![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/d.fyh_bd_lhdy_7.jpg?itok=xizfO3ig)
في يوم السعادة العالمي: لسنا بخير
فيحاء عبد الهادي
2018-04-15
في آذار؛ حين هنّأنا بعضنا بعضاً بعيد المرأة العالمي، وبعيد المرأة، وأحييْنا ذكرى معركة الكرامة ويوم الأرض؛ أطلّ علينا يوم السعادة العالمي، في العشرين من الشهر لهذا العام؛ ليهمس في أذننا: فلسطين تحتلّ رقم (103)، بين دول العالم، ضمن التقرير العالمي للسعادة لعام 2017؛ لستم بخير.
وفي نيسان؛ حين انطلقت صواريخ الدول الاستعمارية بقيادة أميركا، وبمساندة بعض الدول العربية، في عدوان غاشم على سورية، ضاربة عرض الحائط بكافة مبادئ القانون الدولي، والمواثيق الدولية؛ انطلقت في الوقت ذاته رسائل مدوية إلى العالم بأسره؛ حقوق الإنسان ليست بخير.
وبالنسبة للدول العربية التي سبقتنا أو سبقناها في المؤشّر العالمي للسعادة: الصومال (92)، وتونس (102)، ومصر (104)، والعراق (107)، وموريتانيا (123)، والسودان (130)، واليمن (146)، وسورية (152)؛ فلا ندري هل نرثي لحالنا أم لحالها!
أما دول العالم التي صمتت إزاء قتل الفلسطينيين بدم بارد، يوم الأرض 30 آذار 2018، وفشلت في التوافق، في مجلس الأمن، على إصدار بيان يدين إسرائيل، على جرائمها الممنهجة ضد شعب أعزل، خرج في مسيرات سلمية "مسيرات العودة"، في غزة الباسلة المحاصرة، منذ عام 2006؛ وتحملت وزر دم عشرات الشهداء، وآلاف الجرحى؛ فلا شك أن ضميرها ليس بخير.
*****
"يضم التقرير العالمي للسعادة لعام 2017، الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة – وهي مبادرة أطلقتها الأمم المتحدة عام 2012- ، أكثر من 150 دولة، ويتم وفقاً لعدد من المعايير. النرويج هو أسعد بلد في العالم ليخلف الدنمارك في هذا المركز. وحسب الترتيب نجد بعد النرويج الدنمارك وأيسلندا وسويسرا وفنلندا وهولندا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا والسويد في المراكز العشرة الأولى، أي ما يعني سبع دول أوروبية تتواجد في لائحة الدول الأكثر سعادة والتي تحتل المراكز العشرة الأولى.
ويستند التصنيف إلى ستة عوامل هي: نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر، والحرية، وسخاء الدولة مع مواطنيها، والدعم الاجتماعي، وغياب الفساد في الحكومات أو الأعمال."
*****
يتبيّن من التصنيفات العالمية أن المقصود بها الأفراد الذين يعيشون ويعملون في دولة مستقلة ذات سيادة. فماذا عن دولة فلسطين غير المستقلة، والتي ترزح تحت الاحتلال؟!
أي سعادة يمكن أن يتمتع بها الفلسطينيون، في ظل تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث لا يسيطرون على مواردهم، أو أرضهم، أو بيوتهم، أو بيئتهم، أو سلامتهم الجسدية، أو حياتهم وحياة عائلاتهم؟!
وإذا كان العمل حقاً رئيساً من حقوق الإنسان، التي كفلها القانون الدولي، ما يعني الحق في الإنتاج الاقتصادي، والحق في العيش بشكل كريم وإنساني؛ فما هو نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين؟
وفقاً لتقرير مركز الإحصاء الفلسطيني، لعام 2017؛ "ارتفع نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 0.1% مقارنة مع عام 2016؛ ليصل: 2,924.6 دولار؛ لكن نسبة البطالة ارتفعت خلال عام 2017؛ لتصل إلى 28.5% بعد أن كانت 27.3% خلال عام 2016، وبلغت معدلات البطالة في قطاع غزة حوالي 46.6% في الربع الثالث من العام. وتعد معدلات البطالة في قطاع غزة الأعلى عالميا، وتتجاوز بين فئة الشباب والخريجين نسبة الـ 50%. كما وتجاوز عدد العاطلين عن العمل ما يزيد على 243.800 ألف شخص، عدا عن أن نصف سكان القطاع عانى خلال العام 2017 من انعدام الأمن الغذائي".
*****
أما الحرية؛ فهي بعيدة عن الفلسطينيين بعد الأرض عن السماء؛ إذ لا حرية في ظل احتلال إسرائيلي جاثم على الأنفاس، ينتهك حق الإنسان الفلسطيني في الحركة والتنقل، والتجمع السلمي، والتظاهر، والمقاومة.
وعلى الصعيد الداخلي؛ لا حرية في ظل قوانين تكبل الحريات، وتمنع الوصول إلى المعلومات، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، الذي صدر بقانون رقم 16، لعام 2017؛ والذي تتضمن أحكامه ما يهدّد الحق في الحرية والأمان الشخصي للمواطن الفلسطيني.
كما لا توجد حرية في ظل الاعتقال على خلفية حرية الرأي والتعبير، وتقييد حرية الحصول على المعلومات، وحرية النشر، وتقييد حرية الإعلام، وحجب بعض المواقع الإلكترونية، والحجب والتشويش المتعمد لخدمات الإنترنت، ومصادرة معدات التصوير، وحرية التجمع السلمي، وحرية التظاهر، وتقييد حرية الصحافيين، واحتجاز بعضهم واستجوابهم تعسفياً، دون الاستناد إلى الإجراءات القانونية السليمة، والإساءة إليهم أثناء الاحتجاز.
*****
وبالنسبة لمعيار الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة لمواطنيها، مما يمكن أن يشعرهم بالأمان، ويصون كرامتهم؛ ما زال الفلسطينيون ينتظرون تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، الذي لم يتم تفعيله في الضفة أو غزة؛ رغم صدور القانون عام 2016، "على الرغم من ضرورة الحاجة لسرعة تفعيله وإعماله على ضوء اتساع وتزايد معدلات الفقر خاصة في قطاع غزة، والتي بلغت 65%، وزيادة أعداد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية، إلى ما يزيد على مليون شخص يتلقون مساعدات من (الأونروا) والمؤسسات الإغاثية، فيما بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 50%".
*****
ويبقى المعيار الأخير، وهو غياب الفساد في الحكومات والأعمال، وهو طموح ما زال بعيد المنال في فلسطين، في ظل غياب دولة القانون، وضعف القضاء، وتعطل المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي يعني غياب الرقابة التشريعية، وفي ظل تفشي العشائرية والقبلية، التي تغذي الفساد.
*****
طريقنا إلى السعادة؛ هو نضال الشعب الفلسطيني بمكوّناته كافة، على صعيدين متوازيين؛ طريق إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، كمشروع تحرري، لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية المتمثلة بإنهاء الاحتلال، وتقرير المصير، والعودة، وطريق تحقيق العدالة الاجتماعية، وإرساء دولة القانون، ودولة المؤسسات، المبنية على أسس ديمقراطية، تعتمد الشفافية والمساءلة، تساهم في تحقيق الأمان الاجتماعي، والرخاء الاقتصادي، وتكافح الفساد بأشكاله كافة.
يومها، ويومها فقط؛ سوف نكون بخير.