سطنبول – - نشرت صحيفة "انترناشونال هيرالد تربيون" الاميركية مقالا على صفحتها اولى لمراسلها في اسطنبول تيم أرانغو جاء فيه ان الحرب التي تدور على مقربة من حدود تركيا، والمصاعب السياسية والاقتصادية التي تعاني منها مصر، دفعت الدولتان الى التعاون فيما بينهما والنظر في اقامة تحالف يمكن ان يمثل نقلة جيو-سياسية بارزة في الشرق الاوسط أوجده الربيع العربي، بحيث يوحد بين البلدين بمطامحهما الاقليمية، بالنظر الى جذور كل منهما في الاسلام السياسي. وفيما يلي نص المقال:
تدرس كل من مصر وتركيا الغاء القيود على التأشيرات، وكانتا قد اكملتا اخيرا مناورات بحرية مشتركة في البحر الابيض المتوسط. وقد عرضت تركيا عددا من الاجراءات التي تدعم الاقتصاد المصري، من بينها معونة تبلغ 2 بليون دولار. ويتوقع الاعلان عن مشاركة بينهما اكثر اتساعا في الاسابيع المقبلة، عندما يقوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بزيارة القاهرة.
وقد نشأ التحالف من الاتفاضة التي هزت نظام المنطقة عقب الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك واندلاع الحرب الاهلية في سوريا. ورغم ان مكانة مصر ظلت لفترة طويلة عرضة لعواصف اقتصادها الضعيف وعدم القدرة دبلوماسيا، فانها تظل مرتكز المنطقة في التحالف مع السعودية والاردن. وكثيرا ما اختلفت مصر مع تركيا حيث انهما سعتا وراء قلوب وافئدة الشارع العربي، وقامت تركيا بدور المدافعة عن الفلسطينيين، ما كان يحرج مبارك في كثير من الاحيان.
ثم ان العلاقات الوثيقة بين تركيا وسوريا قد انقطعت، مهددة علاقاتها السياسية والاقتصادية مع العالم العربي.
ونتيجة لذلك فان كلا البلدين تحتاجان الى بعضهما في ائتلاف يمكن ان يعيد تشكيل المنطقة لاجيال مقبلة ويساعدها على اتخاذ الخطوات اللازمة ويساعدها على البروز في خضم ضجيج الثورات العربية.
وقال جمال سلطان، استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في القاهرة الذي اضاف دافعا للشراكة التي بدأت تأخذ طريقها بين البلدين وهو ان تركيا فقدت "شريكا رئيسيا في سوريا"، انه "يبدو الان ان مصر هي اقرب الشركاء لتركيا في الشرق الاوسط".
وتحاول تركيا تثبيت نفوذها في المنطقة في وقت الحرب والثوة باتخاذ الخطوات ذاتها التي اتخذتها في بداية علاقاتها من سوريا قبل سنوات قليلة، التي اصبحت حجر الزاوية لسياسة خارجية تتجه نحو الشرق الاوسط، وليس نحو اوروبا.
في الوقت ذاته فان مصر التي خرجت بعد عقود من الحكم الاستبدادي باقتصاد ممزق وتواجه الصعوبات بشأن مستقبلها بين مختلف الايديولوجيات المتباعدة، بما فيها الاسلامية والليبرالية، فان الخبرة التي اكتسبتها تركيا من المعاناة يمكن ان تكون دليلا مساعدا.
وبتشكيل شراكة في الامن والاقتصاد والامور الدبلوماسية مع مصر، التي كانت ذات يوم منافسا لها، فان تركيا تدفع جهودها لتشكيل شؤون الشرق الاوسط، في وقت بدا فيها حماسها في ان تنضم الى عضوية الاتحاد الاوروبي، الذي كان اهم مبادرات سياستها الخارجية ذات يوم، أبعد مما كان عليه في اي وقت مضى.
ومشيرا الى تركيا ومصر، قال شادي حميد، مدير الابحاث في معهد الدوحة بروكينغز، ان "العلاقات الان حميمة اكثر مما كانت عليه في السنوات الماضية او ربما العقود الماضية. واصبحت تركيا بالفعل قائدة العالم العربي، وان لم تكن دولة عربية".
وفي المؤتمر السنوي لحزب اردوغان في أنقره، قال الرئيس المصري محمد مرسي "نود ان نعرب عن الامتنان للدعم الذي قدمه الشعب التركي وحكومته وسيقدمه في المستقبل لنا".
ويظل تاكيد دور تركيا في المنطقة يقابله تاريخ السيطرة العثمانية على الشرق الاوسط، والامتعاض من معاملة العثمانيين للعرب، حسب قول بول سوليفان ، خبر امن الشرق الاوسط في جامعة جورج تاون الاميركية، الذي اشار الى احتمال ان تنفرط الشراكة بسهولة الى منافسة للسيطرة الاقليمية خاصة اذا حصلت مصر على استقرار سياسي وتمكنت من استعادة التحكم باقتصادها. وقال سوليفان"هناك داخل المشاعر المصرية اعتقاد بان القيادة في المنطقة يجب ان تكون لمصر".