بوصلة الشعب المغربي باتجاه فلسطين لا تنحرف محمد محفوظ جابر أرسل ملك المغرب محمد السادس رسالة تهنئة إلى رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني الجديد نفتالي بينيت وقال فيها إن المملكة "ستواصل جهودها لتعزيز السلام والعدالة والتعايش في الشرق الأوسط بما يضمن الأمن والاستقرار والأخوة لجميع الشعوب التي تعيش جنبا إلى جنب"، مؤكدا على التطبيع الرسمي للمغرب. وتقيم "إسرائيل" والمغرب علاقات سرية منذ عشرات السنين، كما أن المغرب يسمح علنا بدخول السياح من "إسرائيل". وتعززت هذه العلاقات بعد اتفاقيات أوسلو، وافتتح رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، يتسحاق رابين ووزير الخارجية في حينه، شمعون بيرس، مكتب تمثيل إسرائيلي رسمي في المغرب. وتم قطع العلاقات الرسمية بين الجانبين في أعقاب اندلاع انتفاضة القدس والأقصى، عام 2000. واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية – المغربية بعد اعتراف ترامب بسيادة المغرب في الصحراء الغربية المتنازع عليها، كما أبلغ ترامب الكونغرس بأنه يدفع قدما صفقة أسلحة بمليارات الدولارات مع المغرب، وتشمل طائرات بدون طيار وصواريخ موجهة عن بعد. ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، الاتفاق مع المغرب بأنه جزء من "اتفاقيات أبراهام"، فيما اعتبره نتنياهو "اتفاق سلام تاريخي". وقال أشكنازي أن "استئناف العلاقات بيننا هو دعامة هامة ومستوجبة في إطار اتفاقيات أبراهام، وتعكس علاقات الصداقة العميقة بين الشعبين!!!. وأدعو دولا أخرى إلى الانضمام إلى دائرة اتفاقيات أبراهام .وبعثت المغرب برسائل إلى "إسرائيل"، قالت فيها إنها لا تريد التوقيع على اتفاق تطبيع علاقات، شبيهة بالاتفاقات التي وقعتها مع الإمارات والبحرين، وأنها لا ترى بالتفاهمات التي توصلت إليها مع "إسرائيل" أنها جزءا من اتفاقيات أبراهام. وأوضحت المغرب معارضتها لاتفاقيات كهذه بأنه كانت هناك علاقات دبلوماسية علنية بين الطرفين في الماضي، حسبما ذكر موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني. هذه العلاقات التطبيعية، تطوّرت في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاستخبارية والعسكرية على مرّ العقود الماضية، وكانت دائماً تفتقر للشرعية الشعبية، إذ عارضتها ولا تزال الغالبية الساحقة من القوى والأحزاب والنقابات ولجان مقاومة التطبيع والمنظمات الممثلة للشعب المغربي. فالشعب المغربي، الذي لطالما اعتبر "إسرائيل" عدوّته، كان قد نظّم أكبر التظاهرات التاريخية دعماً لفلسطين، ولطالما وقف قولاً وفعلاً مع نضال الشعب الفلسطيني. وقد وصل السفير الإسرائيلي لدى المغرب دافيد غوفرين إلى الرباط في 26/01/2021، بعد عشرين عامًا من إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، ولا زال ممثل الكيان الصهيوني المحتل حتى الآن يبحث عن مأوى بعد أن رفض الشعب المغربي العزيز تأجيره بيتاً، مع العلم بأن ممثل الكيان يعرض مبالغ ضخمة لقاء إيجار بيت في الرباط المغربية، إلا أنه لا أحد في المغرب على استعداد لتأجيره متراً واحداً من أرض المغرب الطاهرة. وبالفعل فإن المغربيين أثبتوا وبحق بأنّ هذه الأرض طاهرة، حيث لم يسمحوا لممثل الاحتلال بتدنيسها أبداً: لم تكن جهود الشعب المغربي عبارة عن خطوات رمزية فحسب، بل نظم الشعب المغربي أنفسهم لرفض العدوان على غزة وخرجوا في مسيرات حاشدة شملت أكثر من 50 مدينة مغربية، خرج الرجال والنساء والشيوخ والأطفال دعماً لأخوتهم تحت القصف في غزة، ونصرة للقدس واهالينا في الداخل المحتل عام 1948 وهم يدركون تماماً بأنهم ينتصرون لقضية عادلة وبأن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية العرب والمسلمين جميعاً. واعترف السفير المغربي بأن الشعب المغربي يرفض تأجيره، وان المغاربة يحاصرونه في المقاطعات المغربية، وسعى للتقارب من المغاربة بارتداء الزي المغربي والتحدث باللغة العربية معهم، ولكنه لم يفلح بفتح مكتب الاتصال الإسرائيلي منذ وصوله ويقيم في فندق حتى الآن، وحسب الاعلام المحلي فإن الشركة المكلفة بتأجير سكن له عثرت على الفضاء المناسب داخل مجمع سكني بمنطقة طريق زعير الراقية في الرباط ومطابقة للشروط لكن أصحاب الشقق رفضوا تأجيره عندما علموا بهويته الصهيونية. وتم إطلاق "حملة كنس وتنظيف" لشطف الأماكن التي زارها في عدة مدن وتطهيرها: فعندما زار مدينة طنجة ونشر صورته قام المغاربة بحملة تطهير للمكان الذي تصور به من جرثومة التصهين. زار شلالات اوزود فطهروا المكان ورفعوا شعار: مناطق المغرب أجمل بدون قتلة الاطفال. وزار كنيس صلاة الفاسيين ومسجد الحسن الثاني وبعد التطهير تم رفع علم فلسطين في المكانين. واستمر المغاربة يهتفون: اطردوا ممثل الكيان المحتل، و فلسطين قضية المغرب، وفلسطين ارضي حرة والصهيون يطلع برا. واستنكرت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "إسرائيل" (BDS)، يوم الثلاثاء، 22 يونيو 2021 اجتماع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والموقع على اتفاق التطبيع مع "إسرائيل" مشددة على رفض "التطبيع بغض النظر عن هوية من قام به". وفي الوقت نفسه حيت اللجنة الشعب المغربي الشقيق على وقوفه ضد التطبيع ومع قضية فلسطين، قضيته المركزية. يشار إلى أنّ إلى أنّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية على رأس وفد من 12 شخصية قيادية بينها موسى أبو مرزوق وعزت الرشق قام بزيارة غير مسبوقة إلى المغرب، بدعوة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب، وقد التقى الوفد خلال جولته رئيس الحكومة والأمين العام للحزب سعد الدين العثماني الذي حضر شخصيًا ووقع على اتفاق التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مما يثير التساؤلات حول هذه الزيارة، خاصة وأن المغرب عرابة "كامب ديفيد" و "المخزن" له الخبرة في عمل الوسيط. إنّ استمرار التطبيع الرسمي الفلسطيني، وأهم تجلّياته "التنسيق الأمني" وما تسمى "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، يشكل ذريعة لتبرير تطبيع أنظمة عربية. فقد أصدرت الإمارات والبحرين بيانات رحبتا فيها بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، تماما مثل المغرب بشكله الرسمي، وكانت وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة أعلنت في بيان انها: "افتُتحت رسميّاً اليوم (بعد نحو أربعة أشهر على توقيع اتّفاق التطبيع) السفارة الإسرائيليّة في أبوظبي مع وصول القائم بالأعمال إيتان نائيه" إلى العاصمة الإماراتيّة، مشيرةً إلى أنّ هذه السفارة ستعمل "على تعزيز العلاقات بين الدولتين". وأوضحت السلطات الإسرائيليّة أنّ السفارة "ستعمل في مكاتب موقّتة ستُدشّن في الأيام المقبلة ريثما يتمّ إيجاد مقرّ دائم"، فهل سيعثرون عليه؟ ام ان الشعب في الامارات سيحذو حذو الشعب المغربي؟ يذكر انه سادت حالة من الغضب لدى الاحتلال الإسرائيلي، بعدما تراجعت البحرين عن نيتها استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والجولان السوري المحتل. بينما رفضُ التطبيع قرار شعبيّ نهائيّ في مصر، لا سبيل إلى تجاوزه والتحايل عليه. وفي لبنان، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود لرسم الحدود، وقام أنصار مقاومة التطبيع اللبنانيون بحرق الأعلام الإسرائيلية في مسيرة للاحتجاج على المحادثات. إن الشارع العربي قد استفاق على خطورة المطبعين الذين يحكمونه وعلى خطورة التطبيع نفسه، وهذا امر في غاية الأهمية إذا وضعنا في الاعتبار بأن الرفض الحقيقي للتطبيع هو الرفض الشعبي. كان رفض التطبيع والتحذير منه محصور في شرائح من المثقفين والاحزاب بدرجة او اخرى، ولكن الهرولة الخليجية والمغرب والسودان للتطبيع، إضافة لانتصارات تحالف المقاومة، أحدثت ردة فعل في الوعي الشعبي في الوطن العربي، وهذا يتطلب تطوير ادوات مواجهة التطبيع وتعبئة الجماهير ضده. فهل ستفهم الدرس الانظمة في الإمارات والبحرين والسودان و... بأنّ الشعوب غير راضية عن التطبيع.