واشنطن-" القدس"، من سعيد عريقات- بينما تتعامل واشنطن مع تداعيات الاحتجاجات التي سببها فيلم هابط الجودة الفنية، كما هبوطه على كافة المستويات الأخرى، يسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وللاسلام، تستعد الولايات المتحدة لاحتمالات انفجار الأوضاع في واحدة من أكثر الدول تحالفاً معها وهي الأردن.
ويرى مسؤولون ومحللون أميركيون أن الوضع بات متأزما في الأردن، وأنه مرشح لانفجار وشيك، جراء قانوني الانتخابات والإعلام، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في الاردن.
ويقول مصدر مسؤول في واشنطن طلب عدم الإفصاح عن هويته "بينما نتحدث كثيراً عن أهمية بلدان الشرق الأوسط في المصالح الإستراتيجية الأمريكية، وهي كلها ذات علاقة مفصلية معنا، إلا أن الأردن، هذا البلد الصغير، ومنذ ولادته فأن علاقة وجوده تعتمد على تلاحمه استراتيجياً مع الغرب خاصة بريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة."
ويشرح المسؤول "لائحة أهمية الأردن لأمريكا طويلة جداً، لعل أولها أن الأردن يحتفظ بأطول حدود مع إسرائيل، وله اتفاقية سلام معها وعلاقات دبلوماسية طبيعية ، ويخدم الولايات المتحدة كحليف حقيقي تعتمد عليه واشنطن في الأزمات كتلك التي كانت قبل وأثناء حرب العراق، والآن الدور البالغ الأهمية في سورية، كما أن الولايات المتحدة استثمرت الكثير من أجل تدريب قوات خاصة أردنية وسلحتها بشكل يجعل هذه القوات على الرغم من صغر حجمها، من الأفضل في العالم، كمثيلاتها في الغرب وإسرائيل."
وتقر مصادر وكالة الاستخبارات المركزية أن "القوات الخاصة الأردنية أثبتت كفاءة مهنية عالية موثوقة، اعتمدنا ونعتمد عليها في كثير من الحالات بهدوء."
وفي خضم التحديات المشحونة التي تواجه الولايات المتحدة في دول "الربيع العربي" يزداد قلق الولايات المتحدة تجاه التوتر المتصاعد في الأردن، وتنظر بعين من الحذر لمجموعة الإجراءات التي اتخذها الملك عبد الله الثاني مثل قانون الإعلام الذي يحد حريات التعبير، بما في ذلك مراقبة الإنترنت والمعلومات الإلكترونية، في بداية هذا الأسبوع، وتراجع الحكومة الأردنية عن قراراتها برفع أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية الأخرى بعد أقل من أسبوع من اتخاذها قرارا بذلك، بسبب احتجاجات بالغة في مواجهة أوضاع اقتصادية صعبة جداً.
ويعتقد المسؤولون في واشنطن أن هذه القضايا مجتمعة " ستؤدي إلى تعقيد الوضع السياسي في الأردن، وقدرة الملك عبد الله في السيطرة على استقرار البلاد."
يشار إلى أنه خلال الـ 18 شهرا الماضية أصبحت المظاهرات جزءاً طبيعياً من الحياة اليومية في الأردن. إلا أن طبيعة المظاهرات في الأردن، على عكس ما جرى في تونس ومصر حيث تظاهر الناس مطالبين بتغيير الأنظمة، ركزت المظاهرات الأردنية على ضرورة الإصلاح الانتخابي، والمحاسبة، ودعم المواد الاستهلاكية الأساسية، وإن كانت تحمل انتقادات مبطنة للعائلة الهاشمية.
ويعتقد الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد شانكر " أن الملك عبد الله يواجه تحديات سياسية متراكمة توجت في الأسبوعين الماضيين بمظاهرات من معارضة تتكون من تحالفات غريبة لم تكن تثق في بعضها البعض في السابق، مثل الأردنيين من أصول فلسطينية، وخليط عجيب من الأخوان المسلمين والسلفيين، والعشائر البدوية الشرق أردنية التي كانت تعادي هؤلاء في السابق وتقف إلى جانب الملك".
ويقر شانكر أنه على الرغم من أن ارتفاع أسعار الوقود كان له أثر كبير في إشعال المظاهرات، إلا أن " المحرك الأساسي في خروج الناس إلى الشارع يكمن في المطالبة بتعديل قوانين الانتخاب، وإعادة تنظيم تمثيل المقاطعات الانتخابية التي كانت ترجح كفة أنصار النظام في المجال التشريعي في السابق ".
يشار إلى أن حركة الأخوان المسلمين أعلنت أنها ستقاطع انتخابات البرلمان الأردنية المقررة في شهر كانون اول المقبل. ويخشى خبراء في واشنطن من أن يؤدي الوضع الاقتصادي الصعب في المملكة الاردنية، والاضطرابات القائمة في سوريا، التي أدت إلى نزوح أكثر من 100 ألف لاجئ سوري إلى الأردن في الأشهر الماضية " إلى تقويض قدرة النظام على احكام السيطرة على البلاد، وانفلات الوضع الأمني بشكل خطير قد يؤدي إلى تدخل مباشر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة ".
وتحاول واشنطن إقناع الدول الغنية بالغاز الطبيعي في المنطقة، لمساعدة النظام في الأردن على تفادي ارتفاع الأسعار، الناجم عن الهجمات المتتابعة على أنابيب الغاز الطبيعي في سيناء الذي يعقد تقنيات الإمداد، ويؤدي إلى رفع الأسعار التي تصل إلى الأردن عبر تلك الخطوط.
وتقول مصادر مسؤولة في واشنطن، أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما حذرت الحكومة الإسرائيلية من الحديث عن فكرة "الوطن البديل" للفلسطينيين في الأردن حيث بدأ أصدقاء الليكود في واشنطن يتحدثون عن أن "حل الدولتين قائم" بمعنى "دولة الفلسطينيين تقام في شرق الأردن، ودولة إسرائيل اليهودية قائمة في غرب نهر الأردن، وأن هناك إمكانية لإقناع أصحاب العلاقة بأفضلية هذا الحل" بحسب رجال الليكود في واشنطن.