قرية نعليا الأرض والانسان والتاريخ ..اصدار جديد بغزة
غزة / سما /
صدر حديثاً عن مكتبة ومطبعة سمير منصور بغزة اصداراً جديداً بعنوان: نعليا... الأرض التاريخ الانسان، للأستاذ إبراهيم عطية حماد والدكتور عبد القادر إبراهيم حماد.
ويضم الكتاب الذي صدر في 448 صفحة من القطع المتوسط سبعة فصول حيث يستعرض الكتاب في الفصل الأول الأحداث التاريخية التي تعاقبت على قرية نعليا منذ أقدم العصور وحتى احتلالها من قبل العصابات الصهيونية العام 1947، بينما يستعرض الفصل الثاني البيئة الطبيعية والخصائص البشرية في القرية، ويتطرق الفصل الثالث الى النشاط الاقتصادي في قرية نعليا، أما الفصل الرابع فيستعرض أوضاع التعليم والصحة في القرية، بينما يتضمن الفصل الخامس الحياة الاجتماعية والموروث الاجتماعي في نعليا. ويركز الفصل السادس على الفلكلور الشعبي والموروث الثقافي في نعليا، بينما يستعرض الفصل السابع بعض شخصيات القرية.
وقال الدكتور حماد أن والده الأستاذ والمؤرخ إبراهيم حماد كتب الجزء الأكبر من الكتاب قبل ان توافيه المنية، ليستكمل ابنه د. حماد انجاز الكتاب اعتمادا على مذكرات والده والاعتماد على مصادر عربية وأجنبية وأمهات الكتب خاصة التاريخية منها.
واعتبر المؤلف أن المحافظة على الذاكرة الوطنية الفلسطينية بجميع أبعادها ومضامينها تشكل جزءا أساسيا من الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، التي تتعرض لمحاولات متواصلة من قبل جهات متعددة، خاصة الاحتلال الاسرائيلي لطمس هذه الهوية وتقزيمها وتشويها، حيث تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تهويد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين وقطاع غزة، استمراراً لمسلسل التهويد الذي بدأته في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948، والذي تضمن في حينه تشريد مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين من مدنهم وبلداتهم وقراهم، وتدمير مئات القرى الفلسطينية، والعمل على طمس وتدمير جميع مظاهرها التاريخية والجغرافية والأثرية.
وقال د. حماد أن القرى الفلسطينية المدمرة تعد تراثاً ثقافياً وحضارياً سعت وما زالت إسرائيل إلى حجب المعلومات عن هذه القرى، ومحاولة إخفاء ما يمكن إخفاءه من آثارها ونمط أبنيتها ومورفولوجيتها وطريقة تصميمها، وبالتالي استبدالها بما هو حديث، والهدف تزييف ما يصعب تزييفه (التاريخ والجغرافيا).
ورأى أن الثقافة التاريخية تشكل أحد أهم خصوصيات الشعب الفلسطيني فالبعد التاريخي الخاص بالقضية الفلسطينية فيما يتعلق بالتهجير من أشهر ما عرف به الفلسطينيين، واعترافا بأهمية تكريس البعد التاريخي ودمجه بالجغرافيا تأتي هذه الدراسة لتسليط الضوء على قرية نعليا المهجرة من جميع الجوانب التاريخية والجغرافية والسكانية والعمرانية والاثرية والنضالية...وغيرها من خلال المقابلات مع من عايشوا هذه الظاهرة التاريخية، والعودة الى الكثير من المصادر والمراجع الفلسطينية والعربية والأجنبية.
وتعتبر قرية نعليا التي كانت تقع على بعد ثلاثة كيلو مترات الى الجنوب الغربي من المجدل، شمال قطاع غزة حالياً، كما يقول د. حماد إحدى هذه القرى التي عملت سلطات الاحتلال على تشريد أهلها وتدمير سكانها، ودمجها في محيط عمراني جديد في محاولة لتغيير وتزييف الواقع الجغرافي والتاريخي، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يحاول تسليط الضوء على هذه القرية الفلسطينية المدمرة في فلسطين، من خلال محاولة استعادة الواقع التاريخي والجغرافي والاجتماعي والعمراني والثقافي.... الخ لهذه القرية.
وذكر أن قرية نعليا تثبت بطلان الرواية الإسرائيلية التي تزعم بوجودها التاريخي على أرض فلسطين منوهاً الى أن اسم القرية نعليا Ni,ilya: بكسر أوله وثانيه، وسكون اللام وياء وألف، يذكرنا بقرية معليا من أعمال عكا. ومعليا تحريف لكلمة "معلية" السريانية بمعنى الدخول والعلو، ويقول لعل كلمة نعليا تحريف لهذه الكلمة التي بمعنى "المدخل" نسبة الى أنها مدخل لما جاورها من بقاع، وأما "معليا" فهي جبلية دعيت باسمها هذا لعلوها. ويتفق ذلك مع ما ذهب اليه الباحث محمد حسن شراب حيث يرى أن اسم قرية نعليا التي تتبع قضاء غزة قد يكون تحريفاً لكلمة " معلًية" السريانية بمعنى الدخول والعلو لأنها مدخل لما جاورها. ويرى المستشرق والمستكشف الانجليزي ادوارد هنري بالمر (1881) أن كلمة نعليا قد تكون مشتقة من كلمة تعني: "معقمة، صلبة، مطحونة، وهذا يدلل على أن القرية موجودة منذ آلاف السنين.
ويذكر المؤلف أنه نظراً لأهمية موقع قرية نعليا باعتبارها المدخل والممر الذي يصل بين الساحل والمناطق الداخلية فقد شهدت القرية العديد من الأحداث خلال الفترة الصليبية يدلل على ذلك وجود قبور لأكثر من 40 جندياَ من جنود صلاح الدين الذين قضوا في المعارك خلال فترة الحروب الصليبية. وأطلق الأهلون على إحدى التلال في القرية تلة الشاعر، حيث كان يتجمع جيش المسلمين على تلك التلة بينما يقوم الشعراء بتحفيز وتشجيع الجنود ولذلك أطلق عليها هذا الاسم. ويبدو أن سكان قرية نعليا اضطروا الى هجر قريتهم شأن الكثير من القرى في المناطق القريبة من عسقلان، حيث تسببت الحروب بين الصليبيين والمسلمين في هجرات داخلية أو خارجية.
ويدلل د. حماد على قدم القرية من خلال عشرات الوثائق التاريخية التي تضمنها الكتاب اذ تبين وثيقة عثمانية من سجلات محكمة القدس الشرعية العثمانية، أن فصل غلال نعليا بتاريخ 25 شعبان 1081ه الموافق 7 يناير 1671م حنطة خمسة وسبعين مداً([1]) خليلياً، وشعيراً خمسة وسبعين مداً خليلياً، وعداد أغنام([2]) نعليا بلغ ثلاث وستون قطع مصرية، وسمن أثنى عشر رطلاً، منها لمشايخ القرية حنطة عشر مداً، وشعيراً خمسة عشر مداً، والباقي من الغلال 120 مداً حنطة وشعيراً.
الاعتداءات الصهيونية على نعليا:
ويشير الى أن قرية نعليا كما غيرها من القرى الفلسطينية عانت من الاعتداءات الصهيونية، حيث اعتدت العصابات الصهيونية على أهلها، تلك الاعتداءات الغارات التي شنتها أربع طائرات تابعة للعصابات الصهيونية على قريتي نعليا والجورة حيث تصدى المقاومون الفلسطينيين لها بإطلاق نيران أسلحتها باتجاه الطائرات المغيرة حتى أصبح دخان القذائف الأسود التي يطلقها المقاومون يخفي معالم الطائرات الأربعة، الا أنه تبين أنه رغم كثرة إطلاق النار تجاه الطائرات المغيرة الا أنها لم تصب بأي أضرار وذلك بسبب فساد الأسلحة التي كانت بحوزة المقاومين. وقد استشهد في هذه الغارة من قرية نعليا كل من:
- مريم محمد عبد الخالق المقيد
- مريم محمد أبو حسين، كما جرح في هذه الغارة الجوية الكثيرين.
وقد عادت الطائرات المعادية وشنّتْ غارة أخرى يوم الجمعة حيث ضربت سُوق المجدل ، وكان مكتظاً بالبشر، فقتل من قتل وجرح من جرح، وكانت تحوم على مستوى أعلى من الطائرات المغيرة طائرة صغيرة كنا نسميها طراد، وأخذت الطائرات المغيرة تضرب شارع البوليس الممتد من قهوة "كفينه"، حتى سرايا البوليس، وقد دمرت جميع المباني التي كانت على يمين الشارع، وأنت باتجاه مركز الشرطة ، حتى طريق غزة المجدل، وكانت تلك المباني مائلة على بعضها من شدة القصف، وكانت القذائف التي ترميها الطائرات عبارة عن براميل حديد محشوة بالمتفجرات
أسماء الشهداء في القرية حتى العام 1948م:
أستشهد العديد من أهالي القرية جراء اعتداء العصابات الصهيونية عليهم، وكذلك جراء الغارات الجوية التي تنفذها تلك العصابات بدعم من قوات الاحتلال الانجليزي على القرى الفلسطينية. ومن شهداء القرية الذين قضوا حتى العام 1948.
جدول رقم " 3"
أسماء الشهداء في القرية حتى العام 1948م
اسم الشهيد طريقة الاستشهاد
1-محمد مقبل المقيد استشهد أثر انفجار لغم
2-محمد عطية حماد استشهد أثر انفجار لغم
3-عبد القادر عطية حماد أستشهد أثر تنفيذ عملية فدائية ضد قوات الانجليز
4-الشيخ أحمد عبد الكريم المقيد أستشهد أثر نسف البيت وهو بداخله
5- محمد الشيخ المقيد أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
6- أمنة عبد القادر سعيد المقيد أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليها
7- مريم محمد عبد الخالق المقيد استشهدت في غارة في سوق المجدل
8- محمود نمر سمور أستشهد في سجن المجدل
9- حسن حسين سمور أستشهد في قرية الجورة
10-حسن الشيخ عبد سمور أستشهد في قرية الجورة
11- طه حسن عبد القادر سمور أستشهد في قرية الجورة
12-مصطفى محمود سمور أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
13-رشيدة مهدي سمور أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
14- محمد حسن شاهين أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
15-محمد عبد الله شاهين أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
16-محمود سليم عياد شاهين أستشهد بالقرب من قرية هربيا
17-العبد محمد يوسف الكحلوت أستشهد أثر انفجار لغم شرق الجية
18-محمد خليل الكحلوت أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليه
19-صفية زيدان الكحلوت أستشهد أثر إطلاق الرصاص عليها
20-محمد يوسف الكحلوت
وزوجته وأولاده الثلاثة استشهدوا أثر إطلاق الرصاص عليهم
21-محمد عبد اللطيف ريان أستشهد أثر انفجار لغم شرق الجية
22- أحمد محمد عبد اللطيف ريان أستشهد أثر انفجار لغم شرق الجية
23- مريم محمد أبو حسين استشهدت اثر غارة على قرية الجورة
24- أمنة محمد أبو عربية استشهدت أثر إطلاق الرصاص عليها
هذا وتقع القرية على بعد حوالي أربعة كيلو مترات من المجل باتجاه الجنوب، وتتصل مع المجدل بطريقين ترابيين، تسمى الأولى الشرقية بـ طريق " القجل" أي التي تمر بها السيارات، والطريق الثانية هي الطريق الغربية. ويحد القرية من الغرب قرية الجور، وتقع خربة الخصاص في الجنوب الغربي من القرية وكذلك عرب أبو حسان، بينما يحدها من الشرق قرية الجية وتربط بين القريتين طريق ترابي، ويحدها من الجنوب قرية بربرة. كما بلغت مساحة الأراضي التي كانت تشغلها القرية 5233 دونم منها 4929 دونماً مملوكة بالكامل لسكان القرية الفلسطينيين، إضافة الى 304 دونم من الأرض المشاع، بينما لم يملك اليهود أي أراض في القرية، وبلغت مساحة الطرق والأودية في القرية 188 دونماً.
[1] - مداً: هي المد التي استخدمت في كيل الحبوب وغيرها ويختلف مقدارها من مدينة لأخرى، ومن محصول الى آخر. والمد العثماني الرسمي للدولة يعادل 20 كيلة من عيار استانبول وهذا يعني أنه كان يزن 12.513 كغم من الشعير.
[2] - عداد غنم: الرسوم التي تجبى عن الأغنام، وكانت تسمى باسم العداد أو تقرن بأسماء الحيوانات المختلفة التي تحصل أو تجبى عنها.