الأحد 02-02-2025

خطط ومؤامرات بريطانية وصهيونية على مدى 120 عام أضاعت الأرض والحق الفلسطيني

×

رسالة الخطأ

د. نائلة ألوعري

خطط ومؤامرات بريطانية وصهيونية على مدى 120 عام أضاعت الأرض والحق الفلسطيني 1/2 د. نائلة ألوعري باحثة في تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر ابتداء من دور قنصلياتها في القدس 1839 وتعهدات بالمر ستون عام 1841 بالتزام بريطانيا بتحقيق مشروع إقامة وطن لليهود في فلسطين والدور الي لعبته اللجنة الفنية عام 1906 ووعد بلفور 1917 ومباشرة بريطانيا باحتلال فلسطين ومن إصدار صك الانتداب وتبني الوكالة اليهودية وتأسيس جيش الهاجناة ، والسماح بالهجرة اليهودية.ومن ثم إغلاق دوائر تسجيل الأراضي عام 1919 وإغلاق البنك العثماني وممارسة الضغوط الاقتصادية المختلفة على عرب فلسطين ومن ثمة ضم دائرة الزراعة ،ودائرة تسجيل الأراضي تحت الجناح الصهيوني عام 1920، وتغيير قوانين الأراضي العثماني بنصوصها لتوظيفها في خدمه الوطن القومي اليهودي سواء فيما يتعلق بقوانين نزع الملكية وقانون الدفاع وقانون المدن وأعمال التسوية وجداول الحقوق والادعاءات وحصر الإرث ونهب أراضي الأوقاف واتفاقات ترسيم الحدود وضم منابع المياه والبحيرات والغابات ، وتدوير أراضي الجفتلك المكتوبة باسم السلطان عبد الحميد الثاني الذي كان يضم الأراضي المهددة بالمصادرة للدولة حفاظا عليها من المشروع الصهيوني ، وتحويل صنف الأرض وتفتيت المشاع وقانون الحد الأدنى للتسجيل ومصادرة أراضي الفلسطينيين قبل صدور أحكام قضائية بشأنها . كل ذلك لم يكن كافيا حيث أقدمت الحكومة البريطانية خلال فترة الانتداب على أعمال بالغة الخطورة حين صادرت أهم شرايين المياه والموارد المائية والمعدنية ووضعتها بين أيدي اليهود على شكل امتيازات متنوعة لتؤمن لهم البنية التحتية اللازمة لقيام الوطن القومي . مشروع تجفيف بحيرة الحولة كمثال فقد قامت الجمعية البريطانية بدراسة أراضي فلسطين ومياهها وخلصت بأنه في الإمكان ري أراضي فلسطين إذا أمكن توفير المياه من الشمال ،فقد كان من أوائل المشاريع التي تطلع إليها البارون روتشيلد حيث قدم مشروعا في العام 1912الى تجفيف مياه بحيرة الحولة بغرض إنشاء المستعمرات الخصبة على أراضيها .واغلبنا يعرف قصة مشروع تجفيف بحيرة الحولة التي تمت تحت إشراف الصندوق القومي اليهودي في عام 1948 لاحقا وقد تم الترويج في حينه ان البحيرة عبارة عن مستنقعات ومجمع للبعوض والحشرات وان سكان حوض الحولة هم قبائل بدائية ومرضى بالملا ريا ، وتم تهجير أهل القرية من خلال جمع رجالها وإبادتهم في مجزرة رهيبة على يد جيش الهاجناة ، بعدها لجأ سكان سهل الحولة الفارين والباقيين من النساء والشيوخ والأطفال إلى مناطق قريبة من صفد ومن ثم هجروا ثانية إلى لبنان وسوريا . هذا بخلاف قوانين الضرائب والرسوم الجمركية التي ساهمت في إفقار الفلاحين ودفعهم في أحضان المرابين لتنتزع أراضيهم المرهونة في خطط جهنمية أحكمت حلقاتها حول فلسطين وشعبها ولتجعل الأرض عبئا على أصحابها ليسهل اقتلاعهم منها ومن ثم أطلقت الحكومة يد الاحتكارات المالية اليهودية المسجلة تحت أسماء أجنبية في نهب فلسطين واستغلال مسمى المصلحة العامة بما يخدم مصالح اليهود ومستوطناتهم فقط أما قصة الأراضي التي تم انتقالها لليهود بواسطة السماسرة والاقطاعيين العرب اللبنانيين والسوريين وكبار الملاك الفلسطينيين ، فسأكتب عنه لاحقاً بالتفصيل ، وأحب أن أوضح وللتاريخ حقيقة مهمة وهو أن هناك قلة قليلة من الفلسطينيين سواء من الإقطاعيين أو كبار الملاك او غيرهم قد شاركوا ولو بقدر ضئيل في هذه الجريمة أو تعاونوا مع الصهاينة في هذا الشأن وأعطي شروحات وأسباب : منها أنه في بداية المشروع الصهيوني وتغلغله في البلاد . وبسبب الجهل وعدم الوعي بالمشروع الذي كان في البداية لا يبدوكما يعتقد الفقراء والسذج انه يهدد الوطن والأرض ولا يفقهون بالسياسة وأيضا وبسبب ضعف النفوس والرغبة في الإثراء وعدم الشعور بانتماء للوطن . وان كانت هناك أسباب أخرى منها : أن بعض ملاك الأراضي الفلسطينيين قد سعى إلى تحسين وتحديث الزراعة ولعدم وجود سيولة نقدية قد لجأوا لبيع جزء من أراضيهم لهذا الغرض . وقد تلقفت وسائل الإعلام الصهيونية هذه الحوادث لتستغلها في نشر قوائم بأسماء العائلات التي باعت بل قامت بتضخيم الأرقام لتهميش دور بريطانيا في تدمير الاقتصاد الفلسطيني وقلب قوانين المشاع والضرائب على الأرض رأسا على عقب وليصبح موضوع بيع الفلسطينيين لأراضيهم على كل لسان حتى كاد العرب أنفسهم صدقوا هذه الفرية الظالمة . فاتهمونا ببيع أراضينا ، ولتوضيح الأمور أكثر ، فالأرقام التي قدمها الصهاينة عن الأراضي التي اشتروها من كبار الملاك الفلسطينيين تشير أن مجموع ما تمكن اليهود بالحصول علية هو 261.000 دونم أي بنسبة اقل من 1% من مساحة فلسطين . وان كان هذا ما ساهم به كبار الملاك الغائبين والفلسطينيين ،أما الحديث المؤلم عن أراض الفلاحين التي تم انتقالها عن طريق البنوك والشركات بسبب القروض الزراعية والرهونات بعد أن أغلقت السلطات البريطانية عام 1920 وبالاتفاق مع الوكالة اليهودية (المصرف الزراعي العثماني ) الذي كان يقرض الفلاح الفلسطيني بفائدة قليلة . لكن بعد إغلاقه لجأت بريطانيا الى تفقير الفلاح الفلسطيني بزيادة الضرائب ومنعه من بيع محصوله اوإستيراد محاصيل مماثلة وغيرها من أساليب ظالمة دفعت الفلاح الفلسطيني إلى اللجوء للسماسرة وللمرابين اليهود المتربصين به فأصبح الفلاح الفلسطيني بين فكي كماشة ليصبح غير قادر على السداد فيضع المرابون أيديهم على أراض الفلاحين فيقذفون بهم خارج أراضيهم . وقد تمكنت مؤسسة إنماء الأراضي الصهيونية من انتزاع نحو 500 ألف دونم من أراض عرب فلسطين المرهونة من خلال الإقراض ألربوي . وفوق هذه الأراضي التي تمت مصادرتها من الفلاحين الفقراء والتي اقتلعوها منهم عنوة تم في عام 1935 توطين اليهود في اكبر عملية إحلال واستبدال وتوزيع استراتيجي للمهاجرين اليهود في أكثر من 186 قرية موزعة على أقضية فلسطين . منها يافا، غزة، طولكرم، صفد، أريحا ، جنين . بقي أن أسلط الضوء هنا على دور السماسرة والمرابين وشيوخ القرى في عمليات نقل أراضي عرب فلسطين والاحتيال على الفلاحين مستغلين جهلهم وأميتهم فقاموا بتزوير العقود ووعدوا الفلاحين بتحسين أحوالهم وإقناعهم ببيع أراضيهم وفي كل الأحوال كانوا ينجحون في إقناع الفلاح البسيط بالبيع بمبالغ زهيدة ويشترون اي ارض تقع أيديهم عليها ثم يبيعونها لليهود . كما تصرف رؤساء العشائر والنواحي في ممتلكات شخصية للفلاحين من غير الرجوع إليهم وخاصة عند كتابة وتسجيل ونقل الأراضي وعدم عرض الأوراق عليهم عند النقل والتسجيل بحجة انهم أميين رغم استماتت المشروع الصهيوني ودعم بريطانيا له بواسطة قناصلهم الذين كان لهم دور مشبوه في شراء الأراضي والتي استمرت لقرن من الزمان إلا أن هذه الجهود البريطانية وبالتعاون مع الكيان الصهيوني وخلال هذه الفترة الزمنية من تسلم واستلام لم تمكن اليهود أو مؤسساتها التي أنشأت من اجل مصادرة الأراضي سوى انتزاع مساحة قدرها 19،6% من مساحة أراضي فلسطين الزراعية و 6،6% لمجموع مساحة فلسطين .

انشر المقال على: