الجمعة 31-01-2025

الحريات قبل الانتخابات

×

رسالة الخطأ

لميس اندوني

الحريات قبل الانتخابات
لميس اندوني
يُجرى تسويق الانتخابات النيابية على أنها بداية الطريق نحو عملية الإصلاح وبناء دولة القانون.
لن أتحدث هنا عن قانون الانتخابات الإقصائي، الذي يقوض مفهوم الإصلاح، ولا عن معارضتي للمشاركة في هذه الانتخابات، والتي أكدتها في مقالات سابقة.
لكن بغض النظر عن المواقف والاجتهادات المتباينة حول المشاركة في عملية الاقتراع، تبقى المسألة الملحة هي كيف نتحدث عن انتخابات تمثيلية في ظل تضييق الحريات ، العامة والصحافية، واستمرار اعتقال النشطاء؟
بكلمات أخرى ما معنى إجراء انتخابات، حتى لو كانت شفافة، فيما تفرض أجواء من التخويف، من خلال الاعتقالات ، والتحويل إلى محكمة أمن الدولة و قانون مصادرة الحريات من خلال الرقابة على الإنترنت والمواقع الإلكترونية؟
فالأصل بأي عملية اقتراع هي أجواء الحرية و غياب الخوف والترهيب. الذي يحصل عندنا أنه يُجرى الترويج لانتخابات في تزامن غريب ومثير مع عودة إجراءات تعيدنا إلى ما قبل عودة الحياة النيابية والاعتراف بشرعية الأحزاب السياسية عام 1989.
نعم لقد ارتفعت نسب التسجيل وإن كان ذلك لا يعني اتوماتيكيا إقبالا بنسبة عالية على الانتخابات نفسها.
لكن حتى لو كانت هناك نسبة اقتراع عالية ، فهل ذلك يعني تأييداً وتشريعا للاعتقالات و لقانون تكميم الأفواه؟ هل هذا ما تريده الجهات الرسمية؟
ماذا تريد هذه الجهات بالضبط؟ هل يصبح القمع مقبولاً أكثر إذا كان هناك انتخابات؟
نشطاء في السجون وفقاً لشعارات، سواء قبلنا بها أو رفضناها؟ والأسوأ هو التحويل لمحكمة أمن الدولة بتهم مثل محاولة تقويض النظام، وتهم خطيرة أخرى، لن يكون للمحكمة الاستثنائية في حالة تمت إصدار الأحكام بموجبها.
لو كان هناك توجه صادق لبث أجواء الثقة لتم إطلاق سراح المعتقلين ووقف تحويل المدنيين إلى محكمة أمن الدولة.
نعم حاولت الجهات الرسمية الالتفاف على التعديلات الرسمية بتعيين قضاة مدنيين لكنها ما زالت محكمة عسكرية بامتياز بالرغم من معارضة الحقوقيين الأردنيين وبالرغم من أن قرارات مثل هذه المحكمة لا يؤخذ بمصداقيتها عالمياً.
الجهات الرسمية ، تجاهلت مطالب نقابة المحامين، و لجنة الدفاع عن موقوفي الحراك الشعبي، بإطلاق سراح المعتقلين، بالرغم من وجود عدد من أهم الخبراء القانونيين الذين يسعون إلى سيادة القانون ونزاهة القضاء وترسيخ العدالة فيها.
الآن يُجرى تجاهل التحالف المدني لمناهضة قانون المطبوعات وكأن شيئاً لم يكن، وبالرغم من استمرار خيمة اعتصام الصحافيين، وتوافد الوفود من فعاليات وأحزاب وشخصيات مستقلة للتعبير عن الدعم، لأن المعركة لحماية حرية التعبير لا تخص الصحافيين وحدهم.
الجميع يلجأ ولجأ إلى الطرق السلمية للتعبير، بمن فيهم نشطاء الحراك الموقوفون، والجميع حريص على ضرورة الالتزام بسلمية الاحتجاج، فلماذا يواجه الاحتجاج السلمي بإجراءات عرفية؟
الأهم أن كل الاحتجاجات، بغض النظر وبالرغم من صوت مغاير هنا وهناك، تلتزم بشعار إصلاح النظام، فما هو الخطر الذي يستدعي إجراءات استثنائية، لم تفد إلا بزيادة الاحتقان والشكوك.
عدا أننا لا نعرف أساساً لماذا تم سجن بعض النشطاء، إلا إذا كان الهدف هو الترويع والتخويف من الحراك وبالتالي عزله والقضاء عليه.
للأسف لا بد من التكرار بأن لا مصلحة لخنق الحراك السلمي، لأن ذلك لا يخدم الاستقرار و لا حتى النظام، وبالتالي نعيد السؤال لمصلحة من يُجرى العبث وفرض قرارات وإجراءات ، تزيد من هوة الثقة، لأن التخويف لا يبني الثقة بل الخنوع المسكون بالغضب.

انشر المقال على: