أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الوضع في سورية يزداد تعقيداً، لافتاً إلى أن "من يظن أن المعارضة قادرة على السيطرة فهو مخطئ، فالصراع ليس بين النظام والشعب، في سورية هناك نظام وشعب معه وفريق يستعين بقوى اقليمية ودولية ادّى دعمها الى مواجهة مسلحة".
وتابع السيد نصرالله، في كلمة القاها خلال حفل التخرج الجامعي السنوي ال23، دفعة الرسول الأكرم (ص)، قائلاً " إلى كل من يناقش في الأخلاق اسأله هل أهل قطنه سوريين أو جلب، هل أهل جرمانا سوريين أو جلب، والكثير من المدن التي ترسل سيارات مفخخة إليها عند عودة التلاميذ والعمال الى منازلهم. أنا اسألهم أين الموقف الأخلاقي من الشعب السوري الذي تقتله المعارضة ويُقتل على الحائط أمام الكاميرات أين الموقف الأخلاقي ممن يُلقى بهم من أعالي البنايات وممن يُقتل على الهوية في سورية، إذاً هناك نظام يدافع عن قناعته وهناك مجموعة مسلحة تخوض قتالاً قاسياً ودامياً، والمعركة طويلة في سورية".
وفي سياق متصل، تساءل السيد نصرالله عن أسباب رفض بعض الأطراف للحل السياسي في سورية، مشيراً إلى أن "رفض الحوار يعني الإستمرار في المعركة المسلحة ونزف الدم، إذا استمر القتال في سورية فهناك الكثير من القوى الإقليمية مستفيدة من هذا الصراع". إضافةً إلى ذلك، فقد شدد السيد نصرالله على أن كل من يراهن على قرب سقوط النظام في سورية هو مخطئ، موضحاً أن "بعض وسائل الإعلام تعمل على إظهار دمشق كمنطقة ستسقط بيد المعارضة، أي منصف يمكن أن ينظر الى خارطة سورية ويشاهد المناطق التي يسيطر عليها النظام وتلك التي تسيطر عليها المعارضة، ويعرف من ذلك أن النظام أقوى".
إلى ذلك، أكد الأمين العام لحزب الله تعاطفه مع الشعب السوري، لافتاً إلى أنه "لطالما قلنا إن قلوبنا تحزن على كل نفس تزهق في سورية، لذا يجب العمل على حوار سياسي وكل من يمنعه هو مجرم يتحمل مسؤولية القتل في سورية، فالمسؤولية الأخلاقية والقومية تكمن في أن تُبذل كل الجهود للقبول بحوار يتنج تسوية سياسية".
وتوجه سيد المقاومة إلى القاعدة، قائلاً إن "بعض الحكومات في العالم الإسلامي والغربي نصبت كميناً لكم في سورية، وفتحت لكم ساحة في سورية تأتون إليها حتى يقتل بعضكم بعضاً، وأنتم وقعتم في هذا الكمين. ولو فرضنا أن هذه الجماعات استطاعت أن تحقق انجازاً، فهي أول من سيدفع الثمن في سورية كما دفعته في دول اخرى". كما توجّه السيد نصرالله الى فريق الرابع عشر من آذار، بأن الولايات المتحدة الأميركية "لا تريد للموضوع السوري أن ينتهي، وذلك لحصد المزيد من القتلى لاستنزاف سورية وشطبها من الإعتبار القومي".
"اسرائيل" القوية الجبارة انتهت إلى الأبد.. ولم يطرأ أي تغيير على العلاقة مع حماس
من جهة أخرى، أعلن السيد نصرالله أن "المسار الإنحداري" لكيان العدو "بدأ عام 2000 عندما تمت هزيمة اسرائيل بعد أن خرجت ذليلة دون قيد أو شرط من جنوب لبنان، وهذا كان المسمار في نعش اسرائيل والمسامير الباقية آتية"، مؤكداً على أن "اسرائيل" هُزمت في العدوان الأخير الذي شنته على قطاع غزة، "وتوسلت الحل يجب أن نسجل أن اسرائيل القوية الجبارة المرعبة انتهت الى الأبد".
وعن العلاقة بين حماس وحزب الله وايران، أكد السيد نصرالله أن العلاقة مع حماس لا تزال طبيعية وأنه لم يطرأ أي تغيير عليها. وقال السيد نصرالله، رداً على ما قيل عن "أن حماس انتقلت من الحضن الفارسي إلى الحضن العربي"، إن "ايران تقوم بواجبها العقائدي، وأنها طوال ثلاثين عاماً تقدم الدعم دون قيد أو شرط، لكن إذا قامت الدول العربية بإعطاء المال والسلاح والصواريخ إلى غزة، فنحن سنحيي هذه الدول وسنسير خلفها".
وتعليقاً على ذهاب وفد من فريق 14 آذار الى غزة لتهنئة الشعب الفلسطيني على انتصاره ضد "اسرائيل" في العدوان الأخير، قال السيد نصرالله "أنا فرحت كثيراً وهذا شيء جيد، وأنا أشجع ذهاب هذا الفريق الى غزة ولا نريدهم أن يؤيدوا سلاح المقاومة في لبنان فالمقاومة في لبنان يصلها حقها عندما يهنئون المقاومة في غزة".
وعلى غرار ذلك، ذكّر نصرالله فريق 14 آذار بالإنتصار الذي حققته المقاومة في حرب تموز، متسائلاً "ماذا قيل بعد ذلك؟ إن حزب الله لم ينتصر واسرائيل لم تهزم"، مضيفاً أنه "لا يريد البعض أن يعترف بفوزنا، في وقت شكلت فيه اسرائيل عشرات الفرق لتأخذ الدروس والعبر وتمّ بناء جيش جديد بإمكانيات جديدة وتدريبه". هذا ولفت نصرالله أنه وبالرغم من كل هذه التدريبات فقد "شاهدنا بأم العين كيف أجبر صاروخان أو ثلاثة نزلوا في تل أبيب القيادة الإسرائيلية إلى النزوح باتجاه الملاجئ وجعلتهم يرفعون العشرة أمام قطاع أعزل ومحاصر".
إصرار الفريق الآخر في لبنان على مقاطعة الحوار يهدف إلى الضغط على الحكومة.. وأدعوكم إلى عدم المراهنة على سقوط النظام السوري
على صعيد آخر، عزا السيد نصرالله أسباب تعطيل طاولة الحوار "لأن الفريق الآخر قرر المقاطعة والهدف من ذلك إسقاط الحكومة ولم تسقط الحكومة لا في الشارع ولا في المقاطعة، وليس بسبب تمسكنا بل بسبب المعطى الدولي". ورأى الأمين العام لحزب الله أنه إذا كانت مقاطعة طاولة الحوار تهدف لإسقاط الحكومة "فهذا لم يحصل ولكن إصرار الفريق الآخر على المقاطعة ليس الهدف منه الضغط على الحكومة، فالهدف هو تعطيل مجلس النواب حتى لا يتمّ اقرار قانون انتخاب، وهذا يضعنا أمام خيارين: إما انتخابات وفقاً لقانون الستين، أو عدم حصول الإنتخابات وكلاهما سيء".
وفي السياق، توجه السيد نصرالله إلى فريق 14 آذار، ناصحاً اياهم بعدم المراهنة على قرب سقوط النظام السوري، قائلاً "ألفت عنايتهم الى خطأ في التقدير، فيا شباب لديكم تقدير على أساسه تقاطعون وتمنعون أي إنجاز لهذه الحكومة من خلال المراهنة على سقوط النظام السوري، ولكن هل هذا التقدير صحيح، من اليوم الأول لبدء الأحداث في سورية قال البعض إن النظام السوري سيسقط بعد شهرين وقد مضى على بدء الأزمة سنتين". وتابع السيد نصرالله "هذه التقديرات خطأ وعلينا أن نجلس الى طاولة الحوار وفي المجلس النيابي لتمرّ هذه الأزمة، المسار الطبيعي يتمثل في أن نجلس سوياً وأن ندرس قانون انتخابي جديد، وبعد الإنتخابات تشكّل الحكومة وفقاً للقوى التي تفرزها الانتخابات".
يجب الإنتهاء من ملف سلسلة الرتب والرواتب.. وعلى الدولة القيام بواجباتها في ما يخص الأزمة المعيشية
وعن سلسلة الرتب والرواتب، أشار السيد نصرالله إلى أنه "هناك خط عريض لا نختلف عليه وهو أن الوضع الحالي غير مناسب، وضع الشرائح التي تطالها هذه السلسلة غير مناسب وعلى الحكومة أن تعالجه وفق قدراتها". وأضاف نصرالله "نحن نعتقد كجزء من الحكومة وجزء متواضع، أن هناك موارد للتمويل تحتاج الى الجرأة والتعاون من البعض وأنا أناشد في هذا الحفل الحكومة أن تخرج من سلسلة الجلسات المتعلقة بسلسلة الرتب، وأن تجتمع في جلسة جدية ولو هناك خلافات في وجهات النظر، فالحكومة سترسل المشروع الى مجلس النواب وكل الكتل موجودة هناك، بالنهاية هذا المستوى من القرارات يحتاج الى مشاركة الجميع حتى الأطراف الغير موجودة في الحكومة لأسباب سياسية تتمثل في أنه آن الأون للحكومة أن ترسل هذا القانون الى مجلس النواب والإنتهاء من هذا الملف".
وعن الأزمة المعيشية التي يعاني منها اللبنانيون، اعتبر السيد نصرالله أن "حجم المعاناة في لبنان أصبح كبيراً جداً"، داعياً الدولة إلى القيام بواجباتها "فليس شرط الحل هو زيادة الرواتب بل يجب تخفيف النفقات على الناس، وهنا نحتاج الى برنامج حقيقي". ولفت السيد نصرالله إلى أن بعض الأطراف "لا تولي هذا الموضوع اهتماماً"، بل يقتصر خطابها على مهاجمة "المقاومة وسلاحها". وفي معرض حديثه، شدد السيد نصرالله على أن"الفقر لم يعد ميزة طائفة محددة"، داعياً الفريق الآخر إلى الجلوس "لدرس الأزمة المعيشية، واذا اختلفنا على موضوع اسرائيل وفلسطين فعلى هذا الموضوع متفقين فلنتحاور فيه".