واشنطن ـ وكالات: بدا المشهد في أوقات وكأن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية ميت رومني جاء ليمتدح السياسة الخارجية للرئيس الديمقراطي باراك أوباما لا لكي ينقلب عليها.
وخلال المناظرة الثالثة والاخيرة بينهما قبل اسبوعين من انتخابات الرئاسة الأمريكية كان لافتا للنظر عدد المرات التي ردد فيها رومني انه يتفق مع استراتيجيات الرئيس بدلا من ان يهاجمها ويختلف معها.
وفي قضايا عدة من سحب القوات الامريكية من أفغانستان بحلول عام 2014 الى تفادي التورط العسكري في سورية كرر رومني وجهات نظر منافسه الديمقراطي فيما اعتبره محللون جهدا متعمدا من جانب المرشح الجمهوري ليصور نفسه كرجل معتدل لن يورط الولايات المتحدة في حرب جديدة.
وقال مارتن انديك نائب رئيس قسم دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكينجز للابحاث في واشنطن ان هدف رومني 'لم يكن الاختلاف مع الرئيس بقدر تقديم نفسه كقائد عام مقبول.'
وأضاف 'لست واثقا من نجاح ذلك لكنه كان توجها مثيرا للاهتمام من جانبه ان يعزز صورته كصانع سلام لا كداعية حرب. وأتصور ان السبب هو ان استطلاعات الرأي تظهر نفس الشيء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وهو ان الشعب الامريكي تعب من الحروب وانه لن يؤيد مرشحا يريد ان يشعل حربا جديدة.'
وألقى رومني بعض القنابل على أوباما واتهمه بأنه يرأس ولايات متحدة نفوذها متراجع كما اتهمه بالفشل في دفع الاسرائيليين والفلسطينيين الى طاولة محادثات السلام وانه لم يفعل الكثير لدعم الاحتجاجات الايرانية التي اندلعت عام 2009 او وقف اراقة الدماء في سورية. لكنه في الوقت نفسه ألقى بعض باقات الورد على الرئيس.
واتفق الرئيس الامريكي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني على ان إيران النووية تشكل تهديداً للأمن القومي الامريكي، مؤكدين انهما لن يسمحا لها بامتلاك سلاح نووي، كما تعهدا بالالتزام بامن اسرائيل.
وقال أوباما خلال المناظرة الرئاسية الثالثة مع رومني في فلوريدا فجر امس الثلاثاء 'طالما أنا رئيس لن تمتلك إيران سلاحاً نووياً، وهذا ما أوضحته يوم وصلت إلى الرئاسة'.
وأشار إلى فرض العقوبات الأقسى على طهران ما يؤثر سلباً على اقتصادها، موضحاً ان سبب هذا الضغط هو ان 'إيران هي تهديد ألمننا القومي'، وهي تشكل 'تهديداً لأمن إسرائيل القومي، ولا يمكننا تحمل تكلفة سباق تسلح نووي في منطقة تعد الأكثر اضطراباً في العالم'.
وشدد على ان إيران تدعم 'الإرهاب'، وسبق أن قالوا انهم يريدون محو إسرائيل عن الخريطة.
من جهته قال رومني ان لا شك ان قيام إيران نووية يعد أمراً غير مقبول بالنسبة لامريكا، فهي تشكل تهديداً ليس 'لأصدقائنا وحسب بل لنا.. ويمكن أن تستخدم الأسلحة النووية ضدنا أو تستخدمها لتهديدنا'.
وشدد على ان 'مهمتنا هي منع إيران من امتلاك سلاح نووي عبر السبل السلمية والدبلوماسية، ولا بد من زيادة الضغط عليها'.
ونفى الرئيس الامريكي ما نشرته صحيفة 'نيويورك تايمز' عن اتفاق امريكا وإيران للمرة الأولى على إجراء مفاوضات مباشرة حول برنامجها النووي، مؤكداً ان 'هدفنا هو دفع إيران كي تعترف بأن عليها التخلي عن برنامجها النووي والالتزام بالقرارات الدولية لأن لديها فرصة بالعودة إلى المجتمع الدولي، ونحن نرحب بذلك'.
وانتقد أوباما رومني على قوله ان روسيا هي التهديد الأكبر لامريكا، وذكره بأن الحرب الباردة انتهت منذ 20 سنة، فرد رومني قائلاً ان موسكو خصم جيوسياسي، مشيراً إلى انه قال حينها ان إيران هي أكبر تهديد أمني نواجهه وروسيا لا تستمر في القتال ضدنا.
وأضاف 'لكنني لن أقول لروسيا انها ستحظى بمرونة أكبر بعد الانتخابات' فهذا لن يحصل. وقال أوباما 'أنا أعلم انك لم تكن يوماً في موقع تطبق فيه السياسة الخارجية، لكن كلما قدمت رأياً يكون خاطئاً'، مشيراً إلى مواقفه من العراق وروسيا وأفغانستان.
وشدد على ان امريكا بحاجة لقيادة قوية وثابته وليس خاطئة، فهذه ليست 'وصفة النجاح'.
وتحدث عن إنهاء حرب العراق وانسحاب القوات الامريكية من أفغانستان، وأكد 'نحن أقوى مما كنا عليه يوم وصلت إلى السلطة، ولم يسبق أن كانت تحالفاتنا أقوى مما هي عليه الآن'.
وفي ما يتعلق بليبيا، أشار أوباما إلى مقتل امريكيين في بنغازي وقال 'لقد قمنا بكل ما في وسعنا لضمان أمن الامريكيين وعدم تعرضهم لأذى، ونحن نحقق في ما حصل والأهم هم اننا سنلاحق القاتلين ونجلبهم أمام العدالة، وهذا ما يحصل فعلياً'، لكنه اعترف بأن ما حصل يعد انتكاسة في ليبيا.
من جهته رحب رومني بحصول تقدم في ليبيا، متمنياً حصول تقدم في الشرق الأوسط بكامله.
من جهة أخرى، قال رومني انه لن يقطع من الإنفاق العسكري، منتقداً التجهيزات القديمة لسلاح الجو والبحرية الامريكية.
أما أوباما فقال ان الإنفاق العسكري غير المركز ليس الطريقة الأمثل لحماية امريكا.
وكانت عبارة 'الخيول والحراب' هي العبارة اللافتة للنظر حين استخدمها الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما ليبرز ان أفكار السياسة الخارجية لمنافسه الجمهوري ميت رومني قد عفا عليها الزمن.
وطوال حملته الانتخابية ركز رومني هجومه على السياسة العسكرية لأوباما واتهم الرئيس الديمقراطي بتقتير الانفاق على الجيش مشيرا إلى ان البحرية الأمريكية تملك الان عددا أقل من السفن مما كانت تملكه في عشرينيات القرن الماضي.
وكرر رومني حاكم ماساتشوستس السابق نفس النقطة خلال المناظرة الرئاسية الثالثة والاخيرة وسارع أوباما بالانقضاض عليه.
وقال أوباما 'ذكرت البحرية على سبيل المثال وانه لدينا الان سفنا أقل مما كنا نملك عام 1916 ... حسنا سيدي الحاكم لدينا الان أيضا خيولا وحرابا أقل لان طبيعة الجيش تغيرت.'
واستطرد أوباما ساخرا 'لدينا الان أشياء تسمى حاملات طائرات التي تهبط عليها الطائرات. ولدينا تلك السفن التي تغوص تحت الماء.. غواصات نووية.'
ولم يكتف أوباما بهذا القدر بل استعان في تشبيهاته بلعبة الكترونية للاطفال اسمها (بارجة) وقال 'المسألة ليست لعبة بارجة نحصي فيها عدد السفن.'
وأنتشرت على الفور عبارة أوباما 'الخيول والحراب' على مواقع التواصل الاجتماعي وظهرت بقوة على تويتر وبسرعة عجيبة ظهر الاسم المستعار 'الخيول والحراب'.
واستحدث موقع على الانترنت تظهر به صور لأوباما وهو يقول 'لدينا أيضا رماح وسهام ومجانيق أقل' وصور لرومني وهو يمتطي حصانا ويحمل بندقية وحربة.
يشار إلى ان موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية هو 6 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وكان الرئيس الامريكي انتقد خبرة منافسه الجمهوري البسيطة في السياسة الخارجية، وبعدما دعا الأخير لتسليح المعارضة السورية رد أوباما موضحاً ان الجهود الامريكية في سورية تنصب على تنظيم الجهود الدولية والتأكد من ان من يلقون المساعدة سيكونون أصدقاء في المستقبل.
وقال رومني: 'أعتقد أنه يجب علينا استخدام جميع الوسائل الضرورية للقضاء على الأشخاص الذين يشكلون تهديدا علينا وعلى أصدقائنا في أنحاء العالم'.
وأضاف: 'ترددت تقارير على نطاق واسع تفيد بأن الطائرات بدون طيار تستخدم في شن هجمات، وأدعم ذلك دعما كاملا، وأشعر أن الرئيس أصاب باستخدامه هذه التكنولوجيا، وأعتقد أنه ينبغي علينا الاستمرار في استخدامها والاستمرار في ملاحقة الأشخاص الذي يمثلون تهديدا على هذه الأمة وعلى أصدقائنا'.
وكان استخدام الطائرات بدون طيار قضية مثيرة للخلاف مع باكستان التي تقول إن الهجمات التي تشنها هذه الطائرات تنتهك سيادتها، في الوقت الذي توترت فيه العلاقات بين واشنطن وإسلام أباد، خاصة منذ الهجوم الأمريكي الذي أسفر عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عام 2011 .
وشدد رومني على أن العلاقات الأمريكية مع باكستان تظل مهمة، قائلا: 'من المهم بالنسبة لنا أن ندرك أننا لا نستطيع الابتعاد عن باكستان'.
واغتنم الفرصة لمهاجمة منافسه بسبب قلة خبرته في هذا المجال ما دفع الأخير إلى القول ان سياسات أوباما الخارجية جعلت الولايات المتحدة أقل احتراماً وأكثر عرضة للخطر.
وتطرق المرشحان الرئاسيان إلى سورية فاختلفا حول الدور الذي يتوجب بواشنطن أن تقوم بها خلال الأزمة السورية الراهنة.
وقال رومني ان أوباما لم يبذل ما يكفي من الجهد لوقف العنف الذي خلف عشرات آلاف القتلى وزعزع استقرار المنطقة.
وشدد على ضرورة لعب دور قيادي، متحدثاً عن تقديم الأسلحة للذين يقاتلون قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بالرغم من انه قال انه لا يريد أي تدخل عسكري امريكي في سورية لأنه لا يرى ان هذا ضروري.
فرد أوباما مشيراً إلى الجهود الامريكية لتنظيم الجهود الدولية في معالجة المسألة ودعم المعارضة.
وقال 'نحن نتأكد من ان من نساعدهم سيكونون أصدقاءنا' في المستقبل.
وأشاد رومني، خلال المناظرة، بجهود أوباما في قتل زعيم تنظيم 'القاعدة' أسامة بن لادن وغيره من قيادي التنظيم، لكنه أصر على انه 'لا يمكننا الاعتماد على القتل لمحاربة هذه الفوضى'، بدلاً من ذلك دعا لاعتماد 'ستراتيجية شاملة' للحد من التطرف العنيف في الشرق الأوسط.
وقال رومني ان 'الحل يكمن في مسار يصبح فيه العالم الإسلامي رافضاً للتطرف من تلقاء نفسه'، واقترح تبني سياسات لتعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين التعليم، والمساواة بين الجنسين ومساعدة إنشاء المؤسسات، في دول المنطقة.
ووجه اللوم لأوباما لأنه بدد الآمال بالنسبة للشرق الأوسط منذ بدء الربيع العربي.
لكن أوباما رد بحدة، وانتقد منافسه في مجموعة من قضايا السياسة الخارجية، قائلا انه كان يفضل المواقف التي من شأنها أن تؤذي الولايات المتحدة، أو في بعض الأحيان عرض آراء متناقضة.
وقال الرئيس الامريكي 'ما يتعين علينا القيام به فيما يتعلق بالشرق الأوسط هو قيادة قوية وثابتة، لا قيادة متهورة وخاطئة'.
وقال أوباما خلال مناظرته مع رومني، الذي فشل قبل أربعة أعوام في أول محاولة له لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة : 'قلت إنني إذا وجدت بن لادن في متناولنا فسأنتهز الفرصة. وقلت أنت إنه يجب ألا نبذل كل ما في وسعنا للنيل من رجل واحد، كما قلت إنه ينبغي علينا أن نطلب الإذن من باكستان'. وكان أوباما أصدر أوامره لفريق من القوات الأمريكية الخاصة بشن الهجوم على المجمع الذي كان يختبئ فيه بن لادن في باكستان في أيار/مايو 2011، مما أسفر عن مقتل زعيم القاعدة.
وقال أوباما: 'كان الأمر يستحق بذل ما في الوسع للنيل منه'.
ووصف الرئيس الأمريكي قراره بشن الهجوم على بن لادن بأنه مثال على 'وضوح القيادة'، مذكرا الناخبين بهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 التي ألقيت مسؤوليتها على القاعدة.
وأضاف: 'عندما نقدم أولئك الذين أضرونا إلى العدالة، فإن ذلك يبعث رسالة إلى العالم'.
وشمل الحديث إسرائيل، فأبدا المرشحان الجمهوري والديمقراطي التزامها الذي لا يتزعزع بأمنها.
واكد الرئيس الامريكي باراك اوباما ان الولايات المتحدة ستقف الى جانب اسرائيل في حال تعرضها الى اي هجوم، وذلك بعد انتقادات وجهها منافسه الجمهوري ميت رومني بشأن تراجع في العلاقات مع الدولة العبرية، وذلك في المناظرة الاخيرة بين المرشحين مساء الاثنين.
وقال الرئيس الامريكي 'ساقف الى جانب اسرائيل اذا تعرضوا لهجوم'.
واضاف 'اسرائيل صديقة حقيقية. انها حليفنا الافضل في المنطقة'.
وجاءت تصريحات اوباما ردا على مداخلة لرومني في هذه المناظرة المخصصة لملفات السياسة الخارجية في مدينة بوكا راتون بولاية فلوريدا (جنوب)، ابدى خلالها 'اسفه' للتوتر الذي شاب العلاقات الامريكية الاسرائيلية في عهد الرئيس اوباما.
وقال رومني الذي تمثل العلاقة مع اسرائيل اولوية استراتيجية في سياسته 'علينا ايضا الوقوف الى جانب حلفائنا. اعتقد ان التوتر الذي حصل بن اسرائيل والولايات المتحدة امر مؤسف'.
واضاف رومني 'اعتقد ايضا ان سحب برنامجنا للدفاع الصاروخي خارج بولندا بالطريقة التي قمنا بها كان ايضا امرا مؤسفا لجهة تعكير العلاقة التي كانت بطريقة ما بيننا'.
وسعت بولندا التي تحولت عضوا اساسيا في الحلف الاطلسي، الى استضافة برنامج للدفاع الصاروخي، الا ان اوباما تراجع عن المشروع بعد ضغوط من روسيا.
كما اخذ رومني على اوباما عدم اتخاذه مواقف مساندة للتظاهرات المعارضة للنظام في ايران عام 2009.
وقال 'صمت الرئيس كان برايي خطأ جسيما. علينا الدفاع عن مبادئنا، الوقوف مع حلفائنا، الدفاع عن جيش اقوى واقتصاد اقوى'.
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان رومني لم يفعل الكثير لتقديم رؤية للسياسة الخارجية خاصة بالحزب الجمهوري.
وقال 'تبدو المسألة بالنسبة لي ان الحزب الجمهوري مازال منقسما بين الواقعيين وبين المحافظين الجدد وبين الانعزاليين الجدد ومازلنا بدون فكرة واضحة عن كيف ستعمل ادارة رومني على اعادة توجيه الحزب ومحاولة تعزيز وجهات النظر هذه.'
وقال كين لايبرثال وهو خبير في الشؤون الصينية عمل في الفريق الامني للرئيس الاسبق بيل كلينتون ان رومني خفف من مواقفه لانه رأى انه نظرا لان الانتخابات تركز على القضايا الداخلية فلن يضيره كثيرا تأييد السياسة الخارجية لأوباما.