أو قل بمن حضر, أن كلّفوه تشكيل حكومة انتقالية، بدأ الرجل على الفور في الادلاء بتصريحات «دفاعية» لا معنى لها, ولكن في عفوية تميز بها مصحوبة بالغضب والعصبية وهو غالباً ما يقع ضحية نزقه وانفعالاته السريعة, والتي شهدناه طوال اجتماعات مجلس اسطنبول وانشقاقه عنه ثم عودته, وها هو الان قد طلق اسطنبول ومجلسها ومكتبها التنفيذي وفتح «حكومة» على حسابه, وعلى الاخرين أن يلتحقوا به، أو أن يكونوا خارج «الحكم» الذي تسعى اليه كل زعامات المعارضات السورية الموزعة الولاءات والمتعددة التمويل والتسليح والمرجعيات، وكان اكثر الغاضبين هو عقيد الجيش الحر ذي الرعاية التركية المباشر رياض الاسعد الذي لم يتردد في وصف مجلس امناء الثورة بانهم «.. انتهازيون يسعون لتقسيم المعارضة والاستفادة من المكاسب التي حققها مقاتلوها والسعي الى ركوب (ثورتنا) والاتجار بدماء شهدائها».. لم يقل الاسعد (وهو المعروف بنزقه وتواضع ثقافته العامة وخصوصا السياسية) حتى الان، انهم خونة وانه سيعقد لهم محكمة ثورية، كي تعاقبهم على خيانتهم للثورة، لكن عبدالباسط سيدا رئيس مجلس اسطنبول وقد وصلته اخبار «المفاجأة» هذه وهو يهبط في اربيل لمقابلة مسعود برزاني والقيادات الكردية «العراقية» الاخرى لاقناعهم بالضغط على كرد سوريا كي ينخرطوا في الثورة على النظام، ويقال ان برزاني يسعى الى تجسير الهوة بين المجلسين الوطنيين (السوري والكردي)، وصف (سيدا) خطوة المالح بالقرار «المتسرع» وسعي لاضعاف المعارضة، وبدا الرجل مرتبكا ومتلعثما لان «المالح» كما قلنا غيّر قواعد اللعبة او هو استبق الجميع «وتغدى» بهم قبل ان يلتهموه على مائدة العشاء (او العشوات) السرّية التي يرتبونها في عواصم غربية وعربية ويُحضِّرون انفسهم لمرحلة ما بعد الاسد، وكأنهم صدقوا «منظّرهم» احمد داود اوغلو وصدقوا مرشدهم الروحي رجب طيب اردوغان الذي هاتف اوباما وقيل ان حديثهما تركز حول مرحلة ما بعد الاسد.
من السذاجة الاعتقاد ان المعارضات السورية وخصوصا الخارجية، قادرة على الخروج بموقف موحد من الازمة السورية، بل انهم الان واكثر من أي وقت مضى يواجهون حالا غير مسبوقة من انعدام الثقة والشكوك العميقة ازاء بعضهم البعض، نظرا لاطماعهم الشخصية ومرجعياتهم المتعددة وغيابهم عن المشهد السوري (معظم قياداتهم تحمل جنسيات اجنبية وخصوصا اميركية وفرنسية وبريطانية) اضافة بالطبع ان معارضة الداخل وخصوصا الميدانية منها لا تطمئن اليهم وترى فيهم مجرد «راكبي موجة» ولا صلة لهم بالواقع.
«دولة الرئيس» هيثم المالح، لن ينجح في تشكيل حكومة ولن يحظى باعتراف احد من المعارضة او من العواصم التي تدعي صداقة الشعب السوري لكن اللافت في «حركته» هذه انه زاد من عُري المعارضات السورية.. وأربكها.