الدمام، لندن – – نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية اليوم مقالا بعث به من مدينة الدمام السعودية مراسلها هيو توملينسون وشاركت في اعداده الصحافية ايمان القحطاني عن قصة شاب كان من بين كثيرين من السعوديين الذين توجهوا الى سوريا للمشاركة في "الجهاد" ضد نظام الاسد، في ما يلي نصه:
"لم تكن لدى محمد الطلق قبل ثلاثة اشهر أي خطط للمشاركة في حرب مقدسة. فهو طالب في الثانية والعشرين من العمر من مدينة البريدة يهوى الالعاب الرياضية ويحقق علامات جيدة في دراسته الجامعية.
قال والده عبد الرحمن "انه لم ينتهك القانون قط. بل انه لم يخالف المرور. كان يحب ان يصحو متأخرا، ويقود سيارته. انه مثل اي شاب العادي".
في الاسبوع الماضي، قتل محمد في سوريا. كان واحداً من عدد متزايد من الشبان السعوديين الذين اقنعهم مسؤولون كبار، يخالفون التعليمات الحكومية القاضية بكبح الحديث عن جهاد جديد، بالانضمام الى القتال ضد الرئيس الاسد. والى جانب هؤلاء فان اعضاء سابقين في تنظيم "القاعدة" يغادرون السعودية ليشاركوا في القتال.
بعد انقضاء حوالي عشرة اعوام على الجهود التي بذلت للسيطرة على الجماعة الارهابية، فان هناك مخاوف في الرياض من تكرار اخطاء الماضي، اذ تواجه المملكة السعودية موجة ردود فعل جديدة من الجهاديين الذين تمرسوا على القتال بعد ان ينتهي القتال في دمشق.
واكد مقاتل سابق في تنظيم "القاعدة" ان كثيرين من زملائه السابقين وصلوا الى سوريا بالفعل. وقد انضم عدد منهم الى "جبهة النصرة" التي وصمتها الولايات المتحدة هذا الاسبوع بانها منظمة ارهابية. واسترد تنظيم "القاعدة "في المملكة السعودية بهدوء نشاطه.
وقال المقاتل السابق: "أعرف ثمانية اشخاص غادروا الى سوريا في تشرين الثاني (نوفمبر) وحده. بعضهم كانوا من معتقلي "القاعدة" السابقين، ولا يزال يسري عليهم حظر السفر".
اما الذين لا يسمح لهم بمغادرة البلاد فيجري تهريبهم عبر الحدود الى الاردن، بينما تغمض السلطات عيونها، حسب قوله، وان "هناك اطرافا (داخل المملكة) يريدون ذهاب هؤلاء الشبان والمشاركة في القتال".
ادرك محمد الطلق مدى اندفاع بعض المسؤولين السعوديين في اختيار بعض شبان المملكة لتلبية تطلعاتهم نحو حرب مقدسة جديدة. والبريدة مركز المذهب الوهابي، في المملكة. وكل ما يهم الاصوليين في المدينة، هو ان الحرب ضد الشيعة تعتبر في قمة الاولويات.
وفي أيلول (سبتمبر) قام الطالب بقيادة السيارة لتوصيل شقيقته الى مكان اعتصام سلمي للمحتجين المطالبين باطلاق سراح السجناء الذين القي القبض عليهم من دون محاكمة، ومن بينهم احد اقارب محمد.
بعد ايام قلائل القي عليه القبض وقبع في السجن مع 13 اخرين. وبعد صدور احكام عليهم بالسجن مع وقف التنفيذ و90 جلدة، القى القاضي ابرهيم عبد الله الحسني، خطبة مطولة ضد الشيعة، وقال للمحتجزين ان واجبهم المقدس هو الانضام الى المعركة ضد الرئيس الاسد.
قال عبد الرحمن ان "القاضي كان يلقى محاضرة ويحثهم ضد الشيعة في سوريا. غادر ولدي المحكمة وهو مقتنع تماما بالتوجه الى سوريا. لقد غير القاضي اتجاه افكاره 180 درجة".
لم تمض الا ايام قلائل حتى غادر محمد وخمسة من رفاقه. ووصلت اخباره الى عائلته بعد عبوره الحدود التركية الى سوريا. بعدها ساد الصمت. وعلم والداه بمقتله عبر التويتر.
قال الاب "لا بد ان ارضى بحكم الله، لكنني اشعر بالاسى يملأ نفسي للاسباب التي دعت ولدي الى المغادرة".
وقال ايضا "تحظر الحكومة كل الاحتجاجات السلمية وتحكم عليها بالسجن والجلد، لكن هذا القاضي يحث الشبان على التوجه الى مناطق القتال. انه ليس مؤهلاء للجلوس في غرفة القضاء، لا بد من محاكمته لانه يدعو الى القتل".
وقد انقسمت الرياض منذ البداية بشأن سوريا. ولم يعد بالامكان مقاومة فرصة احلال حكومة سنية محل النظام العلوي في دمشق، وبذلك دقت اسفينا بين سوريا وايران، عدوة المملكة الرئيسة. وهناك قلق متزايد من تدفق المقاتلين الجهاديين الذين ينضمون الى الثوار، مسلحين وممولين من المملكة السعودية وحلفائها.
ودعا كبار رجال الدين الشبان على عدم حمل السلاح، وخفضت الحكومة تجهيز الثوار بالمال والسلاح. وحملت اللواء مجموعات من الاثرياء ورجال الدين وواصلت الحث على العنف الديني. ويبدو ان السلطات لا ترغب في وقفهم او لا تستطيع ذلك".