الجمعة 07-02-2025

الزعماء العرب في الرؤية الاسرائيلية...!

×

رسالة الخطأ

نواف الزرو

الزعماء العرب في الرؤية الاسرائيلية...!
نواف الزرو

نتنياهو وباراك يلتقيان في التقدير بان العالم العربي لا يستطيع هزيمة "اسرائيل"، ويبدو ان المسالة لا تتوقف عندهما، فالمعطيات الاسرائيلية التي تتحدث عن هذا المضمون اصبحت كثيرة، وكأن هناك لديهم اليوم شبه اجماع على ان العرب ضعفاء ومتفككون ولا يشكلون تهديدا قريبا للوجود الاسرائيلي، بل ان بعض تقديراتهم تتحدث عن الزعماء العرب بانهم لا يفكرون اصلا بالمصالح الوطنية والقومية العربية، ولا بمصالح شعوبهم، وانما بمصالحهم الخاصوة وكراسيهم كحكام الى الابد.
ففي احدث تصريح عندهم على سبيل المثال، قال مائير داجان رئيس الموساد السابق أنه يستبعد أن يتم تهديد إسرائيل فعليا خلال الخمس سنوات القادمة على الرغم من أن ثورات الربيع العربى قد أثمرت عن تعاظم قوى الإسلام الراديكالى المناهض لإسرائيل، مضيفا "أن الجامعة العربية لم تعد كما كانت من قبل، وليس هناك اي زعيم عربي يهدد اسرائيل، ولم يعد هناك شخص يدعى صدام حسين يهدد أمن إسرائيل" .
وفي هذا السياق كذلك، نستحضر بعض ادبياتهم السياسية من ارشيفهم، فكان الجنرال الاسرائيلي يوسي كوبر فاسر رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات الاسرائيلية-سابقا- الذي يطلقون عليه هناك "العقل المدبر مستخلصا:"ان العرب شغوفون باعفاء انفسهم من المسؤولية وتفكيرهم يخضع لغرائزهم ..."..وجاءت هذه النظرة السيكولوجية للعرب من قبل هذا الجنرال على خلفية قراءته لاسباب وعوامل الحرب الاسرائيلية على لبنان".
وعمليا لا ينفرد هذا الجنرال في هذه القراءة ..فهناك عددكبير من كبار جنرالاتهم وسياسييهم وباحثيهم يقرؤون الاحوال العربية بالمنهجية ذاتها ...
فكان الجنرال احتياط شلومو غازيت المحلل والباحث الاستراتيجي لديهم قد اعرب عن تقدره الاستراتيجي في هذا الصدد قائلا:" لا يجوز أن نوهم أنفسنا، فلا يوجد اليوم أي قاسم مشترك يوحِّد مصالح الدول الاعضاء في الجامعة العربية، فهي لا تتوقع اي أمل في اجراء سياسي موحِّد، ولا في اجراء عسكري مؤكد".
فهاهو شمعون بيريز عجوز السياسية الاسرائيلية قد استخلص مبكرا:"ان هناك رياحا جديدة تهب في الشرق الاوسط.. وان الغزو الامريكي للعراق نسف خرافات كثيرة مثل وحدة الموقف العربي، فقد اثبت العرب انهم منقسمون على انفسهم"، وعاد يبريز وأكد ثانية لاحقا قائلا: انني ارى شرق اوسط جديدا، يبنى من جديد.. ان العالم يتغير كما نرى في العراق".
والجنرال احتياط اوري ساغي رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا كان قد لخص قراءته للواقع العربي قائلا:"لم يعد هناك اليوم قومية عربية شاملة في الصراع ضد اسرائيل".
بينما كان الجنرال موشيه يعلون رئيس اركان الجيش الاسرائيلي سابقا قد بسط رقعة بازل استراتيجية مكونة من قطع مختلفة مرتبطة ببعضها البعض:العراقية والايرانية والسورية والليبية والفلسطينية "والارهاب"والتهديدات غير التقليدية، ليعرب في الخلاصة عن تفاؤله مؤكدا ايضا: "نحن لم نعد نتحدث عن عالم عربي، ولا عن وحدة عربية، وانما يدور الحديث عن مصالح فئوية خاصة".
ولعل الكاتب الاسرائيلي المعروف "غاي باخور"كان الاقرب في قراءته السيكولوجية للواقع الرسمي العربي وللشخصية العربية من الآخرين حينما كتب"في يديعوت احرونوت قائلا:
"لا يمكن ان نشير ولو الى زعيم عربي واحد برز بأفعاله، كلهم يبرزون بعدم بروزهم، يهربون من كل فكرة تغيير ويخافون من المستقبل، ويحتجزون الاصلاح وراء القضبان، ويتمسكون بالحاضر بأظافرهم... وهم مشغولون بالحفاظ على انفسهم فقط، وبقية الشعوب العربية بلا قيادة"، ويستشهد الكاتب الاسرائيلي هنا بما تنبأ به الشاعر السوري نزار قباني في الثمانينات في قصيدته "متى سيعلن موت العرب؟" فـ "الامة العربية -كما كتب- ماتت بذنب الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس".
وهاهو سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق ووزير الشؤون الاستراتيجية اليوم في حكومة نتنياهوكان اعلن ذلك من على منبر الامم المتحدة قائلا"ان الجدار الحديدي العربي بين العرب واسرائيل اخذ يسقط"، ويضاف بمنتهى الوقاحة الابتزازية: "ان على من يريد ان يساعد الفلسطينيين ان يتعاون مع اسرائيل، وهذا شرط مسبق لاي دولة تريد ذلك"؟
ولذلك يعتقدون هناك في"اسرائيل" ان"اللحظة التاريخية"بمواتية جدا لهم في ضوء هذه الاحوال العربية للانقضاض على فلسطين بكاملها، وفي قراءتنا نحن لهذه القراءات السيكولوجية والاستراتيجية الاسرائيلية، التي تفرخت منها وعنها هذه الحروب الاجرامية الاسرائيلية في فلسطين ولبنان نقول: اننا نحتاج في عالمنا العربي من ضمن ما نحتاجه -ولا حصر له- الى مؤسسات ومراكز دراسات وقراءات استراتيجية تقرأ اول ما تقرأ الاستراتيجيات والمخططات والقراءات الاسرائيلية للاوضاع، وتقرأ ثانيا في مقدمة ما تقرأ سبل ووسائل وامكانيات تعميم الثقافة القومية العربية والفكر القومي العربي، وتفعيل المسؤوليات القومية والتاريخية العربية في مواجهة الاستراتيجيات العدوانية الاسرائيلية المفتوحة.

انشر المقال على: