مبادرات البؤس العربي منذ إطلاق المبادرة العربية، مبادرة البؤس العربي عام 2002 يجري التعامل مع القضية الفلسطينية من أطراف عربية وإسلامية متعددة على انها عائق يحول دون توقف هذه الدول لنسج العلاقات مع الكيان الصهيوني، وحين وضعت هذه المبادرة التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل حل القضية الفلسطينية فإنها لم تفعل ذلك حرصاً على حقوق شعب فلسطين، ولكن كجزء من مسلسل نزيف المواقف العربية، ولهاث الحكومات العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي بدأ منذ اتفاق كامب دايفيد. مؤخراً، هناك جهد إقليمي ينشد تدخل أمريكي لفرض تسوية للقضية الفلسطينية، هذه التسوية التي لن تكون في مصلحة الفلسطينيين يقيناً، خصوصاً في ضوء المواقف المعلنة لإدارة ترامب، هذه المواقف التي تشي بطبيعة الدور الذي قد تلعبه الإدارة الامريكية في مصلحة الكيان الصهيوني ضمن أي سياق للتسوية أو التفاوض. إن استجداء الكيان الصهيوني وجمهور مستوطنيه وقيادات حكومته الإجرامية الإرهابية لن يكون مدخل للسلام، وإن تقديم التعهدات بفتح الباب أمام تطبيع أكثر من 50 بلد عربي وإسلامي مع الكيان الصهيوني هو كارثة حقيقية تهدد مصير المنطقة وليس مصير فلسطين وقضيتها فحسب. لو كان ثمن الدولة الفلسطينية هو فتح أبواب الدول العربية والإسلامية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وإدخاله في جسم المنطقة فإن هذا الثمن غير مقبول، لأنه سيحول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية المنشودة والدول العربية الأخرى لفلك تابع وخاضع للهيمنة الصهيونية، هذا ليس اقتراح لحل قضية فلسطين وانتزاع حقوق شعبها، ولكنه اقتراح لاستعباد شعوب المنطقة ولمد تأثير الكيان الصهيوني إلى آخر أطراف المنطقة العربية. إن السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق الفلسطينية في ظل اختلال توازن القوى الدولي هو أولاً في الصمود وعدم المساومة على الحقوق، وثانياً في الرهان على القدرة الفلسطينية الذاتية في إدامة المواجهة والصراع مع الاحتلال، فلا زالت الشعوب قادرة على المواجهة إن انهارت مواقف الحكام والحكومات، ولا زالت الجماهير العربية تحمل لفلسطين الكثير من الاستعداد للبذل والعطاء والفداء، بما يكفي لتكبيد الكيان الصهيوني كل خسارة قد تخيلها قادته في أبشع كوابيسهم. إن الحل الحقيقي للقضية الفلسطينية مدخله فعلاً في خمسين بلد عربي وإسلامي أو أكثر من ذلك من الدول والشعوب الصديقة لفلسطين وشعبها، هذا الحل رأينا بعض تطبيقاته في العام 2011 مع مسيرات العودة الجماهيرية التي كسرت حدود فلسطين المحتلة رغم أنف الاحتلال في الجولان السوري المحتل وعلى الحدود مع الجنوب اللبناني الصامد. إن الاستمرار في تعطيل دور الجماهير العربية هو العامل الأساسي في الوهن العربي الكبير، الذي يقود لطرح مبادرات الاستجداء من الكيان الصهيوني القائمة على فكرة التطبيع، فيما البديل الحقيقي هو إتاحة المجال أمام هذه الشعوب للمساهمة الحقيقية التي ترغب بها في معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، والمطلوب من الحكومات ليس أكثر من التوافق مع تطلعات الجماهير العربية، هذه التطلعات لا تشمل الاستجداء والتطبيع، ولكن الكفاح والنضال وبذل التضحيات لأجل العزة والكرامة لفلسطين وبلدان العرب وشعوبها الحرة الأبية.