محكمة الاحتلال تنظر في تطبيق قانون "أملاك الغائبين" على عقارات فلسطينية في القدس
بدأت محكمة الاحتلال العليا صباح اليوم الثلاثاء جلستها للنظر في تطبيق قانون أملاك الغائبين على عقارات سكّان الضفة الغربيّة الكائنة في القدس المحتلة، ونقل ملكيّة هذه العقارات إلى يد وصيّ على أملاك الغائبين تابع لوزارة الماليّة الصهيونية.
وحسب خبراء، ستؤدي هذه الخطوة إلى مصادرة هذه الأملاك وتعرّضها لخطر البيع في السوق، وهكذا سيفقد المالكون أي علاقة لهم بأملاكهم في المدينة المقدسة وستؤول الى المستوطنين.
ونظرًا للأهمية البالغة للقضية والجوانب المبدئية التي تتضمنها، قدّم مركز عدالة طلبًا للانضمام للجلسة وتقديم وجهة نظره في القضية بموجب إجراء "أصدقاء المحكمة".
وقدّمت المحاميّة سهاد بشارة من عدالة مستندًا قضائيًا شرحت من خلاله أن وجهة نظر المستشار القضائي فاينشطاين التي تدعم تطبيق القانون في القدس الشرقية تمس بالوضع القائم منذ عشرات السنوات، لرأي المستشارين القضائيين السابقين منذ احتلال القدس في العام 1967، والذي يقول بأن القانون لا ينطبق على أملاك سكّان الضفة الغربيّة الواقعة في القدس الشرقيّة.
وشدد "عدالة" بأن اعتبار أهالي الضفة الغربية "غائبين" لم ينتج عن أي تغيير في مكانتهم القضائيّة، بل نتج عن قرار من طرف واحد اتخذته دولة "إسرائيل"، حين قررت ضم القدس المحتلة إلى مناطق نفوذها. في هذا الوضع، يُعتبر قرار إعلان سكّان الضفة الغربيّة كغائبين مستهجن للغاية، بحيث أنهم سيكونون غائبين رغم أنهم لم يتركوا بيوتهم. وقد أوضح المستشار القضائي السابق للحكومة ميني مزوز في وجهة نظر كتبها في هذا الموضوع بأن "غياب مالكي عقارات القدس الشرقيّة من سكّان الضفة الغربيّة هو غياب تقنيّ الطابع، فهم تحوّلوا إلى غائبين عن طريق قرار أحادي الجانب اتخذته دولة "إسرائيل"".
ويضيف مازوز في وجهة نظره القانونيّة بأن "الحديث يدور عن "غائبين حاضرين" سُلبت حقهم على أملاكهم على أثر الصياغة التقنيّة الجارفة للقانون.
سُن قانون أملاك الغائبين في العام 1950، بهدف السيطرة على جميع أملاك الفلسطينيين الذين هُجروا وتحوّلوا لاجئين خلال نكبة 1948، وتحويلها إلى ملكيّة دولة الاحتلال (إسرائيل).
بحسب القانون، كل إنسان كان يعيش في أيام إقامة دولة "إسرائيل" في واحدة من الدول التي كانت معرفة كدولة عدو، يُعرف كغائب، تُصادر أملاكه وتنقل لوصيّ على أملاك الغائبين. وقد قرر المستشار القضائي الحالي يهودا فاينشطاين، بخلاف رأي المستشارين القضائيين السابقين، بأن قانون أملاك اللاجئين يجب أن ينطبق على أملاك سكّان الضفة الغربيّة في القدس الشرقية.
وأوضحت محامية عدالة بأنه "تم سن قانون أملاك الغائبين بهدف واضح ومعرّف وفي سياق سياسي-قضائي محدد، ولذلك لا يمكن تطويره بما يتلاءم مع الواقع الجيوسياسي المتغيّر. الموقف الرسمي الذي أعلنته دولة "إسرائيل" على أثر سنه هو بأن القانون هو قانون طوارئ ناتج مباشرةً عن حالة الحرب، والدولة واعية لكونه قانونًا استثنائيًا، وأنها لا تنوي مصادرة الأملاك إلى الأبد. عليه، فإن تفسير القانون يجب أن يكون تفسيرًا مرتبطًا دائمًا بسياق سنّه، وهو السياق التاريخي لنكبة 1948، ولا يمكن تحويله إلى قانون مثل أي قانون آخر في قوانين الأملاك".
وأضافت: "كذلك، يتناقض تطبيق قانون أملاك الغائبين على عقارات القدس الشرقيّة مع تعليمات القانون الدولي. فالقانون المطبّق على سكّان الضفة الغربيّة هو القانون الدولة الإنساني، والذي يجبر القوى المُحتلّة بألا تمس بأملاك المدنيين دون حاجة أمنيّة ملحّة. بالإضافة إلى هذا، القانون الدولي يتعامل مع القدس كمنطقة محتلّة ويرفض الاعتراف بالسيادة "الإسرائيلية" عليها، كما يظهر من خلال قرار المحكمة الدوليّة بشأن جدار الفصل العنصري. عليه، فإن مصادرة الأملاك الشخصيّة لسكان الضفة القائمة في شرقي القدس، تشكّل مسًا خطيرًا بالواجبات الملقاة على إسرائيل كقوة مُحتلّة".
وتابعت المحاميّة سهاد بشارة في وجهة النظر التي قدّمها مركز عدالة للمحكمة العليا بأن "قرار "إسرائيل" تطبيق قانون أملاك الغائبين على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربيّة، يقضي ذلك بأن يتم تطبيق القانون على العقارات في "إسرائيل" التي يملكها المستوطنون في الضفة الغربيّة.
وقد شددت وجهة النظر القانونيّة على أن القانون لا يتطرّق إلى المكانة القانونيّة للمالك باعتباره مواطنًا، بل يتطرق إلى مكان سكنه. وذلك مختلف بالنسبة لسكان الضفة الغربية الفلسطينيين وسكان الضفة الغربية المستوطنين، في المستوطنات غير القانونيّة، وذلك يشكّل انتهاكًا خطيرًا لمبادئ منع التمييز التي تضمنها الوثيقة الدولية لوقف كافة أشكال التمييز العنصري وتنطبق وتُعتبر ملزمة أيضًا في المناطق المحتلة.