الجمعة 22-11-2024

كنوز نابلس الأثرية بقلم: منى عساف*

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

كنوز نابلس الأثرية

بقلم: منى عساف*

منذ تأسست نابلس القديمة "حين ضرب أجدادنا الكنعانيون فيها أول ضربة معول على تل بلاطة بين جبلي جرزيم وعيبال قبل ما يزيد عن 5600 عام كما تؤكد الآثار المكتشفة، وكما يؤكد المؤرخون وعلماء الآثار، وأسموها شكيم أي المكان المرتفع، لتصبح بعدها من أهم المدن الكنعانية بموقعها وتجارتها وصلتها مع الشعوب الأخرى والمدن الكنعانية في فلسطين، وقد ورد ذكرها في نصوص "ايبلا" السورية ذات الحضارة العريقة، وفي رسائل "تل العمارنة" الفرعونية، وفي الكثير من المصادر، مما يدلل على تاريخ نابلس وحضارتها ومكانتها وتأثيرها"، كما وردت هذه الفقرة في المقال الأول عن نابلس من سلسلة مقالات لم تنتهي بعد كتبها الكاتب والإعلامي زياد جيوسي بقلمه، وما زالت نابلس كنوز أثرية وثقافية، لذا تمت دعوة الكاتب لإلقاء محاضرة على طالبات مدرسة الشهيد ظافر المصري في أطراف البلدة التراثية والقديمة تحت عنوان: "كنوز نابلس الأثرية"، وشاركت الطالبات فدوى خويرة وماسة قادري ولين فتيان بتصوير المناسبة والمشاركة الاعلامية وتنسيق الترتيبات في القاعة. الكاتب وبعد ان رحبت به مديرة المدرسة المربية انتصار الغول في كلمة مختصرة، وعرفت عليه د. لينا الشخشير المدرسة في المدرسة، وبعد ان القت طالبات من المدرسة فقرة ترحيبية بالضيف وقدمت فرقة كورال المدرسة أغنية: "نابلس يا جبارة"، أخذ الكاتب الضيف الحديث فوجه كلمة شكر للسيدة انتصار الغول مديرة المدرسة على اهتمامها وغيرتها على نابلس ودعوتها للكاتب، ووجه تحية اجلال وإكبار للاستاذة د. لينا الشخشير حيث قال: "لولا تنسيقها وترتيبها برنامج الجولات في نابلس لما كان لهذه المقالات التي ستنشر في كتاب أن تتم"، وقدم تحية شكر لشركة الجبريني لمنتجات الألبان على رعايتها للمحاضرة بمشاركة السيد سائد بشارات مدير مبيعات منطقة الشمال في الشركة حيث جرى تقديم العصائر ومنتجات الالبان من الشركة لكل الحضور، وقال الكاتب: علينا ان نشجع المنتج المحلي ونقاطع تماما أي منتج للمحتل، فكل منتج نشتريه من انتاج العدو يعني اننا ندفع ثمن الرصاص الذي يخترق اجساد ابناؤنا بشكل شبه يومي، كما وجه الكاتب تحية لرفيق الجولات الأستاذ سامح سمحة والذي شارك الكاتب في جولات كثيرة بسيارته الخاصة سواء في نابلس او مناطق غيرها مثل بيت ليد وهربة الحمام وكفر اللبد وكفر زيباد وكفر عبوش ومناطق متعددة من جيوس وغيرها، والذي رافق الكاتب في هذه الزيارة ايضا لعقد المحاضرة في مدرسة ظافر المصري وزيارات ومحاضرات سابقة. تحدث الكاتب عن التراث باعتباره حافزا على التغيير واشار كيف يسرق العدو التراث ومن ثم انتقل للحديث عن متحف ظافر المصري والواقع تحت المدرسة واشار الى: " من المشكلات التي واجهت التراث في نابلس هو أن المتحف الوحيد متحف القصبة والذي انشأته مؤسسة الشهيد ظافر المصري قد تم تدميره بالكامل خلال الاجتياح الاسرائيلي لمدينة نابلس عام 2002م، حيث تم تدمير وسرقة ما يزيد عن 865 قطعة أثرية من الاحتلال ومن لصوص الآثار أيضا، وهذه القطع تم جمعها من المواطنين المهتمين ومن الأمكنة الأثرية وهي تروي تاريخ نابلس وحكايتها، ولم يتبقى الا بعض الأعمدة وتيجان الأعمدة التي من الصعب حملها وسرقتها من ضعاف النفوس الذين استغلوا ظروف الاجتياح واقتحام قوات الاحتلال للمتحف وتدمير بوابته وأسواره ليسرقوا تراث شعب طمعا في بيعه لتجار الآثار من ابناء الاحتلال، فهل أدرك اولئك اللصوص أن ما قاموا به هو خيانة وطنية وتعامل مع المحتل؟". وقال أيضا: " متحف القصبة اقيم على اثار رومانية تعود لفترة بناء نيوبوليس بعد أن دمر الرومان مدينة شكيم التي بناها الكنعانيون على تل بلاطة، حيث ان مكان المتحف كان شارع أعمدة روماني وفيه درج ينزل إلى أقنية الماء التي كانت تنقل مياه الينابع إلى المناطق المختلفة من المدينة عبر قنوات ناقلة للماء من الفخار والتي اشتهر بها الرومان في كل المناطق التي اقاموا بها مدنهم، وهذه القناة هي التي تحدث عنها الاحتلال وأدعى انه عثر على سراديب تحت المدينة يستخدمها المقاومون للاحتلال". ثم انتقل للحديث عن قصر آغا النمر فقال: "دخلنا بوابة القصر حيث باحة واسعة مبلطة بالحجر الصواني الذي اشتهرت به نابلس، وفي آخرها الإيوان الشمالي (والإيوان كلمة أعجمية الأصل وعربت) وعلى جوانبه مقاعد حجرية وفي وسطه نافورة ماء، والإيوان مبني على نظام العقود المتصالبة ولكنه مفتوح بالكامل في مواجهة الباحة كما هو نظام الإيوان في البناء حيث يتكون من قاعة مسقوفة وواجهتها مفتوحة بالكامل على الباحة أو الصحن الداخلي، ولكنه يرتفع عن الباحة بمقدار درجة حجرية ، وهو يقع مباشرة في مواجهة بوابة القصر، وعلى يمين الداخل للباحة الواسعة كانت تقع اسطبلات الخيل، ولكن واضح أنه قد جرى إغلاق بوابات هذه الاسطبلات لاحقا بالحجارة، والقصر شمال شرق حارة الحبلة وقد بُني قصر النّمر في القرن السابع عشر للميلاد، وتؤكد كل المصادر أن من قام ببنائه هو القائد العثماني الأمير يوسف عبد الله الجوربجي النمر وكان أمير عسكر الشام في عام1687م، ووالده القائد عبد الله باشا النمر من قاد الحملات العسكرية التي أرسلتها الدولة العثمانية عام 1657م؛ لبسط الأمن في المنطقة، والذي أصبح بعد نجاحه في هذه المهمة الحاكمَ الفعليَّ في مدينة نابلس، وباقامته في نابلس كانت بداية تأسيس أسرة النمر والتي حكمت نابلس لأجيال عدة". ثم تحدث عن قصر النابلسي في عسكر البلد ومن ضمن ما قاله: "وصلنا إلى بقايا القصر الذي لعب الإهمال والزمن أثره عليه إضافة للعوامل الجوية، وكان وصولنا من المدخل الخلفي حيث واجهنا العلية أمامنا والتي يصعد إليها درج حجري من الحديقة الخلفية المهملة، ونزلنا يمينا على بقايا درج دمر وتحول لكومات من الأتربة التي دفنت أجزاء من المدخل الخلفي، حيث فتح لنا السيد نياز الباب المعدني الذي أضيف لاحقا في محاولة لحماية البيت من المتطفلين، حيث دخلنا من هناك إلى ردهة واسعة في الدور الثالث من البناء المكون من 3 أدوار إضافة للعلية، ومن خلال هذه الردهة الواسعة كانت هناك مجموعة من الغرف على الجانبين، والبيت بأكمله مبني على نظام العقود المتصالبة بإتقان رهيب، والحجر الخارجي للبناء من الحجر السلطاني الصلب والمتميز، وفي آخر الردهة شرفة تطل على سهل عسكر، وكل غرفة إضافة للنوافذ الخارجية القوسية والطولية والمزودة بأشباك الحماية الحلبية، يوجد بها في الجدران السميكة فجوات للاستخدام اليومي تحتوي على عدة رفوف خشبية أو لحفظ المواد، إضافة لما كنا نسميه "المصفت" ويوضع به الفراش والألحفة والوسائد بعد الاستخدام، وأبوابها أيضا ذات أقواس من الأعلى والأبواب من الخشب المتين الذي ما زال بعضه يحافظ على بعض من متانته رغم العقود الطويلة من السنوات التي مرت عليه". وخلال الحديث كان الكاتب يعرض صورا التقطتها عدسته لهذا الأمكنة وحين انهى المحاضرة فتح المجال للحوار والأسئلة والقى السيد سامح سمحة مداخلة جميلة عن ضرورة الاهتمام بالتراث والتعرف اليه، قبل أن ينهي الكاتب المحاضرة بعد تفاعل كبير من الطالبات، وبعدها أصرت السيدة انتصار على دعوة الضيوف للغداء في مطعم جميل في رفيديا نابلس تكريما لحضورهم قبل مغادرتهم نابلس الى جيوس تاركين اثرا جميلا في ارواح الطالبات واللواتي سيرتبن زيارات للتعرف على الأمكنة التي شاهدوها وسمعوا عنها بالمحاضرة. *مدير عام راديو بيسان/ رام الله

انشر المقال على: