لندن - - لا زال الخلاف قائما بين الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل في كيفية التعامل مع الملف النووي الايراني، ولا زالت الاخيرة تستخدم قضية النووي الايراني كورقة ضغط على الادارة الاميركية ووسيلة للابتزاز السياسي وغطاء لتمرير مشروعها الاستيطاني من خلال تضخيمها للبرنامج النووي الايراني وجعله القضية الرئيسية والاكبر في اجندة السياسة الدولية على حساب القضية الفلسطينية.
فخلال زيارته الاخيرة الى باريس اعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في تصريحات ادلى بها اثناء لقائه الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند ان "المنطقة العربية ستشعر بالارتياح اذا هاجمت اسرائيل المنشآت النووية الايرانية لان طهران ليس لها شعبية فيها على حد قوله، وان بعض الحكومات في المنطقة ومواطنيها كذلك يدركون ان تسلح ايران نوويا يمثل خطرا عليهم لا على اسرائيل وحدها".
من جانبه هاجم زعيم المعارضة الاسرائيلية شاؤول موفاز رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو قائلا انه مهووس بايران، وأن فكرة ضربها تستحوذ عليه تماما. وتابع موفاز: "نتانياهو يقودنا الى طريق ... يؤدي الى صدام بطريقة غير مسؤولة وغير عقلانية".
ويحاول رئيس حزب "كاديما" كسب اصوات الناخبين الاسرائليين، الذين لاتؤيد غالبيتهم مهاجمة ايران حسب بعض استطلاعات الراي، اذ كشف في مستهل حملته الانتخابية الستار عن ملصق كتب عليه "نتانياهو سوف يورطنا في مشكلة كبرى".
اما الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز فقد ابلغ رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي خلال زيارته لاسرائيل الاثنين الماضي ان العقوبات الدولية المفروضة على ايران بدأت تؤتي ثمارها، مضيفا: "اعتقد اننا جميعا متفقون على البدء بوسائل غير عسكرية مع ابقاء كل الخيارات مفتوحة".
ذكرت تقارير غربية ان قادة في الجيش الأميركي حذروا اسرائيل من ان القيام باي عمل عسكري ضد ايران سيحد من قدرة القوات الأميركية في المنطقة على القيام بعملياتها الخاصة بها ضد البرنامج النووي الإيراني، من خلال وقف الدعم اللوجستي الحيوي الذي يمكن أن تقدمه الدول الخليجية الحليفة.
ويعتقد محللون انه لن يكون هناك تغيير جذري في ما يتعلق بالسياسة الاميركية تجاه ايران ايا كان الفائز في الانتخابات الاميركية المقبلة وان أي تغيير سيكون في الاغلب في الأسلوب وليس الجوهر، مؤكدين إن مسار السياسة الأميركية في المستقبل محدد سلفا إلى حد كبير.
في تطور آخر يبدو ان التنافس بين اسرائيل وايران امتد الى شرق القارة الافريقية. فاسرائيل وثقت علاقاتها مع جنوب السودان بعد استقلاله هذا العام، وايران في المقابل تعزز علاقاتها مع نظام السودان ذي النزعة الاسلامية وتسعى منذ فترة الى بسط نفوذها في غرب القارة وخاصة في البلدان الاسلامية منها.
ويرى مراقبون في اعقاب قصف مصنع اليرموك للأسلحة فى السودان الاسبوع الماضي والذي تتهم اسرائيل بالوقوف وراءه، إن السودان أصبح ساحة المعركة الجديدة بين إيران وإسرائيل فى صراعهما الخفى.
ويعتقد ان اسرائيل قامت بإرسال ثمانية طائرات مقاتلة لتدمير المصنع كتدريب على توجيه ضربة عسكرية محتملة ضد أهداف نووية إيرانية، مشيرين خاصة الى تقارب المسافة بين الهدف السوداني الذي تم تدميره والاهداف الايرانية المحتملة بالنسبة للطيران الاسرائيلي.
وفي اعقاب عملية اختراق طائرة بدون طيار، يرجح ان تكون ايرانية، للاجواء الاسرائيلية الاسبوع الماضي، استهان مساعد رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية العميد مسعود جزائري بقوة انظمة الدفاع الاسرائيلية، مستبعدا صمود اي منظومة قبة حديدية في العالم امام صواريخ بلاده. واضاف: "ما يقال عن القبة الحديدية ( الاسرائيلية) لايعدو كونه دعاية وعملية حرب نفسية".
بدوره اعلن وزير الدفاع الايراني الجنرال احمد وحيدي ان بلاده تمتلك طائرات بدون طيار اكثر تطورا بكثير من تلك التي حلقت فوق اسرائيل. وعادة ما تعلن ايران بصورة منتظمة عن تطويرات دفاعية وتقنية رغم تشكيك بعض المحللين في مصداقية هذه التقارير.
كان آخره ما أعلن عنه قبل ايام مساعد القائد العام للقوة الجوية بالجيش الإيرانى الطيار منوجهر يزدانى أن إيران عاكفة على تصنيع أجهزة محاكاة طيران بالغة التعقيد والحداثة، مشيرا إلى أن بعضها دشن فيما يجرى العمل لوضع اللمسات الأخيرة على البعض الآخر وتدشينه قريبا.
اما وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك فقد اتخذ منحى حذرا حيال ايران، اذ قال في تصريح لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية الثلاثاء إن إيران عدلت عن طموحها لصنع سلاح نووي، لكنه حذر من ان إسرائيل ما زال عليها أن تقرر العام المقبل ما إذا كانت ستوجه إليها ضربة عسكرية.
واشار الى ضرورة اعتماد اسرائيل على "قدراتها الذاتية" اذ قال في كلمة القاها في المركز البريطاني الاسرائيلي للاتصالات والابحاث في لندن الثلاثاء الماضي ان اسرائيل لن تعتمد "حتى على اقرب حلفائها واوثقهم" لمنع ايران من الحصول على اسلحة نووية.
وتابع ان تل ابيب لن تعتمد على تأكيدات الولايات المتحدة بشان منع ايران من ان تصبح دولة نووية.
واستطرد: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة لمنع ايران من عبور نقطة اللاعودة".
في غضون ايام قليلة سيكتشف العالم من سيكون الرجل الجديد الذي سيحكم الولايات المتحدة والذي سيتحكم بالملف النووي الايراني وما اذا كانت اسرائيل ستنجح في جره الى مواجهة مع ايران ام ان السياسة الاميركية محددة سلفاً، كما يقول محللون.