إسرائيل تستخدم مؤتمر ضد الإرهاب في المغرب لتجنيد العالم ضد إيران
رفائيل أهرين
مارس 2020,10
استخدمت إسرائيل مشاركتها في مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب في المغرب الأسبوع الماضي، والذي كان مخصصا بشكل أساسي للتهديد الصادر عن تنظيم القاعدة، للدعوة إلى اتخاذ إجراء أقوى ضد إيران.
ولدى عودتها إلى إسرائيل من المؤتمر الذي استمر يومين في مراكش، قالت دانا بنفنستي – غباي، رئيسة قسم الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية، إنها وبعض المندوبين العرب في المؤتمر استغلوا الفرصة للتأكيد على التهديد الصادر عن الجمهورية الإسلامية وعملائها الشيعة.
وقالت بنفنستي غباي لصحيفة التايمز أوف إسرائيل يوم الاثنين: “كان الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو تنظيم القاعدة، لكن يمكنني القول إنه تم الحديث عن سلوك إيران الخبيث، وكذلك حزب الله”، في إشارة إلى التنظيم المدعوم من طهران ومقره لبنان.
“بشأن هذه المسألة، اتفقنا مع ممثلي دول الخليج، مما أدى إلى بذل جهد مشترك، الذي حتى لو لم يتم تنسيقه مسبقا، [شهد] ادراج التهديد الإيراني في البيان الختامي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية”.
وفي ختام ما يسمى بمجموعة عمل وارسو لمكافحة الإرهاب والتمويل غير المشروع، والتي انعقدت يومي الأربعاء والخميس في مراكش، أصدرت وزارة الخارجية بيانا أشار إلى كل من جماعة القاعدة السنية وإيران، أقوى أمة شيعية في المنطقة.
وجاء في البيان، “تباحث المبعوثون التهديد المتغير باستمرار الذي تشكله القاعدة والتنظيمات التابعة لها واشاروا الى مجموعة من الجهود التي يمكن استخدامها لمواجهة هذا التهديد القوي، بما في ذلك الترويج لمجموعة من المبادئ غير الملزمة”.
“شارك المشاركون بوجهات نظرهم الإقليمية حول مواجهة القاعدة وناقشوا التهديدات من الجماعات الإرهابية الأخرى. كما أشار عدد من المبعوثين إلى الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران وعملائها، وخاصة حزب الله، والحاجة إلى مواجهة جماعية لدعم إيران المستمر للجماعات الإرهابية”.
وكرست بنفنستي – غباي معظم خطابها لحزب الله، الذي وصفته بأنه “منظمة إرهابية معترف بها، تمولها وتزودها إيران، وتعمل في لبنان، وتستخدم موارد الدولة اللبنانية لاحتياجاتها الخاصة وتستخدم الشعب اللبناني كدروع بشرية”.
وأبلغت مندوبي أكثر من 50 دولة ومنظمة دولية أن حزب الله لديه ترسانة من 150 ألف صاروخ يمكن أن تصل إلى أي هدف في أي مكان في إسرائيل.
وقالت: “بما أن لديهم صواريخ كافية، فإنهم يعملون الآن لإنتاج الصواريخ الدقيقة في لبنان. بإمكان حزب الله اليوم، برعاية إيران وتجهيزها، تحويل الصواريخ إلى صواريخ موجهة بدقة. الآن تخيلوا أن منظمة إرهابية قادرة على إنتاج صواريخ دقيقة يمكنها ضرب هدف حتى بعد 10 أمتار”.
كما أشارت إلى أن حزب الله يواصل نشر الرعب خارج الشرق الأوسط، بما في ذلك في أوروبا، آسيا، غرب إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وقالت إن الرعاة الرئيسيين لحزب الله في طهران يقومون بتصدير الإرهاب إلى العالم من خلال “وكالاتها الخاصة” – مثل وزير الاستخبارات والأمن وسلاح الحرس الثوري الإسلامي – والعديد من وكلائه. وقالت إن هذا يوضح مدى أهمية “إنشاء شبكة دولية، شبكة أمان، ضد النشاط الإيراني المستمر لزعزعة الاستقرار وتقويض كل شيء وتقويضنا جميعا”.
“لقد بدأوا هنا، في منطقتنا [لكن] يريدون الذهاب، لنشر [الإرهاب] في كل مكان”.
وفي حديثها إلى صحيفة تايمز أوف إسرائيل، قالت بنفنستي – غباي، التي حضرت مؤتمراً مماثلاً في المنامة بالبحرين، إن قمة الأسبوع الماضي في المغرب تعد علامة إضافية على التقارب المتزايد بين الدولة اليهودية والعالم العربي.
وقالت: “كان المؤتمر فرصة أخرى للقاء وفود من الدول التي لا نلتقي بها عادة. أستطيع بالتأكيد أن أقول إنني شعرت أن هناك شكوك أقل بكثير ضدنا [من قبل الدول العربية]، ورغبة متزايدة في المشاركة في الاجتماعات التي يحضرها الإسرائيليون. إنهم يرون إسرائيل حقًا كشريك نقاش وثيق الصلة بشأن هذه المسائل”.
ولم يكن بالإمكان نشر اسم بنفنستي – غباي حتى ان عادت إلى إسرائيل يوم الاثنين، لأسباب أمنية.
وتعد إسرائيل واحدة من أكثر من 50 دولة التي تشكل جزءًا من عملية وارسو، والتي بدأت باللقاء الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط، الذي وقع في العاصمة البولندية في فبراير 2019.
وهذا المؤتمر، الذي رعته بولندا والولايات المتحدة برعاية مشتركة، وُصف في الأصل كجزء من الجهود العالمية لمواجهة إيران، ولكن تم التخفيف من حدته لاحقًا وركز بدلاً من ذلك على الهدف الأكثر غموضًا وهو السعي لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
وكان لقاء مجموعة العمل المعنية بمكافحة الإرهاب والتمويل غير المشروع في الأسبوع الماضي هو الاجتماع الأخير لفريق العمل لعملية وارسو قبل انعقاد مؤتمر وارسو الوزاري لعام 2020 المقرر عقده في واشنطن العاصمة.
وفي بيان مشترك صدر يوم الخميس، أقرت الدول والمنظمات المشاركة “بالتهديد المتغير الذي تمثله القاعدة”، ووردت عدة مبادئ للمساعدة في تعزيز “التعاون الجماعي من جانب المشاركين لاستخدام نهج شامل ضد تهديد القاعدة المتغير والمتطور باستمرار”.
وفي الشهر الماضي، حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ترتيب اتفاق ثلاثي، تعترف الولايات المتحدة بموجبه بالسيادة المغربية على أراضي الصحراء الغربية المتنازع عليها، في مقابل قيام المغرب بخطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقام نتنياهو بعدة مبادرات لدى واشنطن خلال العام المنصرم في محاولة للدفع بمثل هذا الاتفاق، لكن مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، عارض الفكرة بقوة، بحسب تقرير لأخبار القناة 13.
في أعقاب ترك بولتون لمنصبه في شهر سبتمبر، طرح نتنياهو المسألة مرة أخرى على وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لكن البيت الأبيض لم يوافق على العرض.
ونقل التقرير عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن جميع الأطراف من ممكن أن تستفيد من الاتفاق المقترح – بإمكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التباهي بنجاحه في تعزيز العلاقات بين إسرائيل وبلد عربي، وبإمكان نتنياهو زيارة المغرب وعقد اجتماع رفيع المستوى مع الملك محمد السادس، ويمكن للرباط ضمان اعتراف واشنطن بمطالبها في الصحراء الغربية.
واحتلت المغرب مساحات شاسعة من الصحراء الغربية في عام 1975 بعد انسحاب إسبانيا من المنطقة وضمتها إليها في خطوة غير معترف بها دوليا.
وتم نقل الاقتراح الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة من قبل مستشار الأمن القومي مئير بن شبات، الذي قال التقرير التلفزيوني إنه طور علاقات مع أحد مساعدي وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. وورد أن علاقة تربط بن شبات وبوريطة بياريف الباز، وهو رجل أعمال يهودي مقرب من كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر.
وتُعتبر المغرب حليفا للولايات المتحدة، وتحافظ منذ فترة طويلة على علاقات استخباراتية غير رسمية لكن وثيقة مع إسرائيل.
ورغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، فقد استضافت المغرب قادة إسرائيليين، ويُسمح للإسرائيليين بالزيارة هناك. ويعيش حوالي 3000 يهودي في المغرب، وهم جزء صغير من عدد اليهود الذي سكن البلاد قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، لكنه لا يزال أكبر مجتمع يهودي في العالم العربي.
في ديسمبر، ذكرت القناة 12 أن نتنياهو كان يأمل في الانضمام إلى بومبيو في رحلة إلى المغرب، لكن عندما اقترح وزير الخارجية الفكرة على المغاربة، رفضوها ورفضوا حتى الحديث عن مسألة التطبيع.
في أكتوبر 2019، شاركت إسرائيل في مجموعة عمل وارسو المعنية بالأمن البحري وأمن الطيران في البحرين.
وعلى الرغم من أن لإسرائيل علاقات مع بلدين عربين، هما مصر والأردن، لكن السنوات الأخيرة تشهد دفئا في العلاقات مع البحرين ودول خليجية أخرى وسط العداء المشترك لإيران.
المؤتمر الذين استمر ليومين في البحرين لم يكن المرة الأولى التي يجلس فيها مسؤولون إسرائيليون وعرب معا في عملية وارسو. في الثامن من أكتوبر، جلس ممثل إسرائيلي مع زملائه من البحرين والسعودية والإمارات واليمن ودول عربية أخرى في مؤتمر حول الأمن الإلكتروني في سول.
بعد ذلك بثلاثة أيام، شارك نائب سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، بنيامين كراسنا، في مجموعة عمل وارسو المعنية بحقوق الإنسان في واشنطن، التي شاركت فيها أيضا العديد من الدول العربية.
ولقد شارك نتنياهو في مؤتمر وارسو الأصلي الذي انعقد في فبراير 2019، إلى جانب شخصيات من العالم العربي. خلال القمة، جلس إلى جانب وزير الخارجية اليمني. في حدث مغلق على هامش القمة، شارك فيه نتنياهو، ناقش وزراء خارجية العديد من الدول العربية بشكل صريح فكرة أن التهديد الإيراني كان مصدر قلق أكثر إلحاحا للمنطقة من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر.
وأشاد مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون بالمؤتمر باعتباره إنجازا كبيرا.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالات.