وزارة الحكم المحلّيّ توقف العمل بقانون توزيع الأراضي الحكوميّة... وحماس ترفض!
بقلم خالد أبو عامر نوفمبر 17, 2017
أصدر وزير الحكم المحلّيّ في حكومة الوفاق الوطنيّ حسين الأعرج قراراً في السابع من هذا الشهر يقضي باعتبار الأراضي الحكوميّة كافّة التي وزّعتها حكومة حماس في غزّة على موظّفيها غير قانونيّ، وهو ما يشكّل تحدّياً في قضيّة موظّفي غزّة التي تعتبر من أكثر القضايا تعقيداً في تفاهمات المصالحة.
مدينة غزة، قطاع غزة — تسلّمت حكومة الوفاق الوطنيّ مهامها في قطاع غزّة في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي ضمن اتّفاق المصالحة المبرم في القاهرة في 12 تشرين الأوّل/أكتوبر بين حركتي حماس وفتح، ولا تزال الكثير من القضايا العالقة على جدول أعمال حكومة الوفاق، ومنها قضيّة موظّفي حكومة غزّة الذين عيّنتهم حكومة حماس في غزّة بعد فوزها في الانتخابات التشريعيّة في 26 كانون الثاني/يناير 2006، ويبلغ عددهم 42 ألف موظّف.
أصدر وزير الحكم المحلّيّ حسين الأعرج قراراً مفاجئاً في السابع من الشهر الجاري، يقضي بـاعتبار قرارات تخصيصات الأراضي كافّة التي صدرت بعد تاريخ 2 تشرين الأوّل/أكتوبر 2017 في قطاع غزّة غير قانونيّة، وعلى كلّ الجهات والمؤسّسات التي خصّصت لها أراضي بعد هذا التاريخ مراجعة وزارة الحكم المحلّيّ في هذا الخصوص. كما قرّر الأعرج وقف أيّ تخصيصات جديدة للأراضي حتّى إشعار آخر.
تعتبر قضيّة الأراضي الحكوميّة التي وزّعتها حكومة حماس في غزّة على موظّفيها كبديل للمستحقّات الماليّة، من القضايا التي أثارت الكثير من الجدل بين حكومتي غزّة وحكومة الوفاق الوطنيّ في رام الله.
بدأت القضيّة عندما صادق نوّاب كتلة التغيير والإصلاح ممثّلة حركة حماس في المجلس التشريعيّ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، على قانون تمليك الموظّفين أراضٍ حكوميّة في غزّة بناء على مستحقّاتهم الماليّة.
وفقاً لهذه الآليّة، يقدّم الموظّف طلباً رسميّاً لسلطة الأراضي في غزّة للحصول على قطعة أرض يتمّ تقدير مساحتها بناء على قيمة مستحقّاته الماليّة، أمّا القسم الآخر من هذه الآليّة والتي يطلق عليها اسم "الجمعيّات السكنيّة" فيقوم على أساس اختيار مجموعة من الموظّفين يتراوح عددهم بين 20 و40 موظّفاً قطعة أرض تتراوح مساحتها بين 800 و1000 متر مربّع لبناء عمارات سكنيّة.
وفقا للمتحدث باسم نقابة الموظفين في غزة خليل حمادة، فقد بلغ عدد الموظفين المستفيدين من مشروع توزيع الأراضي الحكومية 18 ألف موظف، ويحق للموظف بيع حصته من الأرض التي حصل عليها.
بدروه، قال وكيل وزارة الحكم المحلّيّ في حكومة الوفاق محمّد جبارين لـ"المونيتور" إنّ "رئيس الوزراء الفلسطينيّ رامي الحمد لله أصدر تعليماته إلى وزراء حكومته بوقف العمل بكلّ القرارات الصادرة عن حكومة حماس في غزّة بعد تاريخ 2 تشرين الأوّل/أكتوبر 2017، وبموجب هذه التعليمات، فقد تمّ وقف العمل بقرار الحكومة السابقة الخاصّ بتوزيع الأراضي الحكوميّة على موظّفيها، كونه لم يصدر عن حكومة الوفاق التي تسلّمت مهامها في غزّة في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي وفق اتّفاق المصالحة الفلسطينيّة".
وأضاف أنّ "قضيّة توزيع الأراضي الحكوميّة تمّت مناقشتها في اجتماعات عدّة لمجلس الوزراء كونها قضيّة سياديّة وتخصّ ثروات الشعب الفلسطينيّ ومقدّراته، وقد خلصت الاجتماعات إلى وقف العمل بتوزيع هذه الأراضي منذ تاريخ 2 تشرين الأوّل/أكتوبر 2017، وبعد تمكين حكومة الوفاق من أداء كامل مهامها في غزّة ستتمّ إعادة النظر في الأراضي التي تمّ توزيعها من قبل حكومة غزّة بطريقة غير قانونيّة على موظّفيها أثناء فترة الانقسام الفلسطينيّ". ونوّه بأنّ "قرار توزيع الأراضي الحكوميّة يعتبر باطلاً ما لم يصادق عليه الرئيس الفلسطينيّ".
في المقابل، تعتبر حكومة حماس في غزّة أنّ قضيّة توزيع الأراضي الحكوميّة هي من ضمن اختصاصها، كونها من تحكم القطاع وتدير شؤونه بعد فوزها في الانتخابات التشريعيّة التي جرت في عام 2006 وفازت بـ76 مقعداً في المجلس التشريعيّ.
قال رئيس اللجنة الاقتصاديّة والماليّة في المجلس التشريعيّ النائب عن حركة حماس جمال نصّار إنّ "قرار توزيع الأراضي الحكوميّة هو ضمن اختصاصات المجلس التشريعيّ، وقد صادق المجلس التشريعيّ على القرار بعد استيفاء الشروط القانونيّة الخاصّة به، وكون حكومة غزّة لم تستطع دفع رواتب موظّفيها بسبب الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزّة منذ عام 2007 وأدّى إلى تراجع إيرادات الحكومة، فما كان من خيارات أمام الحكومة سوى الذهاب إلى توزيع الأراضي على موظّفيها بناء على قيمة مستحقّاتهم الماليّة". وأضاف لـ"المونيتور" أنّ "قيمة مستحقّات الموظّفين على الحكومة تقدّر بنحو مليار شيكل (285 مليون دولار) حتّى شهر أيّار/مايو 2016".
وتابع أنّه "إذا قرّرت حكومة الوفاق وقف العمل بقانون توزيع الأراضي، فإنّ عليها دفع رواتب هؤلاء الموظّفين، أو إجراء تسوية لأوضاعهم الماليّة، بما يكفل حقوقهم الوظيفيّة كاملة غير منقوصة، وفي حال رفضت ذلك فإنّ حكومة غزّة لن تعترف بقرار الوزير الأعرج، وسيتمّ توزيع الأراضي على الموظّفين وفق الآليّات المتّبعة".
ووفقا لسلطة الأراضي في غزة فإن الأراضي الحكومية تمثل مساحة 112,840 دونم من مساحة القطاع البالغة حوالي 365,000 دونم، أمّا مساحة الأراضي التي خصّصتها حكومة غزّة لتوزيعها على الموظّفين فتراوحت بين 965 و1200 دونم، وفق ما أشار إليه وزير الاقتصاد في حكومة غزّة زياد الظاظا في لقاء بكلية العودة الجامعية في 22تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
قال نقيب موظّفي حكومة غزّة الدكتور إيهاب النحّال لـ"المونيتور" إنّ "موقف النقابة يتمثّل في أن يحصل موظّفو حكومة غزّة على كامل حقوقهم الماليّة، سواء تمّ تحصيل هذه المستحقّات نقداً أم من خلال تسوية أخرى تراها الحكومة مناسبة بما يكفل حقوقهم الوظيفيّة التي نصّ عليها قانون العمل"، مؤكّداً أنّ "النقابة لن تقف في طريق حكومة الوفاق في حال قرّرت وقف العمل بنظام توزيع الأراضي الحكوميّة بشرط دفع مستحقّاتهم الماليّة كافّة".
أمّا رئيس قسم الخدمات الإداريّة في مجمّع ناصر الطبّيّ وهو أحد الموظّفين الذين تسلّموا قطعة أرض في مشروع الأقصى في مدينة خانيونس بهاء الدين عزّ الدين، فقال لـ"المونيتور" إنّه "ليس في مقدور أحد أن يستولي على الأرض التي منحتها حكومة غزّة لي بناء على مستحقّاتي الوظيفيّة، وفي حال قرّرت حكومة الوفاق الوطنيّ اعتبار الأرض الممنوحة لي غير قانونيّة كما تدّعي، فعليها تحمّل المستحقّات الماليّة كافّة ودفعها".
"المونيتور" سعى للاتصال بأكثر من ناطق باسم حماس لأخذ موقف الحركة، لكنهم رفضوا، إلا أن أحدهم رفض الكشف عن اسمه قال للمونيتور أن "قضية توزيع الأراضي على الموظفين يمكن اعتبارها جزء من مباحثات المصالحة القادمة مع فتح في مصر، ولا أظنه يشكل تهديدا للمصالحة لو توفرت النوايا الطيبة لدى حكومة التوافق الوطني للاعتراف بكافة الموظفين دون ظلم لأي منهم، رغم عدم إخضاع هذه القضية للنقاش بين فتح وحماس بعد حتى اللحظة".
وأخيراً... ربّما تكشف الأيّام المقبلة مصير الأراضي الحكوميّة التي وزّعتها حكومة حماس على موظّفيها، وما إذا كانت حكومة الوفاق الوطنيّ ستطبّق قراراتها وتسيطر على هذه الأراضي.