قصيدة وَطَنُ الظَّفَائِرِ
الشاعر عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ
وَطَنُ الظَّفَائِرِ دَوْحَةٌ لِحَمَامِي
وَ رَبِيعُهُ الْمَنْشُودُ مِسْكُ صِيَامِي
مِنْ نُطْفَةِ التَّكْوِينِ مِنْ ظُلُمَاتِي
أَتْلُو عَلَيْهِ بَيَانَ وَحْيِ غَرَامِي
هُوَ رِحْلَةُ الْمِعْرَاجِ فِي مَوَّالِي
هَذَا التُّرَابُ سَفِينَةٌ لِرِسَامِي
لِتُزَغْرِدَ الْخَضْرَاءُ نَبْضُ حَيَاتِي
زَخَّاتَ شُهْبٍ مِنْ رِئَاتِ حُسَامِي
مِنْ سَابِقِ الْأَزْمَانِ كَانَ ضِيَائِي
كَالشَّمْعَدَانِ يُنِيرُ رُكْنَ جِهَامِي
يَا قِصَّةَ الْأَوْطَانِ ذِي أَعْرَاقِي
قِبْصِيَّةُ الْإِشْرَاقِ نَسْلٌ حَامِي
أُمُّ النَّسَائِمِ لَحْنُ فَيْضِ مِدَادِي
مَعْزُوفَةٌ قَدْ عَالَجَتْ أَسْقَامِي
أُصْغِي إِلَيْهَا فِي نَشِيدِ الشَّابِي
صَوْتُ الْإِرَادَةِ مَصْدَرُ اِسْتِلْهَامِي
تَاجُ الْحَضَارَةِ فِي كِتَابِ شُمُوخِي
عَرَبِيَّةٌ مَحْمُودُهَا صَمْصَامِي
حَازَتْ جَمَالَ الْوَصْفِ فِي إِنْشَادِي
أُنْسُ الْمَبَاهِجِ قِمَّةُ آكَامِي
وَطَنٌ مِنَ الْأَقْمَارِ كَمْ إِسْرَاءً
يَسْمُو لِحُضْنِ الْبَدْرِ مِنْ أَحْلَامِي
لِيُعَانِقَ السَّرْجَ الْذِّي بِجَوَادِي
نَجْمٌ هِلَالُهُ قُدَّ مِنْ أَصْوَامِي
هُوَ رَايَةُ التَحْرِيرِ فِي أَلْوَانِي
بَيْضَاءُ قَلْبِي وَ اِحْمِرَارُ تِلَامِي
عِنْدِي إِلَيْهِ وَ فِي الْفُؤَادِ وَمِيضِي
يَنْسَابُ زَحْفًا مِنْ مَعِينِ جِمَامِي
لِيَكُونَ بَعْثًا لِلْوُجُودِ صَبَاحِي
رَقْصٌّ عَلَى الْأَضْلَاعِ لَيْلَ رُخَامِي
وَطَنُ الْجَوَاهِرِ جَنَّةٌ لِلْآتِي
مِحْرَابُ عِزٍّ فِي مَدَى أَعْوَامِي
مِنْ أَوَّلِ التَّارِيخِ أَعْلَنَ ذَاتِي
لُغَةٌ تُأَسِّسُ فَنَّ نَقْشِ سَنَامِي
لِلْأَبْجَدِيَّةِ حَافِظٌ إِسْنَادِي
رَقْمٌ مَتِينُ الْعَدِّ فِي إِدْغَامِي
رَغْمَ الْمَكَائِدِ وَ النَّزِيفِ الدَّامِي
مِنْ خَارِجٍ أَوْ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِي
سَتَظَلُّ بَوْصَلَةَ الطَّوَافِ التَّالِي
فَوْقَ الْمَطَامِعِ قِبْلَةً لِقِيَامِي