50 مليون دولار لتسوية "قضايا الدم".. حماس تبدأ المصالحة المجتمعية مع ضحايا 2007
كشفت صحيفةٌ عربية، أنّ حركة حماس بدأت بتسوية «قضايا الدم»، التي خلفها الاقتتال الداخلي المسلح في قطاع غزة في عام 2007، في محاولة من الحركة لغلق ملفات الثارات السياسية والعائلية في القطاع المكتظ المحافظ.
وتقول صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أنه على الرغم من أن الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس في عامي 2006 و2007، الذي خلف نحو 300 قتيل فلسطيني من الحركتين، ونتج عنه انقسام فلسطيني حاد، مع سيطرة حماس على القطاع، بدأ تنظيمياً، وتتحمل مسؤوليته التنظيمات السياسية، فإنه أخذ طابعاً عشائرياً بعدما تعهدت العائلات التي قتل أبناؤها بالثأر من القاتلين.
وفي الوقت الذي فشل فيه طرفا الإنقسام على مدار السنوات الأخيرة في الوصول إلى اتفاق سياسي أو إداري، بدأت حماس في الوصول إلى اتفاق مجتمعي.
وأبرمت الحركة اتفاقات مع عدد من عوائل قتلى حركة فتح وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية سابقاً، تقضي بدفع «الدية»، لتعويضهم مالياً، وإنهاء الخلافات معهم، وغلق ملف ابنهم.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية، إن ثمة عائلات وافقت وأنهت الخلاف، وأخرى لم ترد، وثالثة رفضت تسوية الأمر تماماً.
ويعود الرفض على ما يبدو إلى إصرار بعض العائلات على القصاص، أو بسبب تغييب حماس للسلطة الفلسطينية تماماً عن هذا الملف، واختيار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان ليكون طرفاً في الاتفاقات.
وقالت المصادر إن كثيراً من العائلات وافقت على الدية، وبعضها أخذها بالفعل مقابل الصفح والتسامح والعفو عن عناصر حركة حماس الذين شاركوا في عمليات القتل.
وبحسب المصادر، فإن أكثر من 5 عائلات تلقت أموالاً من حماس، وتسلمتها بحضور تنظيمي وعشائري، وأمام حشد من المواطنين، قبل أن يتم إعلان إنهاء الخلافات.
وجاء تحرك حماس في هذا الاتجاه بعد اتفاق مع «تيار محمد دحلان» حول ملف المصالحة المجتمعية، جرى خلال اجتماعات عقدت في القاهرة أخيراً بين الجانبين، وتضمنت إنهاء ملف الدم ضمن لجنة وطنية تضم جميع الفصائل.
وكشفت الصحيفة أنّ دحلان تعهد بالعمل من أجل جمع الأموال لإنهاء ملف المصالحة المجتمعية، وتعويض عوائل القتلى من الجانبين، تمهيداً لحل الخلافات الرئيسية، وإتمام المصالحة.
ويقول قياديون من تيار دحلان إنه لا علاقة لقيادة فتح الحالية بملف الاقتتال. وكتب سفيان أبو زايدة، وهو من قيادات التيار، عبر حسابه على «فيسبوك»، إنه لم يكن لحركة فتح أي علاقة بالاقتتال، قائلاً إن جميع أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة لم يكونوا في غزة آنذاك، فقد غادروها قبل أشهر من الأحداث. وعبر أبو زايدة عن استغرابه من حالة الغضب وردود الفعل التي أبدتها قيادات من حركة فتح تجاه اتفاق حماس وتيار دحلان في القاهرة.
وكان دحلان في 2006 و2007 مسؤولاً عن قطاع غزة لدى السلطة الفلسطينية، وخضع لاحقاً للجنة تحقيق بشأن إخفاقاته في حماية السلطة في القطاع، ثم انتخب لاحقاً عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، قبل أن تفصله الحركة بتهم مختلفة.
ودارت في العامين اللذين تبعا فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي مواجهات مسلحة طاحنة بين حماس وفتح.
ويظهر من أرقام موثقة، نشرتها "الشرق الأوسط"، نقلًا عن جهات حقوقية، أن عدد القتلى الفلسطينيين من حركتي حماس وفتح، وكذلك بعض المدنيين الذين سقطوا في فترة الاقتتال المسلح الطويل، أكثر من 300 شخص، بينهم 160 شخصاً في الفترة الواقعة ما بين 10 - 15 يونيو (حزيران) 2007، وهي الفترة التي تسميها فتح «فترة الانقلاب»، وتعدها حماس «فترة الحسم العسكري».
وعلمت الصحيفة العربية، أن عائلة «صقر عنبر»، وهو ضابط في جهاز الأمن الوقائي الذي كان يترأسه دحلان، وقتل في نهاية عام 2006 برصاص مسلحين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عقدت صلحاً مع حماس.
ودفعت كتائب القسام مبلغ 70 ألف دينار أردني مقابل الصلح والتراضي، وأعلنت القبول التام والتنازل عن أي قضايا لها مستقبلاً، بعد أن تسلمت الدية المالية كاملة.
وعقب نجاح مهمة الصلح مع عائلة عنبر، تمكنت حركة حماس من التوصل إلى اتفاق مع عائلات أخرى في هذا الإطار.
وقال إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس وممثلها في لجنة المصالحة المجتمعية، إن حركته بادرت إلى المصالحة المجتمعية، وأنهت كثيراً من الحالات التي أمكنها تسوية «قضايا الدم» معها، حرصاً من الحركة على تهيئة الملفات الوطنية لتحقيق المصالحة العامة.
وقال رضوان في تصريحٍ نشرته الصحيفة، أن «حماس وجدت استجابة كبيرة للصلح من قبل العوائل، ولمست في هذه العوائل طبيعة الشعب الفلسطيني المتسامح الذي يهدف إلى تحقيق المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية».
وتابع: «حماس فخورة، والفلسطينيون كذلك، بهذه النماذج من العوائل التي قدمت نموذجاً طيباً في المسامحة وتحقيق المصالحة، مما يدلل على أصالة الشعب الفلسطيني».
ولفت إلى أن الحركة تتطلع خلال الفترة القليلة المقبلة إلى التوسع في عملية المصالحة المجتمعية، في إطار وطني شامل، وصولاً إلى «تهيئة المناخات والأجواء والأحوال لتمكين الصف الفلسطيني في مواجهة مشاريع الاحتلال».
وأضاف: «حماس لديها رغبة وإصرار كبيرين على إنهاء هذا الملف بشكل كامل، وصولاً إلى المصالحة العامة».
ورداً على سؤال حول المبلغ المتوقع لإنهاء هذا الملف، قال رضوان إنهم بحاجة إلى مبلغ 50 مليون دولار لدفع ديات للقتلى الذين يبلغ عددهم 313 قتيلاً، ولتعويض الجرحى الذين يبلغ عددهم ما يقارب الـ800 مصاب بجروح مختلفة.