السبت 01-02-2025

معا لوأد الفتن المذهبية والطائفية

×

رسالة الخطأ

محمد خضر قرش – القدس

معا لوأد الفتن المذهبية والطائفية
عُمر بن الخطاب ليس سنيا وعليٌ بن أبي طالب لم يكن شيعيا
محمد خضر قرش – القدس
منذ فترة ليست بالقصيرة وخاصة بعد العدوان الأميركي على العراق عام 1991، ازدحمت وسائل الإعلام التقليدية (المقروءة والمسموعة والمرئية) ولاحقا وسائل التواصل الاجتماعي كلها (الفيس بوك والواتس اب والفايبر والانستغرام والتويتر) بكتابات ومقالات وتعليقات ومناظرات حية ورسائل قصيرة وروايات مذهبية مقيتة الغالبية الساحقة منها ليس لها أساس من الصحة ومختلقة وغير مسنودة بالكتاب والسنة، كل ذلك بغرض إيقاظ وإشعال الفتن بين العرب فيما بينهم، مسلمين ومسيحيين، من جهة وبين المسلمين من غير العرب من جهة أخرى.ومكمن الخطورة فيها أنها أخذت تنتقل وتتداول بكثرة شبه يومية بين الشباب الذين يشكلون الأغلبية السكانية،لإثارتهم وتعميق النعرات المذهبية والطائفية فيما بينهم وعكسها على تصرفاتهم وسلوكياتهم وتحويل بوصلتهم واهتماماتهم الرئيسة والمركزية من فلسطين والقدس كما كانت دائما إلى سني وشيعي وإيراني وعلوي وبربري ويزيدي وحوثي وكردي وتركماني ودرزي. وقد استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في عملية تكثيف التداول وتوسيع الفتن والروايات الملفقة وانتشارها عموديا وأفقيا بقصد زرع الكراهية والحقد والنزاعات والعداء والخلافات بين الشباب العربي. لقد ساهم الغرب الاستعماري بالتعاون والتنسيق والتمويل والموافقة الكاملة من بعض الأنظمة العربية المتخلفة والمهترئة والجاهلة لتطبيق وترجمة ظاهرة أو نظرية أو سياسة الفوضى الخلاقة!!! التي عملت عليها ودعت إليها وأرست أسسها وبشرت بها كوندليزا رايس سيئة الصيت والذكروالسمعة.فقد تم استجلاب مرتزقة إلى بعض دول الوطن العربي من مختلف بقاع الأرض وخاصة من العالم الإسلامي بشكل أساسي وجُلهم أميون جهلة لا يفقهون بأمور الدنيا والدين شيئا، وبعضهم أميون لا يجيدون القراءة والكتابة ليعيثوا في الأرض والحضارة العربية تدميرا وهدما وتخريبا وتقويضا لكل ما تم بناءه، ومن ثم تأجيج نار الفتن وخاصة المذهبية والطائفية منها بحجة الدفاع عن "السنة والجماعة"!! التي باتت مهددة حسب رأيهم من قبل العلويين والشيعية!!!!علما بان نسبتهما معا في العالم الإسلامي تقدر بنحو 15% من إجمالي عدد المسلمين.
الفرز والتصنيف لا يخدم العرب والمسلمين
لم يكتف دعاة ورؤوس الفتن المذهبية والطائفية في فرز وتصنيف العرب والمسلمين الحاليين على أسس
مذهبية سنية وشيعية وعلوية ودرزية،ومن ثم مسلم ومسيحي وما بينهما بل ذهبوا بعيدا يقلبون ويستحضرون صفحات التاريخ العربي المجيد والخالي من كل ما سبق ليصنفوا القادة العظام الأوائل الذين فتحوا الأمصار ونشروا الإسلام بالحق وحققوا للبشرية الخير والسؤدد ونشروا الفكر والعلم والحضارة. فصنفوا عمر بن الخطاب كسني وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه كشيعي علما بان كلاهما من الخلفاء الراشدين ومن العشرة المبشرين في الجنة فالأول أعز وقويَ الإسلام به عندما آمن والثاني حمى رسول البشرية وهو فتى حينما نام في فراشه وأطلق عليه الفدائي الأول.ولما حضر عمر بن الخطاب الموت، بسبب الطعنات الست الغادرة التي وجهها له ابولؤلؤة فيروز الفارسي أوصى الفاروق عمر بلجنة مكونة من ست أشخاص عربية إسلامية مرموقة ليختاروا من بينهم الخليفة ،كان عليٌ وعثمان أبرزهم مستثنيا منهم ابنه وابن عمه.وفي تشخيصه للستة الذين اختارهم ،قال بن الخطاب عن عليُ " وما يمنعني منك يا علي ،أي ترشيحك للخلافة ،إلا حرصك عليها وأنك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحق المبين والصراط المستقيم". وقد تزوج بن الخطاب أم كلثوم بنت سيدنا علي وأنجب منها زيد ورقية. وبالمقابل أطلق سيدنا عليُ أسم عمر على أحد أولاده تيمنا به.وأكثر من هذا فأن بن الخطاب قد انحاز إلى رأي عليُ ضد عثمان والآخرين والقاضي بالموافقة على قيامه شخصيا بالذهاب إلى القدس لتسلم مفاتيحها من صفرونيوس وإعطاء وثيقة الأمان والعهد لأهل ايلياء.فالعلاقة بين الخليفتين كانت قوية جدا وكلاهما كانا يؤمنان إيمانا لا يتزعزع بان" لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله". ولا شيء غير هذا. فلا الأول كان سنيا ولا الثاني كان شيعيا.لذا علينا أن نخرج من هذه التسميات والتصنيفات المذهبية المسمومة التي تؤذيهما في مماتهما معا وتضر بهما وبتاريخهما.ولو قدر لهما أن يعودا للحياة مرة أخرى لوجها معا لطمات قوية على وجوه مثيري الفتن والنعرات المذهبية المقيتة.فعمر وعلي بريئان تماما من كل ما يطلقه عليهما الذين يدعون بأنهما من أتباعهما.فالتسميات والتصنيفات التي برزت بعد مماتهما لا يتحملان مسؤولياتها أبدا فالذين ينشرون التصنيفات المذهبية يهدفوا لتغطية وتبرير الاستئثار بالسلطة والحكم وليس لأسباب دينية أو إيمانية كما يدعون ويروجون وينشرون. فتولية يزيد الحكم من قبل والده معاوية كانت أول خطيئة نحو توريث الحكم في الإسلام لم يفعلها قبله لا أبا بكر ولا عمر بن الخطاب ولا عثمان ولا عليُ.هناك منازعات حدثت وجرت على السلطة بعدهما مباشرة وخلال حكمهما استمرت حتى وقتنا الحاضر. فمن واقع التجربة العربية المريرة في الحكم أنه حينما يكون الحاكم قويا فكريا ووطنيا ودينيا (عبد الناصر مثال بارز على ذلك) تتراجع كل التصنيفات المذهبية وتختفي تماما. وبالعكس حينما يكون الحاكم ضعيفا فكريا وجاهل سياسيا وله ارتباطات ومصالح ورغبة بالاستئثار بالسلطة،كما هو الحال لدى الأغلبية الساحقة من الحكام العرب تنمو وتزدهر المذهبية والطائفية وتنتشر بل وبعمل الحكام أنفسهم على رعايتها وإذكاء نارها وإخراجها من تحت الرماد لكي يبقوا على رأس السلطة والحكم. ومقابل استمرارهم في الحكم وتسلطهم، فهم على استعداد للتعاون مع كل شياطين الجن والإنس لزرع بذور الفتن المذهبية والطائفية بين صفوف أبناء الدولة الواحدة بما في ذلك استجلاب جنود الاستعمار من جديد إلى دولهم وإعطائهم قواعد عسكرية لحمايتهم.وختاما نقول بأن كل التصنيفات المذهبية والطائفية الرائجة والآخذة بالانتشار في وطننا العربي والإسلامي لا تستند إلى مبادئ الدين الحنيف وليس لها صلة به، فهي سياسية بامتياز دون أن يكون لها علاقة بالدين والإيمان بالله والدفاع عن "السنة والجماعة" كما يتشدقون ويزعمون كما أنها ليست لحماية الوطن وإقامة شرع الله على الأرض.هناك أربع مذاهب رئيسة في الدين الإسلامي فمن الذي يمنع من أن يكون الفكر الشيعي بمثابة المذهب الخامس ؟؟ كما أشار بذلك الأزهر الشريف في ستينيات القرن الماضي، فهم يقولون علنا وعلى الأشهاد "بان لا الله إلا الله وان محمدا رسول الله" ويقرؤوا نفس القرآن. فحينما نقارن بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان لا يمكن للمرء المسلم الحقيقي إلا وينحاز لرابع الخلفاء الراشدين للأسباب الرئيسة التالية،أولا: أنه أول من آمن من الفتيان بعكس معاوية الذي لم يعلن إسلامه إلا عند فتح مكة ولا يهم هنا بعض الروايات التي تقول بأنه أخفى إسلامه خشية من بطش أبيه أبي سفيان.وثانيا أنه حمى بجسده ونفسه رسول البشرية من بطش قريش حينما نام في فراشه،وثالثا:هو أحد العشرة المبشرين بالجنة بينما معاوية ليس منهم ورابعا:أنه ابن عم رسول الله وأولاده الحسن والحسين أحفاد رسول الله وأحبابه وخامسا: تحمله مشقة الانتماء للدين الحنيف والهجرة وقساوة وظلم قريش بعكس معاوية الذي لم يتحمل أعباء الانتماء للإسلام في المراحل الأولى للدعوة حتى إشهار إسلامه. وعلى ضوء كل ما سبق يتوجب علينا أن نكف عن نشر الفتن المذهبية والطائفية حماية للدين والعروبة والحضارة ومستقبل الأجيال الآتية التي لا ذنب لها في كل ما يجري حاليا من الفتن المذهبية والطائفية. وما ينطبق على الفارق وعليً ينسحب على أبي بكر وعثمان وبقية المبشرين بالجنة والصحابة الذين رافقوا الرسول الكريم منذ بداية الدعوة وحتى انتشارها. فلنتق الله فيما نكتب وننشر ونلقن الأجيال الآتية.فنحن كما هم غير مسئولين عما حدث قبل نحو 1400 سنة. كما يتوجب علينا أن نتوقف عن تصنيف المسلمين بين سني وشيعي فهذا تفريق بين المسلمين لأن كليهما يؤمنون "أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله" ويقرؤون نفس القرآن وقبلتهم واحدة والباقي اجتهادات لا تمس جوهر الدين وفروضه.

انشر المقال على: