"نيويورك تايمز": مؤتمر سري للمطبعّين مع "إسرائيل" في لندن
وكالة القدس للأنباء - متابعة
تحت عنوان «مفكرون عرب يدعون للتخلي عن المقاطعة والتعاون مع إسرائيل» نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً تحدث فيه مراسل الصحيفة ديفيد هابلفينغر عن محاولات هذه المجموعة الدفع باتجاه التعاون، نظرياً، مع (الكيان الصهيوني) ومساعدة مجتمعاتهم.
يقول الكاتب إن المجموعة مكونة من صحافيين عرب وفنانين وسياسيين ودبلوماسيين وباحثين في القرآن ممن يشتركون بالنظرة التي ترى أن محاولات عزل وشيطنة "إسرائيل" كلفت الشعوب العربية مليارات الدولارات في التجارة. وقالوا إن ذلك قد أثر على جهود الفلسطينيين في بناء مؤسسات دولتهم المستقبلية. وأدت السياسة إلى تمزيق النسيج الاجتماعي العربي حيث طبق القادة القوميون والدينيون والجماعات العرقية أساليبهم ضد "إسرائيل".
ألد أعداء "إسرائيل"
ونقلت الصحيفة عن إجلال الغيطة، المحامية المصرية – البريطانية قولها في اجتماع المجموعة الأول في لندن إن «العرب كانوا هم الضحية الأولى للمقاطعة». وتطلق المجموعة على نفسها «المجلس العربي للاندماج الإقليمي» والذي لا يزعم أنه يمثل الرأي العام العربي، إلا أن أفراده تبنوا فكرة غير شعبية في بلدانهم العربية وتعرض بعضهم للنبذ بسبب دعوتهم للتعاون مع "إسرائيل"، ويخشون من تعرضهم لانتقام حال عودتهم إليها. ويضيف الكاتب بأن عددهم بالعشرات ومنهم شخصيات معروفة في عدد من الأماكن في المغرب وليبيا والسودان ومصر ولبنان والعراق ودول الخليج.
وبدأ بعضهم يتحدث لصالح التعاون مع "إسرائيل"، ومن أهم الشخصيات المعروفة، على الأقل لدى المراقبين الغربيين هو ابن أخ الزعيم المصري الراحل أنور السادات الذي يحمل الاسم نفسه وهو ناقد أيضاً لنظام عبد الفتاح السيسي حيث طرد من البرلمان المصري في عام 2017. ومنهم مصطفى الدسوقي، رئيس تحرير مجلة «المجلة» السعودية والذي قال إنه تجول في المنطقة في السنوات الأخيرة وقابل الكثير ممن يؤمنون بفكرة التطبيع مع "إسرائيل" وينتظرون شخصاً مثله للتعبير عما يدور في أذهانهم.
وقال إن الإعلام العربي الجديد والترفيه يقومان ببرمجة الناس باتجاه العدوان تجاه "إسرائيل" واليهود فيما القادة السياسيون «يخيفون الناس ويمنعونهم من التعبير عن أنفسهم» وحتى في لبنان الذي يعد من ألد أعداء "إسرائيل" هناك من يريد التواصل مع "الإسرائيليين".
ويقول جوزيف برود، المحلل الأمريكي – العراقي من أصول يهودية والمنسق المشارك مع الدسوقي إن المجموعة تعكس اصطفافاً جيوسياسياً يربط دول الخليج وبقية الدول العربية و"إسرائيل" ضد إيران وجماعاتها الوكيلة في المنطقة. وأضاف «الشعور بأن إسرائيل صديق عظيم أو عدو أقل من إيران هو عامل هنا» وهو عامل لن يظل للأبد مما يعني الحاجة لبناء علاقات تقوم على «الإنسانية المشتركة وليس المصالح الأمنية المشتركة". وبالنسبة للفلسطينيين فما يقول به المجلس هو ضربة لجهود عقود تعمل لعزل "إسرائيل" لإجبارها على تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات. وحتى القادة الفلسطينيون الذين لا يدعمون "حركة المقاطعة ضد إسرائيل" يعارضون أي تطبيع عربي شامل مع "إسرائيل" وقالوا إن المكاسب الدبلوماسية التي حققتها "إسرائيل" منذ اتفاق أوسلو شجع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية (المحتلة).
وقال رئيس بعثة فلسطين في المملكة المتحدة حسام زملط إن المجموعة الجديدة هي «هامشية وأفرادها معزولون». وقال "إن مشاعر غالبية سكان العالم العربي تسير في الاتجاه المضاد، لهم من رئيس تونس الجديد الذي اعتبر التطبيع مع "إسرائيل" خيانة إلى المحتجين العرب الذين يرفعون العلم الفلسطيني". وقال «إنهم سيقعون في شراك نتنياهو» و«من أجل إقناع الناخب "الإسرائيلي" أنه قادر على أخذ الكعكة وأكلها أيضاً: أي مواصلة الاحتلال والتطبيع مع العالم العربي".
وبالتأكيد طالما تحدث نتنياهو عن رغبة الدول العربية بالتعاون مع "إسرائيل"، اقتصادياً وثقافياً وأنهم سيقيمون علاقات تطبيع مع "إسرائيل" حتى في غياب الفلسطينيين. إلا أن أعضاء المجلس العربي يرفضون هذا الرأي الذي يقول إن "إسرائيل" ستقيم علاقات مع العالم العربي بدون التوصل لتسوية النزاع مع الفلسطينيين. ويقولون إن "الإسرائيليين" عندما حصلوا على محفزات من العالم العربي مثل الاعتراف بوجود "إسرائيل" عبروا عن استعداد للتنازل حتى عن الأراضي. وكان السادات ناقداً لمعاملة "إسرائيل" للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومواطنيها العرب. كما انتقد دعم "إسرائيل" لنظام عبد الفتاح السيسي المستبد كل هذا يضيف إلى ذنب المصريين الحاصل بسبب توقيع معاهدة سلام مع "إسرائيل". واقترح بعض المشاركين إنشاء كلية تدريب معلمين ومعهد أبحاث في الجامعات بالدار البيضاء وعمان وحيفا والمنامة.
"وقف العنصرية"
فيما حث خبير الامن العراقي المقيم في ألمانيا، جاسم محمود أجهزة الأمن العربية وقف انتشار «الراديكالية والعنصرية» في وسائل الإعلام والمدارس والمساجد و«نشر مواد تصحيحية عن إسرائيل واليهود». وقال إن هذا هو «أمر يتعلق بالأمن القومي العربي». وأضاف إن «أدوات كبش الفداء وحرف اللوم التي استهدفت اليهود و"إسرائيل" وجدت أهدافاً جديدة ولكن محلية». وحصل المشاركون في اللقاء على تشجيع من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أثنى على جرأتهم الحديث علانية. وقال إن بناء علاقات عربية- "إسرائيلية" مهم «لأي إمكانية تحقيق سلام دائم» وحل الدولتين.
وقال الدسوقي إن بعض المشاركين حضروا رغم المخاطر الكبيرة، فالسادات حذرته المخابرات من عدم المشاركة. وأثنى المشاركون على رجل دين من طرابلس في شمال لبنان صلاح حامد الذي شارك في المؤتمر رغم مخاوف من تعرضه لانتقام حال عودته إلى البلاد. وقال حامد «لا ننكر حق اليهود بأن يكون لهم دولة مشيراً إلى معاملة النبي الجيدة لليهود. إلا أنه كان حذراً وأضاف ان للفلسطينيين الحق بدولتهم على حدود عام 1967. وقالت سكينة مشايخ، المذيعة الجديدة في قناة دبي إنها رأت مسؤولين لبنانيين يخرجون من لقاء في سان فرانسيسكو عندما علموا أن جذورهم يهودية "واليوم، استمع إلى رجل جاء من بلد يحكمه حزب الله ويتحدث بشجاعة وجرأة".
وكان اللقاء سرياً حيث قال المنظمون إن السرية كانت ضرورية للحفاظ على أمن المشاركين لكنهم سمحوا لمراسل «نيويورك تايمز» بمراقبة مناقشات الاجتماع التي جرت بالعربية، بشرط عدم نشر أي تقرير عن اللقاء إلا بعد انتهائه. وتم تنظيم المؤتمر بدعم من متبرعين أمريكيين لكن المنظمين قالوا إنهم سيقومون بجمع الأموال في المنطقة. وأكدوا أنهم لم يتلقوا أموالاً من أي حكومة ولا دور "للإسرائيليين" فيه. ودعا المنظمون في المذكرة التأسيسية للمجلس أعداءهم للنقاش معهم بطريقة بنيوية "بدلاً من الحديث عن وسائل إسكات النقاد وشيطنة المصلحين".
وكان محمد الدجاني الداوودي هو الفلسطيني الوحيد الذي حضر المؤتمر، وقال إنه خسر منصبه الأكاديمي في جامعة القدس بعد قيامه بأخذ مجموعة من الطلاب الفلسطينيين لمعسكر أوشفيتز. ودعا الدجاني لتعليم جيل جديد من صناع السياسة وتحسر على فشل اتفاق "أوسلو" في تحقيق السلام لأن «السلام نوقش بين الدبلوماسيين والجنرالات ولم يرفق بتحضيرات لمواجهة السلام بين الناس والسماح لـ"المخربين" في الطرفين لأن ينتصروا». وقال «برود» ردًا على المشاركة الفلسطينية التي اقتصرت على شخص واحد إن الشبان الفلسطينيين عبروا عن اهتمام ولكن لا أحد منهم لديه وظيفة مستقلة تجعله قادراً على مواجهة تداعيات مشاركته و "لا نريد حرقهم".
(المصدر: القدس العربي)