كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم أن السلطة الوطنية ستعلن عودتها إلى المفاوضات غداة الاعتراف بها دولة بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال في حديث لملحق صحيفة يديعوت أحرونوت إن الاعتراف يمنح السلطة غطاء وقوة، ويمكّنانها من العودة إلى المفاوضات.
ورغم توقف المفاوضات وتفاقم الاستيطان، قال عباس إن التنسيق الأمني مع إسرائيل يتم على مدار الساعة والأسبوع.
واشتكى عباس -الذي تسلم الرئاسة عام 2004 وانتهت ولايته الرئاسية رسميا عام 2009- لامبالاة الإسرائيليين قبل وخلال المعركة الانتخابية الحالية، قائلا إن بنيامين نتانياهو نجح في إقناعهم بأن الفلسطينيين ليسوا شركاء، ونجح في هدم حل "الدولتين".
ويشير عباس إلى أنه وإيهود أولمرت كانا قريبين من الاتفاق بعد إجرائهما "مفاوضات جدية" والتحدث حول كافة قضايا الحل الدائم، كالقدس وتبادل الأراضي، دون أن يشير في اللقاء إلى فلسطينيي الداخل.
حلف الناتو
ويكشف عباس عن اتفاق على مبادلة بعض المستوطنات بأراض بالمساحة نفسها من أراضي 48.
وقال "الآن أستطيع الكشف أننا وافقنا على تواجد قوات لحلف شمال الأطلسي بقيادة أميركية بعمق عشرة كيلومترات من الضفة الغربية لمنع العنف".
وكرر ما قاله في مناسبات سابقة عن أن الطرفين احتاجا بضعة أسابيع أو شهور لاستكمال الاتفاق، لكن "للأسف سقطت حكومة أولمرت في 2008".
غير أن الصحيفة الإسرائيلية تتهم عباس بقطع المفاوضات ستة أشهر قبل سقوط أولمرت، وتنسب إليه تصريحا لصحيفة "واشنطن بوست" يقول فيه إنه اضطر لوقفها بسبب الفجوة الواسعة في المواقف.
الانتخابات الإسرائيلية
وردا على سؤال، قال عباس إنه لا يتدخل في الانتخابات الإسرائيلية، لكنه أبدى الأمل في أن تفرز رئيس حكومة مناصرا للسلام.
وتحدث عن اتصالات مستمرة مع مسؤولين إسرائيليين سابقين وحاليين، كأولمرت -الذي هنأه هاتفيا بتبرئته في المحكمة- ووزير الخارجية الأسبق يوسي بيلين.
كما تحدث عن اتصال هاتفي بنتنياهو عبر له فيه عن تعزيته الحارة لوفاة والده.
وفي اللقاء -الذي تم في ديوانه برام الله- يؤكد عباس تفهمه لحساسية إسرائيل لمسألة الأمن، ويبدي استعداده للقيام بخطوات لأجله، لكنه يرى أيضا ضرورة تسوية قضايا أخرى.
كما يوضح أنه أبلغ نتنياهو باستعداده للقائه شريطة التزامه باتفاق مع سابقه أولمرت خلال المفاوضات حول إطلاق الجندي الأسير جلعاد شاليط، تفرج إسرائيل بموجبه عن 120 أسيرا فلسطينيا.
القنبلة الديمغرافية
وقال عباس إنه لا يهدد بانتفاضة ثالثة وإن العودة إلى "الإرهاب" ليست واردة، و"اسألي رؤساء الأجهزة الأمنية لديكم وستسمعين كلمات إيجابية حول التنسيق الأمني بيننا والقائم على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع".
لكن الرئيس الفلسطيني حذر من اليأس الذي سيدفع إلى "أوضاع غير لطيفة"، مذكّرا بأن إسرائيل والفلسطينيين محاطون بأنظمة إسلامية وبجماهير غاضبة، وبأن الغضب يدنو من الطرفين بعدما وصل الأردن.
أما عن حلمه الوردي كما قال، فأن يشهد إعلان فلسطين دولة مستقلة خلال فترة ولايته، وفي كوابيسه يرى الانحدار نحو حرب دينية، مذكرا بالربيع العربي و"بالقنبلة الديمغرافية".
وقال رئيس القائمة العربية الموحدة عضو الكنيست إبراهيم صرصور للجزيرة نت إن عباس يدرك تماما -بصرف النظر عن تصريحاته- عدم إمكانية التسوية في هذه المرحلة.
وحسب صرصور فإن التسوية ممكنة إذا مارس المجتمع الدولي واجبه بالتدخل والضغط الحقيقي على إسرائيل وفرض حل عليها، وهو أمر يستبعده نتيجة الخلل في التوازنات الدولية، وإن كان يعلق أملا على تدخل عربي إسلامي بقيادة مصر وتركيا.
وقال "ليس أمام شعبنا وفصائله خيار سوى الإجماع على مشروع وطني لإنقاذ فلسطين على قاعدة أن إسرائيل ليست شريكا"، وهو ما يعني –حسبه- استخدام أدوات ضغط كوقف التنسيق الأمني الذي "منح حكومة نتنياهو غطاء لاغتيال فلسطين أرضا وبشرا".
كما يرى صرصور أن التسوية لن تتحقق حتى بعودة أولمرت إلى الحكم، لأنه لن ترتقي أي حكومة إسرائيلية إلى الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته.
الوهم
ويدعو المحاضر في العلوم السياسية بجامعة حيفا الدكتور أسعد غانم إلى الضغط على إسرائيل والتنازل عن فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية لأنها تعزّز الوهم وكأنها موجودة.
ويحذر غانم -المؤيد لفكرة "الدولة الواحدة"- من أن مواصلة عباس زرع "وهم الدولتين" يصب الماء في طاحونة إسرائيل، مذكرا بأن الاستيطان قد أجهز على حل "الدولتين" حتى صار الخط الأخضر في الكتب وفي عقول بعض القيادات الفلسطينية.
وقال إن "احتمالات عودة أولمرت تناهز الصفر لأن الشارع الإسرائيلي غارق في تطرفه، وحتى لو عاد فهو عاجز عن تحقيق تسوية كان بوسعه إنجازها في ولايته الأولى".