ماذا تعرف عن جهاز فحص الكذب الذي يستخدمه الاحتلال مع الأسرى؟؟
بيت لحم/ -تعددت الأساليب التي يستخدمها جهاز المخابرات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين من اجل الحصول على المعلومات وإجبار الأسير على الاعتراف، وطوال العقود الماضية طور الشاباك من وسائله وسعى إلى تجديدها وتنوعها بين أساليب جسدية وأخرى نفسية.
ومن ضمن الوسائل النفسية التي يستخدمها المحققون الإسرائيليون مع الأسرى الفلسطينيين هي إجبارهم على الجلوس على جهاز يسمى "فحص الكذب" لمعرفة صدق الأسير من كذبه.
مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان تسلط الضوء في هذا التقرير على هذا الجهاز وتنقل شهادات بعض الأسرى الذين عايشوا هذه التجربة، في محاولة لمعرفة طريقة عمله ومدى قانونيته.
كيف يعمل جهاز كشف الكذب؟
الأسير المحرر حسام البسطامي تحدثت لمؤسسة التضامن عن تجربته مع هذا الجهاز الذي جلس عليه خلال فترة اعتقاله التي استمرت (11 عاما)، فقال:" يعمل هذا الجهاز على فحص مدى التعرق الذي يفرزه الإنسان عندما يكذب، فكما هو ثابت علميا، أن الإنسان عندما يكذب يتلعثم في الكلام ويزداد مستوى التعرق والتوتر".
وأضاف:" بعد عدة جولات من التحقيق والاستجواب، يطلب المحقق من الأسير الجلوس على كرسي ثم يتم وضع سلك شبيه بالخاتم في أصابع اليدين، ثم يُثبت سلك آخر على الصدر لقياس سرعة التنفس ودقات القلب التي تتسارع في حالة الكذب، إضافة إلى وجود مدعسة أسفل القدمين لقياس الحركة، على اعتبار أن الإنسان حين يكذب يتململ وتزداد حركة جسمه بسبب الاضطراب".
وفي خطوة لإثبات مصداقية الجهاز يقول البسطامي:"يقوم المحقق بإجراء تجربة أوليه لإقناع الأسير بجدية الجهاز، بحيث يشرح مبدأ عمله ويجري فحصا تجريبيا ويضبط المؤشرات، بعد ذلك يسأل الأسير اسأله عادية يطلب منه أن يكذب في سؤال منها، ثم يطلعه على نتيجة الفحص التي تظهر ارتفع منسوب المؤشر عند السؤال الذي كذب فيه".
وفي ظروف مشابه لتجربة البسطامي، يقول الأسير المحرر محمد منى من نابلس لمؤسسة التضامن: "عند طرح الأسئلة المتعلقة بالملف الأمني للمعتقل يقوم المحقق بتوجيه (6 - 8 أسئلة) بينها السؤال الذي يسعى الشاباك للحصول على إجابته".
ويتابع "وعند الإجابات يبين المحقق أن جميع الإجابات صحيحة باستثناء السؤال الذي يتعلق بالقضية المحورية في ملف الأسير، والذين هم بحاجة لنزع الاعتراف حوله ".
متى يُعرض الأسير على هذا الجهاز؟
أما الأسير المحرر عدنان حمارشة الذي أمضى أكثر من (5 سنوات) في الاعتقال الإداري، فتحدث للتضامن عن تجربته مع هذا الجهاز فقال:" غالبا ما يستخدم جهاز الشاباك أسلوب عرض الأسير على جهاز فحص الكذب بهدف الحصول على قرينة إضافية توضع في ملف الأسير لإقناع قاضي المحكمة بتحويل الأسير إلى الاعتقال الإداري".
ويضيف حمارشة "إن الجهاز عندما يتم استعماله فان نتائجه تكون تحت تصرفهم، ويحورونها كيف شاؤوا، فالشاباك قد يكونوا غاضبين على المتهم، لأنه لم يخضع لهم وانتصر عليهم فيحاولوا تلفيق تهمه بحقه".
ويلفت البسطامي إلى أن الذي لا يعرف فكرة هذا الجهاز يتوهم أنه فعلا دقيق وأنه ربما سيكشفه، فيبدأ بمراجعة نفسه ويفكر بالاعتراف، حتى أن بعض المعتقلين يطلب لقاء المحقق قبل عرضه على الجهاز ويعطيه معلومات تحت مسمى أنه تذكرها.
وفي الإطار ذاته، يشير منى إلى أن ضباط التحقيق ابلغوه قبل يوم أنه سيتم عرضه على جهاز كشف الكذب لاكتشاف الحقيقة التي أخفها، ثم قاموا بتوفير فترة قليلة من الراحة قبل عرضه على الجهاز بعد جولات شاقة من التحقيق التي استخدموا فيها أساليب متنوعة استمرت لأسابيع.
ويتابع منى:"اخبرني الضباط أنهم بصدد إحضار خبير يعمل على هذا الجهاز يتبع لأحدى الشركات، وليس له أي علاقة بعمل الشاباك، وكل ذلك لغرض انتزاع معلومة بعد فشلهم في الأساليب السابقة".
جهاز الكذب حقيقة واهمة
ويرى الكثير من الأسرى الذين خاضوا تجربة الجلوس على هذا الجهاز أنه بمثابة وسيلة لزعزعة نفسية الأسير، خصوصا في مراحل التحقيق النهائية، فهو حقيقة قائمة ولكن ليس لاكتشاف ما يخفيه الأسير، وإنما لخلق حالة عدم توازن واضطراب عندهم.
ويضيف حمارشة:"يستخدم الشاباك هذا الجهاز لأغراض نفسية وليس لأغراض علمية كما يدعي المحققون أنه يكشف كذب الأسير، وفي حال رفض الأسير الجلوس على هذا الجهاز فان المحققين يدعون أن الأسير لديه شيء يخفيه، وفي حالات معينة يتم إجباره على العرض عليه".
قانونية الجهاز في المحاكم العسكرية
من جانبه، يقول محامي التضامن محمد العابد:"إن موضوع استخدام نتائج جهاز فحص الكذب كدليل بعد تقديم لائحة الاتهام يعتبر أمرا مرفوضا، وهذا بقرار من محكمة العدل العليا، سواء كان من قبل المخابرات أو الشرطة، وللأسير الحق القانوني بعدم الجلوس على هذا الجهاز".
ويؤكد العابد على عدم قانونية النتائج التي تصدر عن هذا الجهاز لكون الأسير في وضع نفسي مضطرب أصلا بسبب الضغط النفسي الذي يمارسه المحققون والعزل في الزنازين الانفرادية، لافتا إلى أن هذا الجهاز مصمم للعمل بعد وضع الإنسان في ظروف مستقرة نفسية وجسدية ولا يصلح لاستخدامه مع الأسرى.