الجمعة 22-11-2024

الدعم الأعمى الخليجي لمنتجات المستوطنات

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

الدعم الأعمى الخليجي لمنتجات المستوطنات

بالرغم من الحساسيات السياسية، يبدو ان الشركات في الإمارات والبحرين غير مهتمة بمكان تواجد شركائها التجاريين

بقلم رفائيل أهرين

في نوفمبر 2015، خصصت إحدى الصحف في الإمارات العربية المتحدة مقالا طويلا لإرشادات الاتحاد الأوروبي الصادرة حديثا حول تمييز منتجات المستوطنات الإسرائيلية.
وكتبت صحيفة “غولف توداي” في ذلك الوقت أن “قرار الكتلة المكونة من 28 دولة جاء بعد شهور من المماطلة، لكنه يبرز على ما يبدو غضب الكتلة بشأن استمرار إسرائيل في توسيع المستوطنات في الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية فيها”، داعية إلى فرض عقوبات على إسرائيل. “ستعتبر إسرائيل عدم اتخاذ أي إجراء من جانب المجتمع الدولي بمثابة دعم لأعمالها القمعية”.
وبعد أربع سنوات، بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبية بضرورة تصنيف المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية على هذا النحو، نشرت الصحيفة التي تتخذ من الشارقة مقرا لها مقالا أخرا حول هذه القضية، مشيدة “بالقرار المناسب والمرحب به” للقضاة.
وتابعت الصحيفة أن الدعم الأعمى من قبل الإدارة الأمريكية “شجع إسرائيل على السير في طريق خطير”. وانتهى مقال 12 نوفمبر 2019 بدعوة جميع الدول الأوروبية إلى “تنفيذ الالتزام القانوني والسياسي بخصوص وضع العلامات على منتجات المستوطنات”.
وبعد 12 شهرا، وقعت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ما يسمى باتفاقيات إبراهيم، وسرعان ما أقاما علاقات دبلوماسية وتجارية نشطة. وتعرض المتاجر الإماراتية بفخر المنتجات الإسرائيلية، بما في ذلك على ما يبدو بعض المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية – لكن لا أحد يتحدث عن وضع العلامات.
وفي عصر السلام الجديد هذا، لم تعد فكرة التمييز بين البضائع رائجة في الخليج العربي.
ويوم الإثنين، وقعت شركة Tura Winery، التي يقع مقرها في مستوطنة “رحاليم” بالضفة الغربية، ولكنها تصنف منتجاتها بفخر على أنها “من أرض إسرائيل”، صفقة مع شركة FAM Holding التي مقرها دبي.
وكتبت الشركة في منشور على صفحتها على فيسبوك، مصحوب بعدة صور لمالكة الشركة فيريد بن سعدون تصافح شريكها التجاري الجديد في حفل التوقيع في دبي: “الآن يمكن الكشف: لقد وقعنا اتفاقية تعاون خاصة بشأن توزيع نبيذ وزيت [الزيتون] ’طورا’ في جميع أنحاء الإمارات. مباشرة من رحاليم في إسرائيل إلى الإمارات – تاريخ!”
وفي حديثها لتايمز أوف إسرائيل يوم الثلاثاء من دبي، حيث قالت إنها على وشك تحقيق صفقات إضافية، قالت بن سعدون إنه لم يتطرق أي من الأشخاص الكثيرين في قطاع الأعمال الإماراتي الذين تحدثت معهم إلى مسألة وضع العلامات.
وقالت: “لم أواجه أي معارضة على الإطلاق. وصفنا الجميع بأبناء العم أو الإخوة، وعاملونا حقًا كعائلة”.
وعلى الرغم من أنها لم تتحدث إلى مسؤولين في حكومة الإمارات، إلا أنها قالت إن العديد من الأشخاص الذين قابلتهم في دبي فخورون بالتعامل معها ويرون أن عملها يعزز التواصل بين الناس.
“بالإضافة إلى الجانب التجاري، آمل أن يأتي هذا بعصر جديد من الأمل. إذا عملنا معًا، فالسماء هي الحد”، قالت.
واحتفل مجلس السامرة الإقليمي، الواقع في قلب الضفة الغربية، والذي ساعد في التوسط في الصفقة، بـ”إنجاز استراتيجي وطني لدولة إسرائيل”.
وكتب رئيس المجلس يوسي دغان على فيسبوك يوم الإثنين أن الاتفاقية مع شركة FAM Holding هي “جزء هام من عملية استراتيجية لتعزيز السامرة – من ناحية عدد السكان، البنية التحتية والثقافة. نحن نعمل بجد، باستمرار، وفي أي مكان، لتحويل السامرة إلى قوة اقتصادية – تم تحطيم سقف زجاجي آخر!”
وكان دغان قد قاد أول وفد مستوطنين إلى الإمارات في منتصف نوفمبر، حيث عقد “اجتماعات عمل ماراثونية” مع حوالي 20 فردا وشركة يعملون في مجالات الزراعة ومكافحة الآفات والبلاستيك.
وكتب في منشور على فيسبوك في ذلك الوقت، “أستطيع أن أشهد: الاهتمام بالمنتجات المصنوعة في السامرة هائل. اقتصاد قوي وراسخ يساوي مستوطنات قوية وراسخة”.
ولطالما كان وضع العلامات على المنتجات من المناطق التي لا يعترف بها معظم المجتمع الدولي كأراضي إسرائيلية مسألة خلافية. ويدعي الدبلوماسيون الأجانب بأنه القول بأن المنتج من إسرائيل بينما صنع بالفعل في مناطق حتى الحكومة الإسرائيلية لا تعتبرها أرضا ذات سيادة أمر مضلل.
لكن يقول مناصرو إسرائيل إنه يتم التمييز ضد المستوطنين الإسرائيليين بشكل غير عادل، لأن المنتجات من أي منطقة أخرى متنازع عليها في أي مكان آخر في العالم لا تخضع لنظام وضع العلامات، الذي ينتهك اتفاقيات التجارة الدولية، بحسب ادعائهم.
ويدعو قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334 جميع الدول إلى “التمييز، في تعاملاتها ذات الصلة، بين أراضي دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967”. ولكن خلافا للاتحاد الأوروبي وجميع دوله الأعضاء، على سبيل المثال، لا يبدو ان الإمارات والبحرين – وهي دولة خليجية أخرى قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل هذا العام – تولي اهتمامًا كبيرًا لهذا المطلب.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة في دبي حمد بوعميم هذا الأسبوع إنه لا يرى مشكلة في استيراد السلع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات، مدعيا أن هذه التجارة تعود بالفائدة في النهاية على الفلسطينيين العاملين في مصانع الضفة الغربية.
وقال بوعميم لصحيفة “جلوبوس” الإسرائيلية: “نحن سوق مفتوح بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذا يعني أنه كلما اتسع نطاق التجارة، وكلما زادت قدرتها على مساعدة مختلف السكان في المنطقة، كان ذلك أفضل”.
ولا تفرق اتفاقيات تطبيع إسرائيل مع أبو ظبي والمنامة بين الأراضي – إنها تتحدث فقط عن دولة إسرائيل، دون أي إشارة إلى خطوط 1967. ووفقًا للعديد من المسؤولين المطلعين على القضية، لم تثر السلطات في الإمارات والبحرين القضية على الإطلاق في تعاملها مع الإسرائيليين.
ووفقا ليوجين كونتوروفيتش، مدير مركز الشرق الأوسط والقانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة جورج ميسون، فإن سياسات الإمارات والبحرين لعدم وضع العلامات هي القاعدة.
وقال إن “الاستثناءات الإقليمية التي يصر الاتحاد الأوروبي على وضعها في اتفاقياته هي الاستثناء وليس القاعدة. مثل هذه البنود ليست مطلوبة بموجب القانون الدولي، ولا تحظى تقريبًا بأي دعم في ممارسات الدول – في الواقع، لا يصر الاتحاد الأوروبي على مثل هذه البنود حتى مع الدول الأخرى التي يعتبرها قوى احتلال”.
وهذا لا ينطبق على الضفة الغربية فقط. في أواخر أكتوبر، تصدر مصنع نبيذ مرتفعات الجولان، ومقره كاتسرين، عناوين الصحف عندما أعلنت الشركة أنها وقعت اتفاقية مع مستورد الكحول الإماراتي “أفريكان+إيسترن” لتوزيع نبيذها.
وفقا لبيان صحفي صادر عن مصنع النبيذ، سيتم توفير منتجاته في دبي وأبو ظبي بحلول أوائل نوفمبر. لكن بحثا سريعا على موقع المستورد الإماراتي هذا الأسبوع أظهر عدم وجود نبيذ من إسرائيل، بما في ذلك الجولان.
ورفضت الشركة التعليق على هذا المقال.
“هذا بالتأكيد ليس شيئا يثقل كاهلهم”
قال آفي زيمرمان، الذي أسس ويرأس غرفة التجارة والصناعة في يهودا والسامرة: “صُممت اتفاقيات أبراهام لإعطاء الأولوية للتعاون وتمهيد الطريق للتآزر الاستراتيجي، مع إبعاد القضايا المرتبطة عامة بالصراع السياسي. لذلك، جميع الشركات المسجلة في اسرائيل مشمولة في اتفاقيات إبراهيم”.
وأكد أن جميع المنتجات المصنعة في الضفة الغربية مرحب بها في الإمارات والبحرين.
في الواقع، وجدت منتجات الضفة الغربية طريقها إلى الخليج حتى قبل توقيع اتفاقيات التطبيع. “إنها هناك بالفعل. بعضها تكنولوجية. بعضها صناعية”.
وانطلاقا من “روح التآزر”، تحاول غرفة التجارة التي يرأسها حاليًا “إيجاد فرص للشركات الفلسطينية للاستفادة من الاتفاقيات أيضًا، على المدى القصير من خلال الشراكات مع الشركات الإسرائيلية وعلى المدى الطويل من خلال المشاريع البيئية والبنية التحتية واسعة النطاق التي تشمل كلا الشعبين”، أضاف.
وإذا كانت دول الخليج معنية حقًا بالتجارة حتى مع المستوطنين الإسرائيليين، فلا يزال المسؤولون هناك غير مرتاحين للحديث عن ذلك. وزارة الخارجية الإماراتية رفضت التعليق على هذا المقال.
وقال وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني، خلال زيارة لإسرائيل الأسبوع الماضي، إن جميع السلع والخدمات التي يقدمها الإسرائيليون ستعامل على أنها منتجات إسرائيلية، مشيرا إلى أنه حتى البضائع من الضفة الغربية والجولان لن تتطلب ملصقات خاصة.
وعندما سألته التايمز أوف إسرائيل عما إذا كانت البضائع من المستوطنات موضع ترحيب في البحرين ويمكن تسويقها على أنها “منتجات إسرائيل”، أجاب الزياني بالإيجاب.
وقال الزياني: “لا أرى بصراحة أي فرق بخصوص أي جزء، أو أي مدينة، أو أي منطقة تم تصنيعها فيها”.
وأثارت تعليقاته انتقادات من مسؤولين فلسطينيين ونشطاء مناهضين لإسرائيل، وتراجعت البحرين عن هذه التصريحات بعد فترة وجيزة.
ونقلت وكالة أنباء البحرين الحكومية عن “مصدر رسمي” في الوزارة نفي تصريح الزياني. وجدد المصدر “موقف المنامة الثابت من الالتزام بقرارات الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بشأن المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان السورية”.
وقالت فلور حسن ناحوم، نائبة رئيس بلدية القدس وإحدى مؤسسي لمجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي، إنها لم تواجه “أي مخاوف أو أسئلة على الإطلاق حول من أين تأتي الأشياء” خلال رحلتها الأخيرة إلى الإمارات.
وقالت لتايمز أوف إسرائيل في مقابلة: “هذا لا يهمهم، أو أنهم لم يفكروا في ذلك. هذا بالتأكيد ليس شيئًا يثقل كاهلهم”.
“هناك قلق على رفاهية الفلسطينيين بشكل عام. إنهم يهتمون بأمرهم”، قالت، مشددة على أنها قالت للأشخاص الذين تحدثت معهم في الخليج أن تعزيز الاقتصاد في القدس الشرقية والضفة الغربية يساعد في الواقع العمال الفلسطينيين.
“إنه منطقي تماما للأعمال. إنهم أكبر انصار لاقتصاد السوق أصادفهم في أي مكان على الإطلاق، ولذا فإنهم يؤمنون بكل ما هو جيد لتوفير الوظائف والفرص”.

الحاخام يعقوب آيزنشتاين (يمين) يشرف على تحضير الطعام في Elli’s Kosher Kitchen في دبي، 5 أكتوبر 2020 (GIUSEPPE CACACE / AFP)
وهذا لا يعني أنه لا يوجد لدى الإمارات لوائح بشأن وضع العلامات المناسبة على البضائع المستوردة. لجيها لوائح مثل هذه، وهي شبيهة لتلك التي نشرها الاتحاد الأوروبي في عام 2015، والتي، كما أكدت بروكسل مرارًا وتكرارًا، تهدف فقط إلى تعزيز حماية المستهلك.
وتنص “المتطلبات العامة لملصقات الأغذية” المنشورة من قبل هيئة الزراعة والسلامة الغذائية في أبوظبي: “يجب الإشارة الى البلد / مكان المنشأ على الملصق حيثما من المحتمل أن يؤدي غيابه إلى تضليل المستهلكين فيما يتعلق بالبلد / مكان المنشأ الحقيقي للمنتج”.
“باستثناء اللحوم والأسماك والخضروات والفاكهة الطازجة، فإن وضع العلامات حول بلد منشأ الغذاء أمر طوعي، ولكن إذا كان غياب هذه المعلومات قد يؤدي إلى تضليل المستهلك، فإن العلامات تصبح إلزامية”.
ومع التأكيد على التزامهم بالقانون الدولي والقضية الفلسطينية، يبدو أن شركاء إسرائيل التجاريين الجدد في الخليج لا يعتقدون أنه من المضلل القول إن بضائع المستوطنات صنعت في إسرائيل.

انشر المقال على: