العرب اللندنية: هل حان الوقت لتشكيل قيادة إنقاذ وطني فلسطينية ؟
28/02/2018
نشرت صحيفة العرب اللندنية اليوم الأربعاء، تقريرا على صفحاتها الأولى متسائلة به عن امكانية تشكيل قيادة إنقاذ وطني فلسطيني، في ضوء الأزمة الفلسطينية الراهنة، وبعد تصريحات النائب الفلسطيني محمد دحلان يوم الإثنين، مجددا طرح مبادرة تشكيل قيادة إنقاذ وطني، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يعاني من طرفين هما الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية القائمة.
ويواجه الفلسطينيون وضعا غير مسبوق، في ظل الضعف الذي ينخر النظام السياسي وتخبط السلطة بقيادة الرئيس محمود عباس، زد على ذلك الوضع الكارثي الذي يمر به قطاع غزة، والذي يهدد بانفجار شعبي، والأخطر الطروحات الأميركية التي تصب في صالح الرؤية الإسرائيلية لقضية الصراع، وهذا ما يدفع إلى ضرورة البحث عن حلول جذرية تستنهض الواقع الفلسطيني المأزوم.
وقال القيادي الفلسطيني محمد دحلان في لقاء تلفزيوني مساء الاثنين، إن الوضع في قطاع غزة المتدهور، يحتم تشكيل قيادة إنقاذ وطني، مضيفا "يجب على الرئيس محمود عباس أن ينقذ مستقبله ومستقبل الشعب الفلسطيني، وأن يتمرد وينتفض على الواقع الذي وضعته فيه إسرائيل والمجتمع الدول".
واعتبر دحلان الاحتلال الإسرائيلي المسؤول الأول عن مأساة الفلسطينيين، مستدركا: "لا يجب أن نعلق كل كوارثنا على الاحتلال، لأن ذلك يعفينا من المسؤولية، ولأن على القيادة أن تصنع من الهزيمة نصرا وفرصة، فما بالك إذا ما امتلكت شعبا عظيما، أعطى قيادته بلا حدود.. أعطاها انتفاضتين، وتفويضا بالسلام؟"
وذكر أنه لا يتفهم "أن تكون القيادة عبئا على الشعب الفلسطيني، وأن تكون مهمتها هي تقديم الشروح، وليس الحلول".
ودعوة دحلان إلى تشكيل قيادة إنقاذ وطني ليست بالجديدة، حيث سبق وأن طرح ذلك قبل فترة، مؤكدا أن هدفه ليس السعي لمنصب أو سلطة، بل البحث عن مخارج للوضع المتأزم في الداخل الفلسطيني، فضلا عن التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية.
وهناك مخاوف حقيقية من أن صفقة القرن التي تستعد الولايات المتحدة لطرحها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هي في واقع الأمر "مشروع لتصفية القضية الفلسطينية"، خاصة وأن جميع المؤشرات توحي بذلك، لعل أبرزها هو اعتراف واشنطن في ديسمبر الماضي بالقدس (بشقيها الغربي والشرقي) عاصمة لإسرائيل وأيضا تقليص الدعم الأميركي المقدم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين "الأونروا"، والذي يقول كثيرون إن الغاية من ذلك إسقاط حق العودة للآلاف من اللاجئين الفلسطينيين
ويرى مراقبون أن تشكيل قيادة إنقاذ وطني تجمع كل المكونات الفلسطينية، قد يكون الخيار الأمثل لإيقاف التدهور الحاصل.
وقال أيمن الرقب عضو التيار الإصلاحي بحركة فتح، إن فكرة تشكيل قيادة إنقاذ وطني مدعومة من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، سيتم طرحها بقوة إذا استمر الوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية على ما هو عليه من انقسام وتحجر نتيجة غلبة الحسابات الشخصية والحركية على الوطنية.
وأضاف الرقب في تصريحات لـ"العرب اللندنية"، أن الفكرة سوف تظل ورقة ضغط على السلطة الفلسطينية، لإحراز تقدم في المسار السياسي والمصالحة حتى موعد القمة العربية قبل نهاية مارس المقبل في الرياض، وإذا استمرت الأوضاع كما هي سوف يضطر الجميع إلى المغامرة والبدء في تشكيل أول نواة لقيادة إنقاذ وطني.
واستبعد موافقة السلطة على طرح اسم محمد دحلان كقيادي وطني، لأن السلطة تتعامل معه على أنه عضو مفصول من حركة فتح، ولا يجب في نظر قيادتها الحالية أن يتدخل في الشأن الفلسطيني.
وأكد أن حركة حماس موافقة على تشكيل قيادة إنقاذ، وتمت مناقشتها في هذا الطرح في اجتماعات سابقة عقدت بين دحلان وعدد من قادتها الموجودين في القاهرة منذ 9 فبراير الجاري، وعلى رأسهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، فضلا عن وجود موافقة مبدئية من فصائل أخرى تبحث عن إعادة التماسك للجبهة الداخلية الفلسطينية.
وفكرة تشكيل قيادة إنقاذ وطني في غزة تحظى بتأييد لدى قطاع واسع داخل حركة حماس، لا سيما أن هناك قيادات في الحركة طالبت بذلك من قبل، لكن قادة الصفوف الأولى في حماس نفوا تفكيرهم في هذه الخطوة لتجنب اتهامهم بالتهرب من المصالحة، ويفكرون في الأمر بجدية كنوع من الضغط على السلطة والرئيس أبي مازن لرفع العقوبات عن غزة في ظل إصراره على رهن إزالة العقوبات بتسليم الحركة كل شيء في غزة.
وانتقد دحلان في لقائه التلفزيوني طريقة تعاطي الرئيس عباس مع المصالحة متسائلا: "لا أعرف من أين جاءت السلطة الفلسطينية بمصطلح التمكين في غزة"، مشيرا إلى أنه يشبه المصطلحات التي تستخدمها إسرائيل في التفاوض.
وأشار طارق فهمي المتخصص في الشؤون الفلسطينية إلى أن فكرة تشكيل قيادة إنقاذ وطني قابلة للتطبيق، في ظل وجود أصوات داخل الفصائل المختلفة تطالب بذلك.
ولفت فهمي في تصريح لـ"العرب اللندنية" إلى أنه يجب أخذ هذا الطرح على محمل الجد، بعيدا عن فكرة أنه يصب في صالح هذا الفصيل أو ذاك، لأن قيادة الإنقاذ سوف توفر المناخ الجيد لتحقيق التوافق الفلسطيني في القطاع، مطالبا السلطة الفلسطينية بالتعامل مع الفكرة بجدية لصالح سكان غزة بعيدا عن اقتصار النظر على أن من طرحها هو دحلان الذي تم فصله عن حركة فتح.