رواية "أبو دعسان" والعودة إلى الجذور
جميل السلحوت:
صدرت رواية"أبو دعسان"للأديب المقدسي ربحي الشويكي في شباط 2016، عن منشورات لجان العمل الثقافي في القدس، وتقع في 341 صفحة من الحجم المتوسّط.
ربحي الشويكي:
ولد الأديب ربحي الشويكي في القدس عام 1945، درس علم الآثار في تركيا، وعمل في الصحافة المحلية الصادرة في الأراضي الفلسطينية، وهو عضو مؤسّس لاتّحاد الكتّاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة، وعضو هئيته الاداريةّ لأكثر من دورة، وهو أحد مؤسّسي ندوة اليوم السّابع أيضا، صدرت له رواية " أنشودة فرح " عام 1990 عن منشورات اتّحاد الكتّاب الفلسطينيين وروايات أخرى منها" خربة الأولياء"، "يارا" تغريبة يبوس".
وها هو يصدر روايته هذه "أبو دعسان" و"معنى دعس في لسان العرب دَعَسَه بالرّمح يَدْعَسُه دَعْساً طعنه، والمِدْعَسُ الرمح يُدْعَسُ به، وقيل المِدْعَسُ من الرماح الغليظ الشديدُ الذي لا ينثني، ورمح مِدْعَسٌ والمَداعِسُ الصُّمُّ من الرّماح حكاه أَبو عبيد، والدَعْسُ الطعن والمُداعَسَةُ المُطاعَنَةُ،وفي الحديث فإِذا دَنا العدوُّ كانت المُداعَسَةُ بالرّماح حتى تُقْصَدَ أَي تُكْسَر ورجل مِدْعَسٌ طَعَّانٌ."
والقارئ لهذه الرّواية التي يحمل غلافها صورة لمدينة الخليل، وللمسجد الابراهيمي، يجد نفسه أمام سيرة شفويّة لأسرة خليليّة، وكما يبدو أنّها سيرة والد الكاتب وجدّيه، وعلاقتهما بمحيطهما في مدينة الخليل، وكأنّها من خلال شخوصها تسجّل أيضا جانبا من التّاريخ الشّفويّ لمدينة الخليل، ولا ضير في ذلك، فكلّ كاتب يكتب شيئا من سيرته وسيرة آبائه وأجداده وبيئته، وإن لم يقصد ذلك، لكنّ كاتبنا في هذه الرّواية قصد ما كتب، وكأنّه يؤرّخ لأسرته، حتّى أنّه كتب الأسماء الحقيقيّة لوالده وجدّه، ولا ضير في ذلك.
وقد اتّحذت الرّواية التي يمتدّ تاريخها من بدايات القرن العشرين حتّى منتصفه، ودارت أحداثها في مدينتي الخليل والقدس ثلاثة محاور هي: وباء الكوليرا، "السفر بلّك" التعبئة العامّة التي أعلنتها الدّولة العثمانيّة في الحرب الكونيّة الأولى، وبداية انتقال عائلات من الخليل إلى القدس طلبا للعمل، وما لبثت أن اشترت أراضي وبيوتا، وعاشت في المدينة المقدّسة؛ لتشارك بدور فاعل في حمايتها من الغزو الاستيطاني اليهوديّ، ومعروف أنّ الحاجّ أمين الحسيني اتّفق عام 1932 مع وجاهات العائلات في الخليل، كي ينتقل الخلايلة إلى القدس للعمل والعيش فيها.
وقد جاء في الرّواية بعض التّفاصيل عن هذه البدايات، مثل معاناة الفلسطينيّين من الفقر والعوز والحرمان والجهل والمرض والأوبئة التي وصلت أوجها في أواخر العهد العثماني، وكذلك عن الصّدامات التي جرت بين الفلسطينيّين واليهود خصوصا في القدس، وكيف كان انحياز قوّات الانتداب البريطانيّ لليهود ضدّ العرب واضحا للجميع.
الموروث الشعبيّ: ورد في الرّواية وصف لبعض العادات والتّقاليد التي كانت سائدة في تلك المرحلة، فقد جاء وصف لكيفيّة الخطبة والزّواج وما يصاحبهما من طقوس وأغاني ودبكات شعبيّة وقِرى المدعوّين، كما تمّت الاشارة إلى موسم النّبي موسى وكيفيّة استقبال مفتي القدس الحاج أمين الحسيني لوفود المدن الفلسطينيّة الأخرى وحملة بيارقها في مدينة القدس.
الأخوّة المسيحيّة الاسلامية:
تطرّقت الرواية إلى الموسيقار واصف جوهرية، وهو موسيقار وعازف عود ومؤرّخ ولد في القدس سنة 1897، وتوفي في بيروت سنة 1973، وكيف كانوا خصوصا "محمد زكي" يستمعون لعزفه ويطربون، وكيف أرضعت عزيزة جورج بن واصف وفكتوريا عندما جفّ ثديا والدته، وهذه نقطة ذكيّة من الكاتب للتّأكيد على الأخوّة المتينة بين أبناء الشّعب الواحد بغض النّظر عن اختلاف الدّين. "انظر الصفحة 204-205"
الأسلوب: غلب على الرّواية طابع السّرد الحكائيّ، والتّكرار في بعض القضايا، مثل قضيّة آداء الصّلاة في المسجد الابراهيمي، حيث يجد القارئ في بعض الصفحات تكرار ذكر الصّلوات الخمسة، ويتكرّر ذلك كثيرا، مع أنّ ذِكر الصّلاة وردت من بدايات الرّواية ولا مبرّر لتكرارها بهذا الزّخم.
اللغة: اتخذت اللغة نسقا واحدا من البداية حتّى النّهاية، وقد وردت مئات الأخطاء اللغويّة والنّحويّة، وحبّذا لو تمّ الانتباه لها وتصحيحه، خصوصا مع وجود "مشرفة لغويّة".
المونتاج والاخراج: مونتاج الرّواية واخراجها لم يكن موفّقا، فلم يتمّ الانتباه إلى كيفية عدم تناسق السّطور، وكيفيّة انزياح الكلمات من منتصف سطر لسطر جديد قبل انتهاء الجملة.