انتخابات كنيست خامسة أم ناتنياهو ؟ محمد محفوظ جابر تجري انتخابات الكنيست يوم الثلاثاء المقبل في 23/3/2021، في ظل تخوف الناخبين من المشاركة بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، وانتقال العدوى لهم ، وهذا سيؤدي حتما الى انخفاض اعدادهم، علما بأن هذه هي الانتخابات العامة الرابعة من نوعها خلال أقل من عامين، مما يجعل الناخب الإسرائيلي لا يبدي حماسًا للذهاب إلى صناديق الاقتراع، مقابل التمترس في مواقفه السياسية، بدليل عدم تغيير نمط تصويته ثلاث مرات، واستمرار الأزمة السياسية، وهذا ايضا سيكون عاملا آخر في انخفاض أعداد الناخبين. وتبيّن الاستطلاعات الأخيرة حصول معسكر رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين ناتنياهو، على 60 مقعدًا، منها (30-32 مقعد لليكود) بمعنى مقعد واحد أقلّ من العدد المطلوب لتشكيل الحكومة. وتظهر النتائج أنّ إمكانية تشكيل حكومة من المعسكر المعارض لنتنياهو هي إمكانية مستبعدة. وإلى جانب احتمال عدم تمكن ناتنياهو من تشكيل حكومة، يكون الخيار بالتوجه إلى انتخابات خامسة. وهكذا يرى المراقبون أنه لا تغيير في "إسرائيل"، لجهة التخلص من حكم بنيامين ناتنياهو، وأن الفشل في تشكيل حكومة جديدة قادم، وهذا سيؤدي الى انتخابات خامسة في الصيف. ولكن قد تحل بموقف منصور عباس من حزب القائمة العربية الموحدة/ الاسلامية الجنوبية، حيث لا يستبعد عضو الكنيست منصور عباس، دعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو غيره من السياسيين اليمينيين بعد الانتخابات، وقد أثار منصور عباس الجدل بين العرب بسبب استعداده المعلن لتجاوز الخطوط الحمراء التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق، مثل التصويت لمنح رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو حصانة من الملاحقة القضائية وربما حتى لدعم ائتلافه المستقبلي، كما أثار الغضب عندما سحب حزبه من تحالف القائمة المشتركة للأحزاب ذات الغالبية العربية. هذا يعني ان نجاح قائمة منصور عباس، ولو بصوت واحد هو ضمان لنجاح ناتنياهو لتشكيل الحكومة القادمة حسب الاستطلاعات الاخيرة. احتمالات سقوط ناتنياهو: في اعتقادي هناك عدة عوامل داخلية وخارجية تساهم في احتمال عدم نجاح ناتنياهو وهي: اولا: صراعات داخلية في الليكود: في 8 ديسمبر/كانون أول/2020 أعلن جدعون ساعر المنافس السابق لنتنياهو على زعامة حزب "الليكود" مغادرته الحزب. وبعد ذلك أعلن عن تشكيل حزبه الجديد "تيكفا حدشا" اي "أمل جديد" وخوض الانتخابات البرلمانية. وتعهد ساعر، بأنه لن يجلس في أي شكل من الأشكال في حكومة يرأسها بنيامين ناتنياهو، وقال في مقابلة صحفية إن "مصلحة إسرائيل تستلزم استبدال نتنياهو". وأدلى زئيف إلكين، وزير من “الليكود” وأحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو، بيانا تضمن إدانة مذهلة للزعيم الإسرائيلي أعلن فيه عن قراره المفاجئ بالاستقالة من الليكود والانضمام إلى خصم نتنياهو، غدعون ساعر، مفسرا قراره بفقدانه الثقة برئيس الوزراء ومتهما إياه بوضع مصالحه الشخصية بشكل متزايد قبل مصالح الدولة، واتهم إلكين ناتنياهو ب ”تدمير” الليكود، وزعم أن الكثيرين في الحزب يوافقونه الرأي ولكن بصمت، وقال إنه لم يعد بإمكانه أن يوصي للإسرائيليين ب ”دعم شخص لم أعد أثق به” ووضع مصيرهم بين يديه. وأعلن رئيس بلدية إيلات مئير يتسحاق هاليفي، انضمامه إلى قائمة "تكفا حداشا" برئاسة جدعون ساعر. وبهذا ينضم إلى يفعات شاشا بيطون، زئيف إلكين، تسفي هاوزر، يوعاز هندل وغيرهم ممن انضموا إلى ساعر. وكان صدر بيان عن الحزب باسم يتسحاق هاليفي قال فيه: "قررت ترك حركة الليكود لأن الحركة وزعيمها، بنيامين نتنياهو، غيروا وجوههم وخيبوا آمال الجمهور. إن خروج هذه القيادات من الليكود هو إضعاف له ولاحتمالات نجاح ناتنياهو. ثانيا: الناخبون العرب: تاريخيا قام نتنياهو بإلقاء خطابات عنصريةً وتحريضًية ضد الفلسطينيّين في الداخل، خاصة في أوقاتِ الانتخابات، ليكسب الاصوات، وضمنها الحملات الانتخابيّة الأخيرة في العامين الماضيين. وتوضّح الرسالة التالية، استمرار هذهِ الأساليب، وجاء فيها: “لا يجب تشكيل حكومة يسارية خطيرة مع لبيد وأيمن عودة وغانتس وليبرمان، حكومة يسارية علمانية ضعيفة، تعتمد على أصوات العرب؛ الذين يريدون تدميرنا جميعًا، نساء وأطفالًا ورجالًا، وتسمح لإيران نووية بالقضاء علينا جميعًا”. وأُرسلت هذه الرسالة إلى هواتف وحسابات “فيسبوك” العديد من الناخبين الإسرائيليين، كجُزء من الحملة الانتخابيّة لحزب الليكود، في أيلول/ سبتمبر 2019 الماضي. الحملة الانتخابيّة التي يقودها ناتنياهو حاليًا، تختلف عمّا سبقها، ان المعركة الانتخابية هي معركة داخل معسكر اليمين، لذلك بات التوجّه إلى المجتمع الفلسطيني في الداخل ضرورة في ظلّ صراع محتمل داخل القائمة المشتركة، ويشمل ذلك “التحركات الضرورية لناتنياهو لجذب الناخبين، مثل الإقدام على خطوة جادة في موضوع الجريمة والعنف في المجتمع العربي، وهي المشكلة الأولى التي تتصدر اهتمام العرب الفلسطينيين. وقد احتج مئات المتظاهرين العرب واليهود على زيارة رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو إلى مدينة الناصرة العربية، وطالبوه بالخروج من المدينة، وهتف المتظاهرون “بيبي، اخرج! اخرج!”. وكان المتظاهرون مزيجًا من سكان الناصرة المحليين، بالإضافة إلى عدد كبير من النشطاء اليهود المناهضين لنتنياهو المنتسبين إلى حركة “الأعلام السوداء” الاحتجاجية، والتي تسعى إلى استقالة رئيس الوزراء. وتحدث ناتنياهو في كلمته عن فرصة لـ ”عهد جديد” للعلاقات اليهودية والعربية في "إسرائيل" في محاولة لاستجداء اصواتهم. وقال: “إذا كان بإمكان اليهود والعرب الرقص معا في شوارع دبي، فيمكنهم الرقص معا هنا في إسرائيل. اليوم تبدأ حقبة جديدة من الازدهار والتكامل والأمن”، مشيرا إلى اتفاقيات التطبيع الموقعة مؤخرا مع أربع دول عربية. ووعد رئيس الوزراء بأنه سيمرر خطة واسعة النطاق لمكافحة العنف والجريمة المنظمة في البلدات العربية “قريبا جدا”. ولكن إحدى زميلات عباس في الكنيست، النائبة عايدة سليمان، قالت إنها «تشعر بالحرج» لأنه ما يزال هناك شخص «يعتقد أن بإمكانه الحصول على شيء جيد من ناتنياهو. لسنا بحاجة إلى إقناع اليمين الفاشي للحصول على حقوقنا. هذا أمر لا يغتفر».( طالما هذه قناعتها ،لا اعرف لماذا هي عضو كنيست) في مدينة الناصرة كان الرد على ناتنياهو واضحا لا اصوات عربية لدعمه. ثالثا: موقف السلطة الفلسطينية: بحسب تقرير: عضو الكنيست فطين ملا على اتصال بمسؤولين في رام الله بهدف تشجيع مواطني إسرائيل العرب على دعم رئيس الوزراء في الانتخابات المقررة في مارس؛ وان السلطة الفلسطينية تخشى من قائد أكثر تشددا. حزب الليكود وصف التقرير بأنه “هراء مطلق. يعلم الجميع أن السلطة الفلسطينية تفضل زعيم حزب ’يش عتيد’ الوسطي يائير لابيد كرئيس للوزراء بدلا من ناتنياهو”. ومن المعروف ان السلطة تقف عادة مع القائمة المشتركة. رابعا: موقف الاردن: كانت العلاقات الأردنية الإسرائيلية شبه مجمدة خلال السنوات الاخيرة، بسبب سلوكيات ناتنياهو في تعامله مع الاردن. ويعتقد مراقبون أن هناك تحول جرى في مسار العلاقة يعود لعدة عوامل، منها سقوط ترامب من الحكم، ونجاح بايدن، وفي نفس الوقت هرولة دول عربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني. فقد جرت لقاءات معلنة وغير معلنة بين مسؤولين أردنيين وإسرائيليين، كان آخرها لقاء هو الثالث خلال أشهر، جمع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بنظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي عند نقطة جسر الملك حسين. وتزامنت اللقاءات مع مقال كتبه الأمير الحسن بن طلال في صحيفة يديعوت أحرنوت، دعا فيه إلى التقارب بين الطرفين ودفع عملية السلام على مبدأ حل الدولتين، وكسر الجمود للوصول إلى سلام شامل في الشرق الأوسط من خلال صفقات قائمة على المصالح الاقتصادية والتحالفات الدفاعية أمام الأعداء المشتركين. الاتصالات لا تشمل تجديد العلاقة مع ناتنياهو، بل لفتح قناة تواصل خلفية مع التيار الإسرائيلي المناهض لنتنياهو، وخاصة ان وفودا فلسطينية من المنطقة المحتلة 1948 تأتي للتفاعل مع الاردن أحيانا. ولكن بعد اللقاءات حدثت ازمة جديدة حول زيارة الامير حسين ولي العهد الاردني للمسجد الاقصى واخرى هي منع طائرة تقل ناتنياهو الى الامارات. باختصار الاردن لن يدعم ناتنياهو. خامسا: موقف الولايات المتحدة: قالت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) إن وسائل الإعلام والطبقة السياسية في "إسرائيل" عاشت حالة من التوتر بسبب تأخر الاتصال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، وأرجعت واشنطن بوست تأخر الاتصال بين الرئيس الديمقراطي الجديد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إلى عدة أسباب، من بينها تاريخ ناتنياهو الطويل في التحالف مع الحزب الجمهوري والسعي لمساعدة مرشحيه للرئاسة. وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سافر إلى واشنطن مع بدء حملة إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب في العام الماضي، لتأييد خطته للسلام في الشرق الأوسط التي لم يكتب لها النجاح، ووصفه بأنه "أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق". كما صرح في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، بأن هناك خلافات بينه والرئيس الأميركي الجديد حول ملفي إيران والقضية الفلسطينية وقال إنه أكثر ميلا للوقوف في وجه رئيس الولايات المتحدة الجديد من منافسه الليبرالي في الانتخابات الإسرائيلية، وفقا لواشنطن بوست .هذا بالطبع يؤكد أن بايدن لن يدعم ناتنياهو في الانتخابات. الخلاصة واستنادا لكل ما ورد يجب ان يسقط ناتنياهو في الانتخابات ولكن الاستطلاعات الاخيرة تدل على عكس ذلك، وهنا يبرز السؤال؟ لماذا لا يسقط ناتنياهو وجميع القوى المؤثرة في الانتخابات هي ضده؟ لقد أصبح واضحاً انحراف المجتمع الإسرائيلي إلى أقصى اليمين، ما يعني فشل أي جهود لإحياء ما يسمى مسيرة السلام والمفاوضات، في مقابل التغول الاستيطاني بشكل سيغير الواقع الجغرافي والديمغرافي في الضفة الغربية خلال السنوات المقبلة. وسوف يتوزع الحجم الاكبر من الاصوات بين احزاب اليمين: "الليكود" وحزب "أمل جديد" المنشق عن "الليكود" برئاسة جدعون ساعر، وحزب "يمينا" الاستيطاني برئاسة نفتالي بينيت، و"إسرائيل بيتينو" برئاسة ليبرمان، و"يش عتيد" (هناك مستقبل) برئاسة يئير لبيد، وهذا يعني ان التحالف بين الأحزاب الأربعة شبه المنسجمة في التوجهات السياسية والاقتصادية وإجماعها على الاستيطان والفصل العنصري سيحصل على ٦٢ مقعداً، الأمر الذي يعني الحصول على الأغلبية، ولكن اذا تحالف احدهم مع الليكود: يفوز ناتنياهو والا هناك انتخابات خامسة.