ما هو دور البوابة الخلفية؟
حاتم استانبولي
الإثنين 31 مايو 2021 | 12:08 م
البوابة الخلفية استخدمت على مدار 73 عامًا لتقويض خيارات الشعب الفلسطيني الذي استطاع منذ 54 عامًا أن ينتزع رايته ويعبر عن خياراته في تحرير وطنه وشعبه؛ من أسوأ احتلال صهيوني احلالي عنصري؛ قائم على أساس أكثر الأفكار رجعية وعنصرية.
ماذا يجري الآن؟
الآن تجري ضغوط كبيرة من أجل تقويض النصر الذي حققه الشعب الفلسطيني في جولة صراعه الأخيرة، في تحقيق وحدته وتأكيده على أن الوطن الفلسطيني لا يمكن أن يتجزأ، والمشكلة ليست فلسطينية، بل هي المشكلة العدوانية اليهودية العنصرية؛ المشكلة الفلسطينية جوهرها وطني تحرري عنوانها الاحتلال الصهيوني الاحلالي العنصري المدعوم من القوى الرأسمالية ومراكزها.
تسعى الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والنمسا لحل المسألة اليهودية التي هي في الأساس غربية المنشأ، حيث ظهرت في أوروبا وصدرتها ل فلسطين لحلها على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والتاريخية؛ مستعينة بأنظمة محلية أقامتها لتكون أدواتها في تقويض محاولات الشعب الفلسطيني نيل حريته وعودته.
الجولة الأخيرة أظهرت أن العامل الفلسطيني ووحدته هو العامل الحاسم في أحد أوجه الانتصار الذي عُبِرَ عنه من خلال إعادة وحدة الشعب الفلسطيني وقواه في كافة أماكن تواجده الذي أعاد القضية لجوهرها التحرري، هذا استدعى من القوى المعادية أن تُسرّع في محاولة لتقويض هذا الإنجاز التاريخي؛ عبر البوابة الخلفية التي تحولت لبوابتين. ولتهيئة عمل البوابتين لا بد من التركيز سياسيًا على أن الصراع عنوانه بين حماس والاحتلال الاحلالي العنصري لاستثماره في اتجاهين:
1. دينيًا؛ لإبراز أن المشكلة هي بين الأديان، وليس بين إسرائيل الاحلالية العدوانية والشعب الفلسطيني المحتل والمُهجر الذي سُلبت حقوقه الوطنية والسياسية والإنسانية منذ 73 عامًا.
2. وطنيًا؛ الإسراع في تقويض واجهاض الوحدة الوطنية الشعبية الميدانية التي تحققت في هذه الجولة التي أعادت القضية الفلسطينية لجوهرها الوطني التحرري.
المهمة الرئيسية للبوابتين هي تركيز العمل للضغط على حماس لتفتيتها؛ عبر إعادة توظيف تياراتها المرتبطة بالبوابة الخلفية للضغط لمحاصرة الاتجاه القسامي الذي تبلور عبر الصراع مع الاحتلال الاحلالي، هذا الاتجاه القسامي المقاوم الذي أعلن عن تموضعه الوطني التحرري وأعطى أهمية قصوى لوحدة فصائله الوطنية التحررية بكافة توجهاتها وخلفياتها، وهذا الاتجاه برباعية (الضيف - والسنوار – وهنية - وأسامة حمدان) كان الطرف المقرر بين اتجاهات حماس في هذه الجولة من الصراع.
من الواضح أن البوابتان الخلفيتان تسعيان إلى الضغط؛ من أجل اجهاض وتقويض دور الاتجاه القسامي الذي أعلن تموضعه في إطار محور المقاومة، هذا المحور الذي تعزز في نجاح الانتخابات السورية التي كانت استفتاءً شعبيًا لسياسات رئيسها المقاوم الذي أعلن عن استمرار دعمه للمقاومة بغض النظر عن تسمياتها، في إشارة ترحيبية لعودة العلاقة مع حماس .وسيتعزز محور المقاومة أكثر عندما تنجح الانتخابات الإيرانية وتتعزز الاتجاهات المقاومة في الدولة الايرانية، هذه عوامل دفعت الولايات المتحدة؛ من خلال تفعيل منظومة أتباعها للإسراع في الضغط على حماس من داخلها؛ عبر إحياء دور الشخصيات الأكثر عداء لمحور المقاومة والمدعومة من الاتجاه الأكثر رجعية في تيار الاخوان المسلمين في محاولة لإغلاق الباب أمام عودة العلاقة مع سورية المقاومة، حيث يرى هذا الاتجاه أن الصراع المذهبي له أولوية على الصراع الوطني وتوظيفه في اختزال معركة فلسطين التحررية إلى عنوان الوصاية على القدس . من جهة أخرى؛ تسعى البوابة الأخرى لاستخدام عنوان الإعمار للضغط السياسي للوصول إلى شروط؛ تؤمن حماية الاحتلال الاحلالي؛ من دفع الثمن السياسي والأخلاقي والقانوني عبر اعتبار أن إعادة الإعمار يتقدم على عنوان محاسبة إسرائيل الاحلالية لوقف عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني منذ 73 عامًا. إن استخدام عنوان إعادة الاعمار، يجب أن يحظى بعناية القوى الفلسطينية التي واجهت العدوان في كل أماكن الشتات ومناطق ال48 عبر تأكيدها أن وحدة الشعب الفلسطيني لها أولوية سياسية لاستثمارها في إعادة الإعمار السياسي؛ عبر إعادة بناء أداة النضال الوطني الفلسطيني ومؤسساتها وأولويتها ومدخلها مطالبة الرئيس عباس بإقالة الحكومة الفلسطينية وتشكيل حكومة تعكس الإنجاز الذي تحقق في الميدان؛ تشارك فيها كل القوى أو من تختارهم، هذا أقل ما يمكن القيام به من قبل الرئيس عباس، وهذا المطلب سيغلق الباب أمام تعميق الانقسام ووقف التفتيت ومدخلًا لإعادة الثقة بين الفصائل والسلطة. وهذه الحكومة عليها أن تكون حكومة وطنية جامعة من كافة الفصائل الوطنية الفلسطينية؛ مهمتها الأساسية اعادة البناء والاعمار السياسي والتشريعي والاجتماعي والوطني، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة الذي لا يجب أن يخضع للابتزاز السياسي أو المالي، وأن لا يكون بديلًا عن محاسبة إسرائيل الاحلالية الصهيونية العدوانية على جرائمها.
إن المدخل السياسي لهذا الإعمار يجب أن يكون من خلال الحكومة الجامعة التي يجب أن تُشَكَل لإنجاز هذه المهمة المباشرة، إلى جانب مهمة ملاحقة الاحتلال أمام الهيئات القانونية الدولية لتحميله ثمن جرائمه في غزة و القدس والضفة وفي ال48. والحكومة يجب أن تحظى بشرعية القوى الفلسطينية لا أن تُربط شرعيتها بالعامل الخارجي الذي يعلن ليل نهار دعمه لعدوانية إسرائيل الاحلالية ويتغاضى عن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه هذا الحق المكتسب منذ 73 عامًا.
دور البوابة الخلفية؛ دورًا ينحاز إلى الموقف الأمريكي الذي يطالب الجميع الاعتراف بيهودية الدولة التي هي بالجوهر اعتداء صارخ على الحقوق الوطنية والتاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني ويحمل في الجوهر رفضًا لحق العودة؛ والبوابة الخلفية تسعى للضغط من أجل العودة إلى التفاوض العبثي، في خطوة لفتح ثغرة من أجل إخراج إسرائيل الاحلالية من مأزقها الذي وضعت فيه نتيجة الجولة الأخيرة للصراع.
اسرائيل الاحلالية العدوانية؛ تضغط لوضع عنوان أسراها على جدول شروط التهدئة، بهدف أن تظهر أنها حققت انتصارًا تقدمه لجمهورها.
إن المطلوب من الفصائل الفلسطينية أن تعزز وحدتها لتعكس وحدة شعبنا التي حققتها معركة سيف القدس وتطرح رؤية موحدة لإعادة الإعمار السياسي والاجتماعي والثقافي؛ مترافقة مع رؤية لإعمار غزة وحماية حي الشيخ جراح وسلوان وأن تخرج من سياسة الفصائلية التي ظهرت بمهرجانات منفردة، في حين المطلوب هو مهرجان مركزي؛ يعكس وحدة الفصائل الميدانية وغرفتهم المشتركة؛ الفصائل عليها أن تطالب بحكومة فلسطينية جديدة؛ تكون لها فيها مشاركة فاعلة؛ مهمتها الوحيدة هي إعادة الإعمار بكل جوانبه، وإذا ما كانت السلطة الفلسطينية؛ جادة في وقف الانقسام هذه فرصتها في رفض الضغوط الخارجية التي تعطل تمثيل الفصائل في حكومة الإعمار؛ وليكن المثل اللبناني حاضرًا، بوجود ممثلي حزب الله في الحكومات اللبنانية .
لا يمكن أن يقدم الشعب الفلسطيني هذه التضحيات وغزة وفصائلها على وجه الخصوص، لكي يستثمر من قبل اتجاه التنسيق الأمني في السلطة الفلسطينية التي تريد أن تعود للتفاوض من خلال البوابة الخلفية التي كانت وما زالت الطرف الذي يقوض النضال الوطني الفلسطيني على مدى أكثر من 50 عامًا. إن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وخاصة الشباب والشابات الذين حملوا مفاتيح العودة لتأكيد أن فلسطين هي من البحر إلى النهر.
السلطة الفلسطينية عليها أن تدرك بعد 28 عامًا من أوسلو أن اسرائيل الصهيونية الاحلالية العدوانية لا يمكن أن تعطي سيادة أو عدالة للفلسطينيين، ومن يقف ورائها ويدعمها ليل نهار؛ يصرح بدعمها ويغطي عدوانها لن يكون عادلًا في أي تفاوض.