الاثنين 25-11-2024

"نيويورك تايمز": التخدير والتهديد والخطف من اساليب مناهضي النظام السوري لتشجيع انشقاق عناصر الجيش

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

أنطاكية (تركيا)، نيويورك- - نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الخميس تقريراً من مراسليها كريم فهيم وهويدا سعد . وهذا نص التقرير:
"ظلت الميليشيات المختلفة، المعروفة باسم الجيش السوري الحر، تعتمد على الانشقاقات من الجيش السوري لتقوم بتحد ذي مصداقية وثابت لحكومة بشار الأسد. وكان كل يوم يمر يبدو أنه يجلب خبرا عن متطوعين جدد. الجنود كانوا يهربون في جماعات، أو يتسلل الضباط عبر الحدود، ويرفعون معنويات الثوار ويضخمون عديدهم.
لكن قادة المعارضة يقولون الآن إن الانشقاقات تقلصت للغاية. بعض القادة تخلوا عن محاولاتهم اجتذاب منشقين، وغيرهم لجأوا إلى وسائل أكثر يأسا: التحايل والغش والتهديد، وحتى تخدير واختطاف العسكريين لإرغامهم على تغيير ولائهم، إو على الأقل التخلي عن القتال. ومن دون انشقاقات، كما يقولون، ليس هناك امل بأن تنمو، ناهيك عن أن تنتصر.
وقال أحمد قنيطري، وهو قائد للثوار شمالي سوريا، انشق عن الحرس الجمهوري :"استخدمنا وسائل لا يستخدمها إلا الشيطان".
وفي الوقت الذي يستمر احتراق سوريا للشهر التاسع عشر، تحركت قوات الأسد بفعالية لتقطع ما يمكن اعتباره مصدرا هاما للجنود المدربين والمسلحين الذين يغيرون ولاءهم. وفي تغيير في الاستراتيجية، فضلت الحكومة مهاجمة البلدات والأحياء عن بعد باستخدام المدفعية وسلاح الجو، وهكذا تحافظ على مواردها وتبعد جنودها عن المقاتلين من الثوار- وحتى عن الجمهور، بمن فيه أصدقاؤهم وجيرانهم ممن قد يشجعونهم على الانشقاق.

بعض الثوار الآن يجزمون بأن كل الجنود الذين لديهم حوافز للانشقاق قد انشقوا بالفعل. والبقية هم موالون للحكومة أو يخافون من خيانتها. وهناك من هم يشكون بأن الثورة حركة مسلحة توغل المتطرفون في صفوفها. وأدى هجوم انتحاري في حلب أمس إلى مقتل (اكثر من) 40 شخصا ودمر حيا تسيطر عليه الحكومة لكنه أثار غضبا واسع النطاق. ونظرا لإدراك بعض جماعات الثوار بمدى تأثير العنف سلبيا على الدعم الشعبي للثورة فقد حاولت تحميل الحكومة المسؤولية عن التفجير. وحملت الحكومة الثوار المسؤولية. وبحلول الليل أعلنت "جبهة النصرة"، وهي جماعة منتمية لـ"القاعدة"، المسؤولية عن الهجوم الانتحاري.
العقيد قاسم سعد الدين، رئيس المجلس الثوري العسكري في حمص، قال في مقابلة في تركيا إن المراقبة الحكومية، خصوصا عند الحواجز تعني أن "الاتصال مع الضباط أصبح أصعب". وقال العقيد إن حماية عائلات المنشقين صعبة للغاية- وعلى سبيل المثال، فمن غير السهل العثور على بيوت آمنة في الأحياء التي خلت من السكان. وأضاف: "الضباط أكثر ترددا هذه الأيام". وأشار إلى أن الثوار يستخدمون القوة أكثر فأكثر.
واستطرد قائلا: "نحن نعتقلهم ونعطيهم فرصة للانشقاق. بعضهم يقتنع بعد أسبوع ولهذا نرحب بهم. أما الذين لا يقتنعون – ويظلون موالين للحكومة- فيسجنون، وقد يواجهون محاكمة".
بعض الطرق التي يستخدمها الثوار تعكس دهاء تم تطويره بسبب الحاجة، وأيضا القدرة أحيانا على استخدام القسوة. وخلال الشهور الأخيرة وجهت اتهامات إلى جماعات من المقاتلين مرارا بأنهم- دون أن يحاولوا إقناع خصومهم- قاموا بإعدام الجنود الأسرى دون محاكمة. وخلال الأسبوع الماضي، نسب الثوار لأنفسهم الفضل في نسف مدرسة قالوا إنها استخدمت قاعدة عسكرية. وقال بيتر هارلينغ، وهو خبير في الشأن السوري في منظمة احتواء الأزمات الدولية "كلما قل عدد المنشقين، تصبح جهود المعارضة لاجتذاب الجنود أكثر من محاربتهم. وكلما كانت قسوة المعارضة في التعامل مع الجنود أشد، كلما قل عدد المنشقين. هذه ديناميكية تفرض نفسها".

وذكرعدد من القادة أنهم ما يزالون يحاولون استخدام وسيلة الإقناع. وقال قنيطري أحد قادة الثوار في مقابلة جرت هنا في أنطاكية، إنه يفضل إرسال مبعوثين يبدون أبرياء المظهر إلى الجنود عند الحواجز العسكرية. وقد ساعد صبي في الثانية عشرة من العمر في تحقيق انشقاق جندي حيث ضايقه من دون توقف حتى تراجع. قال الصبي :"يا رجل، لماذا لا تنشق". وكرر الصبي توبيخه للجندي، وكأن الحاجز العسكري المدجج بالسلاح ساحة مدرسية.
ضابط ثائر آخر،، يستخدم الاسم الحركي أبو علي، أرسل حلاقا، اسمه وليد، كوّن صداقة مع الجنود حيث كان يحلق شعورهم أو يغسل ملابسهم. وقال أبو علي: "هم يريدون الانشقاق. لكنهم لا يعرفون كيف، أو من يمكنه مساعدتهم".
قائد آخر للثوار كان تاجرا قبل الحرب قال إنه أرسل راعيا ذات مرة، تجول عبر الحواجز العسكرية وأنصت لما يقوله الجنود. وأضاف القائد: "هذا يساعد إن كان الجنود في الأصل رعاة. فهم يحنون إلى المهنة".
وتعرف احد العاملين السابقين لدى التاجر، وهو رجل يقوم بتوصيل الطعام، على ستة مجندين، ولكن نقطة التفتيش التي كانوا يحرسونها كانت مؤمنة جداً بحيث لم يكن هناك سبيل لمرورهم بعيداً عن نظر الضباط: وقال القائد: "فكرنا بارسال حبوب منومة". وقد وضعها المجندون في الماء والشاي. وقال جندي اسمه شادي وهو احد من انشقوا في ذلك اليوم: "نام ثمانية وثلاثون جندياً". وقبض الثوار على الجنود النائمين واسلحتهم. وقال ان بعضهم انضم طواعية واجبر الآخرون على ان يقسموا انهم لن يعودوا الى القتال. واضاف: "اثنان من الـ38 عادوا الى الجيش".
ومع ان الثوار يدعون انهم اجتذبوا آلاف المجندين، الا انه لا توجد دلائل تستحق الذكر على ان الانشقاقات ابطأت حركة الجيش السوري. ويقول ثوار كثيرون انهم ما زالوا ينتظرون حركة محورية، مثل انتقال لواء من جانب الى آخر. ويقولون انه الى ان يحدث ذلك، فانهم يضغطون لحرمان الجيش من كل منشق بالرغم من زيادة صعوبة عمل ذلك.

قال ضابط من دمشق ان الثوار اتصلوا به على مدى 16 شهراً من دون ان يعطوا اسماءهم في اي مرة، وكانوا في البداية يغدقون عليه طلبات ودية، قبل ان يقولوا له انه سيقتل اذا لم ينشق. وتأكيداً لصدق تهديدهم كانوا في بعض الاحيان يتصلون به مستخدمين الهواتف النقالة لجنود مقتولين. وقال الضابط: "في النهاية انشققت، ولكني كنت خائفاً لدرجة انني لم اثق حتى بزوجتي".
قبل اسابيع قليلة، قرر ثلاثة من حرس الحدود السوريين ان يهربوا من البلاد مجبرين جندياً آخر لم يشأ ان ينشق على الذهاب معهم تحت تهديد السلاح، خشية ان يحبط هربهم. وقال الجندي متحثاً في مقابلة هاتفية من بلد مجاور: "كان الامر مربكا جداً. لو بقيت، لكان الضباط سيلومونني ولكنت بالتأكيد قد واجهت عقوبة الاعدام. ولو رفضت، لكان من المحتمل ان يقلني رفاق".
بعد اجتيازهم الحدود قال المنشقون للجندي انه حر طليق. وقال الجندي: "ولكن الى اين اذهب؟. انني عالق وما من سبيل للعودة. لقد تورطت". وقال انه منذ ان بدأ نفيه، اخذ يتعاطف مع الثوار.
مثل هذه التكتيكات اغضبت بعض النشطاء المناوئين للحكومة الذين يقلقون من انها تولد نفور انصار الثورة. واستشهد ناشط طلب ابقاء اسمه سرا خشية إغضاب الجيش السوري الحر بحالة في الاونة الاخيرة قال انها جزء من النمط المقلق: اختطف ضابط من مدينة اللاذقية الساحلية، ورمي في صندوق سيارة وقيل له انه اما ان ينشق او سيقتل.
ولكن امام قسوة الحكومة، قال منشقون كثيرون انهم ليسوا بحاجة الى اقناع: واعلنوا انهم مسكونون بالضحايا الابرياء والمدن التي ساعدوا في تدميرها. وقد تحدثوا باعتزاز عن حماية المتظاهرين والدفاع عن بيوتهم.
ومع تحول الثورة الى شيء اكثر غموضاً - اي الى كفاح ضد دكتاتور ولكن ايضاً حرب مشوهة بالطائفية والتدخل الاجنبي - صارت الولاءات اكثر تنازعاً. وخلال هذا الاسبوع، في تحول صادم للثوار، ظهر رجل يدعي انه قائد سابق للثوار في مؤتمر للمعارضة في دمشق وقال انه قرر العودة الى صف الحكومة.

وقال ذلك الضابط، وهو العقيد خالد عبد الرحمن الزامل، في مؤتمر المعارضة في دمشق: "الحل في سوريا لا يكمن في السلاح او العنف او التخريب والتفجيرات وقتل الابرياء". واكد ناطق باسم الجيش السوري الحر ان انقلاب ذلك الضابط حيلة: كانت الحكومة قد اعتقلت العقيد في آذار (مارس). واضاف الناطق: "انه زميلنا وصديقنا".

انشر المقال على: