هل يلهث عباس وراء مصالحة مع حماس لقطع قطار دحلان ؟
تتسارع الأحداث في الأراضي الفلسطينية منذ أقل من شهر، فبعد قرار إلغاء الانتخابات المحلية ظهرت العديد من التسهيلات في قطاع غزة، والتي كان منها فتح معبر رفح لأكثر من أسبوع والعديد من الأمور التي رأى العديد من المتابعين أن وراءها النائب محمد دحلان الذي يريد أن يعيد بريقه الذي خف منذ عدة سنوات وليكون هو خليفة للرئيس محمود عباس بعد تخلي العديد من الدول العربية عن دعمه.
الامر انعكس ايضاً على عدة مدن في الضفة المحتلة التي ثارت بعد ان أقدم الرئيس محمود عباس على فصل عدد من الفتحاويين الموالين لدحلان بحجة مؤتمر الامعري , وظهور الشارع الضفاوي منقسم بين الفتحاوية , كما هو في غزة منذ اكثر من 10 سنوات, الى ان وصل الامر لحدوث اشتباكات يومية بين الأجهزة الأمنية وفتحاوية دحلان" .
التغيرات دفعت الرئيس محمود عباس للاستعانة بتركيا وقطر, وقيام الأخيرة بعقد لقاء بين الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وإسماعيل هنية لأول مرة منذ ثلاثة أعوام , لتعود الأمور الي نقطة الصفر بشان ما ستؤول اليه الأمور , هل سينجح عباس في تثبت قدميه مجدداً بمصالحة قد تكون غير كافية مع حماس , ام ان الحديث عن دحلان واتمام مراسم تنصيبه رئيسا للسلطة بدعم عدة دول عربية بات قريباً.
لقاءات جديدة
بعد لقاء قادة فتح وحماس الثلاثة في الدوحة يوم الخميس توقعت مصادر فلسطينية مطلعة أن تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، لقاءات مصالحة جديدة بين حركتي فتح وحماس، للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية محل حكومة التوافق في أعقاب لقاء الدوحة الذي قالت الحركة إنها قدمت خلاله «رؤية متكاملة لتحقيق المصالحة».
وقال مسؤول في حركة فتح من قطاع غزة ، إن هناك إشارات قوية على عقد لقاء قريب بين وفدين قياديين من الحركة وحماس، للتشاور حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، في ضوء اللقاء الذي جمع الرئيس مع قيادة حركة حماس.
وأشار إلى أن مخرجات لقاء الدوحة بين الرئيس عباس وقيادة حماس ستتضح بعد عودة الرئيس إلى الضفة الغربية، حيث سيعقد اجتماعا للجنة المركزية لحركة فتح، وسيضعهم في صورة التطورات وما جرى بحثه في لقائه مع قادة حماس بشكل مفصل.
لكن المسؤول أكد أن لقاء الرئيس بقيادة حماس، لم يكن يتم لولا وجود تحسن طرأ على عملية المصالحة المنشودة. وأشار إلى أن ملف المصالحة جرى بحثه بشكل معمق خلال لقاءات الرئيس في جولته الخارجية في كل من تركيا وقطر، لما لهاتين الدولتين من علاقات قوية مع حماس.
إسرائيل تتفرج وتنتظر
العديد من المواقع "الإسرائيلية" رأت ان هذه الايام صامتة لحكم محمود عباس في الضفة الغربية. وان عملية الانهيار البطيئة وانهاء حكم الرئيس الفلسطيني تتواصل. والأمر أصبح حقيقة واقعة من قبل جميع من لهم صلة.
يواجه عباس اصواتا منددة داخل حركة فتح، وحماس ايضا. وفي الآونة الاخيرة ايضا هناك تآمر واضح من الدول العربية. عزلته المتزايدة تزيد من التوتر الداخلي في رام الله. ويحتمل أن يؤثر ذلك على الاستقرار الداخلي في المناطق وعلى العلاقة المتوترة مع إسرائيل.
يبدو أن التحدي الأصعب لعباس هو التهديد الداخلي، من أحد قادة فتح، محمد دحلان. ولا يخفي عباس الاحتقار الشخصي لدحلان , وقد أدى التنافس بينهما في هذا الاسبوع إلى مظاهرات عنيفة في مخيمات اللاجئين في جنين وبلاطة في نابلس والأمعري في رام الله.
الخلفية ترتبط هذه المرة باحتفالين قام دحلان بتنظيمهما بغطاء اكاديمي في مصر وبمشاركة مئات النشطاء. أحدهما تم في القاهرة بالتعاون مع معهد الابحاث قرب صحيفة «الأهرام» وتناول المشكلة السياسية الفلسطينية، لكن قيادة السلطة رأت فيه وبحق، استعراض عضلات استفزازي من دحلان وبغطاء مصري.
حاولت السلطة وضع العقبات أمام ذهاب الفلسطينيين من المناطق إلى القاهرة، لكن الكثيرين وصلوا من الضفة الغربية بطرق التفافية وبعضهم خرج من غزة بموافقة حماس ومصر. أحدهم من سكان الأمعري، جهاد طمليه، عاد إلى الضفة بعد انتهاء اللقاء وتم طرده من مؤسسة فتح. وردا على ذلك شارك المئات في المظاهرات ـ وتدهور الوضع في بلاطة وجنين إلى تبادل اطلاق النار مع اجهزة الامن الفلسطينية.
يلامس دحلان وفقا لتحليلات المواقع الإسرائيلية النقطة الحساسة بالنسبة لعباس: حجم شرعية الرئيس كممثل للشعب الفلسطيني. منذ أكثر من عقد لم تتم في المناطق انتخابات للرئاسة أو للبرلمان. ويتحدث عباس مؤخرا عن اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، لكن هذا الوعد لم ينفذ ايضا من قبل ياسر عرفات، الامر الذي سيكون مقرونا ايضا بمشاركة الفلسطينيين في الشتات في الدول العربية المختلفة. تصريحات عباس تبدو غير واقعية خصوصا على ضوء فشل السلطة الفلسطينية في اجراء الانتخابات للمجالس في المناطق التي كان من المفروض أن تتم في هذا الشهر، لكنها تأجلت إلى اشعار آخر.
محيط عباس يشتبه وبحق بأن دحلان يريد أن يعزز مكانته كمرشح سري للرباعية العربية التي تتشكل من السعودية ومصر والاردن ودولة الامارات.
وكما جاء في بداية الشهر من ايهود يعاري في القناة الثانية، فإن الرباعية تدفع بأن يكون ناصر القدوة وريثا للرئيس، وهو ابن أخت عرفات وسفير سابق لـ «م.ت.ف» في الامم المتحدة. ولكن دحلان يحاول أن يكون من ضمن الثلاثة أو الاربعة للقيادة المستقبلية على طريق تسلق مرحلة اخرى في السلم.
مصر لا تخفي تأييدها لدحلان. والممثلون المصريون يتحدثون عن ذلك بشكل علني في المحادثات مع الإسرائيليين. وفي رام الله اشتباه بأن الاعلان السعودي في هذا الاسبوع حول تجميد اموال السلطة يتعلق بهذا الامر.
وتتلاحق الاحداث ويبقى الحديث عن المصالحة وتحقيق مصالح المواطنين الشخصية , اشبه بالحلم وخاصة في ظل تناحر الأطراف للوصول للحكم دون الاكتراث لمشاكل المواطنين , وترك غزة ثكلى بيد الاحتلال المحاصر , والضفة المحاصرة بحواجز الاحتلال دون أي تحرك جدي للوحدة والتفرغ للعدو الحقيقي.