نشرت مجلة الجيش لاسرائيلي "يسرائيل ديفينس" في عددها الاسبوعي الصادر يوم الجمعة خطة مفصلة لاستعدادات الجيش الإسرائيلي للمواجهة العسكرية مع مصر، في حال نشوبها، مشيرة إلى أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب تسير في شكل تصادمي بعد 30 عاماً من السلام الهادئ، وتضيف انه من شأن لعبة "البوكر" بينهما ان "تنتهي بخسائر كبيرة في حال إعلان الحرب من كلا الطرفين".
وأوضحت المجلة العسكرية الإسرائيلية أن دخول الدبابات المصرية بشكل كبير لشمال سيناء من دون التنسيق المسبق مع القيادة العسكرية الإسرائيلية، شكلت الخطوة الأولى نحو المسار التصادمي بين البلدين.
وعن تفاصيل الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية لمواجهة مصر، قالت المجلة إن "الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل في تدريب عدد كبير من قواته على المواجهة الحربية على عدة جبهات، وأخذ بتأهيل مقاتليه نفسياً فى مواجهة مصر، حال نشوب الحرب.
وكشفت المجلة العسكرية عن تفاصيل خطة الجيش الإسرائيلي الجديدة متعددة السنوات، والتي أطلق عليها اسم خطة "عوز"، والتي وافقت عليها هيئة الأركان العامة، مشيرة إلى أن تلك الخطة ستحدث تغيراً جدريا لموازين القوة خلال الخمس سنوات المقبلة.
ووفقا لخطة "عوز" بدأ الجيش الإسرائيلي بتأسيس تشكيلات مقاتلة متعددة المهام العسكرية، عقب الأحداث المأساوية الأخيرة في مصر، كما وافقت وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي على الاستمرار في إنتاج الدبابات من طراز "ميركافا 4" وهي مدرعة ذات قدرات عالية في التجسس وجمع المعلومات، بعد أن كان قد تم تخفيض إنتاجها لتوفير الميزانية.
وجاء فى خطة الحرب الإسرايلية "عوز"، أنه سوف يستمر إنتاج الـ"ميركافا 4" حتى العام 2022 على الأقل، وحتى ذلك الحين ستؤتي الخطة ثمارها من خلال تطوير وإنتاج المدرعات والمركبات القتالية المستقبلية بالتعاون مع الهند، حيث ستتمتع بخزانات وقود كبيرة للغاية ستكون مختلفة تماماً عن نظرائها فى العالم، ويشرف على تطويرها العميد احتياط يوآش بن ديدي.
وفي سياق خطة الحرب المستقبلية ضد مصر سيقوم سلاح الجو الإسرائيلي بالاتفاق على صفقة جديدة من المقاتلات الأميركية من طراز (اف 35) ذات القدرات القتالية العالية، والتي تتمتع بقدرات عالية في التخفي من كل أنواع الرادرات، والتي لم تقم واشنطن ببيعها لأي دولة في العالم سوى إسرائيل، وذلك بعد زيادة ميزانية القوات الجوية لشراء هذا النوع من الطائرات..
وكان الجيش الإسرائيلي تعاقد في الصفقة الأولى على شراء سرب من هذا النوع من الطائرات ليتسلمها فى نهاية العام 2016 أو بداية العام 2017، أي عند اقتراب الانتهاء من خطة "عوز" القتالية لتشن بها أول معركة حربية في المستقبل، وان يقوم سلاح الجو بالتعاقد على شراء السرب الثاني في بداية العام 2018..
كما سيتم تيزويد سلاح الجو الإسرائيلي بنوع جديد من الطائرات بدون طيار تسمى "راكض السماء"، لتدخل في الخطة خلال الخمس سنوات الجارية، لتعمل بخطة "الصفحة الخضراء"، وتكون مهمتها حماية الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، وضرب كميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدبابات على قوات "العدو"، كما سيزود الجيش بقذائف "هاون" دقيقة التصويب وتعمل بأشعة الليزر..
وفيما يتعلق بالقدرات البحرية للجيش الإسرائيلي، وفق خطة "عوز"، يتم تسليم سلاح البحرية الاسرائيلي غواصتين ألمانيتي الصنع من طراز"دولفين" ذات القدرات النووية لتدخل في الخطة، وذلك لدعم زوارق الصواريخ الجديدة من طراز "ساعر 5"، التي ينوي الجيش الإسرائيل نشرها في البحر الأحمر في حال حدوث المواجهة العسكرية مع مصر، وذلك لتدمير قناة السويس وشل حركتها لمدة 20 عاماً على الأقل عن طريق إغراقها بوابل كثيف من الصواريخ.
وتقول المجلة انه رغم أن معظم قوارب صواريخ "ساعر 5" المتطورة قد وصلت إلى منتصف عمرها في الخدمة، إلا أن سلاح البحرية سيعمل على تطويرها خلال الخمس سنوات الجارية، وفقاً لخطة "عوز"، لزيادة قدرة البحرية الإسرائيلية لمواجهة البحرية المصرية.
واضافت المجلة إنه بعد حصولها على تفاصيل الخطة الجديدة لمواجهة مصر مستقبلاً، في حال نشوب مواجهة، فإن الجيش الإسرائيلي سيقوم خلال السنوات الخمس الجارية باستكمال تطوير ونشر أنظمة التحكم الراداري الرقمي الأرضي المسمى بـ"المنار600"، الذي يستطيع مسح مساحة كبيرة من الأرض في حال نصبه على الحدود المصرية ليكشف كل التحركات في شبه جزيرة سيناء، مشيرة إلى أن وحدة التطوير بسلاح الهندسة الإسرائيلية تعمل حالياً على تطوير جيل جديد من هذا الرادار "المنارة 800" من إنتاج شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية "البيت سيستمز".
واما من ناحية الدفاع الجوي فسيقوم الجيش الإسرائيلي، وفقا لخطة "عوز"، بنشر كتيبة صواريخ "الرمح السحري" من إنتاج شركة "آي ام آي" الإسرائيلية على الحدود المصرية، وبعد ذلك سيتم إنشاء قوات خاصة إضافية خلال السنوات الخمس المقبلة مسلحة ببنادق مدفعية، بالإضافة لإنشاء فيلق مدفعية أرضية تكون قادرة على إطلاق صواريخ عن بعد 40 كم داخل سيناء وزيادة معدل إطلاق النار لديها.
وقالت المجلة العسكرية الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي قام خلال هذا الأسبوع بتخريج دفعة جديدة من مدرسة "الحرب الإلكترونية" لتعلم كيفية إدارة الحروب الإلكترونية للضباط والجنود، وقام نائب رئيس هيئة الأركان اللواء يائير نافيه والعميد دانيلوفيتش روبيك وكبار الشخصيات المحلية في مدينة بئر السبع، خلال حفل تخرج الدفعة الأولى، بالإعلان عن إنشاء وحدة الجمع المركزية للاستخبارات "فيلق 8200"."
وأشارت المجلة الإسرائيلية إلى أنه بالرغم من أن الحفل كان متواضعاً، إلا أنه دل على أن الجيش الإسرائيلي يعمل جاهداً لتدريب جيل جديد من المجندين لمواجهة حرب "السيبر"، لأن هذا النوع من الحروب يعد واحداً من أهم ساحات الحرب في المستقبل وحتى في الوقت الحاضر.
وقالت إنه وفقا لخطة "عوز" فإن هناك قيادات عسكرية كثيرة سيتم تغييرها بصورة مستمرة، وتعيين قادة جدد لأفرع الأسلحة الرئيسية في الجيش الإسرائيلي لضمان تجديد الدماء داخل المؤسسة العسكرية.
وأشارت المجلة العسكرية إلى أن تعيين رئيس الأركان الجنرال بني غانتس لهذا المنصب جاء وفقا لهذه الخطة الخمسية، مضيفة أن هناك عدة تغيرات جديدة ستحدث خلال الفترة المقبلة من بينها تعيين قائد القوات البرية الحالي اللواء سامي ترجمان لقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية المتاخمة للحدود المصرية.
وعن توتر العلاقات بين تل أبيب والقاهرة رسمت المجلة العسكرية السيناريو التالي: "تقوم قوة من الدبابات المصرية بعبور قناة السويس إلى سيناء، وحتى من دون قيامها بأي تحرك عسكري، فإن وضعها يشكل معضلة لإسرائيل، حيث إن تواجد هذه الأعداد الكبيرة من الأسلحة المصرية الثقيلة في شمال سيناء يشكل خرقا واضحا للملحق العسكري المرفق باتفاقية كامب ديفيد للسلام الموقعة بين البلدين، والذي ينص على أن تظل شبه جزيرة سيناء منزوعة من السلاح والقوات العسكرية، وبالتالي فإن انسحاب تلك القوات من سيناء مستقبلاً فى ظل القيادة المصرية الجديدة سيعد درباً وسيناريو خيالياًن".
وأضافت المجلة الإسرائيلية، المتخصصة فى الشؤون العسكرية، أنه في عهد الرئيس المصري السابق حسنى مبارك كان السلام بين البلدين بارداً، ولكنه كان مستقراَ للغاية، بل قامت مصر بضخ الغاز في أنابيب لتل أبيب عبر شركة "أمبال" الإسرائيلية للمليونير الإسرائيلي يوسي مامان، بتمويل من أرباح قناة السويس، موضحة أنه كان لا يمكن لأحد أن يشك في قوة اتفاقية السلام التي وقعها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن والرئيس المصري أنور السادات، لكن الأمور الآن أصبحت تتدهور بسرعة.
وقالت المجلة العسكرية، إن "كل ما حدث عقب ثورة يناير 2011 في مصر كان متوقعاً، ولكن ما أثار الدهشة هو وتيرة الأخبار السيئة والأحداث التاريخية التي حدثت خلال الفترة السابقة، والتي كانت تحتاج لسنوات لتنفيذها، ففى غضون أيام، بل ساعات، تمكنت جماعة "الإخوان المسلمين" من السيطرة على حكم مصر وانتزاع صلاحيات المجلس العسكري ونزع معظم مراكز قوته، مما أدى لصدمة كبيرة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية".
وأضافت "يسرائيل ديفينس"، أن التحدى أمام معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر وصل خلال هذا الأسبوع لحالة سيئة، مما كان متوقعا من قبل، فقد استغلت "الإخوان المسلمين" هجوم رفح الذى قتل فيه 16 جندياً مصرياً بالقرب من معبر "كرم أبو سالم" في وقت سابق من هذا الشهر "لقطع رؤوس" وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي والقادة العسكريين، كما استغلوا الوضع الأمني السيئ في سيناء لنشر أعداد كبيرة من الدبابات والمدرعات والمقاتلات بدون تنسيق مع تل أبيب، موضحة أنه بالرغم من دخول 20 20 دبابة للمنطقة منزوعة السلاح في سيناء هذا الأسبوع من دون أي تنسيق، وأن هذا العدد لا يشكل أي تهديد عسكري حقيقي لإسرائيل، إلا أنه يشكل تهديداً أكبر وأخطر على اتفاق السلام.
وقالت مجلة الدفاع الإسرائيلية، إن تل أبيب أجبرت على ابتلاع دخول القوات المصرية في سيناء في المناطق منزوعة السلاح لعدة سنوات ماضية، وذلك لتمكين مصر في مكافحة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، ولكن منذ كانون الثاني (يناير) 2011 سمحت إسرائيل بدخول ما لا يقل عن 7 كتائب عسكرية لشبه الجزيرة، وفي الوقت نفسه سمحت بأثر رجعي بدخول قوات إضافية لتأمين خطوط الغاز قبل إلغاء الاتفاقية من جانب القاهرة، ومع ذلك كان المصريون طوال تلك الفترة حريصين على عدم خرق اتفاق السلام، وحريصين على إدارة أى تحرك بالتنسيق مع إسرائيل.
وأضافت المجلة العسكرية، أن هذه المرة تغير الحال وتبدلت الأمور تماماً، وبدأت في التدهور بعد الهجوم على رفح من جانب "الإرهابيين"، حيث سمح المصريون لأول مرة منذ انتهاء الحرب بين إسرائيل ومصر تاعام 1973 بتحليق الطائرات المقاتلة فوق سيناء، بالإضافة للمروحيات من طراز "أباتشي"، وفي حينها اجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلى، وأكد أن نشاط هذه الطائرات جاء بالتنسيق مع تل أبيب، ولكن المفاجأة جاءت بعد ذلك بأسبوع، عندما سمحت القاهرة بإدخال الـ20 دبابة من دون أي تنسيق مع الإسرائيليين.
وزعمت المجلة الإسرائيلية أن دخول الدبابات لسيناء حطم وهم العلاقات الطبيعية بين مصر وإسرائيل، وأظهر رغبة جماعة "الإخوان المسلمين" العدائية تجاه تل أبيب، مضيفة أن تلك الجماعة لا تعترف بإسرائيل كدولة لأسباب أيديولوجية، كما هو الحال مع نظيرتها في قطاع غزة حركة "حماس"، التي ترفض الاعتراف بإسرائيل منذ سيطرتها على القطاع عام 2007، مشيرة إلى أن الجماعة تعتبر أن الشرق الأوسط برمته عبارة عن جزء من الخلافة الإسلامية، وأنه ينبغى طرد إسرائيل منه.
وقالت "يسرائيل ديفينس"، إن أولئك الذين يسيطرون على الحكم في مصر في الوقت الحالي وضعوا إسرائيل أمام معادلة صعبة، بالرغم من الضغوط التي يتعرضون لها من جانب الولايات المتحدة الأميركية بسبب اعتماد مصر على واشنطن لضعف اقتصادها، مضيفة أنه فى كلتا الحالتين، فإن إسرائيل لا تزال تواجه مسألة كيفية الرد على الانتهاك الصارخ لاتفاق السلام، مشيرة إلى أن هناك اتصالات وتبادلا للرسائل بين ضباط المستوى السياسي، على رأسهم رئيس فرع الأمن والخارجية بوزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد وضباط الجيش المصري.
وأضافت المجلة أن خيارات إسرائيل للرد على أي خرق لاتفاقية السلام وانتشار قوات مسلحة في سيناء يأتى على حد سواء باتخاذ موقف متشدد والمطالبة بالانسحاب الفوري للدبابات، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن المطالبة بانسحاب الدبابات ضعيفة بعد ا لانتهاء من العمليات العسكرية، لأن المصريين قد لا يفوا بتعهداتهم، وبالتالي لن تقبل تل أبيب أي تبرير لذلك، وأنه على المدى البعيد فإن الخيار الأول قد لا يصلح لذلك، وبالتالي فستفكر إسرائيل بعمل شىء لإجبار مصر على الانسحاب من سيناء بلغة ستكون صارمة، وستفسر من قبل المصريين بأنها بوادر حرب جديدة.