منظمة العفو الدولية: السلطة الفلسطينية تسحق الاحتجاجات بوحشية
أكدت منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن جميع الأدلة المصورة وشهادات الشهود التي جمعتها في مكان الاحتجاج السلمي الذي نظمه نشطاء فلسطينيون أول أمس في رام الله تشير إلى أن قوات الأمن الفلسطينية قد استخدمت القوة المفرطة لقمع مظاهرة سلمية أمام المحكمة الجزئية في رام الله نظمها محتجون على محاكمة 6 شبان فلسطينيين بينهم الناشط الشهيد باسل الأعرج.
وذكر التقرير أن باحثي المنظمة وثقوا انتشار قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله مدججين بكامل سلاحهم ويحملون الهراوات والدروع، بادروا لتوجيه الضرب العنيف ضد المحتجين المتظاهرين أمام مقر المحكمة، بواسطة هراوات خشبية بالإضافة لاستخدام رذاذ الفلفل وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، ما أسفر عنه إصابة 21 شخصا من المشاركين في التظاهرة بينهم 8 نساء و4 صحفيين كانوا يغطون الحدث، نقل عدد منهم للمشفى لتلقي العلاج بينهم والد الناشط الشهيد الأعرج.
وقالت نائب المدير الإقليمي للمنظمة "مجدلينا المغربي": "لا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف ضد مظاهرة سلمية، حيث أن الأدلة المصورة التي حصلت عليها المنظمة تظهر قوات الأمن الفلسطينية تلجأ إلى وسائل وحشية ومفزعة لسحق الاحتجاجات في انتهاك صارخ لالتزاماتها بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في بروتوكولات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وتعلق المغربي على إعلان رئيس الحكومة لدى السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله عن تشكيل لجنة للتحقيق في تصرفات عناصر الأمن بالقول: “يتعين على أجهزة الأمن الفلسطينية ضمان سير التحقيق الذي أعلن حول الحادث بشكل مستقل وحيادي وشامل، وأن يخضع جميع عناصر الأمن ومن أصدر الأوامر للمساءلة عن أفعالهم”، مؤكدة على أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تقتضي أن تتجنب قوات الأمن استخدام القوة لتفريق التجمعات السلمية.
وأكد باحثوا المنظمة بحسب التقرير أنهم لم يلاحظوا أي مشهد يدل على مبادرة المتظاهرين لاستخدام العنف ضد عناصر الشرطة قبل أن يعتدوا عليهم بالهراوات والغاز المسيل للدموع ورذار الفلفل، حيث اتضح أن عددا من الذين تعرضوا للاعتداء قد أصيبوا بكدمات ورضوض نتيجة الضرب المبرح بالهراوات الخشبية بالإضافة للاختناق بالغز المسيل للدموع.
وأشار تقرير “أمنستي” إلى تعرض 4 صحفيين كانوا موجودين بمكان الاحتجاجات للضرب على يد عناصر الشرطة لمنعهم من تغطية الاحتجاجات.
ونقل التقرير عن القيادي خضر عدنان والذي كان يشارك في المظاهرة والذي نقل للمشفى نتيجة إصابته: “كنت واقفا بشكل سلمي عندما هاجمنا العشرات من عناصر الأمن بهراواتهم، ومن ثم ألقوني على الأرض وضربوني بشكل عنيف، وأقدم أحدهم على الدوس على رأسي، وواصل آخرون ضربي، وتمزيق ملابسي، حيث أعاني من إصابات على ظهري، وكتفي، وساقي”.
وأشار إلى أنه تم اقتياده إلى قسم المباحث الجنائية مع ستة آخرين، مبينا أن تعرض لإهانات لفظية قبل أن يتم الإفراج عنه وعن أربعة من بين المحتجزين، في حين بقي الاثنان الآخران رهن الاعتقال.
كما نقل تقرير “أمنستي” عن المحامي فريد الأطرش، الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس مكتب بيت لحم في الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، والذي كان حاضرا في الاحتجاج المذكور تأكيده على تعرضه للضرب والسحل وتوجيه اللكمات والركلات، كما أبلغ منظمة العفو الدولية أنه شهد أيضا أحد ضباط الشرطة يعتدي بالضرب على والد الشهيد باسل الأعرج، الذي اغتالته قوات الاحتلال الأسبوع الماضي في رام الله، وأضاف “عندما حاولت حماية أبو الشهيد باسل، أقدم عدد من عناصر الأمن وألقوني على الأرض وأخذوا بضربي على قدمي”.
كما أصيب خلال التظاهرة الناشط باسم التميمي، وهو أحد المعتقلين السابقين في سجون السلطة الفلسطينية يقول لـ”أمنستي”: “لا أستطيع أن أصدق أنهم فعلوا ذلك بنا، كنت أتحدث مع مدير الشرطة، وقلت له إننا سوف ننهي الاعتصام خلال 15 دقيقة وقد فعلنا تقريبا ذلك، وعندما كنا نهم بفعل ذلك، هاجمنا حشد كبير من رجال الشرطة بطريقة مفرغة، استخدموا الهراوات الخشبية وبدأوا بضرب الناس يمينا ويسارا، مشيت إلى الوراء عندما أطلقوا النار على المتظاهرين، كما أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع وقد أصبت بواحدة بشكل مباشر في أسفل ظهري، لم أكن أتوقع أن تتصرف الأجهزة الأمنية بهذه التصرفات”.
كما تعرضت زوجة باسم التميمي، الناشطة ناريمان التميمي هي الأخرى للضرب بعد أن تدخلت لتطلب من عناصر الأمن وقف الضرب، وتقول: “ماذا فعلنا؟ نحن لم نرتكب أي خطأ، أعاني الآن من إصابة في كتفي وذراعي، لم أكن أتوقع أن تقدم الأجهزة الأمنية على فعل شيء من هذا القبيل”.
شاهد العيان، حافظ عمر، أحد المشاركين في الاحتجاج السلمي يقول: “المحتجون كانوا يقفون بشكل سلمي عندما طلبت الشرطة منهم مغادرة المنطقة، ولما رفضوا الانصياع لأوامرهم بدأ عناصر الأمن بدفعهم وضربهم بالهراوات، وقد شاهدت رجلين يتعرضون للضرب المبرح من قبل عناصر الشرطة، وقموا بسحلي واقتادوني عنوة وانهالوا علي بالضرب بالهراوات على ذراعي وظهري وساقي”.
وكان ما بين 100 و 150 شخص تجمعوا خارج مبنى المحكمة في مدينة البيرة احتجاجا على محاكمة ستة رجال فلسطيني متهمين بحيازة أسلحة نارية، يعتقل 4 منهم حاليا من دون تهمة أو محاكمة في الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال الإسرائيلي هم: هيثم سياج، ومحمد حرب، ومحمد السلامين، وسيف الإدريسي، أما الناشط الخامس، فهو الناشط باسل الأعرج الذي اغتالته قوات الاحتلال الأسبوع الماضي، في حين لا يزال الناشط السادس، علي دار الشيخ، حرا ولم يتم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال، وكان حاضرا في المحكمة أمس.
ويبين التقرير أن السلطة الفلسطينية اتخذت خطوات ليست كافية ضد بعض عناصر الأمن الذين بادروا للاعتداء على أشخاص أو متظاهرين في الضفة الغربية كان معظمها عبارة عن إجراءات تأديبية دون الوصول لمحاكمات جنائية على الرغم من استخدام القوة المفرطة من قبلهم.
ويقول التقرير: “يتعين على السلطة الفلسطينية ضمان عدم لجوء قوات الأمن للقوة المفرطة، والمسيئة، والتعسفية أو غير القانونية، وتقول المغربي: “أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن الاستخدام التعسفي أو المسيء للقوة ضد أشخاص أو محتجين أو متظاهرين يجب أن تتهم محاكمته محاكمة عادلة”.
وتعلق المنظمة بالقول: “نظرا لسجل السلطة الفلسطينية الضعيف في جلب عناصر الأمن إلى العدالة بعد حملات العنف التي تقودها ضد الاحتجاجات السلمية، سيكون من الأهمية البالغة بالنسبة لهم أن يدركوا رسالة واضحة بأنه للن يتم التسامح مع استخدام القوة المفرطة وأن الانتهاكات بحق الاحتجاجات السلمية لن تمر دون عقاب”.
وأشار تقرير المنظمة إلى أن قوات الأمن الفلسطينية لجأت خلال السنوات السابقة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، بما في ذلك الرجال والنساء، في العديد من المناسبات، بينها حادثة وقعت مؤخرا وثقتها المنظمة ضد المحامي مهند كراجه، والذي تعرض للضرب المبرح في جميع أنحاء جسده من قبل 10 من أفراد قوات الأمن الفلسطينية يرتدون ملابس مدنية خلال مظاهرة سلمية في يوم 4 أكتوبر 2016، كما تم الاعتداء على خمسة آخرين كانوا في نفس التظاهرة، والتي كانت تطالب بالإفراج عن النشطاء الستة المذكورين في التقرير والذين كانوا يضربون عن الطعام في سجون السلطة، ولم تتم مقاضاة أحد على خلفية الحادث.
وفي فبراير من نفس العام، تعرض عشرات المعلمين للاعتداء على يد عناصر الأمن، وجرى اعتقال 22 مدرسا في أعقاب الاحتجاجات التي نظموها ضد تدني أجورهم وللمطالبة بحقوقهم، كما جرى نصب العديد من الحواجز العسكرية على مداخل المدن لمنع وصول المعلمين لمراكز المدن لتنظيم الاحتجاجات في ذلك الوقت.